الرئيس الفلبيني يعقد في إسرائيل صفقات سلاح وبترول

تحيط بزيارته انتقادات واسعة لتصريحاته المتعلقة بحقوق الإنسان

الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي (يمين) يبتسم للمصورين بينما يحمل بندقية «غليلي» الإسرائيلية (أ.ب)
الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي (يمين) يبتسم للمصورين بينما يحمل بندقية «غليلي» الإسرائيلية (أ.ب)
TT

الرئيس الفلبيني يعقد في إسرائيل صفقات سلاح وبترول

الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي (يمين) يبتسم للمصورين بينما يحمل بندقية «غليلي» الإسرائيلية (أ.ب)
الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي (يمين) يبتسم للمصورين بينما يحمل بندقية «غليلي» الإسرائيلية (أ.ب)

وسط خلافات شديدة حول شخصيته وتصريحاته الحادة، وصل، مساء أمس الأحد، إلى إسرائيل الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي، في زيارة رسمية تعد الأولى من نوعها، وتستمر لثلاثة أيام. وكشف النقاب خلالها أن الهدف الأساسي من الزيارة، هو إبرام اتفاقيات لشراء الأسلحة والغاز من إسرائيل؛ فإلى جانب اللقاءات مع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ورئيس الدولة، رؤوبين رفلين، جرى تضمين برنامج الرئيس الفلبيني غير المعلن في البلاد، المشاركة في معارض للأسلحة والمعدات العسكرية الإسرائيلية الحديثة والأكثر تطورًا بإشراف وزارة الأمن، في محاولة لإبرام صفقات عدة، بالإضافة إلى توقيع رخصة لشركة «راتيو أويل إكسبلوريشن» الإسرائيلية، التي كانت قد فازت بمناقصة للتنقيب عن النفط في الفلبين، قبل ستة أشهر، لكن الرئيس الفلبيني لم يوقعها بعد.
وقد أعدت السفارة الفلبينية في إسرائيل، جدولاً مستقلاً لوفد من كبار الضباط المتقاعدين من الجيش والشرطة، الذين انضموا إلى الرئيس الفلبيني في زيارته «لمعاينة آخر التطورات في المعدات العسكرية الإسرائيلية»، علما بأن الفلبين تعتبر زبونا دائما لصناعة الأسلحة الإسرائيلية، ولكن السفارة امتنعت عن التطرق لهذا الأمر.
وتتضمن الزيارة كذلك، التوقيع على اتفاق لتحسين ظروف العاملين الفلبينيين في مجال التمريض في البلاد، الذين يبلغ عددهم 30 ألف عامل، بحيث تنخفض رسوم شركات الوساطة ومكاتب التشغيل من 9000 دولار إلى 800 دولار فقط، بالإضافة إلى تكلفة الرحلة. كما سيبحث الرئيس الفلبيني مع السلطات الإسرائيلية المعنية، إمكانية إنشاء خط طيران مباشر من العاصمة الفلبينية مانيلا إلى مطار اللد.
وتعتبر زيارة دوتيرتي، الأولى التي يقوم بها رئيس فلبيني إلى إسرائيل، منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والفلبين في عام 1957. وقد وصل على رأس وفد كبير من 400 شخص، من ضمنهم ثمانية وزراء، بمن فيهم وزير الدفاع، وأكثر من 150 رجل أعمال وعشرة جنرالات. وقد أثيرت حول الزيارة انتقادات واسعة من جهات وجمعيات حقوقية عدة، طالب بعضها برفض استقباله وبالإعلان عنه «ضيفاً غير مرغوب فيه». وبعض هذه الانتقادات جاءت من نشطاء حقوق المرأة، حيث إن الرئيس الفلبيني يتحدث عن اغتصاب النساء كأمر طبيعي (فقط قبل أيام قال حيثما توجد نساء جميلات يكثر الاغتصاب)، ونشطاء حقوق الإنسان، الذين لا يحبون تصريحاته عن إبادة تجار المخدرات وقتلهم بلا محاكمة. لكن هناك من يعارض الزيارة من منطلق معارضة بيع الأسلحة الإسرائيلية للفلبين، لأنها تستخدم في الحملة الدامية لتصفية تجار المخدرات.
وكانت شائعات قد سبقت زيارة الرئيس الفلبيني، قالت إنه ينوي الإعلان عن نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، بعد أن كان دوتيرتي قد بعث برسالة لإسرائيل، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مفادها أنه معني بنقل السفارة الفلبينية إلى القدس، وذلك في أعقاب الخطوة الأميركية المعروفة. لكن ناطقا بلسان السفارة نفى ذلك وقال، أمس، إن «موضوع نقل السفارة لن يكون مطروحاً على طاولة النقاش خلال زيارة دوتيرتي الحالية». وفي مانيلا، قال نائب وزير الخارجية الفلبيني، أرنستو أبيلا، في مؤتمر صحافي، عشية الزيارة، إن مسألة نقل السفارة ليست على جدول أعمال الرئيس خلال زيارته لإسرائيل، وذلك «لأن للفلبين شركاء آخرين في المنطقة وبالتالي هناك حساسية».
المعروف أن دوتيرتي كان قد تعرض لموجة انتقادات واسعة لدى اليهود في إسرائيل والعالم في سبتمبر (أيلول) 2016. بعد أن شبَّه حربه على المخدرات، بحملة أدولف هتلر للقضاء على اليهود في الحرب العالمية الثانية. فقد صرّح حينها بأن «هتلر قتل ثلاثة ملايين يهودي. هناك ثلاثة ملايين مدمن على المخدرات في الفلبين. يسرني أن أقتلهم». ولكن دوتيرتي اعتذر من اليهود في وقت لاحق، قائلا إن تصريحاته موجهة للمنتقدين الذين شبهوه بالزعيم النازي. ولفتت حكومته أيضاً إلى أن الفلبين استقبلت نحو 1300 يهودي كانوا قد فروا من المحرقة النازية إبان الحرب العالمية الثانية.
وسيتضمن برنامج دوتيرتي المعلن، زيارة متحف تخليد ذكرى المحرقة «ياد فاشيم» في القدس، والمشاركة في مراسم افتتاح نصب تذكاري لإنقاذ اليهود خلال أحداث المحرقة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.