عباس ينوي إعلان دولة فلسطينية تحت الاحتلال

مسؤول يؤكد جدية التوجه ويقول إن الآليات في حاجة إلى وقت ونقاش

فلسطينيون يلوحون بالأعلام خلال مظاهرات احتجاجية قرب معبر بيت حانون (إيرز) شمال غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يلوحون بالأعلام خلال مظاهرات احتجاجية قرب معبر بيت حانون (إيرز) شمال غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

عباس ينوي إعلان دولة فلسطينية تحت الاحتلال

فلسطينيون يلوحون بالأعلام خلال مظاهرات احتجاجية قرب معبر بيت حانون (إيرز) شمال غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يلوحون بالأعلام خلال مظاهرات احتجاجية قرب معبر بيت حانون (إيرز) شمال غزة أمس (أ.ف.ب)

قال مصدر فلسطيني مطلع، إن الرئيس محمود عباس، ينوي إعلان الدولة الفلسطينية كأحد أهم القرارات التي يمكن أن يتخذها في غضون وقت قصير للغاية، وآخرها أيضاً.
وأكد المصدر، أن عباس أبلغ مسؤولين فلسطينيين بالقرار، وقال إنه قد يتخذه في جلسة المجلس المركزي المقبلة، التي تقرر أن تعقد بعد إلقائه خطابه في الأمم المتحدة.
ويلقي عباس خلال الشهر الحالي، خطاباً في الأمم المتحدة، يطلب فيه دولة كاملة العضوية، ويؤكد على أن الوقت قد حان لانتقال السلطة إلى دولة، في حين يعقد «المركزي» الشهر المقبل على أبعد تقدير.
وقال المصدر، إن الرئيس «ينوي إعلان الدولة الفلسطينية تحت الاحتلال، بعد إعلانه أن اتفاق أوسلو انتهى عملياً».
ويعني هذا، نهاية السلطة الفلسطينية، بما يشمل إعلان اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حكومة مؤقتة للدولة الفلسطينية المحتلة، على أن يصبح المجلس الوطني الفلسطيني هو برلمان الدولة.
لكن المسؤول الفلسطيني واصل أبو يوسف، وهو عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن المسألة لم تنضج بعد بشكل نهائي. وأضاف «كما قرر (المركزي)، يجب الآن التخلص من الاتفاقيات، وهذا سيعني، بالضرورة، انتهاء أوسلو. وانتهاء أوسلو يعني نهاية المرحلة الانتقالية وانتهاء دور السلطة وتحويلها إلى دولة... لكن بصراحة، هذا يحتاج إلى وقت إضافي (...) يحتاج إلى آليات من أجل التنفيذ».
والفكرة ليست جديدة، ونوقشت سابقاً في أروقة منظمة التحرير والمجلسين الوطني والمركزي، لكن الكلفة المتوقعة لتنفيذها حالت دون تنفيذها حتى الآن.
وكان عباس أبلغ أعضاء المجلس المركزي الشهر الماضي، أنه سيلتقيهم مجدداً بعد خطابه في الأمم المتحدة، لاتخاذ قرار وصفه بـ«أم القرارات».
وكان المجلس المركزي، الذي انعقد بصلاحيات المجلس الوطني منتصف الشهر الماضي، قد أكد على أن الهدف المباشر الآن، «هو استقلال دولة فلسطين؛ ما يتطلب الانتقال من مرحلة سلطة الحكم الذاتي إلى مرحلة الدولة التي تناضل من أجل استقلالها، وبدء تجسيد سيادة دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من (يونيو/حزيران) 1967».
وطلب «المركزي» من اللجنة التنفيذية، تقديم جداول زمنية محددة، تتضمن تحديداً شاملاً للعلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي، وبما يشمل تعليق الاعتراف بدولة إسرائيل، إلى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ووقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة، والانفكاك الاقتصادي، على اعتبار أن المرحلة الانتقالية، بما فيها اتفاق باريس، لم تعد قائمة. وعلى أساس تحديد ركائز وخطوات عملية للبدء في عملية الانتقال من مرحلة السلطة إلى تجسيد استقلال الدولة ذات السيادة.
