قضية التونسي العامري قد تطيح رئيس الأمن الألماني

ضمن تداعيات عملية الدهس الإرهابية في برلين

صورة مركبة للعامري أمام الشاحنة التي استخدمها في عملية الدهس («الشرق الأوسط»)
صورة مركبة للعامري أمام الشاحنة التي استخدمها في عملية الدهس («الشرق الأوسط»)
TT

قضية التونسي العامري قد تطيح رئيس الأمن الألماني

صورة مركبة للعامري أمام الشاحنة التي استخدمها في عملية الدهس («الشرق الأوسط»)
صورة مركبة للعامري أمام الشاحنة التي استخدمها في عملية الدهس («الشرق الأوسط»)

تتزايد الضغوط على رئيس دائرة حماية الدستور الاتحادية (مديرية الأمن العامة) بعد تقارير صحافية أكَّدَت تستُّر الدائرة على رجل أمن متخفٍ كان على صلة بالتونسي أنيس العامري منفِّذ عملية الدهس الإرهابية ببرلين سنة 2016.
وكان هانز جورج - ماسن نفى في تصريحات سابقة وجود عميل أمن متخفٍّ تسلل إلى صفوف الإسلاميين المتشددين في العاصمة الألمانية. كما نفى أن يكون هذا العميل قد حذر من خطورة العامري قبل تنفيذ العملية بأشهر.
وبعد تقرير صحيفة «دي فيلت»، استناداً إلى مصادر أمنية، ليوم الثلاثاء الماضي، الذي أكد وجود عميل الأمن المذكور، كشف برنامج «كونتراست» التلفزيوني، أن دائرة الأمن الاتحادية ورئيسها ماسن تستروا على وجود هذا العميل خشيةَ تأكيد الشبهات على إخفاق الدائرة في مراقبة الإرهابي التونسي.
وسبق للجنة التحقيقية البرلمانية في الموضوع أن أكدت إخفاق شرطة وأمن ولايتي برلين والراين الشمالي فيستفاليا في اعتقال العامري، وبالتالي منع حصول العملية التي أودت بحياة 12 شخصاً.
وشارك برنامج «كونتراست»، الذي تبثه القناة الأولى في التلفزيون الألماني (ارد)، وراديو برلين وصحيفة «برلينر مورغن بوست» في تأكيد محاولة الدائرة التستر على خبر رجل الأمن المتخفي بين جماعة مسجد «فصلت 33» الذي كان يرتاده العامري.
وجاء في التقرير أن رئيس الأمن ماسن التقى يوم 24 مارس 2017 بوزير داخلية برلين أندرياس غايزل، ووزير الدولة في وزارة داخلية العاصمة تورستن أكمان، لحثهما على عدم تسريب الخبر عن رجل الأمن المتسلل بين صفوف المتشددين في مسجد «فصلت 33» المحظور. واستمد برنامج «كونتراست» هذه الحقيقة من قصاصة كتبتها دائرة الأمن باسم ماسن سبقت التحضيرات للقاء المذكور.
وذكر برنامج «كونتراست»، الذي تم بثه، مساء الأربعاء الماضي، أنه اطلع على القصاصة المذكورة. وجاء في هذه الرسالة القصيرة عن رجل الأمن السري أن «الكشف عن مصدر المعلومات ينبغي تجنبه لأسباب تتعلق بحماية مصادر هذه المعلومات». كما جاء في الرسالة المعنونة «مقترح إدارة الحوار»: «ينبغي عدم التصديق على وجود خطأ في موقف دائرة حماية الدستور أو المصدر، تقديركم يكون أن الموضوع ليس بذي أهمية».
ويبدو أن شرطة برلين اتخذت موقفاً آخر من قضية رجل الأمن المتخفي، بحسب تقدير «كونتراست»، لأن القصاصة تشير إلى أن شرطة برلين ترى في الموضوع «خطورة سياسية جسيمة بشكل خاص».
ورفض المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية ببرلين الحديث عن محتوى اللقاء بين ماسن ووزير داخلية العاصمة. لكنه ذكر لبرنامج «كونتراست» أنه من الغريب ألا يتناول اللقاء موضوع عملية الدهس ببرلين عندما يجري بعد فترة قصيرة من العملية الإرهابية. كما اعتذرت دائرة حماية الدستور رسمياً عن كشف المعلومات حول بعض اللقاءات التي تجريها.
جدير بالذكر أن الحكومة الألمانية ردَّت على استفسار حول الموضوع في البرلمان في يناير (كانون الثاني) 2017، أي بعد بضعة أسابيع من عملية الدهس التي جرت في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2016، بالقول: «ليس هناك عميل مندسٍّ لدائرة حماية الدستور في محيط أنيس العامري».
وتكشف القصاصة أيضاً أن رجل الأمن السري المندسّ في صفوف الإسلاميين المتشددين بلغ موقع أمام المسجد، وأنه كان يلقي الخطب في المسجد أحياناً. ولما كان أنيس العامري من مرتادي مسجد «فصلت 33»، فهذا يكشف أن العميل السري كان على معرفة أيضاً بالعامري، بحسب برنامج «كونتراست».
ووضعت «قصاصة حماية الدستور» رئيسها ماسن تحت ضغوط سياسية كبيرة، لا سيما بعد الشكوك حول لقاءات لماسن مع حزب «البديل لألمانيا» الشعبوي، تكشف قربه السياسي من هذا الحزب.
تعليقاً على هذا التقرير، قال بنيامين شتراسر، النائب عن الحزب الليبرالي، إن ادعاء السلطات الأمنية بأن العامري كان «حالة بوليسية» ولا علاقة لها بالإرهاب «انهارت مثل بيت من ورق».
وإذ عبَّر شتراسر عن الحاجة لمثول القانون أمام المحاكم، قالت مارتينا رينر، النائبة عن حزب اليسار، إن الشكوك حول تستر دائرة حماية الدستور الاتحادية ورئيسها على رجل الأمن المتخفي قد تأكدت.
جدير بالذكر أن صحيفة «كولنر شتادت انتزاغر»، ذكرت في مطلع سنة2017 أن العامري «تبجَّح» أكثر من مرة علناً عن استعداده لتنفيذ عمليات إرهابية في ألمانيا.
وجاء في التقرير أن شرطة ولاية الراين الشمالي فيستفاليا تلقت تقريراً من رجل أمن متخف في مطلع سنة 2016 يقول إن العامري دعا آخرين في محيطه إلى التعاون معه لتنفيذ عمليات إرهابية في ألمانيا. وكان التونسي يبحث بشكل محموم في الإنترنت عن طرق تركيب القنابل والمتفجرات. كما تلقت الشرطة تقريراً آخر في يوليو (تموز)2016 من رجل الأمن المتخفي يقول فيه إن العامري يستعد لارتكاب «حمام دم» في ألمانيا.
وتسرَّبت المعلومات عن عميل متخف للأمن الألماني بين أوساط المتشددين، كان على صلة بالعامري، بعد أيام من تنفيذ العملية. إذ تناولت كثير من الصحف الكبرى أخباراً عن كشف العامري للعميل المذكور نياته تنفيذ عملية إرهابية في ألمانيا، وعن محاولة العامري لدى العميل المذكور الحصول على قطعة سلاح. وتوجت صحيفة «زود دويتشة» الواسعة الانتشار هذه الكشوفات بطرح اسم العميل السري لدى أجهزة الأمن. وكتبت الصحيفة أن عميل الأمن المذكور يحمل الرقم السري «VP – 01»، كما أوردت مقاطع من بعض تقاريره الأمنية.



«الجنائية الدولية» ترفض طعن منغوليا في قرار يدين عدم توقيفها بوتين

لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)
لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)
TT

«الجنائية الدولية» ترفض طعن منغوليا في قرار يدين عدم توقيفها بوتين

لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)
لحظة وصول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى منغوليا (رويترز)

رفضت المحكمة الجنائية الدولية، الجمعة، طلب استئناف تقدمت به منغوليا ضد قرار أكد انتهاكها التزاماتها بعدم توقيفها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أثناء زيارة أجراها للبلاد.

وزار الرئيس الروسي منغوليا في أوائل سبتمبر (أيلول) رغم صدور مذكرة توقيف بحقّه من المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقرّاً، بشبهة الترحيل غير القانوني لأطفال أوكرانيين بعد غزو أوكرانيا عام 2022.

وقالت المحكمة في قرارها: «إنها رفضت طلب منغوليا بالحصول على إذن بالاستئناف»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وفي أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، اتهمت المحكمة الجنائية الدولية منغوليا، وهي دولة عضو، بالفشل في اعتقال بوتين، وأحالت المسألة على جمعية الدول الأطراف لاتخاذ مزيد من الإجراءات.

وينص نظام روما، وهو المعاهدة التأسيسية للمحكمة التي وقّعتها جميع الدول الأعضاء، على التزام الدول بتوقيف المطلوبين.

مسؤول عن «جريمة حرب»

وبعد أيام من صدور القرار، تقدّمت منغوليا بطلب للحصول على إذن باستئنافه، فضلاً عن استبعاد اثنين من القضاة، لكن المحكمة رفضت، الجمعة، طلبي منغوليا.

وقال القضاة إن قرار المحكمة، وإحالة المسألة على جمعية الدول الأطراف، لا يمكن استئنافهما، لأنهما «لا يُشكلان حكماً رسمياً للمحكمة بشأن جوهر القضية أو بشأن مسألة إجرائية».

وأضاف القضاة أن القرار كان «تقييماً للامتثال في ما يتعلق بواجب التعاون مع المحكمة».

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق بوتين في مارس (آذار) 2023. وقالت حينها إن هناك «أسباباً معقولة» للاعتقاد بأن بوتين «يتحمل المسؤولية عن جريمة الحرب المتمثلة في الترحيل غير القانوني» لأطفال أوكرانيين إلى روسيا.

ورفضت موسكو مذكرة التوقيف وعَدّتها باطلة، لكن زيارة بوتين إلى منغوليا كانت الأولى لدولة عضو في المحكمة الجنائية الدولية خلال 18 شهراً منذ صدور المذكرة.

وألغى الرئيس الروسي العام الماضي زيارة إلى قمة مجموعة «بريكس» في جنوب أفريقيا، العضو في المحكمة الجنائية الدولية، بعد ضغوط داخلية وخارجية على بريتوريا لتوقيفه.