صعدت حركتا فتح وحماس من الحرب الكلامية بينهما حول ملف التهدئة في قطاع غزة، مع دفع مصر ملف المصالحة إلى الأمام، وهو الملف الثاني الذي يواجه خلافات كبيرة كسابقه.
وفي الوقت الذي قدمت فيه حركة فتح ردا شاملا على الورقة المصرية للمصالحة، متجاهلة جهود التهدئة، حذرت أيضا، من أن إفشال المصالحة والذهاب إلى تهدئة، سيكون عليه منها رد فوري كبير، الأمر الذي رفضته «حماس» متهمة السلطة بمحاصرة غزة، ومطالبة إياها برفع العقوبات ووقف التنسيق الأمني فورا قبل اتهام الآخرين. وهاجم عضو اللجنة المركزية لحركة فتح حسين الشيخ، مساعي «حماس» لتوقيع اتفاق تهدئة مع إسرائيل، متهما إياها بالتورط في تنفيذ «صفقة القرن».
وقال الشيخ: «نقول لـ(حماس): إما المصالحة وإما سنبحث عن سبل أخرى». وحذر من أن القيادة الفلسطينية سترد بسرعة وبشكل كبير، إذا ذهبت «حماس» إلى تهدئة على المقاس الإسرائيلي.
ويلمح الشيخ إلى وقف تمويل قطاع غزة، كما أكدت «الشرق الأوسط» في تقرير سابق. والتحذير نقل إلى مصر أيضا.
ونشرت القناة الإسرائيلية العاشرة، نقلا عن مسؤول في حركة فتح وصفته برفيع المستوى، أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال في محادثة، خلف أبواب مغلقة مع قادة من حركة فتح، إن «اتفاق التهدئة بين إسرائيل و(حماس) سيمرّ على جثتي فقط». وأضاف المسؤول الفلسطيني الذي لم تذكر القناة اسمه، إنه «إذا تم التوقيع على اتفاق التهدئة دون موافقة السلطة الفلسطينية، فسيكون ذلك غير قانوني، وسيعتبر خيانة».
ووفقاً للمصدر الفلسطيني، فإن أبو مازن غاضب من مصر كذلك.
ولم يتطرق الشيخ للدور المصري في ملف التهدئة، لكنه قال إن «حماس» وآخرين يريدون إسقاط السلطة الوطنية الفلسطينية، من خلال التهدئة، لصالح مشروعات أميركا وإسرائيل، «ونقول لهم: لن نسمح بميناء تافه أو مطار أتفه على حساب ثوابت الشعب الفلسطيني».
وتابع: «لو قبل الرئيس عباس بالتهدئة على المقاس الإسرائيلي، فسيتسلم جائزة نوبل بعدها، وعلى الفور. أبو مازن على قطع رقبته لن يقبل بمشروع مطار في إيلات وميناء في قبرص».
واتهم الشيخ حركة حماس بالبحث عن تهدئة مريحة لها، من شأنها تكريس الانقسام الفلسطيني على حساب المصالحة. وأردف: «بالمعلومات نؤكد أن (حماس) قبلت بميناء في قبرص ومطار في إيلات. نحن نتحدث بوثائق ومعلومات مؤكدة». ومضى يقول: «نحن مع التهدئة الشاملة الكاملة، ويجب أن تشمل الضفة الغربية وليس فقط قطاع غزة، لكن الأهم الآن هي المصالحة، وهي التي ستدخلنا إلى التهدئة؛ لأن منظمة التحرير هي صاحبة القرار في هذا الملف، وهي من تمثل الفلسطينيين، وليس (فتح) أو (حماس)».
وردت «حماس» فورا على الشيخ، وقالت في بيان رسمي، إن خطواتها نحو تثبيت تهدئة 2014 ورفع الحصار عن قطاع غزة، محصنة بالإجماع الوطني والمقاومة الفلسطينية.
ودعا المتحدث باسم الحركة عبد اللطيف القانوع، حركة فتح لسحب الاعتراف بإسرائيل ووقف التنسيق الأمني معها، ورفع العقوبات عن غزة، وإنجاز المصالحة «إن كانت حريصة على المشروع الوطني». وأضاف: «تصريحات قيادات حركة فتح ومزاعمها بشأن ذلك باطلة ولا قيمة لها، ولا تنطلي على أحد».
