الحكومة الإيرانية تنفي نية روحاني لقاء ترمب

رفض مدير مكتب الرئيس الإيراني محمود واعظي أمس ما ورد على لسان رئيس مجلس خبراء القيادة أحمد جنتي عن «محاولات شيطانية»، للجمع بين حسن روحاني ونظيره الأميركي دونالد ترمب، فيما أثارت خطابات غير مسبوقة في البرلمان الإيراني جدلاً واسعاً، أمس، بين وسائل الإعلام والأوساط السياسية، ووجَّه نحو 20 نائباً محافظاً رسالة تطالب بملاحقة قضائية لنائبين وجَّها انتقادات لاذعة لأركان النظام.
وأبدى واعظي في تصريح للصحافيين على هامش اجتماع الحكومة الإيرانية، استغرابه حول ما قاله جنتي، أول من أمس، من ترتيبات للقاء بين روحاني وترمب في الجمعية العامة للأمم المتحدة، نهاية هذا الشهر الحالي.
وقال واعظي في هذا الصدد: «من الممكن أن يكون هذا الكلام في الأزقّة والشوارع لكن أن يكون رئيس مجلس خبراء القيادة كلاماً بلا أساس، ولم يكن مطروح إطلاقاً، مثير للغرابة»، ونصح المسؤولين الإيرانيين «بالتحقق قبل إلقاء كلمة أو تصريح حتى يصدق الناس ما يقولون»، بحسب ما نقلت عنه وكالة «إيلنا».
وكان رئيس مجلس خبراء القيادة، أول من أمس، وجَّه تحذيرات إلى روحاني من محاولات وصفها بـ«الشيطانية» للقاء مع ترمب، مشيراً إلى أن المرشد الإيراني علي خامنئي أغلق الباب أمام أي مفاوضات خلال لقائه بالرئيس الإيراني وأعضاء الحكومة، الأسبوع الماضي.
وجاء خطاب جنتي قبل ساعات من إعلان السفير الأميركية نيكي هيلي ترؤس ترمب لاجتماع مجلس الأمن حول إيران، على هامش الدورة السنوية الـ73.
وكان مصدر دبلوماسي رفيع قد كشف لـ«الشرق الأوسط» أن الرئيس الإيراني حسن روحاني يمكن من حيث المبدأ أن يشارك في الاجتماع الذي يعقد برئاسة ترمب لأن إيران هي موضوع النقاش.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عبر «تويتر» إن ترمب يريد «استغلال رئاسة مجلس الأمن» ضد طهران.
وعاد واعظي أسبوعاً إلى الوراء، وتحديداً إلى جلسة استجواب الرئيس الإيراني، حول تدهور الوضع الاقتصادي، وقال إن روحاني: «لم يكن يريد أن يستغل الأعداء جلسة البرلمان لكي يقول إنه لا توجد خلافات داخلية وتفرقة بين المسؤولين»، مضيفاً أنه «كانت محاولة من الرئيس حتى يتصرف الآخرون بطريقته وأن يتحركوا من أجل الوحدة والتماسك الداخلي».
في شأن متصل، كشفت وكالة «إيلنا» نقلاً عن مصادر مطلعة أن ما جرى بين خامنئي وروحاني عشية استجواب الأخير في البرلمان كانت وراء تراجعه عن التهديد بمصارحة الإيرانيين حول بعض الحقائق الداخلية. وأشارت الوكالة إلى تباين في المعلومات حول رسائل متبادلة أو لقاء مباشر بين الرئيس والمرشد.
وقالت المصادر إن خامنئي طلب من روحاني إدارة جلسة استجوابه بطريقة لا يمكن للأعداء استغلال أجوائها. وتشير المصادر إلى أن روحاني «تغاضى عن رده على نواب البرلمان وقام بتغيير مضمونه، الأمر الذي أثار صدمة ودهشة الفريق الحكومي الذي رافقه في البرلمان».
وواصل مجلس خبراء القيادة الإيراني أمس ثاني أيام اجتماعه نصف السنوي الذي يُعقَد كل ستة أشهر. ويعد المجلس الجهة التي تختار خليفة المرشد الحالي في حال موته أو تعذر ممارسة مهامه كما يتيح الدستور للمجلس أن يشرف على أداء المرشد الإيراني.
وألقى كل من رئيس القضاء والبرلمان، الأخوين علي وصادق لاريجاني، خطابين حول تدهور الوضع الاقتصادي. وردّ رئيس القضاء صادق لاريجاني على الانتقادات التي تطال القضاء حول مكافحة الفساد وقال إن «القضاء دخل ملفات الفساد من دون تحفظ»، مشدداً على أنه «لا يقبل خطوط حمراء وهمية».
وقال لاريجاني إن «مكافحة الفساد من أولويات الجهاز القضائي الإيراني في السنوات الأخيرة»، ولفت إلى أنه «القضاء تابع كثيراً من ملفات الفساد لكنه لم يعلن عنها».
ويواجه لاريجاني انتقادات لاذعة من شخصيات سياسية وناشطين إيرانيين. آخر الانتقادات وردت قبل أيام في رسالة الزعيم الإصلاحي مهدي كروبي، الذي اعتبر «القضاء محور الظلم» في إيران.
من ناحية ثانية قدَّم رئيس البرلمان علي لاريجاني تقريراً إلى مجلس خبراء القيادة حول القوانين التي أقرَّها البرلمان في مختلف المجالات بما فيها السياسة الخارجية، لكن الوكالات الإيرانية لم تكشف عن مضمون كلامه.
في غضون ذلك، قدم نحو 20 نائباً، أمس، احتجاجاً إلى هيئة رئاسة البرلمان تطالب بمحاسبة النائبة بروانة سلحشوري وغلام رضا حيدري غداة إلقاء خطابات ساخنة تنتقد السلطات بأشد العبارات. واعتبر النواب ما ورد على لسان سلحشوري وحيدري «تشويش للرأي العام» مطالبين بملاحقة قضائية للنائبين «دفاعا عن حقوق الشعب والبرلمان وأركان النظام».
وسلَّطَت الصحف الإيرانية، أمس، الضوء على خطابات نارية شهدها البرلمان الإيراني جلسة، أول من أمس. ونقلت عدة صحف خطاب نائبة طهران في البرلمان الإيراني بروانه سلحشوري، وهي توجِّه انتقادات لاذعة لتدخل القوات العسكرية في الاقتصاد.
وتطالب النائبة بتدخل المرشد بإقامة استفتاء لتعديل السياسة الخارجية وإدارة هيئة الإذاعة والتلفزيون والإشراف الاستصوابي في مجلسي صيانة الدستور وخبراء القيادة، ورفع الإقامة الجبرية عن الزعيمين الإصلاحيين مير حسين موسوي ومهدي كروبي.
وحذرت النائبة من أن «إغلاق فم المنتقدين لا يبقي شيئاً من جمهورية النظام»، وشددت على أهمية «تشريع قوانين تضمن الانتخابات الحرة من دون تدخل مجلس صيانة الدستور».
الأسبوع الماضي، نفى روحاني أن تكون إيران «متأزمة»، مشيراً إلى أنها تمر بمشكلات.
لكن تصريحات النائبة الإصلاحية رسمت صورة مغايرة للرئيس الإيراني عن أوضاع البلاد وقالت سلحشوري إن «أوضاعنا وصلت إلى مستوى تعد فيه العملة الإيرانية بين الأكثر عملات العالم الفاقدة للقيمة»، كما أشارت النائبة إلى «تفشي الغلاء والاحتكار والرشى والفساد»، وظواهر اجتماعية مثل «الفقر والبغاء والبطالة» وتنتقد أيضاً اعتقالات الناشطين المدنيين والنقابيين.
وطالبت بالإفراج عن المعتقلين السياسيين وإعلان العفو العام لعودة الإيرانيين في الخارج.
وشملت مطالب النائبة من خامنئي وقف «تحقير النساء باعتبارهن نصف المجتمع الإيراني وتعزيز حضورهن في المجالات الاقتصادية والاجتماعية الثقافية»، فضلاً عن «إعادة النظر في القوانين الخاصة بالنساء».
بدورها قالت هاجر تشاراني إن «إيران لم تتضرر من حروب أو سيول أو طاعون أو إفلاس إنما تعاني من الخيانة. البعض يرتكب الخيانة»، وأضافت: «إيران الشامخة تضيق بسلوك بعض كبار المسؤولين في النظام».
لکن ممثل طهران، غلام رضا حيدري، وفي خطاب غير مسبوق انتقد السياسة الخارجية الإيرانية، وقال إن «إيران تمر بظروف تزداد صعوبة الأوضاع المعيشية كل يوم»، وأضاف: «من المؤسف أن إيران تواجه النظرة السلبية من العالم منذ بداية الثورة»، معتبراً احتلال السفارة الأميركية «نقطة البداية لبدء العقوبات، والحرب (الإيرانية - العراقية)».
ووجَّه النائب انتقادات إلى استمرار حرب الخليج الأولى بعد معركة المحمرة جنوب غربي إيران، وقال: «استمررنا بالحرب إلى أن قال الإمام الخميني: لقد تجرعت كأس السم»، وأفاد بأنه «لم ننته من إعادة إعمار المناطق التي تضررت جراء الحرب حتى بدأنا الأنشطة النووية ودفعنا ثمناً باهظاً انتهى بالمرونة البطولية وقبول الاتفاق النووي، لكن حبر الاتفاق لم يجف حتى أطلقنا صواريخ لتكون ذريعة تجدد التوتر».
وأعرب النائب عن أمله في «ألا تبلغ خسارة الرأي العام حدوداً لا يمكن تعويضها»، مشيراً إلى أن البلاد «تخسر قوتها الاقتصادية والرأي العام في كل يوم».
وقال حيدري في جزء آخر من تصريحاته المثيرة للجدل إنه «لا يليق بالنظام عدم رفع الإقامة الجبرية عن مهدي كروبي ومير حسين موسوي وزوجته زهرا رهنورد وقيود محمد خاتمي واعتقال كثير من السجناء السياسيين»، محذراً من تبعات «عصابات المافيا خلف ستار المؤسسات المالية وتهريب السلع والمدينين الكبار وسوق العملة والذهب والخنق في المسبح»، على «خنق النظام».