وقبل أن يتخذ عباس قراراه، من المفترض أن يقدم طلباً رسمياً من أجل حصول فلسطين على عضوية كاملة في الأمم المتحدة، خلال خطابه أمام الجمعية العامة. وفلسطين الآن، دولة غير كاملة العضوية.
ويستوجب انضمام فلسطين إلى الأمم المتحدة بصفتها دولة عضو، تأييد القرار من قبل 9 أعضاء من بين الدول الـ15 في مجلس الأمن الدولي، شرط عدم استخدام الفيتو من قبل عضو أو أكثر من الدول الخمس دائمة العضوية.
ويدرك الفلسطينيون أن الولايات المتحدة ستستخدم الفيتو؛ وهو ما سيعطيهم سبباً آخر من أجل إعلان الدولة.
وكانت السلطة امتنعت، في السنوات السابقة، بعد 2012، عن تقديم طلب؛ خشية حدوث مواجهة مع واشنطن، وبسبب نصائح قدمتها دول أوروبية وعربية، بتجنب هذه المواجهة، ومحاولة خلق أجواء إيجابية من أجل إطلاق عملية سلام. لكن بعد القطيعة التي دبت بين السلطة وواشنطن، بسبب قرار اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل والخلاف حول خطة السلام، قررت السلطة تفعيل الخيارات التي كانت معطلة.
وتقول السلطة اليوم، إنها لن تقبل بالولايات المتحدة وسيطاً في عملية سياسية، ولن تعود إلى المفاوضات بشكلها القديم.
ويطلب الفلسطينيون إقامة مؤتمر دولي للسلام، ينتج منه آلية دولية يمكن أن تكون واشنطن جزءاً منها، تتابع المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي.
ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية، أن الفلسطينيين لن يقبلوا بأي مفاوضات، طالما بقي مبعوثو الرئيس الأميركي الحاليون على رأس عملهم.
ونقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» عن مسؤول في القيادة الفلسطينية، مقرب عباس، أنه مصرّ على استبدال المبعوث الأميركي إلى منطقة الشرق الأوسط، شرطاً أساسياً لاستئناف المفاوضات وعملية السلام.
وقال المسؤول الفلسطيني «إن مقال غرينبلات الأخير، يوضح موقف الإدارة الأميركية المنحاز وغرينبلات شخصياً، لصالح إسرائيل، بينما يلغي تماماً المطالب المشروعة للفلسطينيين».
ووفقاً لأقواله «جرت مؤخراً محادثات سرية بين أبو مازن وممثلي ترمب بشأن عودة الفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات، وإنهاء المقاطعة التي فرضها الرئيس الفلسطيني على الإدارة الأميركية، وكان استبدال غرينبلات بمندوب يتعامل مع الأمور بموضوعية، أحد المطالب الرئيسية التي طرحها رئيس السلطة الفلسطينية».
وكان عباس رفض في وقت سابق، استقبال غرينبلات، وكذلك جاريد كوشنير، صهر ترمب، إضافة إلى رفضه استقبال السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، حتى عندما كانت الاتصالات مفتوحة مع واشنطن.
وهاجمت الحكومة الفلسطينية، أمس، غرينبلات بشكل شخصي. وجاء في بيان لها، إنها تستنكر «تهديدات المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط (جايسون غرينبلات)، للرئيس (محمود عباس)». وقالت، إن هذه التهديدات «تشكل تدخلاً سافراً في الشؤون الفلسطينية الداخلية، ومحاولات مكشوفة لتطبيق (صفقة القرن) في قطاع غزة، تحت ستار المشاريع الإنسانية والهدنة».
وقالت الحكومة، إنه «لا بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب، وهي الجهة الوحيدة التي تملك صلاحية التفاوض باسمه، ولا تملك أي جهة أخرى أن تبحث في القضايا المتعلقة بمصير شعبنا ومشروعنا الوطني. فلا حديث في التهدئة مع الاحتلال إلا في إطار وطني شامل، وبعد إنهاء ملف الانقسام، وإعادة اللحمة إلى شطري الوطن بسلطة شرعية واحدة تمارس صلاحياتها كاملة دون تدخل من أحد».
وكان غرينبلات هدد عباس مؤخراً، بأنه إذا لم يشارك في مباحثات حول غزة، فإن آخرين سيملأون الفراغ.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.