حزب «الكتائب» يمدد «المهادنة السياسية» مع مختلف القوى

TT

حزب «الكتائب» يمدد «المهادنة السياسية» مع مختلف القوى

رغم أن البيان الأخير للمكتب السياسي لحزب «الكتائب اللبنانية» انتقد «تمادي» القوى السياسية في «تناتش» الحصص والمكاسب وتقاسم النفوذ، معتبراً أنها حوّلت مهمة تشكيل الحكومة «بازاراً»، إلا أن سقف الخطاب السياسي الذي يعتمده الحزب الذي خرج «خاسراً» من الانتخابات النيابية الأخيرة بعد تقلص كتلته النيابية من 5 إلى 3 نواب، يبقى منخفضاً كثيراً مقارنة بالسقف الذي كان قد حدده رئيس الحزب النائب سامي الجميل قبل الانتخابات، والذي لم يتوان عن التصويب على أداء القوى الحاكمة عند كل منعطف سياسي، بعدما كان يتمترس وحيداً في صفوف المعارضة.
ويعتمد «الكتائب» منذ شهر مايو (أيار) الماضي سياسة «مهادنة» بالتعاطي مع مختلف القوى والفرقاء، حتى أنه أعاد فتح خطوط تواصل مع أحزاب، اعتقد البعض أنه كسر الجرة معها، أبرزها «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، وإن كان عضو المكتب السياسي في الحزب سيرج داغر، يؤكد أن ذلك لا يعني التحالف معها، أو الوصول إلى تفاهمات متقدمة يُمكن البناء عليها. ويشير داغر، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن قيادة «الكتائب» ارتأت في الفترة الماضية «المهادنة وانتظار تغيير في الأداء السياسي، وهو ما وعدنا به رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف على حد سواء، ومن هنا كان قرارنا بعد الانتخابات بإعطاء فرصة بغض النظر إذا ارتأينا في نهاية المطاف الاستمرار في صفوف المعارضة أو الانضمام إلى صفوف السلطة»، مضيفاً: «قرارنا هذا اتخذناه لاقتناعنا بأن وضع البلد دقيق جداً وخطير، سواءً على الصعيد الاقتصادي أو الاجتماعي، أو من حيث تداعيات ملف النازحين، لكننا للأسف نلمس يوماً بعد يوم، عدم جدية في التعامل مع الملفات في ظل انصراف المسؤولين والقوى السياسية على تناتش الحصص بموضوع تشكيل الحكومة، وفي ظل الفوضى العارمة، سواء في ملف الكهرباء أو المطار أو أزمة الإسكان». ويعتبر داغر أن المؤشرات الحالية تجعل «الكتائب» أقرب إلى صفوف المعارضة منه إلى أي صفوف أخرى.
ويرفض المسؤولون «الكتائبيون» الحديث عن «نفضة» شهدها الحزب بعد الانتخابات النيابية، وإن كان تعيين أمين عام جديد في شهر يونيو (حزيران) الماضي، هو نزار نجاريان، بديلاً عن رفيق غانم الذي انتقل ليحل مكان الوزير السابق سجعان قزي في منصب النائب الثالث لرئيس الحزب، بدا وكأنه سيكون بوابة لتغييرات بالجملة. وفي هذا الإطار، ينفي مصدر «كتائبي» مسؤول أن يكون الحزب قد شهد «نفضة داخلية»، خصوصاً أن النتائج التي كنا نتوقعها من الانتخابات لم تكن بعيدة عن تلك التي حصدناها، لافتاً إلى أنه «في الأشهر الـ3 الماضية تمت إعادة تقييم النتائج وقراءتها بدقة لتحديد نقاط القوة والضعف، ووضع خطط للمرحلة الجديدة، كما أن ذلك ترافق مع ورش عمل للغاية نفسها».
وينكب «الكتائبيون» على الإعداد للمؤتمر الحزبي العام الذي يُعقد في شهر مايو (أيار) المقبل الذي سيتم خلاله القيام بتعديلات على مستوى المواقع والمناصب الحزبية، كما يؤكد المصدر، لافتاً إلى أنه من غير المستبعد أن تسبق المؤتمر تغييرات في إطار الاستعداد الصحيح له. وأضاف: «يُخطئ تماماً من يحمل مسؤولية نتائج الانتخابات لمسؤولين حزبيين معينين، باعتبار أن النتائج هي حصيلة مسار عام يسلكه البلد منذ سير معظم القوى السياسية بالتسوية الرئاسية التي أدت لوصول العماد ميشال عون إلى سدة رئاسة الجمهورية»، لافتاً إلى أنهم منذ حينها قسموا الحصص والمناصب على بعضهم البعض، ووضعوا قانون انتخاب على قياسهم، وهو ما تكشف بعد إسدال الستار عن مضمون (اتفاق معراب)».
ويشير المصدر إلى أن قيادة «الكتائب» لا تزال في المرحلة الراهنة «تنتظر على أي بر سترسو القوى الحاكمة، لتتخذ عندها قراراً نهائياً بخصوص موقع الحزب في الفترة المقبلة، علماً بأن المعطيات ترجح استمرارنا في موقعنا نتيجة مباشرة لاستمرارهم في موقعهم، متمسكين بأدائهم نفسه الذي تطبعه الصفقات التي تمس بعمقٍ روح الدستور ونظامنا الديمقراطي الذي تم استبداله باتفاقات يتم على إثرها توزيع الحصص والمناصب في إطار عملية إقصاء لكل القوى التي لا تشاركهم نظرتهم لكيفية إدارة البلد وشؤون المواطنين بعيداً عن المصالح الحزبية والفئوية».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.