فادي حداد: أبوابي مفتوحة أمام المواهب الشابة لضخ دماً جديداً

يستعد لتصوير أول فيلم سينمائي له مع داليدا خليل وزياد برجي

يدعو المخرج فادي حداد المواهب الشابة في مجال التصوير إلى دق بابه
يدعو المخرج فادي حداد المواهب الشابة في مجال التصوير إلى دق بابه
TT

فادي حداد: أبوابي مفتوحة أمام المواهب الشابة لضخ دماً جديداً

يدعو المخرج فادي حداد المواهب الشابة في مجال التصوير إلى دق بابه
يدعو المخرج فادي حداد المواهب الشابة في مجال التصوير إلى دق بابه

قال المخرج فادي حداد، إن لبنان يأتي في مقدمة البلدان العربية في مجال صناعة الكليبات الغنائية المصورة. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «لطالما كنا السباقين في هذا الإطار، وقدمنا أفضل الأغاني المصورة لنجوم العالم العربي، ولذلك أقول: لا خوف على هذه الصناعة من التراجع».
ويتابع فادي حداد الذي انتهى مؤخرا من تصوير عمل مصور للفنانة ياسمين علي بعنوان «يا بتاع الورد»، فيقول: «ليس صحيحا أننا في لبنان نعاني من التخلف أو التدهور في مجال تصوير الفيديو الكليب. كل ما هناك هو أننا نعاني من شح في الميزانيات المرصودة لهذا النوع من الأعمال. لم أفقد الأمل يوما، وهناك مخرجون لبنانيون كثيرون، وينافسون بجدارتهم آخرين عالميين بأفكارهم وطريقة عملهم».
ويشير حداد إلى أن حصر الإنتاج الفني بشركتي إنتاج (روتانا، ولايف ستايلز) فقط، ضيّق آفاق هذه الصناعة التي شهدت عمرا ذهبيا في الماضي، في ظل وجود شركات إنتاج فنية كثيرة. كما أن الأوضاع غير المستقرة في المنطقة أثرت بشكل وبآخر على موضوع إحياء الحفلات من قبل الفنانين، فأصبح مدخولهم محدودا. «نحن من صنعنا العمر الذهبي هذا، وفي إمكاننا تقديم الأفضل. ورغم الميزانيات القليلة التي ترافقنا اليوم فإننا ما زلنا نقوم بمهمتنا على أكمل وجه».
ولكن يتردد بأنك تطلب أجرا مرتفعا؛ لا بل الأعلى لتصوير كليب أغنية؟ يرد: «إنها شائعات غير صحيحة، فأفكاري هي الغالية. وأعرف تماما لماذا أطالب أحيانا بميزانيات عالية ولماذا العكس، وهذا الأمر يرتبط بالفنان نفسه ومتطلباته. فالعرض والطلب يتحكم بهذا النوع من المشروعات الفنية».
وعن الأفكار السطحية التي يطالعنا بها بعض المخرجين يعلق: «لا توجد كليبات سطحية في لبنان، والموقعة من قبل مخرجين لديهم تاريخهم في هذا الإطار. توجد أفكار يتلقفها المشاهد بسرعة وأخرى تأخذ منحى أعمق. ففي أغنية بسكال مشعلاني الأخيرة (بخاف إني أخسرك) ربطت ما بين كوكب الأرض وإيذاء الطبيعة ومشاعر الحب. البعض فهم الرسالة وآخرون لم يستوعبوها. فأنا من المخرجين الذين يرفضون الوقوع في التكرار وأبحث عن التجديد، ولو جاء مبهما بالنسبة للبعض».
يتابع فادي حداد الأعمال الغنائية المصورة في العالم، وكذلك الأفلام السينمائية منها بنهم، ويقول: «أقرأ يوميا الكتب التي تحكي عن أفلام سينمائية أو تقنية جديدة في التصوير. فنحن في زمن وسائل التواصل الاجتماعي، والابتكار ضرورة لا يمكننا الابتعاد عنه وإلا فشلنا».
ويتابع متحدثا عن شركته الخاصة (ريتينا فيلمز) المتخصصة في تصوير الإعلانات والكليبات والأفلام: «لدي في هذه الشركة فريق خلوق لا أستطيع العمل من دونه. كما أنه لدي ماكينات وكاميرات تصوير تعتمد أحدث التقنيات المستخدمة في هذا المجال، استقدمتها معي من ألمانيا وغيرها من البلدان الغربية المتطورة في التصوير. فمسؤوليتي الأكبر في عملي ترتكز ليس فقط على إظهار الفنان والكليب على أفضل وجه؛ بل أيضا على رفع اسم لبنان، فأقدمه بأبهى حلة».
يستعد فادي حداد اليوم لدخول صناعة السينما، بعد أن سرقه عمل تصوير مئات الكليبات على مدى السنين الماضية. لماذا هذا التأخير؟ يقول: «لا أعتبره تأخيرا على قدر ما هو الوقت المناسب. فأنا اليوم أستطيع التفرغ لهذه الصناعة التي عشقتها منذ صغري. كما أنني صرت أملك الخبرة والتجربة المطلوبتين للقيام بهذه المهمة. فصناعة فيلم سينمائي يلزمها تركيز كبير ورؤية واضحة، وهو أمر سأحققه مع فيلم من إنتاج شركة (فالكون فيلمز) اللبنانية. ويلعب بطولة الفيلم الثنائي داليدا خليل والفنان زياد برجي. وتربطني علاقة صداقة مع هذا الأخير، وأنا متحمس جدا لهذا الفيلم، لا سيما أنني قررت إنجازه بفترة لا تتجاوز 25 يوما».
ويلفت فادي حداد إلى أهمية دور مدير التصوير في السينما، وحتى في الكليبات المصورة، ويقول: «بدأت مشواري في عمل الإخراج كمدير تصوير، فتعاونت مع عدد من رواد الإخراج السينمائي في لبنان، واكتسبت منهم الكثير. فلا أحد يستسهل هذه المهمة؛ لأن نقاطا عدة تقع على عاتقه لا يمكن للمخرج الإحاطة بها. ولذلك نرى اليوم مخرجين عالميين ينتظرون مدير تصوير معينا حتى ينهي عمله في فيلم ما ليستعينوا به بدورهم. وفي الفيلم الذي أستعد لتصويره مع بداية سبتمبر (أيلول) المقبل، سأقوم بنفسي بهذه المهمة؛ لأنني أملك حيثياتها وأعرف أصولها».
وبحسب حداد، فإن مهمة حركة الممثل أمام الكاميرا، ومشهدية الحزن أو الفرح، إضافة إلى عملية الإضاءة في التقاط الزوايا الضرورية لإبراز حالة نفسية ما أو موضوع معين يتناوله الفيلم، هي من مسؤولية مدير التصوير، وهي معلومة قلما يعرفها الناس. «يمكن لمدير التصوير أن يسيء إلى لقطة مصورة أو العكس، فمهمته دقيقة لا يمكن الاستخفاف بها، وهو يعد المساعد الأول للمخرج ويده اليمنى».
من فترة قصيرة وقع فادي حداد الإعلان الترويجي المصور لبرنامج «صار الوقت» للإعلامي مارسيل غانم، الذي يعتزم الانطلاق به قريبا من على شاشة «إم تي في». فقدمه بأسلوب سينمائي يجذب المشاهد منذ اللحظة الأولى لعرضه، «هو عمل استغرق مني عملا دؤوبا، وأشكر بالمناسبة رئيس مجلس إدارة تلفزيون (إم تي في) ميشال المر لثقته الكبيرة بي. فقد عملت على هذا الإعلان لأربعة أيام متتالية برفقة أوركسترا موسيقية ضخمة وإضاءة حديثة، جمعتهما في مشهدية ضخمة، فعكست أهمية البرنامج الحواري الذي يبدأ معه غانم مرحلة جديدة من عمره المهني».
لا يؤمن فادي حداد بالعمل الفردي، ويوضح: «الـ(أنا) لا أحبذها بتاتا، وهي غير موجودة في قاموسي المهني. فهي تتسبب في الفشل على المدى الطويل لصاحبها. ولذلك أستعين بفريق كامل خبير بالصورة والإضاءة والصوت، وما إلى هناك من مستلزمات عمل مصور ناجح. وفي عصرنا الحالي نحن بأمسّ الحاجة إلى الثقافة بكل ملامحها، وأي خطأ نقترفه يصبح بعد لحظات قليلة حديث وسائل التواصل الاجتماعي. وعندما نكمل عملنا ضمن حلقة تعاون، فلا بد لنا من أن ننجح. وقد حصنت نفسي جيدا في هذا الإطار مع أشخاص موهوبين وأذكياء، فأتبادل معهم الخبرات والأفكار الجديدة وآخذ بآرائهم. وأدعو من خلالكم جميع المواهب الشابة التي تملك رؤية مستقبلية خارجة عن المألوف في مجال التصوير، إلى عدم التأخير عن الاتصال بي. فأبوابي مفتوحة أمامهم وأسعى دائما للتعرف على أمثالهم، كي أطور عملي فتكون الاستمرارية ملاذي. فأهلا وسهلا بهم في عالمي».
ويصف حداد علاقته مع الفنانين بشكل عام بالممتازة، ويقول: «ممنوع منعا باتا أن يخرج الفنان من عندي غير راض عن العمل، فنجاحه من نجاحي، وأحرص على أن يحكم هذه العلاقة احترام متبادل وتأن، بحيث لا أفرط في مكانتهم من ناحية، ولا في اسمي من ناحية ثانية، وأتحدى بينهم من يستطيع القول بأن لديه مشكلة معي».



سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
TT

سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)

بعد نحو 30 عاماً من مسيرة غنائية رصّعتها الفنانة سمية بعلبكي بالطرب الأصيل، جرى تكريمها أخيراً، في حفل جائزة الـ«موركس دور»، ولكنها تلقّتها بغصّة في القلب. فهي جاءت مباشرة بعد حرب دامية شهدها لبنان، وإثر تفجير منزل بعلبكي العائلي في قريتها العديسة الجنوبية. اختلط طعم فرح النجاح بمرارة خسارة ذكريات الطفولة، فتمنت لو أن هذه المناسبة جاءت في وقت ثانٍ كي تشعر بسعادة التقدير الحقيقية. وتقول بعلبكي لـ«الشرق الأوسط»: «أنبذ الحروب بكل أوجهها حتى المقدّسة منها. فهي مبنية على صراعات تبحث عنها البشرية عبر التاريخ، ولكنها لم تحمل يوماً إلا النتائج السلبية في طيّاتها».

تصف سمية بعلبكي خسارة منزل العائلة كمن فقد قطعة من وجدانه. «إنه يمثّل الذكريات والهوية ومسافة أمان في الوطن. عندما تلقيت الخبر أحسست بالفراغ وكأن سقفاً اقتلع من فوق رأسي، صارت السماء مكشوفة. داهمني الشعور بالغربة، لأن لكل منّا بيتين، أحدهما منزل نقيم فيه، والثاني هو الوطن. وعندما نفقد بيتنا الصغير يتزعزع شعور الأمان بمنزلك الكبير».

أثناء تسلّمها جائزة {موركس دور} (سمية بعلبكي)

في تكريمها بجائزة «موركس دور» تقديراً لمسيرتها وعطاءاتها الفنية، خلعت بعلبكي لبس الحداد على بيتها للحظات. وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كنت بحاجة إلى الأمل وإلى غد أفضل. رحلتي هي كناية عن جهد وتعب وتحديات جمّة. فرحت بالجائزة لأنها تكرّم مسيرة صعبة. فالموسيقى بالفعل تشفي من الجراح، لا سيما أن قلبي كان مكسوراً على وطني وأرضي. يا ليت هذا التكريم جاء في توقيت مغاير لكان وقعه أفضل عليّ».

تألقت سمية بعلبكي وهي تتسلّم جائزتها وفرحة ملامح وجهها كانت بادية على وجهها. وتوضح: «لقد سألت نفسي عند مصابي كيف أستطيع تجاوزه ولو للحظات. كانت الموسيقى هي الجواب الشافي. خرجت بعبارة (سنغني قريباً) لعلّ الجرح يطيب. تأثري بفقدان منزلنا العائلي ترك بصماته عليّ. ولا أعتقد أنني أستطيع تجاوز هذا الحزن ولو بعد حين. فإثر إعلامنا بخبر تفجير البيت بقيت لأسابيع طويلة فاقدة القدرة على الغناء. صمت صوتي وما عدت أستطيع ممارسة أي تمارين غنائية لصقله. الألم كان كبيراً، لا سيما أننا لم نتمكن بعد من لمس المصاب عن قرب. لم نر ما حصل إلا بالصور. أرضنا لا تزال محتلة ولا نستطيع الوصول إليها كي نلملم ما تبقى من ذكرياتنا، فنبحث عنها بين الردم علّها تبلسم جراحنا».

الانسلاخ عن الفن طيلة هذه الفترة، لم تستطع سمية بعلبكي تحمّل وزره. «إننا شعب يحب الحياة ويكره الحروب. وأنا بطبعي لا أنكسر أو أستسلم للكآبة والإحباط. نفضت غبار الحرب عني، وقررت إكمال الطريق رغم كل شيء».

