عشية اجتماع هام مع مسؤولي صندوق النقد الدولي لمحاولة إنقاذ الوضع الاقتصادي المتردي والأزمة المالية التي دفعت البيزو الأرجنتيني إلى تدهور بالغ خلال العام الحالي، أعلن الرئيس الأرجنتيني ماوريسيو ماكري أمس إجراءات تقشف جديدة، تتضمن خفض عدد الوزارات وفرض ضرائب قاسية على الصادرات لتقليل عجز الموازنة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، مقرا بأن الأرجنتين تواجه «حالة طارئة».
وقال ماكري في «خطاب للأمة» إن «هذه ليست مجرد أزمة جديدة... لكن لا بد أن تكون الأخيرة»، متابعا: «لا بد أن نواجه معضلة أساسية... ألا ننفق أكثر مما نملك، وأن نبذل جهودا لتحقيق التوازن في ميزانية الدولة». ومتحدثا إلى المصدرين الزراعيين الأغنياء، الذين يواجهون الآن ضرائب صادرات، قال: «ندرك أنها ضريبة سيئة ولكنني أطالبكم بأن تتفهموا أنها حالة طارئة».
وفي محاولة لتهدئة مخاوف شعبه المتزايدة بخصوص تطبيق إجراءات التقشف، أوضح ماكري في كلمة تلفزيونية استغرقت 30 دقيقة تقريبا، أنه سيخصص المزيد من المساعدات للفقراء في البلاد والذين يعانون من أثار التضخم المرتفع، متابعا: «سنتجاوز الأزمة عبر الاعتناء بالأكثر احتياجا»، ووعد باعتمادات إضافية وبرامح للأغذية ووضع حد أقصى لأسعار بعض السلع، كما أوضح أنه سيتم تقليص عدد الوزارات إلى النصف تقريبا، مما سيخفض الموازنة وعدد الموظفين.
وأقر وزير الاقتصاد الأرجنتيني نيكولاس دوخوفن في مؤتمر صحافي لاحق بأن «أخطاء ارتُكبت» في إدارة الاقتصاد، معلنا إجراءات للحد من عجز الموازنة، والوصول إلى «موازنة متعادلة» العام المقبل، عوضا عن التقديرات السابقة بعجز يصل 1.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2019، متحدثا عن عمل بلاده للوصول إلى «فائض أولي» بنحو 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي عام 2020.
وأشار الوزير إلى أن الإيرادات المطلوبة لسد عجز الموازنة ستتحقق في غالبيتها من فرض ضريبة تصدير بمقدار 4 بيزوات لكل دولار على الصادرات الزراعية، و3 بيزوات لكل دولار على السلع الأخرى.
وجاءت تصريحات دوخوفن قبل توجهه إلى واشنطن للقاء مسؤولي صندوق النقد الدولي اليوم الثلاثاء، لوضع الصيغة النهائية لاتفاق تسريع منح بلاده قرضا بقيمة 50 مليار دولار، والذي تم التوصل إليه في يونيو (حزيران) الماضي.
وتهدف التدابير للإشارة إلى التحول في استراتيجية الحكومة، قبيل محادثاتها المقررة اليوم الثلاثاء مع صندوق النقد الدولي لتسريع صرف دفعة من قرض بقيمة 50 مليار دولار.
وتسببت عوامل التضخم التعجيزي والجفاف التاريخي وأعلى معدل فائدة في العالم في تراجع الاقتصاد الأرجنتيني، الذي من المنتظر أن يمر بالركود الثاني له خلال ثلاث سنوات.
وخلال اليومين الماضيين، عقد الرئيس ماكري سلسلة اجتماعات مع وزراء الحكومة وحلفائه الأساسيين في حكومة ائتلاف يمين الوسط. ووضعت الحكومة أولوية تتمثل بتقليص العجز المالي المزمن الذي يغذي التضخم والذي سيتجاوز 30 في المائة خلال عام 2018، ويُضعف ثالث أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية.
وخرج ماكري الذي وصل إلى الحكم أواخر 2015، عن سياسة اليسار للرئيسة السابقة كريستينا كيرشنر (2007 - 2015) لاعتماد سياسة تتسم بمزيد من الليبرالية. وقد وعد بالحد من التضخم الذي يتجاوز حاجز 20 في المائة منذ عشر سنوات، لكنه لم يتوصل إلى طريقة ناجعة لوقف ارتفاع الأسعار.
ويذكر أن البيزو الأرجنتيني فقد حوالي 50 في المائة من قيمته منذ بداية العام الحالي، في حين طلبت حكومة ماكري قرضا بقيمة 50 مليار دولار من صندوق النقد الدولي في مايو (أيار) الماضي. وقد تراجع البيزو إلى مستوى قياسي جديد بعد أن طالب ماكري صندوق النقد بتقديم موعد صرف الدفعة الأولى من القرض في الأسبوع الماضي.
ويواجه الاتفاق مع الصندوق معارضة شعبية قوية في الأرجنتين التي كانت قد أشهرت إفلاسها في عام 2001، ويعتقد الكثيرون في الأرجنتين أن الصندوق أطال أمد الأزمة الاقتصادية من خلال فرض إجراءات تقشف صارمة على البلاد.
وقد احتج عشرات الآلاف من الأرجنتينيين على القرض الأخير بعد طلب الرئيس له، ونظم العمال في يونيو (حزيران) الماضي إضرابا عن العمل استمر 24 ساعة أصاب البلاد خلالها الشلل التام.
خطة تقشف أرجنتينية وإجراءات قاسية لمواجهة الأزمة المالية
ضرائب على الصادرات وتخفيض للوزارات عشية لقاء مع صندوق النقد
خطة تقشف أرجنتينية وإجراءات قاسية لمواجهة الأزمة المالية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة