قائد الجيش الجزائري يتوعد المتطرفين بحرب «تقتلع جذور آخر إرهابي»

TT

قائد الجيش الجزائري يتوعد المتطرفين بحرب «تقتلع جذور آخر إرهابي»

بينما أحصت وزارة الدفاع الجزائرية توقف أكثر من 80 متشدداً عن الإرهاب طوعاً منذ مطلع العام الحالي، أكّد رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح أن «الحرب على الإرهاب لن ينتهي مشوارها إلا باقتلاع جذور آخر إرهابي من بلادنا».
وتفقد صالح في الصحراء الكبرى، أمس، جاهزية الجيش واستعداده للتصدي لهجمات إرهابية محتملة، قد يكون مصدرها مالي الجار الجنوبي الذي يحتضن شماله الحدودي مع الجزائر عدداً كبيراً من المتطرفين يتحدرون من بلدان عدة بما في ذلك الجزائر. وقال الفريق صالح في خطاب نشرته وزارة الدفاع: «تقتضي مهمة حسن حماية الجزائر بكافة حدودها الوطنية، بصفة كاملة ودائمة، وتثبيت مرتكزات أمنها واستقرارها، المثابرة على بناء جيش قوي ومتطور يتمتع دوماً بجاهزية عملياتية رفيعة الدرجات، يعمل من خلال رؤية واعية المقاصد، وواضحة الأهداف، يضع في الحسبان كل التحديات التي يمكن مواجهتها ويعد لها عدتها، بفضل ما يلقاه جيشنا من رعاية متواصلة، ودعم مستمر» من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع.
وكان صالح، وهو نائب وزير الدفاع أيضاً، يتحدث بمناسبة تنصيب قائد جديد لـ«الناحية العسكرية السادسة» (تمنراست 1900 كلم جنوب العاصمة)، هو اللواء محمد عجرود خلفاً للواء مفتاح صواب الذي عيّن قائداً لـ«الناحية العسكرية الثانية» (غرب) خلفاً لقائدها المعزول سعيد باي. ويكثّف قايد صالح من خروجه الميداني إلى المناطق العسكرية منذ أسبوع، وفي كل يوم يضع مسؤولاً جديداً على رأس إحداها، ويوجه رسائل أمنية تهدف كلها، بحسب مراقبين، إلى رفع معنويات الجنود.
وأشاد صالح، أثناء خطابه الذي ألقاه أمام عدد كبير من العسكريين في تمنراست، بـ«النتائج المحققة في مجال مكافحة الإرهاب بإقليم الناحية العسكرية السادسة»، مشيراً إلى أن «العدد المعتبر من الإرهابيين الذين تم تحييدهم في وقت وجيز، لهو دليل قاطع على نجاعة الاستراتيجية التي نتبناها في مجال المعالجة الشاملة لهذه الآفة الخطيرة والمدمرة». ويقصد صالح بـ«تحييد الإرهابيين» أكثر من 80 متطرفاً سلّموا أنفسهم في الفترة ما بين أبريل (نيسان) وأغسطس (آب) من العام الحالي، بحسب إحصاء تضمنته بيانات لوزارة الدفاع، يخص «توبة الإرهابيين».
وأضاف صالح متوعداً ما يسمى في الخطاب الرسمي «بقايا الإرهابـ»: «ليعلم الجميع أن أبناء الجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني، هم بقدر ما يتشرفون بأداء المهام العظيمة المنوطة بهم، فهم يعاهدون الله والوطن على العمل ليل نهار، على أن يكونوا العين الراصدة لأي تهديد، مهما كان مصدره، والذراع القوية التي تبقي الجزائر، بإذن الله تعالى وقوته دائماً وأبدا، وأعيد ذلك مرة أخرى، دائماً وأبدا، سيدة قرارها وآمنة الحدود والربوع». وتابع صالح أن «وحدات الناحية العسكرية السادسة، المنتشرة على طول حدودنا الجنوبية، تبذل جهوداً مضنية في سبيل تأمين البلاد من مختلف التهديدات والآفات، وفي مقدمها الإرهاب الأعمى والجريمة المنظمة والتهريب بمختلف أشكاله».
وتم في المدة الأخيرة، إجراء تغييرات هامة في الجيش والمخابرات، نسبت للرئيس عبد العزيز بوتفليقة وبأن صالح هو من اقترحها عليه. وتمثلت التغييرات في إقالة قادة عسكريين بارزين تجاوز بعضهم الـ75 سنة أمثال اللواء حبيب شنتوف واللواء سعيد باي واللواء سعيد شنقريحة، وهم أصحاب تجربة كبيرة في مجال محاربة الإرهاب. وكان لهؤلاء نفوذ قوي في الحكم قبل وصول بوتفليقة إلى الرئاسة عام 1999. ويدور في أوساط الحكم حديث عن «ضخ دماء جديدة في المؤسسة العسكرية»، بترقية ضباط شباب إلى أعلى المراتب والمسؤوليات، وهم من خريجي مدارس حربية مرموقة في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.