ارتباك سياسي في بغداد قبل جلسة البرلمان الأولى اليوم

المالكي قال إنه لن يترشح لمنصب رئيس الحكومة

TT

ارتباك سياسي في بغداد قبل جلسة البرلمان الأولى اليوم

حسم زعيم ائتلاف دولة القانون ورئيس الوزراء السابق نوري المالكي الجدل بشأن إمكانية عودته لتسلم منصب رئيس الوزراء وذلك عشية انعقاد الجلسة الأولى للبرلمان العراقي اليوم. وقال المالكي في بيان أمس إنه «عندما أعلنت قبل سنوات أني لن أترشح لرئاسة الوزراء كنت جادا»، مضيفا: «الآن أكرر قراري... أنا لن أترشح لهذا المنصب ولنفس الأسباب والرؤية». وأوضح أنه سيكون «سندا وعضدا مع أي أخ يستلم هذا المنصب لأساهم في تصحيح الأوضاع وتحقيق المهام الوطنية وخدمة شعبنا الذي أتعبته السنون ومن أي موقع أكلف به».
من ناحية ثانية، كان الارتباك سيد الموقف في بغداد أمس، عشية جلسة البرلمان الأولى. فلم تتمكن الكتل السنية بعد من الاتفاق على مرشح سني لمنصب رئاسة البرلمان. وبينما كان يتنافس على المنصب أسامة النجيفي رئيس تحالف القرار ومحمد الحلبوسي القيادي في تحالف القوى العراقية وكلاهما ينتمي إلى «المحور الوطني»، فقد أضيف إلى قائمة المرشحين كل من محمد تميم، القيادي في ائتلاف «الوطنية» الذي يتزعمه إياد علاوي، وأحمد الجبوري، القيادي في تحالف «تمدن»، وطلال الزوبعي، عضو كتلة «القرار».
شيعيا، لم تتمكن الكتل الخمس «سائرون والحكمة والنصر ودولة القانون والفتح» من حسم الكتلة الأكبر التي يفترض أن تسجل لدى رئيس السن للبرلمان. لف الغموض أمس المشهد السياسي العراقي الذي بدأ يواجه مجهولا يصعب التكهن في نتائجه ما لم تتم تسوية الأمور في اللحظات الأخيرة قبل الجلسة الافتتاحية للبرلمان الجديد. وفي هذا السياق يقول الدكتور مصدق عادل، أستاذ القانون الدستوري، في جامعة بغداد لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة التي نواجهها الآن أن الكتل السياسية لم تحترم التوقيتات الدستورية التي هي حاكمة على الجميع بل إنها تريد أن تكون لتوافقاتها العلوية على الدستور وهو أمر يمثل في الواقع انتهاكا خطيرا للدستور لم يحصل من قبل». وأضاف عادل: «الدستور حدد المدد الخاصة بعقد الجلسة ومثلها باقي التوقيتات بما لا يقبل الجدل والتأويل بمن في ذلك الحديث عن إمكانية تأجيل الجلسة البرلمانية أو جعلها مفتوحة»، مبينا أن «المحكمة الاتحادية حسمت الأمر وأقرت بعدم دستورية الجلسة المفتوحة». وأوضح أنه «في حال لم تتمكن القوى السياسية من إعلان الكتلة الأكبر عددا حتى عقد الجلسة بحيث تتحول إلى وثيقة ترسل إلى رئيس الجمهورية ورئيس السن للبرلمان فإنه يتم اللجوء إلى القائمة الفائزة طبقا لتفسير المحكمة الاتحادية وهو ما يعني أن (سائرون) التي يدعمها زعيم التيار الصدري هي التي يفترض أن تكلف بتشكيل الحكومة غير أن المشكلة أنه لا يوجد حتى الآن ما يؤكد إمكانية انتخاب رئيس للبرلمان بسبب خلافات المكون السني مثلما أنه لم يتفق لا الشيعة ولا الكرد على مرشحيهما لمنصب النائب الأول والثاني لرئاسة البرلمان». وبينما أقر عادل بأن «ما يجري الآن هو اتفاقات غير دستورية لكن أحد السيناريوهات المطروحة هو أن يتم الاقتصار على تأدية اليمين الدستورية فقط وترك الجلسة للمجهول وهو ما يعني انتهاكا صارخا للدستور أو الوصول في اللحظات الأخيرة إلى توافق نهائي بين الكتل وذلك بالعودة إلى ما يسمى السلة الواحدة».
من جهته، أكد القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي أن حوارات الوفد الكردي في بغداد ستكون مكثفة وستستمر حتى صباح اليوم، في إشارة إلى إمكانية حسم الخلافات في الساعات الأخيرة. وقال شنكالي إن «وفد الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي شرعا منذ وصولهما إلى بغداد (أول من أمس) في حوارات مكثفة مع مختلف الكتل السياسية لتحديد موقفه بشأن الانضمام للكتلة الأكبر». وأوضح أن «الوفد الكردي يتمتع بصلاحيات واسعة، فضلا عن اتصالاته المباشرة مع قيادة الحزبين لبيان المواقف»، مبينا أنه «إذا لم تتحقق رغباتنا فإننا لن نشارك بالحكومة وطبعا هذا القرار يعود لقيادة الحزبين الرئيسيين».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.