إردوغان يحذر من «مجزرة خطيرة» في إدلب وتدفق واسع للاجئين

TT

إردوغان يحذر من «مجزرة خطيرة» في إدلب وتدفق واسع للاجئين

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن شن هجوم على نطاق واسع على إدلب قد يتسبب في «وقوع مجزرة».
وفي تحذير من احتمال شن النظام السوري هجوماً لاستعادة إدلب من سيطرة المعارضة، قال إردوغان في تصريحات للصحافيين في طريق عودته من زيارة لقيرغيزستان نشرت أمس (الأربعاء) «قد تحصل مجزرة خطيرة في حال انهالت الصواريخ على إدلب».
وتخشى تركيا من وقوع «كارثة إنسانية» على نطاق كبير مع وجود أكثر من 3 ملايين شخص داخل المدينة، في الوقت الذي ترسل فيه قوات النظام السوري تعزيزات إلى منطقة إدلب في شمال غربي البلاد استعداداً لعملية واسعة، في حين بدأت روسيا، حليفة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، أول من أمس، شن غارات جوية على إدلب بعد توقف دام 22 يوماً.
وأجرت تركيا، التي تدعم بعض فصائل المعارضة في إدلب والتي نشرت قوات لها في 12 نقطة مراقبة في إدلب في إطار اتفاق مناطق خفض التصعيد الذي تم التوصل إليه في آستانة، مباحثات مع موسكو وواشنطن في مسعى لتجنب وقوع هجوم على إدلب، يرى مراقبون أنه قد يؤدي إلى تأخير الهجوم، لكن لن يحول دون وقوعه.
وقال إردوغان، إن «تعاوننا مع روسيا مهم للغاية الآن. الولايات المتحدة تلقي بالكرة في ملعب روسيا وروسيا تلقيها في ملعب الولايات المتحدة». مضيفاً «هناك عملية لا رحمة فيها تجري في إدلب»، محذراً من أن احتدام القتال سيتسبب بتدفق اللاجئين على بلاده.
وتابع الرئيس التركي «يعيش 3.5 مليون شخص هناك (في إدلب)، ستكون تركيا مرة أخرى هي المكان الذي سيفر إليه هؤلاء في حال وقوع كارثة».
وإدلب هي واحدة هي من بين مناطق خفض التصعيد، التي أقيمت إثر المحادثات التي جرت بين روسيا وتركيا وإيران العام الماضي في وقت تستعيد فيه قوات الأسد سيطرتها على منطقة تلو الأخرى في البلاد.
وسيلتقي إردوغان نظيريه الروسي فلاديمير بوتين والإيراني حسن روحاني في طهران غداً (الجمعة) في قمة يتوقع أن تركز على إدلب. وقال «سننجح في منع قيام النظام بأعمال مفرطة هناك عبر التوصل إلى نتيجة إيجابية في قمة طهران».
وعقدت الرئاسة التركية اجتماعاً تنسيقياً، برئاسة فؤاد أوكتاي، نائب الرئيس التركي، بشأن الملف السوري، وبحث مستجدات الأوضاع في شمال سوريا ولا سيما في إدلب، بمشاركة 15 معاون وزير بالحكومة التركية، إضافة إلى مسؤولين من إدارة الكوارث والطوارئ، وجهاز المخابرات ورئاسة الشؤون الدينية، ناقش آخر التطورات وأنشطة المؤسسات ذات الصلة في مناطق عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون».
وبالتوازي مع الاجتماع التنسيقي، اتخذت السلطات التركية تدابير أمنية قرب الحدود مع محافظة إدلب التي تتعرض لخطر هجوم محتمل من قِبل قوات النظام السوري؛ الأمر الذي قد يؤدي إلى موجة نزوح ضخمة باتجاه الأراضي التركية.
ووصلت إلى ولاية كليس، جنوب تركيا، قافلة تعزيزات عسكرية جديدة، لدعم الوحدات المتمركزة على الحدود مع سوريا.في السياق ذاته، أعلنت وزارة الدفاع التركية انعقاد جولة مباحثات لمجموعات العمل التركية الروسية بشأن سوريا في العاصمة أنقرة، بحسب بيان نشرته أمس.
وقالت، إن جولة المباحثات الأخيرة لمجموعات العمل التركية الروسية بشأن سوريا جرت في أنقرة بين 31 أغسطس (آب) الماضي و4 سبتمبر (أيلول) الحالي، وأن الأعمال المشتركة بين الجانبين بشأن الأزمة السورية ستتواصل في المرحلة المقبلة.
وفي الإطار نفسه، أبلغت تركيا الولايات المتحدة بضرورة أن يغادر المسلحون الأكراد الأراضي السورية بشكل كامل مع تصاعد العنف في محافظة إدلب.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.