عشراوي للإسرائيليين: أنتم أيضاً ستدفعون ثمن القرار الأميركي البشع

إسرائيل ترحب بقطع المساعدات عن الـ «أونروا» ومخابراتها قلقة من النتائج

تلاميذ داخل فصل دراسي في مدرسة تابعة للأونروا في مخيم العروب القريب من الخليل (أ.ف.ب)
تلاميذ داخل فصل دراسي في مدرسة تابعة للأونروا في مخيم العروب القريب من الخليل (أ.ف.ب)
TT

عشراوي للإسرائيليين: أنتم أيضاً ستدفعون ثمن القرار الأميركي البشع

تلاميذ داخل فصل دراسي في مدرسة تابعة للأونروا في مخيم العروب القريب من الخليل (أ.ف.ب)
تلاميذ داخل فصل دراسي في مدرسة تابعة للأونروا في مخيم العروب القريب من الخليل (أ.ف.ب)

في الوقت الذي رحب فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وغيره من المسؤولين، بقرار الولايات المتحدة الوقف التام لتمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، أعربت مصادر في المخابرات الإسرائيلية عن قلقها من النتائج الميدانية للقرار، ومن خطر انفجار موجة جديدة من الغضب الفلسطيني. وتوجهت د. حنان عشراوي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، إلى المواطنين الإسرائيليين مباشرة، محذرة: «أنتم أيضاً ستدفعون ثمن القرار الأميركي البشع، وليس نحن وحدنا».
وقالت عشراوي، في مقابلة مع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، تنشر اليوم (الاثنين)، إن «على أولئك الإسرائيليين، الذين فرحوا بالقرار الأميركي لأنهم يفرحون لكل ضربة موجهة إلينا نحن الفلسطينيين، أن ينتظروا قليلاً، ويدركوا كيف سيؤثر هذا القرار فيهم. إذ إن أي انفجار غضب فلسطيني سيتوجه ميدانياً إلى إسرائيل.
وكان نتنياهو، قد صرح بأن إسرائيل تؤيد قرار الولايات المتحدة وقف تمويل «الأونروا»، التي اعتبرها «وكالة تكريس اللاجئين»، وأيد ما قيل بأن العدد الحقيقي للاجئين، يقل بكثير عما تبلغ عنه «الأونروا».
وحاول نتنياهو تشبيه اللاجئين الفلسطينيين باليهود المهاجرين إلى إسرائيل، وحتى بالمستوطنين اليهود الذين تم إخلاؤهم من المستعمرات في قطاع غزة ضمن خطة الانفصال. فقال، خلال زيارته لقرية ياد بنيامين، التي كانت استوعبت بعضاً من هؤلاء المستوطنين: «تم استيعاب المواطنين الذين شردوا من غوش قطيف في هذه البلدة». وقد «جددوا حياتهم التي أصبحت رائعة. هناك الذاكرة التي بقيت، ولكن هناك أيضاً الحاضر والمستقبل الذي تغير، ما يعطي حياة جديدة وأملاً كبيراً. هذا ما قمنا به في دولة إسرائيل. أو لم يأتِ إلينا مشردون من بلدان مختلفة بمن فيهم ناجون من المحرقة الذين شردوا من الدول التي عاشوا فيها؟ إنهم شردوا من بلدات عاشوا فيها على مدار 500 عام، كما حصل في ليتوانيا، أو على مدار ألف عام كما حصل في بولندا. إنهم شردوا وبقوا على قيد الحياة ووصلوا إلى هنا. لم نبقهم لاجئين، حولناهم إلى مواطنين متساوين يسهمون في بناء الوطن. وهذا ليس ما يحدث عند الفلسطينيين. لقد أقام الفلسطينيون مؤسسة خاصة قبل 70 عاماً ليس بهدف استيعاب اللاجئين، بل بهدف تخليد كونهم لاجئين. لهذا السبب قامت الولايات المتحدة بخطوة مهمة جداً، عندما أوقفت تمويل الوكالة التي تسمى (الأونروا)، لإبقاء اللاجئين لاجئين. الولايات المتحدة تبدأ أخيراً في حل المشكلة. هذا مهم جداً. يجب إلغاء مؤسسة اللجوء الفلسطيني. يجب أخذ الأموال التي خصصت لذلك، وتحويلها إلى إعادة تأهيل اللاجئين الذين عددهم الحقيقي يشكل جزءاً قليلاً جداً من العدد الذي تعلنه وكالة (الأونروا). هذا هو تحول مهم نرحب به وندعمه».
وفي السياق نفسه، وصف سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون، تصريحات الناطق بلسان الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، بشأن قضية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، بالجوفاء. وكان أبو ردينة قال إن السلطة الفلسطينية تدرس إمكانية التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، في أعقاب القرار الأميركي. وأوضح دانون أن الجمعية العمومية ومجلس الأمن لا يستطيعان إلزام أي دولة بالتبرع لـ«الأونروا». وأكد أن الفلسطينيين تفاجأوا بقرار واشنطن.
إلا أن هذا الموقف الرسمي يتناقض مع الأجواء داخل المؤسسات العسكرية والأمنية الإسرائيلية، التي تعبر في مختلف تسريباتها للإعلام، عن «مخاوف من أن تسفر الإجراءات ضد الأونروا عن إطلاق المظاهرات الشعبية، وتصعيد العمليات المسلحة، وقد تؤدي أيضاً، إلى وقف التنسيق الأمني بينها وبين أجهزة الأمن في السلطة الفلسطينية». وقال الجنرال في الاحتياط، عاموس غلعاد، الرئيس السابق للدائرة الأمنية والسياسية في وزارة الأمن، إنه عمل طويلاً ضد أي مساس بـ«الأونروا»، وإنه عمل في السنة الأخيرة من عمله (2017)، مع السفير السابق في واشنطن، نائب الوزير في مكتب نتنياهو اليوم، مايكل أورن، على إحباط أي مبادرات أو مشاريع قوانين في الكونغرس ضد «الأونروا». وقال: «أنا أعتقد أن الأونروا منظمة سيئة، لكن حماس أكثر سوءاً. فالمساس بها سيقوي حماس في الشارع الفلسطيني».
وحسب مصادر أمنية في تل أبيب، فإن أجهزة الأمن الإسرائيلية توجه تحذيرات بشكل شبه يومي، منذ أن بدأت تتضح نيات الرئيس الأميركي، دونالد ترمب. وهي ترى أن الضفة الغربية وقطاع غزة بدرجة أكبر، يتعلقان إلى حد كبير، بالمساعدات الخارجية عامة، والمساعدات المالية لمخيمات اللاجئين. وبالتالي، فإن من شأن التقليص في الميزانية أن يؤدي إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية، خصوصاً في قطاع غزة، ما يؤدي إلى انفجار شعبي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.