القضاء الجزائري يستأنف التحقيقات في «قناطير الكوكايين»

الجيش يرفض دعوات إقحامه في السياسة

TT

القضاء الجزائري يستأنف التحقيقات في «قناطير الكوكايين»

استأنف القضاء الجزائري التحقيق في ملف «قناطير الكوكايين»، التي تم حجزها في نهاية مايو (أيار) الماضي، وكانت سبباً في سجن وعزل مسؤولين، رفضت مؤسسة جيش من جديد، دعوات لأداء دور في «مرحلة انتقالية» تتم بـ«التوافق» بين السلطة والمعارضة.
وقال لـ«الشرق الأوسط» مسؤول في المحكمة العليا (أعلى هيئة في القضاء المدني الجزائري) طلب عدم نشر اسمه، إن قاضي التحقيق في محكمة سيدي محمد في العاصمة، وجَّه استدعاءات لعدد من المسؤولين في جهازَي الشرطة والدرك ومن المحافظات العقارية التابعين لوزارة السكن، بهدف استجوابهم بخصوص علاقتهم المفترضة مع كمال شيخي، الشهير بـ«البوشي»، المسجون حالياً بتهمة تهريب 701 قنطار من الكوكايين. ويوجد معه في السجن شقيقه، وشريكان له في مشروعات عقارية، تمثل الجزء الثاني من تهم الفساد التي تلاحقهم.
وأفاد المسؤول، وهو قاضٍ مطَّلع على قضية «البوشي» أن الاستجواب سينطلق الأسبوع المقبل، مشيراً إلى أن التحقيق توقف منتصف يوليو (تموز) الماضي، بسبب عطلة الصيف ووجود كثير من المعنيين بالقضية في إجازة خارج البلاد.
وأشار إلى أن قاضي التحقيق «يترقب حالياً إجابات عن أسئلة كثيرة، تضمنتها إنابات قضائية وُجِّهت إلى عدة دول معنية بالقضية»، في إشارة إلى السلطات القضائية في البرازيل حيث تم شحن أطنان اللحم المستورد، ومعه حاوية الكوكايين، على ظهر السفينة، وسلطات إسبانيا حيث رست سفينة كمال شيخي قبل أن تكمل طريقها إلى ميناء وهران غرب الجزائر، وسلطات ليبيريا حيث مقر المؤسسة مالكة الباخرة التي حملت اللحم والكوكايين. يشار إلى أن شيخي مستورد لحوم كبير، يتعامل بشكل حصري مع وزارة الدفاع، علماً بأن حرس الحدود التابع للجيش هو من حجز المخدرات.
وأضاف المصدر أن الأشخاص الذين وصلت إليهم استدعاءات، جاء ذكرهم على لسان شيخي أثناء التحقيق، «ولكن من دون أن يعني ذلك بأنهم متورطون معه، بدليل أن مئات تم استجوابهم ولكن لم تُوجَّه إليهم أية تهمة».
وقال سعيد يونسي محامي شيخي، لصحيفة محلية، إن موكِّله «لم يكن على علم بوجود مخدرات بالباخرة التي حملت اللحوم». وأكد أن شيخي (41 سنة) «لم تطأ قدماه البرازيل منذ 2009، فكيف يعقل أن يشتري 7 قناطير من الكوكايين من دون أن يعالج هذه الصفقة بنفسه وبعين المكان ولو مرة واحدة؟». وطالب المحامي القضاء بـ«الذهاب بعيداً في هذه القضية التي يلفها الغموض، لأن هناك جهة ما تريد أن يتحمَّلها موكلي بينما هو بريء».
واستبعد القاضي في المحكمة العليا، نزول قاضي التحقيق عند رغبة محامي شيخي، الذي طالب بالاستماع إلى مدير الشرطة اللواء عبد الغني هامل الذي عُزِل عن منصبه في 25 يونيو (حزيران) الماضي. وصرح هامل للصحافة بأن «تجاوزات خطيرة وقعت في التحقيق الأولي (في قضية الكوكايين). لذلك عندما تريد أن تحارب الفساد ينبغي أن تكون نظيفاً». ويريد المحامي أن يطلع القضاء على المعلومات التي بين يدي هامل.
وكان مدير الشرطة السابق، يقصد بكلامه أن التحقيق استهدفه عبر سائقه الشخصي الذي يشاع بأنه موضع شبهة في فضيحة المخدرات. وبعد 3 ساعات من تصريحات هامل، صدر خبر عزله من دون ذكر الأسباب رسمياً، لكنَّ كل المتتبعين فهموا بأنه كان يقصد رئيس أركان الدرك الوطني اللواء غالي بلقصير الذي أشرف على التحريات، قبل أن تبلغ مرحلتها الثانية وهي القضاء. ومعروف في الأوساط الأمنية، أن بين الرجلين خصومة شديدة، منذ أن كانا ضابطين زميلين في جهاز الدرك. واللافت أن رئاسة الجمهورية منحت بلقصير ترقية مهنية بعد 24 ساعة من تلميحات هامل، فقد أصبح قائداً لسلاح الدرك.
وأفضى التحقيق حتى الآن، إلى عزل قاضيين وإدخالهما السجن، وإنهاء مهام وسجن المئات من الموظفين بالبلديات والمحافظات العقارية، ثبت أنهم تسلّموا رشى مقابل إصدار رخص غير قانونية، لشيخي سمحت بإنجاز مشروعات عقارية ضخمة بالعاصمة فوق أراض تم السطو عليها. والعقار هو من الأنشطة الرئيسية في تعاملات شيخي التجارية.
إلى ذلك، قال رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، أمس في ورقلة (جنوب) حيث نصّب قائداً جديداً لـ«الناحية العسكرية الرابعة» (بوابة الصحراء) هو اللواء حسن علايمية، إن «الجيش يبقى يؤدي مهامه الدستورية بكل إخلاص واقتدار في جميع الظروف والأحوال، ولن تثنيه عن ذلك مختلف التحديات والرهانات».
ويعني صالح بـ«المهام الدستورية للجيش»، تأمين الحدود والدفاع عن سيادة البلاد، كما يعني ضمناً رفضاً لدعوة «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، أن «يؤدي الجيش دوراً سياسياً يتمثل في توفير ظروف نجاح مرحلة انتقالية تنتهي بتنظيم انتخابات حرة». وكانت الحركة تقصد بهذا الطرح، أن السلطة المدنية تعاني من أزمة شرعية وان الجيش هو المؤسسة الوحيدة التي تتمتع بمصداقية في أعين الجزائريين.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».