وتابع: «نحن لسنا أمام صفقة سياسية ولا جزء من اتفاق دولي، يتنازل عن الأرض ويعترف بالمحتل، ويدمر المشروع الوطني كما فعلتم (حركة فتح)». وهاجم القانوع حركة فتح بقوله: «(حماس) لم تجنِ تضحيات الشعب الفلسطيني بمشروع سياسي قائم على سلطة تعترف بالاحتلال وتقدس التنسيق الأمني معه، كما تصنع حركة فتح». وهجوم القانوع تزامن مع هجوم آخر للقيادي في الحركة أسامة حمدان، الذي اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتعطيل إنجاز المصالحة الفلسطينية الداخلية.
وقال حمدان إن «عباس يريد تسليم السلاح وإنهاء المقاومة، كي يسير قدماً في المصالحة، وهذا لن يحدث». وأكد حمدان أن ملف الهدنة «لن يكون مرتبطاً بموقف (فتح) والسلطة، فهما شريكتان في حصار غزة من خلال العقوبات التي يفرضها رئيسهما». ونفى حمدان «ما تردده السلطة الفلسطينية عن وجود أطروحات ضمن اتفاق التهدئة، لبناء مطار أو ميناء خارج غزة»، قائلا إن ذلك «ليس صحيحاً، ونحن نريد تأهيل الميناء والمطار الموجودين في القطاع».
وعقب موسى أبو مرزوق، نائب رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، على قول عزام الأحمد: «من دون موافقتنا لن يكون هناك أي تخفيف أو رفع للحصار عن سكان قطاع غزة»، فقال في تغريدة له أمس: «هذا اعتراف صريح بأن الحصار المفروض على قطاع غزة، أداته الرئيسية هي السلطة الفلسطينية، فإذا أضفت إلى ذلك العقوبات المفروضة على سكان قطاع غزة، فأي مصالحة وتهدئة تريدون! وأي وحده تنشدون! وأي وطنية تدعون!».
وجاء التلاسن الكلامي بين الحركتين فيما قدم عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح، عزام الأحمد، الرد النهائي لحركة فتح على الورقة المصرية للمسؤولين في القاهرة.
وأكد الأحمد أن حركة فتح استندت في ردها على اتفاقي مايو (أيار) 2011 و12-10-2017، وأوضحت آليات التنفيذ، مؤكدة على ضرورة الاستمرار في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بندا بندا، من النقطة التي وصلنا إليها.
وقال الأحمد: «هذا الرد لا يطرح جديدا؛ بل يستند إلى ما تم التوقيع عليه سابقا، بحيث نصل بالتدريج والتوازي لتنفيذ كل الخطوات، بما يشمل عودة الوزراء لقطاع غزة، وقيامهم بعملهم بشكل قانوني ومائة في المائة دون تدخل أحد، وإنهاء عمل اللجنة التي تبحث وضع الموظفين الذين عينتهم (حماس) خلال فترة الانقسام، وإنهاء عمل اللجان الأخرى (المصالحة، والحريات العامة، والأمن)».
وشدد الأحمد على أن اتفاق التهدئة يجب أن يكون بعد اتفاق المصالحة، رافضا طرح «هدوء مقابل هدوء». وكان موقف «فتح» هذا بضرورة إتمام المصالحة قبل التهدئة، قد أثر بشكل مباشر على مباحثات التهدئة التي كان مقررا استئنافها في مصر قبل يومين.
وقد أبلغت مصر الفصائل الفلسطينية بإرجاء هذه المباحثات لوقت لاحق. وتنتظر «فتح» الآن أن ترد عليها القاهرة بعد الاجتماع مع مسؤولي «حماس».
وتريد «فتح» تمكينا شاملا، بما في ذلك أجهزة الأمن والقضاء وسلطة الأراضي والجباية المالية، وتريد «حماس» شراكة تضمن لها استيعاب موظفيها في السلطة، بمن فيهم العسكريون، ورفع العقوبات عن قطاع غزة. كما تريد الانتقال لملف المنظمة فورا، وترفض «فتح» ذلك. وجدد أمس رئيس الوزراء رامي الحمد الله، دعوته لحركة حماس للاستجابة لخطة الرئيس لاستعادة الوحدة الوطنية، دون شروط أو قيود، وتسليم حكومة الوفاق الوطني دون تجزئة لكافة المهمات والصلاحيات في قطاع غزة، والتوقف عن الممارسات الهادفة إلى تكريس مصالحها الحزبية الضيقة، على حساب المصلحة الوطنية العليا للشعب.
حرب كلامية حول ملف التهدئة تطغى على جهود المصالحة
«فتح» تسلم ردها المتمسك بتمكين متدرج قبل أي شيء وتنتظر موقف «حماس»
حرب كلامية حول ملف التهدئة تطغى على جهود المصالحة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة