توقيت تناول الطعام... أهم للصحة

أنماط تناول الوجبات الحالية تتعارض مع الإيقاعات البيولوجية للإنسان

تناول الطعام يجب أن يحدد بالساعة البيولوجية للإنسان: طبق كامل جاهز للطعام في الصباح تقل مساحته لتضمحل عند الغروب
تناول الطعام يجب أن يحدد بالساعة البيولوجية للإنسان: طبق كامل جاهز للطعام في الصباح تقل مساحته لتضمحل عند الغروب
TT

توقيت تناول الطعام... أهم للصحة

تناول الطعام يجب أن يحدد بالساعة البيولوجية للإنسان: طبق كامل جاهز للطعام في الصباح تقل مساحته لتضمحل عند الغروب
تناول الطعام يجب أن يحدد بالساعة البيولوجية للإنسان: طبق كامل جاهز للطعام في الصباح تقل مساحته لتضمحل عند الغروب

لطالما اختلف علماء التغذية حول النظام غذائي الأفضل للحصول على الصحة المثالية. لكن بعض الخبراء يعتقدون اليوم أن نوعية الطعام الذي نتناوله ليست العامل الأساسي الوحيد لصحة جيدة، بل أيضاً توقيت تناول الطعام.
وقد رجّحت مجموعة واسعة من نتائج الأبحاث، أن أجسامنا تعمل بأفضل حالاتها عندما ننظّم أنماط الأكل وفقاً لإيقاعات الساعة البيولوجية، أي دورات الساعات الأربع والعشرين الفطرية التي تعلم جسمنا متى يستيقظ، ومتى يتناول الطعام، ومتى يغفو. وأظهرت الدراسات أن عرقلة هذا الإيقاع من خلال تناول وجبات متأخرة أو وجبات خفيفة بعد منتصف الليل مثلاً من شأنه أن يسبب زيادة في الوزن واختلالاً عملية التمثيل الغذائي.

توقيت الغذاء
تشكّل هذه الفرضية عمادة كتاب جديد بعنوان «شيفرة إيقاعات الساعة البيولوجية» لساتشين باندا، بروفسور في معهد «سالك» ومتخصص في بحث إيقاعات الساعة البيولوجية. ويعتبر باندا أن صحة التمثيل الغذائي لدى الناس تتحسّن عندما يتناولون وجباتهم خلال نافذة زمنية تتراوح بين 8 و10 ساعات، أولها في الصباح الباكر، وآخرها في بداية المساء.
تنطلق هذه المقاربة التي تعرف بالـ«التقيّد بالغذاء المبكّر» من فكرة أن التمثيل الغذائي لدى البشر يتبع إيقاعاً يومياً، تستعدّ فيه أنظمتنا الهرمونية والأنزيمية والهضمية لتناول الطعام في الصباح وبعد الظهر. لكن الكثير من الأشخاص يتناولون الوجبات الخفيفة والأطعمة منذ استيقاظهم، ولا يتوقفون إلا قبل وقت قصير من نومهم. ووجد باندا في بحثه أن الشخص العادي يتناول الطعام على مدار 15 ساعة أو أكثر يومياً، ويبدأ بأشياء كالحليب والقهوة بعد وقت قصير من استيقاظه، وينهي يومه بكوب من النبيذ مع وجبة متأخرة ليلاً، أو حفنة كبيرة من البطاطا المقرمشة، أو المكسرات وغيرها من الوجبات الخفيفة قبل وقت قصير من نومه.