تقول بعلبكي إن أحلاماً كثيرة تراودها ولم تستطع تحقيقها بعد. «أحياناً يقف الزمن حاجزاً بيني وبينها. مرات أخرى لا تأتي الفرصة المناسبة لاقتناصها. هناك العديد من أبناء جيلي أقفلوا باب الغناء وراءهم وغادروا الساحة بسبب مصاعب واجهوها. ولكن من ناحيتي، حبّ الناس كان عزائي الوحيد. لقد أحياني وأسهم في إكمالي المشوار».

تمسّكت سمية بعلبكي بالأغنية الأصيلة فاتخذتها هوية لا تتنازل عنها. جميع أعمالها الفنية تتسّم بالرقي والطرب الأصيل. يحلّق معها سامعها في سماء يكمن ازرقاقها بصوتها الشجي. هل شكّلت هويتها هذه عائقاً لانتشار أوسع؟ ترد: «لقد تربيت في منزل فني بامتياز يقوم على الأصالة. والدي ووالدتي الراحلان زرعا في داخلي حب الفن الحقيقي غير المستهلك، فكانا أول من شجعني على دخول الفن. تمحور حلم والدي على رؤيتي فنانة تعتلي المسرح وتغني الأصالة. وما أقوم به ينبع من داخلي ومن شغفي للفن، ولا أستطيع يوماً تغيير هويتي هذه».

تحضّر أغنية جديدة من ألحان الراحل إحسان المنذر (سمية بعلبكي)

وما تلاحظه اليوم على الساحة هو توارث هذا الفن عند مواهب الغد. «يلفتني غناء مواهب صغيرة في برامج الهواة للأغنية الطربية. هم يؤدونها بأسلوب رائع يستوقفني. فهو أمر يفرّحني بحد ذاته؛ كون الأغنية الطربية لها مكانتها في هذا النوع من البرامج، ويتربى الجيل الجديد عليها. أصوات رائعة سمعناها في السنوات الأخيرة. وأتمنى أن تلاقي الفرص المناسبة كي تبدع وتتألّق».

ولكن هل شعرت بالإحباط أو الخيبة في لحظات معينة؟ «لكل منا لحظات من هذا النوع. أصبت بخيبات كثيرة وواجهت معاكسات مختلفة وفقدان فرص مؤاتية، وأصعب هذه اللحظات هي تلك التي يغيب فيها التقدير. ولكنني أعود وأنتصب دائماً وأبذل الجهد من جديد. لم أعرف يوماً (البزنس) في الفن لأني مسكونة بالموسيقى الأصيلة. فهي جزء لا يتجزأ من كياني ووجودي».

سبق وتم تكريم سمية بعلبكي بجوائز عدة، ولكن لجائزة الـ«موركس دور» نكهتها الخاصة لا سيما أنها جاءت بعد حرب منهكة. في بداية مسارها حازت على جائزة «الميكروفون الذهبي» في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون. كان ذلك في عام 1994 في تونس. جرى تكريمها إلى جانب مجموعة من المغنين مثل أنغام وصابر الرباعي وأمل عرفة وغيرهم.

وتختم: «كانت روح المنافسة الحلوة تحضر في تلك الحقبة، وكانت الجوائز التكريمية قليلة وتحمل معاني كثيرة. ولكن اليوم مع جائزة (موركس دور) وفي حفل لبناني بامتياز النكهة تختلف. أهديتها لوالدي الراحلين تكريماً لعطائهما الفني، فانطبع الحدث بالأمل والشعور بغدٍ أفضل نترقبه رغم كل شيء».

تستعد سمية بعلبكي لإصدار مجموعة أغنيات جديدة. وتخبر «الشرق الأوسط» عنها: «قبل الحرب كنت أحضّر لأغنية بعنوان (يعني ارتحت)، من كلمات منير بو عساف وألحان بلال الزين. وعندما انتهينا من تصويرها اندلعت الحرب، فامتنعت عن إصدارها في ظروف مماثلة. وهي تتناول قصة المرأة المعنّفة. وأفكّر بإطلاقها قريباً في الأشهر القليلة المقبلة. كما أن هناك قصيدة للراحل نزار قباني أنوي غناءها. وهي من ألحان المبدع الراحل إحسان المنذر. كما ندرس وأخي المايسترو لبنان بعلبكي إمكانية إقامة حفل موسيقي في بيروت احتفالاً بلبنان الصلابة».