قمة مصرية ـ إثيوبية في بكين الشهر المقبل لبحث تطورات مفاوضات سد «النهضة»

آبي أحمد التقى وفداً وزارياً مصرياً وأكد الالتزام بتنفيذ اتفاق «إعلان المبادئ»

سد النهضة (رويترز)
سد النهضة (رويترز)
TT

قمة مصرية ـ إثيوبية في بكين الشهر المقبل لبحث تطورات مفاوضات سد «النهضة»

سد النهضة (رويترز)
سد النهضة (رويترز)

بحث رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أمس بأديس أبابا مع وزير الخارجية المصري سامح شكري ورئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل تطورات مسار مفاوضات سد «النهضة»، حيث تم الإعلان عن قمة مرتقبة بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإثيوبي على هامش منتدى الصين - أفريقيا ببكين في بداية شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.
ودخلت مصر وإثيوبيا، بمشاركة السودان، في سلسلة مفاوضات مكوكية، منذ أكثر من 3 سنوات، على أمل إيجاد حلول لأضرار منتظرة للسد الإثيوبي، على حصة مصر من مياه نهر النيل، المقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية إن شكري وكامل نقلا رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى رئيس الوزراء الإثيوبي تناولت سبل دعم وتعزيز العلاقات المصرية الإثيوبية، وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه على مستوى قيادتي البلدين، وتطورات مفاوضات سد النهضة، بالإضافة إلى عدد من القضايا الإقليمية محل الاهتمام المشترك.
وأوضح في بيان أن الوفد الوزاري نقل حرص الجانب المصري على متابعة مسار تعزيز العلاقات المصرية الإثيوبية في جميع المجالات بما يرقى لتطلعات شعبي البلدين، مشيدا بالخطوات والمبادرات البناءة التي ينتهجها رئيس الوزراء الإثيوبي لتعزيز الاستقرار والسلام في منطقة شرق أفريقيا.
وطبقا للبيان، جرى خلال اللقاء مناقشة تطورات مسار المفاوضات الثلاثية الخاصة بسد النهضة في إطار الحرص المتبادل على تنفيذ اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015، ومخرجات الاجتماع التساعي الأخير الذي عقد بأديس أبابا في مايو (أيار) الماضي، حيث تم التأكيد على أهمية الدفع قدما بمسارات التفاوض القائمة وتذليل أي عقبات لضمان التوصل إلى التفاهم المطلوب حول مشروع سد «النهضة» بشكل يضمن تحقيق المصالح التنموية لإثيوبيا والحفاظ على أمن مصر المائي. وأضاف أن الجانبين أكدا حرصهما على تفعيل الصندوق الثلاثي لتمويل المشروعات التنموية والاستثمارية بين مصر والسودان وإثيوبيا، وزيادة التبادل التجاري والاستثمارات المصرية في إثيوبيا، كما تم بحث التطورات الإقليمية في منطقة القرن الأفريقي، والجهود الجارية لتعزيز الأمن والاستقرار والسلام في تلك المنطقة، لا سيما مع قرب تولي مصر رئاسة الاتحاد الأفريقي مطلع العام المقبل، وما توليه مصر من أهمية لتعزيز الأمن والاستقرار بدول القارة.
وأشار البيان إلى أن اللقاء تناول الإعداد للقاء قمة مرتقب بين الرئيس المصري ورئيس الوزراء الإثيوبي على هامش منتدى الصين - أفريقيا ببكين في بداية شهر سبتمبر المقبل. وتأتي تلك التطورات في أعقاب تصريحات أطلقها رئيس الوزراء الإثيوبي يوم السبت الماضي، تحدث فيها عن عثرات فنية تواجه عملية بناء سد «النهضة». وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن «تصريحات أحمد تنبئ عن مساعيه لتخفيض حالة التعبئة العامة لدى الإثيوبيين، التي صاحبت عملية بناء السد، وكانت تقف حائلاً أمام أي مرونة قد تضطر الحكومة الإثيوبية إلى إبدائها في مفاوضاتها مع مصر». وتوقع المصدر، الذي رفض الإفصاح عن هويته، أن تشهد المفاوضات خلال الأيام المقبلة «انفتاحا أكبر من جانب إثيوبيا على المقترح المصري الخاص بمد فترة ملء السد، مما يقلل الأضرار المصرية على حصتها من نهر النيل، خاصة في ظل سياسة رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد، التي تبدو مرنة إلى حد كبير».
وكان آبي أحمد قد أكد أن «بناء سد النهضة تم تخطيطه للانتهاء في خمس سنوات (انطلق عام 2011) لكن لم نتمكن من ذلك بسبب إدارة فاشلة للمشروع، خاصة بسبب تدخل شركة ميتيك (شركة تابعة لقوة الدفاع الإثيوبية)». ورفضت الخارجية المصرية، التعليق على تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي، وقال المتحدث الرسمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مصر ملتزمة بمسار المفاوضات وآلياتها في إطار الاتفاقيات الموقعة، دون التدخل في الشأن الإثيوبي الداخلي». وبدأت أديس أبابا إنشاء السد في أبريل (نيسان) 2011، وتشيده شركة ساليني الإيطالية. وفي مايو الماضي، أعلنت حكومة إثيوبيا إنجاز 66 في المائة حتى الآن من مراحل البناء. وقال الدكتور هاني رسلان، رئيس وحدة السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مشكلات كبيرة في عملية بناء السد، منها عجز مالي يقدر بمليار دولار، وهو مبلغ ضخم بالنسبة لإثيوبيا، التي تمر بصعوبات اقتصادية».
وأوضح أنه منذ انتخاب آبي أحمد قبل عدة أشهر «شهدت السياسية الإثيوبية تغيرا في ترتيب الأوليات، فآبي أحمد لديه مشروع إصلاحي واسع النطاق ويواجه بمعارضة داخلية كبيرة... وأعتقد أن مشروع السد تراجع قليلا الآن، وهو أمر جيد بالنسبة إلى مصر، لكن هذا لا يعني تخليه عنه الحلم الإثيوبي».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.