هدنة أممية لوقف النار في طرابلس... وإيطاليا تستبعد التدخل العسكري

سقوط قذائف بمحيط مقر خال للسفارة الأميركية في العاصمة الليبية

جانب من الاجتماع الأممي بقيادات أمنية ومحلية (البعثة الأممية)
جانب من الاجتماع الأممي بقيادات أمنية ومحلية (البعثة الأممية)
TT

هدنة أممية لوقف النار في طرابلس... وإيطاليا تستبعد التدخل العسكري

جانب من الاجتماع الأممي بقيادات أمنية ومحلية (البعثة الأممية)
جانب من الاجتماع الأممي بقيادات أمنية ومحلية (البعثة الأممية)

نجحت البعثة الأممية للدعم لدى ليبيا في التوصل لإبرام اتفاق لوقف إطلاق النار بين قادة الميلشيات المسلحة التي تخوض حرباً دامية في العاصمة طرابلس منذ مطلع الأسبوع الماضي، في وقت تشتد فيه المعارك على طريق المطار.
وقالت البعثة الأممية، مساء أمس، إن المبعوث الأممي غسان سلامة نجح في «التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، والتوقيع عليه لإنهاء جميع الأعمال العدائية وحماية المدنيين، وصون الممتلكات العامة والخاصة، وإعادة فتح مطار معيتيقة في طرابلس».
وحضر الاجتماع، الذي سبق أن دعت إليه البعثة الأممية في مدينة الزاوية، شيوخ وأعيان المجلسين البلديين في ترهونة وطرابلس، وآمر المنطقة العسكرية الغربية اللواء أسامة الجويلي، ووزير الداخلية بحكومة الوفاق عبد السلام عاشور، بالإضافة إلى قادة ميدانيين من الطرفين.
وفي حين كانت الأطراف المتنازعة تلتف حول مائدة أممية، للاتفاق على هدنة لوقف إطلاق النار، كانت الاشتباكات على أشدها بطريق المطار، بين قوات «لواء الصمود» التي يقودها صلاح بادي، القائد السابق لعملية «فجر ليبيا»، المتحالفة حديثاً مع ميليشيا «اللواء السابع»، المعروف باسم «الكانيات»، من جهة، وبين قوات «الأمن المركزي فرع أبو سليم»، المدعومة من «قوة الردع الخاصة»، من جهة ثانية.
وقال المبعوث الأممي إن «هذا الاجتماع لا يهدف لحل كل المشكلات الأمنية للمدينة، ولكن للبدء في وضع الإطار الملائم لحل المشكلات»، لافتاً إلى أن «الاجتماع لا يهدف إلى إصلاح جميع المشكلات الأمنية والمالية، لكنه يتم الاتفاق على إطار أوسع حول كيفية البدء في معالجة هذه القضايا».
وسبق أن تحدثت الأطراف المتقاتلة في العاصمة عن الاتفاق على هدنة أكثر من مرة لوقف إطلاق النار، لكنها لم تصمد أمام تواصل القصف المدفعي والصاروخي في معركة خلفت نحو 50 قتيلاً.
في غضون ذلك، ندد بيان مشترك أصدرته حكومات فرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة وبريطانيا، بأشد العبارات، باستمرار تصاعد أعمال العنف في طرابلس وضواحيها، معتبرا أنه «لا يجوز القبول بمحاولات إضعاف السلطات الليبية الشرعية، وعرقلة تقدّم العملية السياسية». كما حث البيان، الذي وزعته الخارجية الفرنسية عبر حسابها على موقع «تويتر»: «المجموعات المسلّحة على وقف جميع الأعمال العسكرية فورا».
وجاءت هذه التطورات وسط احتدام النزاع الإيطالي - الفرنسي حول ليبيا، بعدما حملت وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا، الدولة الفرنسية قسماً من المسؤولية عن الأزمة الليبية الراهنة، مستبعدة من جهة ثانية أي تدخّل عسكري لبلادها في المستعمرة الإيطالية السابقة.