تعارض الإيقاعات
ويقول، إن أنماط تناول الطعام هذه تتعارض مع إيقاعاتنا البيولوجية. ويعي الباحثون منذ زمن طويل أن الجسم البشري له ساعة رئيسية في الدماغ، مركزها منطقة الوطاء (الهايبوثلاموس) الذي يتحكّم بدورات النوم والاستيقاظ عبر الاستجابة للتعرّض للضوء الساطع. وقبل بضعة عقود، اكتشف الباحثون أن الجسم البشري لا يضمّ ساعة واحدة، بل مجموعة منها، فلكل عضو ساعة داخلية خاصة به تتحكّم بدورات نشاطه اليومي.
خلال النهار، يزيد البنكرياس إنتاجه من هورمون الأنسولين الذي يسيطر على معدلات السكّر في الدم، ومن ثمّ يعود ليبطئه ليلاً. كما تخضع الأمعاء لساعة خاصة بها تنظّم تراجع وتدفق الأنزيمات، وامتصاص الأغذية، والتخلّص من مخلّفات الجسم. بدورها، تعمل مجموعات تضمّ تريليونات البكتيريا التي تحتوي على مجاميع الميكروبات الموجودة في الأمعاء وفقاً لإيقاع يومي. هذه الإيقاعات اليومية متأصلة في أجسادنا إلى حدّ أنها مبرمجة في الحمض النووي: إذ أظهرت الدراسات أنه وفي كل عضو، تعمل وتتوقف آلاف الجينات عن العمل في الوقت نفسه تقريباً من كل يوم. وقال باندا «سكنّا هذا الكوكب منذ آلاف السنوات، وبينما تغيرت أشياء كثيرة، كان هناك أمر ثابت وحيد دائم. في كل يوم، تشرق الشمس وتغيب ليلاً. نحن مصممون لنشهد 24 ساعة من الإيقاعات في تكويننا الفيزيولوجي والتمثيل الغذائي. وهذه الإيقاعات قائمة؛ لأن كل عضو في جسمنا يحتاج إلى النوم كل ليلة للصيانة وإعادة شحن نفسه بالطاقة، وتجديد نشاطه، تماماً كما الدماغ».

الغذاء المبكر
وترجّح غالبية الأدلّة الموجودة لدى البشر أن استهلاك القسم الأكبر من الغذاء في وقت مبكر من اليوم أفضل لصحة الإنسان، حسب الدكتورة كورتني بيترسون، الأستاذة المساعدة في قسم العلوم الغذائية في جامعة ألاباما في برمنغهام. وأظهرت عشرات الدراسات أن التحكّم بمعدلات السكر في الدم يكون أفضل في الصباح وفي أسوأ أحواله ليلاً؛ لأن الناس يحرقون المزيد من السعرات الحرارية ويهضمون الطعام بفاعلية أكبر في الصباح.
في الليل، تدفع قلّة الضوء الدماغ إلى إفراز هرمون الميلاتونين، الذي يهيئونا للنوم. في المقابل، ترسل عملية تناول الطعام في وقت متأخر ليلاً إشارة مربكة لساعات جسمنا تجعلها تعتقد أن الوقت لا يزال نهاراً، حسب بيترسون.
وتضيف «في حال كنتم تتناولون الطعام باستمرار في وقت لا تتعرضون فيه للكثير من الضوء خلال النهار، ستفقد أنظمة ساعاتكم البيولوجية انسجامها. وبالتالي، ستعمل هذه الساعات وكأن إحداها بتوقيت اليابان وأخرى بتوقيت الولايات المتحدة؛ مما يزوّد تمثيلكم الغذائي بإشارات متضاربة حول ما إذا كان يجب أن ينشط أو يهدأ».
يعي معظم الناس ما الذي يحدث عندما نعرقل عمل الساعة الرئيسية الموجودة في الدماغ من خلال السفر عبر أكثر من منطقة زمنية أو العمل حتى ساعات متأخرة ليلاً: تعب، إرهاق بفعل اختلاف التوقيت، وتشوش في الرأس.
ويفرض تناول الطعام في أوقات خاطئة من اليوم الضغط نفسه على الأعضاء المنخرطة في عملية الهضم، ويجبرها على العمل في الوقت الذي تكون فيه مبرمجة للنوم، مما يزيد خطر المرض، حسب ساسون - كورسي، مدير مركز علم التخلّق والتمثيل الغذائي في جامعة كاليفورنيا، إرفاين.
ويضيف ساسون – كورسي، الذي نشر أخيراً ورقة بحثية حول التفاعل بين التغذية، والتمثيل الغذائي، والإيقاعات البيولوجية «من المعروف أنه وبتغيير وعرقلة الدورات الطبيعية، نزيد خطر الإصابة بأمراض كثيرة».
يمثّل موظفو المناوبة، الذين يشكّلون 20 في المائة من القوى العاملة في أميركا، أصدق مثال على هذه النظرية. إذ يعمل الكثيرون وبشكل متكرّر في نوبات ليلية؛ مما يجبرهم على تناول الطعام والنوم في أوقات خاطئة. ويؤدي العمل الليلي إلى مشكلات كالسمنة والسكري وبعض أنواع السرطانات وأمراض القلب. وفي الوقت الذي تلعب فيه العوامل الاجتماعية – الاقتصادية دوراً مهماً، ترجّح الدراسات أن تعطيل الإيقاع البيولوجي يمكن أن يؤدي وبشكل مباشر إلى تراجع الصحة.
تفيد بعض الدراسات بأن تناول الطعام في وقت مبكر من اليوم ضروري جداً لصحة التمثيل الغذائي، إلا أن هذا لا يعني أنكم يجب أن تفوّتوا وجبة العشاء، لكن يفضّل أن يكون عشاؤكم خفيفاً، فقد وجدت إحدى المجموعات البحثية في دراساتها أن البالغين الذين يعانون من زيادة في الوزن خسروا وزناً أكثر، وشهدوا تحسناً أكبر في معدّل السكر في الدم والأنسولين، وتراجعاً في عوامل المخاطر القلبية عندما تناولوا وجبة فطور كبيرة، وغداء متواضعاً، وعشاءً أكثر تواضعاً مقارنة بالوضع المعاكس: وجبة فطور صغيرة وعشاء كبير. ولفتت بيترسون إلى أن هذه النتائج تؤكد قولاً مأثور قديماً لطالما سمعناه «تناول فطور ملك، وغداء أمير، وعشاء فقير».



