176 فلسطينياً سجلوا لعودة طوعية من لبنان إلى سوريا

مئات النازحين السوريين غادروا أمس عبر المعابر الحدودية

نازحون سوريون تجمعوا في مركز ببيروت أمس استعداداً لعودتهم إلى سوريا عبر حافلات (أ.ف.ب)
نازحون سوريون تجمعوا في مركز ببيروت أمس استعداداً لعودتهم إلى سوريا عبر حافلات (أ.ف.ب)
TT

176 فلسطينياً سجلوا لعودة طوعية من لبنان إلى سوريا

نازحون سوريون تجمعوا في مركز ببيروت أمس استعداداً لعودتهم إلى سوريا عبر حافلات (أ.ف.ب)
نازحون سوريون تجمعوا في مركز ببيروت أمس استعداداً لعودتهم إلى سوريا عبر حافلات (أ.ف.ب)

انخرطت السفارة الفلسطينية في لبنان بجهود لإعادة النازحين من المخيمات الفلسطينية في سوريا إلى لبنان الراغبين بالعودة طوعاً، حيث شكلت لجان في المخيمات الفلسطينية في لبنان لتسجيل الأسماء، ووضعت تسهيلات للعودة، وسجل 176 نازحاً أسماءهم حتى الآن في قوائم الراغبين بالعودة إلى سوريا.
وقالت مصادر فلسطينية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن اللجان تشكلت بتعليمات من السفير الفلسطيني في لبنان، أشرف دبور، الذي طلب اللجان الشعبية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية بتسجيل أسماء الراغبين بالعودة طوعاً، وإعداد كشوفات بأسمائهم، وتسليمها للسفارة الفلسطينية في لبنان، التي تتواصل مع السفارة الفلسطينية في دمشق لتسهيل عودتهم.
وقالت المصادر إن السفارة شددت على اللجان الشعبية بضرورة أن يكون الراغبين بالعودة «طوعياً، وهم يقدرون ظروفهم إذا كانت تسمح لهم بالعودة أم لا».
وتتشابه المبادرة الفلسطينية مع مبادرات لبنانية غير حكومية لإعادة النازحين السوريين في لبنان طوعاً، وتوفر السفارة الفلسطينية حافلات لنقل الراغبين بالعودة، وضمانات متعلقة بأمن العائدين، على قاعدة أن تكون العودة «طوعية وآمنة». وتقتصر مهمة الأمن العام اللبناني على تنظيم الإجراءات المرتبطة بالعودة من داخل الأراضي اللبنانية إلى سوريا، بينما تتولى السفارة الفلسطينية التواصل مع الأمن العام لإعداد الإجراءات.
وأشارت المصادر إلى أن السفارة «توفر أيضاً للعائلات الراغبة بالعودة مبلغ ألف دولار لكل عائلة، كي يتمكن العائدون من توفير الحد الأدنى من مقومات الحياة لدى عودتهم، وترتيب أمورهم».
ويقدر الفلسطينيون النازحون من مخيمات سوريا إلى لبنان بنحو 60 ألف فلسطيني، نزحوا بين عامي 2012 و2014، ولم يبقَ منهم حتى الآن في لبنان سوى 25 ألفاً. وتقول المصادر إن القسم الأغلب منهم، البالغ نحو 35 ألفاً، قد غادر لبنان «على دفعات باتجاه بلد ثالث، إثر موجات اللجوء الواسعة باتجاه أوروبا وبلدان أخرى في 2015 و2016، بينما استقر نحو 4 آلاف في تركيا»، كما عاد جزء قليل منهم إلى سوريا بعد انتهاء المعارك في المناطق المحاذية للمخيمات، مشيرة إلى أن الباقين في مخيمات لبنان «تقدم لهم (الأونروا) المساعدات، إضافة إلى بعض الجمعيات الإغاثية، فضلاً عن أن آخرين انخرطوا بسوق العمل اللبنانية».
وسجلت قوائم اللجان الشعبية التابعة لمنظمة التحرير نحو 176 شخصاً يرغبون بالعودة إلى سوريا، معظمهم من مخيمات الجنوب. وترجع المصادر تراجع العدد إلى أن معظم الفلسطينيين النازحين إلى المخيمات في لبنان «يتحدرون من مخيم اليرموك، حيث يحول حجم الدمار دون عودتهم»، فضلاً عن أن آخرين «يحتاجون إلى تطمينات أمنية، وضمانات بعدم اقتيادهم للخدمة الإلزامية»، في إشارة إلى أن الفلسطينيين المقيمين في سوريا يخدمون الخدمة الإلزامية في «جيش التحرير الفلسطيني»، التابع لقيادة الأركان السورية النظامية. ولا تنفي المصادر أن المشكلات نفسها التي يعاني منها السوريون، وتعيق عودتهم، تنطبق على الفلسطينيين، لجهة فقدانهم لوحدات سكنية، وتراجع فرص العمل، والحاجة إلى ضمانات أمنية.
وفي السياق، غادرت لبنان، أمس، دفعة جديدة قُدّرت بالمئات من النازحين المنتشرين في البقاع وشبعا والنبطية وطرابلس وجبل لبنان وبرج حمود في بيروت، برعاية الأمن العام اللبناني، باتجاه سوريا.
وأقلّت 4 حافلات من مدينة النبطية في الجنوب 134 نازحاً، بينهم 75 طفلاً، وسلكت القافلة طريق مرجعيون حاصبيا راشيا الوادي، متوجهة نحو المصنع وعلى متنها العائدون إلى بلداتهم في ريف حلب ودمشق ودرعا، كذلك عبرت 7 حافلات من منطقة شبعا تقل مائتي نازح سوري باتجاه منطقة المصنع الحدودية.
ومن طرابلس، في الشمال، أقلّت الحافلات عشرات العائلات من النازحين إلى الداخل السوري عبر معبر العبودية الحدودي.
وعلى الجانب السوري، ذكرت وكالة «سانا» أن المئات من النازحين السوريين القادمين من الأراضي اللبنانية وصلوا عبر معبري الدبوسية وجديدة يابوس الحدوديين، حيث جرى نقلهم بالحافلات إلى قراهم وبلداتهم في أرياف دمشق وحمص وحماة.
إلى ذلك، ذكرت مصادر إعلامية، نقلاً عن رئيس مكتب الجنوب في المفوضيّة العليا السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كامرون راشيه، أن عودة النازحين السوريين منظّمة بالتنسيق مع الأمن العام، لافتاً إلى أن المفوضيّة موجودة لمراقبة العمليّة، لكنّها لا تُشارك في تنظيم العودة التي تجري بشكل جيد وطوعي. وأكد راشيه أنه لا ضغوطات على النازحين، لافتاً إلى أن الإجراءات التي تجري اليوم متوافقة مع الأمور التي جرى التنسيق فيها مع الأمن العام.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.