وقالت الوزيرة عبر «فيسبوك» لدى تطرّقها للتدخّل العسكري، الذي شاركت فيه فرنسا ودول أخرى في ليبيا في 2011 ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافي، إنّ «فرنسا تتحمّل من هذه الناحية المسؤولية».
وردا على حديث الصحافة الإيطالية عن إمكانية تدخّل القوات الخاصة الإيطالية في المواجهات الجارية في طرابلس، قالت وزيرة الدفاع الإيطالية إن «البعض يتحدّث عن تدخّل عسكري للردّ على المواجهات الجارية، وأنا لا آخذ في الاعتبار البتّة هذه الإمكانية»، مؤكدة أنّه «من واجب الليبيين أن يحموا أنفسهم ويتوصّلوا إلى اتفاق».
ميدانيا، تسببت المعارك الدائرة في طرابلس ومحيطها بنزوح الآلاف من السكان، وفق ما أعلنت عنه حكومة السراج، بعد أن دخلت المواجهات أسبوعها الثاني على التوالي بين مجموعات مسلحة في الضاحية الجنوبية للعاصمة الليبية طرابلس، وأوقعت منذ أسبوع 47 قتيلا على الأقل، بحسب وزارة الصحة.
وطبقا لما أعلنت عنه وزارة الدولة لشؤون النازحين والمهجرين بحكومة السراج فقد تسببت الاشتباكات، التي تشهدها منطقة جنوب العاصمة طرابلس، في نزوح 1825 عائلة من سبع مناطق باتجاه عدة مناطق آمنة، موضحة أنه جرى خلال يوم واحد إخراج 75 عائلة إلى أماكن آمنة، وأن «نحو 30 في المائة من السكان بمنطقة الاشتباكات يرفضون مغادرة منازلهم، خوفا من أعمال السرقة بالإكراه، ونهب ممتلكاتهم، ويفضلون البقاء رغم المواجهات، ورغم نفاد المواد الغذائية من منازلهم... فقد تم استقبال أكثر من ألفي نداء استغاثة، جزء منها يتعلق بالقذائف العشوائية والإصابات».
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول في وزارة العدل أن المعتقلين فروا من الجناح «أ» المخصص لموقوفي الحق العام. أما مؤيدو النظام السابق فيحتجزون في جناح «لم يسجل فيه أي اضطراب».
وامتد القتال في طرابلس أمس إلى مبنى السفارة الأميركية، الخالي من الدبلوماسيين، الذي تعرض لسقوط عدد من القذائف بعد تجدد الاشتباكات جنوب المدينة. وقال مصدر أمنى إن عددا غير معلوم من القذائف العشوائية سقط على مبنى السفارة الأميركية، مشيرا إلى أنه على الرغم من اندلاع حريق بفعل سقوط القذائف، فإن فرق الإطفاء لم تتمكن من الوصول للمقر، الذي يقع في حي ولي العهد القريب من مطار طرابلس الدولي في الأطراف الجنوبية لطرابلس.
لكن السفارة الأميركية لدى ليبيا قالت في المقابل عبر بيان مقتضب عبر «تويتر» إن مقرها السابق في طرابلس لم يتأثر بالحريق الذي اندلع أمس في خزان للوقود داخل المنطقة المجاورة.
ومن جهتها، نفت الإدارة العامة لحماية البعثات الدبلوماسية، التابعة لوزارة الداخلية بحكومة السراج، ما وصفته بالشائعات حول انسحاب بعثة السفارة الإيطالية من طرابلس، وذلك بعد يوم واحد من تأكيد مصادر إيطالية ووسائل إعلام محلية تحدثت عن مغادرة طاقم السفارة الإيطالية بسبب المخاوف الأمنية المرتبطة بالاشتباكات المسلحة. كما دعت إدارة الأمن الدبلوماسي في طرابلس كل أعضائها داخل المدينة إلى ضرورة العودة إلى مقارهم ووظائفهم، وممارسة أعمالهم والواجبات المنوطة بهم، مجاهرة بالأمن وحفظا للنظام، خاصة أمام المقرات والبعثات الدبلوماسية.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.