الطائفية والقومية حاضرتان بقوة في صراع «الكتلة الأكبر»

التحالفان العراقيان الرئيسيان يضمان اتجاهات مختلفة

TT

الطائفية والقومية حاضرتان بقوة في صراع «الكتلة الأكبر»

أفرزت الانتخابات النيابية العامة التي جرت في 12 مايو (أيار) الماضي مجموعة ائتلافات فائزة ممثلة للمكونات العراقية الرئيسية، الشيعة العرب، والسنة العرب والأكراد، وفي داخل هذه المكونات الرئيسية الثلاثة برزت أيضا ائتلاف أساسية ذات مسحة شيعية في أغلبها كان لها النصيب الأوفر في الحصول على أكبر عدد مقاعد مجلس النواب البالغة 329 مقعدا وبالتالي أدى ذلك إلى دخولها في صراع ماراثوني شرس من أجل تشكيل الكتلة الأكبر عددا في مجلس النواب المؤهلة لتشكيل الحكومة الجديدة.
وعلى الرغم من كلام أكثر الائتلافات الفائزة عن «الصبغة الوطنية» التي تميزها عن بقية الائتلافات، إلا أن أغلبها لم تخل من الصبغة الطائفية والقومية.
وأفرزت الجلسة الأولى لمجلس النواب التي عقدت أمس محورين متنافسين لتشكيل الكتلة الأكبر، يمثل الأول كتلة «الإصلاح والأعمار» المؤلفة من تحالف زعيم التيار الصدر مقتدى الصدر ورئيس الوزراء حيدر العبادي ورئيس تيار الحكمة عمار الحكيم وزعيم حزب الوفاق إياد علاوي، في مقابل كتلة «البناء» التي ينخرط فيها تحالف «الفتح» الحشدي بزعامة هادي العامري وائتلاف «دولة القانون» برئاسة نوري المالكي.
ويتألف تحالف «سائرون» الذي فاز بـ54 مقعدا نيابيا وهو الأعلى بين كل الكتل الفائزة من خليط من شخصيات صدرية وجهات مدنية وعلمانية، ويمثل حزب «الاستقامة» الذي أسسه الصدر ويتزعمه الدكتور حسن العاقولي عماد هذا التحالف وحصل أعضاؤه على أغلب مقاعد البرلمان التي فاز بها سائرون. ويأتي «الحزب الشيوعي العراقي» في مقدمة الأحزاب المنضوية في هذا التحالف وحصل على مقعدين نيابيين فقط، إلى جانب حزب «التجمع الجمهوري» الذي يتزعمه رجل الأعمال والسياسي سعد عاصم الجباني، وهناك أيضا جماعة «شباب التغيير» وحزب «الدولة العادلة» ولا يتجاوز عدد المقاعد التي فازت بها هذه الاتجاهات في تحالف «سائرون» سقف الخمسة مقاعد.
أما تحالف «النصر» الذي يتزعمه رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي حصل على 42 مقعدا نيابيا، فضم اتجاهات عربية مختلفة، شيعية وعربية سنية، في مقدمتها وزير الدفاع السابق خالد العبيدي الذي يتزعم كتلة «بيارق الخير» التي حصلت على 7 مقاعد في محافظة نينوى.
وفيه أيضا حزب «الفضيلة» الشيعي وكتلة «عراق النهضة والسلام» و«الاتحاد الإسلامي لتركمان العراق» وتيار «الإصلاح الوطني» الذي يتزعمه وزير الخارجية إبراهيم الجعفري وكذلك «المؤتمر الوطني العراقي» الذي أسسه السياسي الراحل أحمد الجلبي ويرأسه حاليا آراس حبيب الذي وضعت وزارة الخزانة الأميركية مصرفه «البلاد» على لائحة عقوباتها بعد أن اتهمته بتحويل الأموال إلى إيران و«حزب الله» اللبناني. وهناك أيضا كتلة «عطاء» التي انشقت مؤخرا عن ائتلاف النصر ويرأسها مستشار الأمن الوطني المقال فالح الفياض وله 6 مقاعد في «النصر».
وفي هذا المحور «الإصلاح والأعمار» أيضا «تيار الحكمة الوطني» الذي يتزعمه عمار الحكيم والحاصل على 19 مقعدا، وأغلب الأعضاء الفائزين في مجلس النواب ينتمون إلى هذا التيار. وفي هذا المحور كذلك القائمة «الوطنية» التي يتزعمها إياد علاوي ولها 21 مقعدا نيابيا من طيف واسع من الاتجاهات السياسية يقف في مقدمتها حزب «الوفاق» الذي يتزعمه علاوي و«جبهة الحوار» بزعامة نائب رئيس الوزراء السابق صالح المطلك وحزب «الخيار العربي» و«العروبيون» إضافة إلى تجمع السلام الديمقراطي وباب العرب وتيار السلم المدني.
وفي مقابل «الإصلاح والبناء» الذي يتمحور حول تحالف الصدر - العبادي تتألف كتلة «البناء» من تحالف «الفتح» وائتلاف «دولة القانون». وحصل «الفتح» الذي يتزعمه رئيس منظمة بدر هادي العامري على 47 مقعدا ليحل في المركز الثاني في لائحة الائتلافات الفائزة بعد تحالف «سائرون». ويضم هذا الائتلاف 18 كيانا سياسيا من جماعات «الحشد الشعبي» المقربة من إيران. وحصلت بدر على 22 مقعدا من مجموع مقاعد الائتلاف، تليها حركة «عصائب أهل الحق» التي يتزعمها قيس الخزعلي برصيد 15 مقعدا، وهناك «الحركة الإسلامية في العراق» وحزب «الطليعة الإسلامي» وحركة «الجهاد والبناء» و«حزب الله العراق» و«المجلس الأعلى الإسلامي» و«منظمة العمل الإسلامي».
أما ائتلاف «دولة القانون» التي يتزعمه نوري المالكي، فيضم «حركة البشائر» التي يرأسها صهره ياسر عبد صخيل وحصلت على 9 مقاعد من مجموع الـ26 التي حصل عليها الائتلاف في البرلمان. ويضم حزب «دعاة الإسلام - تنظيم العراق» وحركة «الانتفاضة والتغير» و«تيار الوسط» والحزب «المدني» والتيار «الثقافي الوطني» وتيار «ولائيون الإسلامي».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.