السجن 10 أشهر لشيخ العراقيب لرفضه إخلاء بيته وبيوت عشيرته

TT

السجن 10 أشهر لشيخ العراقيب لرفضه إخلاء بيته وبيوت عشيرته

فرضت المحكمة الإسرائيلية المركزية في بئر السبع بالنقب، جنوب البلاد، السجن الفعلي 10 أشهر على الشيخ صيّاح الطوري، من قرية العراقيب مسلوبة الاعتراف، أمس الثلاثاء، وفرضت عليه غرامة مالية قدرها 10 آلاف دولار، مصاريف تدفع لقوات الشرطة والمقاولين الذين نفذوا الهدم، وكل ذلك بعد إدانته بتهمة «رفض هدم البيوت بيديه».
وردت المحكمة، الاستئناف الذي قدّمه المحامي شحدة بن بري، باسم شيخ وعشيرة قرية العراقيب التي هدمتها السلطات الإسرائيلية 132 مرة، على التوالي، حتى اليوم، وآخرها في السادس عشر من الشهر الحالي.
وكانت هيئة المحكمة التي ضمت ثلاثة قضاة، قد أصدرت قرارها والنطق بالحكم على شيخ قرية العراقيب المهددة بالإخلاء، وأعلنت أنها ستقرر إما الإخلاء الكامل والفوري لقرية العراقيب، أو قبول طلب النيابة العامة بسجن الشيخ الطوري لمدة 10 أشهر ودفع الغرامة الباهظة، ولم تمنح أي خيار آخر. وجاء الاستئناف على قرار محكمة الصلح في بئر السبع، الذي يقضي بإبعاد الشيخ الطوري عن العراقيب، بالإضافة إلى السجن الفعلي 10 أشهر ودفع غرامة مالية قدرها 36 ألف شيقل (ما يعادل 10 آلاف دولار أميركي).
وأصدرت المحكمة قرارها بعد أعوام عديدة من النضال الذي يخوضه أهالي العراقيب في المسار القضائي بالمحاكم الإسرائيلية، فيما يقارب 40 تهمة قضائية نسبت إلى الشيخ الطوري، 19 تهمة منها متعلقة بـ«الاعتداء على أراضي الدولة»، و19 تهمة متعلقة بـ«اقتحام أرض عامة خلافاً للقانون الإسرائيلي»، بالإضافة إلى تهمة واحدة متعلقة بـ«خرق الأمر القضائي» الذي ينص على أن من واجبه أن يهدم البيت الذي يسكنه وبيوت القرية التي تعيش فيها عشيرته منذ سنة 1954.
وقد رد الشيخ الطوري على القرار قائلاً إن السجن 10 أشهر لن يخيفه، وأنه «حتى لو حكموا عليَّ بالسجن 10 سنوات، لن أتخلى عن بيتي وأرضي وعشيرتي». فيما أعلن المحامي بن بري أنه سيستأنف على القرار إلى المحكمة العليا.
وقد صرح رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل، محمد بركة، بأن المؤسسة الحاكمة تسعى منذ سنين إلى كسر شوكة النضال في قرية العراقيب، المسلوبة من أهلها، والحكم الصادر ضد الشيخ صيّاح الطوري، أبو عزيز، بالسجن 10 أشهر، ودفع غرامة مالية باهظة، هو محاولة بائسة لن تقوى على العراقيب التي ستبقى قائمة لأهلها. وقال بركة، إن الشيخ صيّاح نجح بعناده الوطني، المتمسك بأرضه وقريته، أن يرفع اسم العراقيب عالياً، لتكون أحد الرموز الساطعة للنضال من أجل النقب، تصدياً لسياسة الاقتلاع وسلب الأراضي. وتابع بركة قائلاً إننا نقف إلى جانب الشيخ صيّاح، ونحن شركاء في المعركة على قرية العراقيب، فالمسار القضائي سيستمر، و«لكن المطلوب الآن، هو تصعيد النضال الشعبي لبث رسالة واضحة بأننا لن نسمح للسلطة الحاكمة، بالاستفراد بالعراقيب وأهلها، وبالشيخ صيّاح».
وأصدر منتدى «التعايش السلمي في النقب من أجل المساواة المدنية»، بياناً أعرب فيه عن الأسف لقرار المحكمة، وقال إن الشيخ صياح هو بطل يناضل منذ ما يزيد عن العقد من أجل حقوقه. وأشار البيان إلى أن نيابة الدولة الإسرائيلية اعترفت خلال المحاكمة، بأن التهمة ضده كانت بهدف إضعاف النضال في العراقيب، رغم أن المحاكمة بشأن ملكية الأرض ما زالت جارية.
تجدر الإشارة إلى أن قرية العراقيب هي واحدة من 45 قرية عربية في النقب ترفض السلطات الإسرائيلية الاعتراف بها، وترفض مد خط كهرباء إليها، أو إقامة مدارس فيها، أو مد شبكات صرف صحي فيها، وذلك في محاولة لتيئيس أهلها، وحملهم على الرحيل عنها والاستيلاء على أراضيهم. وهي واقعة ما بين مدينتي رهط وبئر السبع، وتخطط السلطات الإسرائيلية لتفريغها من أهلها وإقامة حديقة قومية فيها، لكي لا تتيح امتداداً سكانياً عربياً مع رهط. وقد تعرضت للهدم بشكل كامل من الجرافات الإسرائيلية، أول مرة، في 27 يوليو (تموز) سنة 2010، وكانت تضم يومها 40 منزلاً. فعاود سكان القرية بناءها من جديد مرات عدة، ليجري هدمها مرة بعد أخرى 132 مرة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.