«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية
TT

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

في المستقبل، يمكن تغطية سيارتك الكهربائية بألواح شمسية -ليس فقط على السطح، ولكن في جميع أنحاء الجزء الخارجي من السيارة- بفضل طلاء خاص.

وسواء كنت تقود السيارة أو كانت متوقفة، يمكن لهذا الطلاء الشمسي حصاد الطاقة من الشمس، وتغذيتها مباشرة في بطارية السيارة الكهربائية. وربما يبدو الأمر وكأنه شيء من كتاب خيال علمي، إلا أن الباحثين في شركة «مرسيدس بنز» يعملون بالفعل على جعله حقيقة واقعة.

عجينة لطلاء شمسي

يقول يوشين شميد، المدير الأول لشركة «مستقبل القيادة الكهربائية» Future Electric Drive، للبحث والتطوير في «مرسيدس بنز» الذي يستكشف تقنيات السيارات الكهربائية في مرحلة مبكرة: «نحن ننتج مئات السيارات يومياً، وسطح السيارة مساحة كبيرة جداً. فلماذا لا نستخدمها لحصاد طاقة الشمس؟».

إن المادة الكهروضوئية التي تبحثها شركة مرسيدس تشبه العجينة التي يمكن وضعها على الجزء الخارجي للسيارة. يبلغ سمك الطلاء 5 ميكرومترات فقط (يبلغ متوسط ​​سمك شعرة الإنسان نحو 100 ميكرومتر)، ويزن 50 غراماً لكل متر مربع.

وقود شمسي لآلاف الكيلومترات

في سيارة رياضية متعددة الأغراض SUV متوسطة الحجم، ستشغل العجينة، التي تطلق عليها مرسيدس أيضاً طلاءً شمسياً، نحو 118 قدماً مربعة، ما ينتج طاقة كافية للسفر لمسافة تصل إلى 7456 ميلاً (12000 كم) في السنة. ويشير صانع السيارة إلى أن هذا يمكن أن يتحقق في «ظروف مثالية»؛ وتعتمد كمية الطاقة التي ستحصدها هذه العجينة بالفعل على قوة الشمس وكمية الظل الموجودة.

طلاء مرن لصبغ المنحنيات

ولأن الطلاء الشمسي مرن، فيمكنه أن يتناسب مع المنحنيات، ما يوفر فرصاً أكبر للطاقة الشمسية مقارنة بالألواح الشمسية الزجاجية التي لا يمكن ثنيها، وبالتالي لا يمكن تثبيتها إلا على سقف السيارة أو غطاء المحرك. يُعدّ الطلاء الشمسي جزءاً من طلاء متعدد الخطوات يتضمن المادة الموصلة والعزل والمادة النشطة للطاقة الشمسية ثم الطلاء العلوي لتوفير اللون (يشكل كل ذلك معاً عمق بـ5 ميكرونات).

لن تكون هذه الطبقة العلوية طلاءً قياسياً للسيارات لأنها لا تحتوي على صبغة. بدلاً من ذلك، ستبدو هذه الطبقة أشبه بجناح الفراشة، كما يقول شميد، وستكون مادة شديدة الشفافية مليئة بجسيمات نانوية تعكس الأطوال الموجية من ضوء الشمس. كما يمكن تصميمها لتعكس أطوال موجية محددة، ما يعني أن السيارات الكهربائية يمكن أن تأتي بألوان أخرى.

وسيتم توصيل الطلاء الشمسي أيضاً عن طريق الأسلاك بمحول طاقة يقع بجوار البطارية، الذي سيغذي مباشرة تلك البطارية ذات الجهد العالي.

تأمين أكثر من نصف الوقود

ووفقاً للشركة فإن متوسط سير ​​السائق هو 32 ميلاً (51.5 كم) في اليوم؛ هناك، يمكن تغطية نحو 62 في المائة من هذه الحاجة بالطاقة الشمسية من خلال هذه التكنولوجيا. بالنسبة للسائقين في أماكن مثل لوس أنجليس، يمكن أن يغطي الطلاء الشمسي 100 في المائة من احتياجات القيادة الخاصة بهم. يمكن بعد ذلك استخدام أي طاقة إضافية عبر الشحن ثنائي الاتجاه لتشغيل منزل شخص ما.

على عكس الألواح الشمسية النموذجية، لا يحتوي هذا الطلاء الشمسي على أي معادن أرضية نادرة أو سيليكون أو مواد سامة أخرى. وهذا يجعل إعادة التدوير أسهل. وتبحث «مرسيدس» بالفعل عن كيفية جعل إصلاحه سهلاً وبأسعار معقولة.

يقول شميد: «قد تكون هناك مخاوف من أن سيارتي بها خدش، فمن المحتمل أن لوحة الباب معطلة»، وتابع: «لذا اتخذنا احتياطاتنا، ويمكننا بسهولة القول إن لدينا تدابير مضادة لذلك».

ومع تغطية المركبات الكهربائية بالطلاء الشمسي، لن يكون هناك الكثير من القلق بشأن شبكات الشحن، أو الحاجة إلى قيام الناس بتثبيت أجهزة الشحن في منازلهم. ويقول شميد : «إذا كان من الممكن توليد 50 في المائة أو حتى أكثر من قيادتك السنوية من الشمس مجاناً، فهذه ميزة ضخمة ويمكن أن تساعد في اختراق السوق».

ومع ذلك، فإن حقيقة طلاء سيارتك الكهربائية بالطاقة الشمسية لا تزال على بعد سنوات، ولا تستطيع مرسيدس أن تقول متى قد يتم طرح هذا على طرازاتها، لكنها شركة واثقة من تحقيقها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً