أثينا تحاول جاهدة استعادة ثقة المستثمرين في ديونها

التصنيف الائتماني الضعيف يحول دون ذلك نسبياً

يستبعد خبراء أسواق المال خطر تعثر اليونان في السنوات الخمس المقبلة
يستبعد خبراء أسواق المال خطر تعثر اليونان في السنوات الخمس المقبلة
TT

أثينا تحاول جاهدة استعادة ثقة المستثمرين في ديونها

يستبعد خبراء أسواق المال خطر تعثر اليونان في السنوات الخمس المقبلة
يستبعد خبراء أسواق المال خطر تعثر اليونان في السنوات الخمس المقبلة

يعتقد خبراء أسواق المال أن خطر تعثر اليونان مجدداً بات مستبعداً على الأقل في السنوات الخمس المقبلة، لكن التصنيف الائتماني الضعيف يحول دون إقبال كبار المستثمرين الدوليين على شراء إصدارات الدين اليونانية.
وتقول مصادر أسواق المقرضين إنه بعد مضي 6 سنوات على التعثر الأكبر في التاريخ الأوروبي، على اليونان اليوم إقناع المستثمرين أنها مقترض عادي يشبه أي مقترض آخر يمكن أن يطرح إصدارات جاذبة للاستثمار، علماً بأن العوائد التي تدفعها اليونان للمقرضين حالياً تعد مغرية، ومع ذلك يتردد المستثمرون في الإقبال عليها.
وتضيف المصادر عينها: «بدأت نهاية برنامج الإنقاذ الرسمي، وعلى أثينا التعويل من الآن فصاعدا على الأسواق لتمويل نفسها. وعليها فتح صفحة ثقة جديدة مع المستثمرين مستفيدة من تراجع قياسي في الفوائد التي تدفعها عند 5 في المائة لسندات العشر سنوات الآن، مقابل 37 في المائة في 2012».
ويذكر أن بداية الغيث أطلقها بنك «جي بي مورغان» عندما أعلن الأسبوع الماضي أنه يدرس الاكتتاب بإصدارات الدين اليونانية، وكشف تقرير لبنك «سوسييتيه جنرال» أن الاستثمار في إصدارات أثينا يعتبر جيداً نسبياً الآن، بالنسبة للذين يرون أن المخاطر انخفضت على المستوى العالمي وأن مشكلة إيطاليا لا يترتب على تفاقمها أي عدوى، وأن السيولة المتاحة في الأسواق فيها من الفوائض ما يسمح بالتنويع الإضافي.
ويشير مصدر في «أوستروم» للاستثمار إلى بداية عودة السيولة منذ أشهر قليلة إلى سوق الدين اليوناني على الأخص من مستثمرين باحثين عن عوائد أعلى من تلك التي توفرها الأسواق في المتوسط العام، خصوصا أن عوائد السندات اليونانية تساوي 12 ضعف نظيرتها الألمانية.
ويضيف المصدر: «خطر التعثر في السنوات القليلة المقبلة مستبعد بفضل ضبط ميزانية اليونان وتمتعها ببعض السيولة».
بالنسبة لوكالة «ستاندرد آند بورز» باستطاعة اليونان الصمود نسبياً حتى العام 2022 من دون اقتراض كثيف، لا سيما أن الاتفاق الذي حصل بين أثينا والدائنين المؤسساتيين والدوليين مد آجال السداد ولا استحقاقات كبيرة قبل نحو 20 سنة. وهذا يحسن الرؤية ويطمئن المستثمرين بلا شك.
ولجأت الحكومة إلى عدد من العمليات التي خفضت شرائح الدين وأزالت بعض تعقيداتها، وشرعت في إطلاق إصدارات مرجعية باستحقاقات تناسب تقدم الإصلاحات والثمار المرجوة منها في أجندة السنوات المقبلة. فبعد إصدارات الخمس سنوات ثم السبع سنوات، تحضر الحكومة الآن لإصدارات العشر سنوات. وإذا نجحت في ذلك واستطاعت حصد اكتتابات تغطي المطروح، فإن الأسواق ستلتقط تلك الإشارة على أنها عودة إلى السياق الطبيعي - أو شبه الطبيعي - والذي معه تتجدد الثقة باليونان كمقترض حصيف قادر على الوفاء بالتزاماته. وكانت السلطات المعنية بدأت خلال هذا الصيف حملة ترويج لسندات العشر سنوات، لكنها لم تصدرها بسبب تقلب الأسواق وارتفاع الفوائد المطلوبة، لكنها ستعيد الكرة في الخريف علها تحصل على إقبال بعوائد مقبولة.
وتوضح مصادر أسواق المال بعض التحديات المتمثلة في قدرة اليونان على ربط كل المستثمرين في سياق تواصل واحد ليكون الإقناع دولياً وعلى كل المستويات. فالأصعب يكمن في جانب صناديق مضاربية تحمل جزءا من الدين وتراهن على ارتفاع العوائد لا انخفاضها، كما في جانب صناديق تحوط اكتتبت بشكل كثيف في إصدارات 2014 و2017. واليونان تراهن على مقرضين أكثر استقراراً من تلك الصناديق، أي على مستثمرين يكتتبون بالإصدارات ويحملونها حتى آجال استحقاقها، لأن صناديق المضاربة والتحوط لا يعول عليها في هذا الصدد، لا بل هي مصدر قلق للسلطات اليونانية.
ومن بين التحديات أيضاً التصنيف الائتماني الضعيف، والذي هو أدنى بـ3 إلى 6 درجات من المستوى المصنف بـ«الآمن استثمارياً». فتصنيف «استثماري» يعني أن باستطاعة الإصدارات أن تنضم إلى مؤشرات صناديق الاستثمار التي هي مبعث اطمئنان للمستثمرين الدوليين. وكان تصنيف اليونان بدأ يرتفع قليلاً، لكنه يحتاج إلى عدة سنوات إضافية حتى يعود إلى خانة التطمين شبه الكامل، بحسب وكالات التصنيف.
وتؤكد مصادر الأسواق أن ضم إصدارات اليونان إلى مؤشرات سندات الدول المتقدمة سيجلب للبلاد مكتتبين دوليين بإصداراتها، لا سيما أولئك الذين يتبعون صناديق المؤشرات. بيد أن ذلك مستبعد حتى الآن بدليل أن الصناديق السيادية وصناديق التقاعد والتأمينات لا تقبل على سندات أثينا، والتي تبقى في آخر قائمة التصنيفات الأوروبية.
على صعيد آخر، يذكر أن بورصة أثينا فقدت 70 في المائة من قيمتها السوقية منذ عام 2009. ولا يرى خبراء الأسواق تحسناً في المدى المنظور، وفقد المؤشر كل المكاسب التي كان حققها منذ عام 1990. وهذا الهبوط جاء مواكباً لتعثر البلاد في سداد ديونها وللأزمة المالية والاقتصادية التي غرقت فيها. وكدليل على عمق تلك الأزمة، أزيلت سوق أثينا من مؤشرات «إم إس سي آي» للأسواق المتقدمة في 2013 وضمت إلى الأسواق الناشئة. ويفسر هبوط السوق أيضاً بانهيار القطاع البنكي ووقوعه تحت أعباء الديون المعدومة. فعلى سبيل المثال هبطت القيمة السوقية للبنك الأكبر في البلاد وهو البنك الوطني (ناشيونال) من 15 مليار يورو إلى 2.15 مليار فقط. ويبقى خطر الديون المعدومة ماثلاً في القطاع المصرفي، وتبلغ نسبة تلك القروض الرديئة نحو 48 في المائة من إجمالي الائتمان وفقاً للبنك المركزي اليوناني. وهذا مبعث قلق إضافي يؤخر عودة الثقة بالبلاد وقطاعها المالي.



سندات لبنان الدولارية تعزز مكاسبها بعد انتخاب رئيس للجمهورية

نائب لبناني يدلي بصوته لانتخاب رئيس جديد للدولة في مبنى مجلس النواب وسط بيروت (أ.ب)
نائب لبناني يدلي بصوته لانتخاب رئيس جديد للدولة في مبنى مجلس النواب وسط بيروت (أ.ب)
TT

سندات لبنان الدولارية تعزز مكاسبها بعد انتخاب رئيس للجمهورية

نائب لبناني يدلي بصوته لانتخاب رئيس جديد للدولة في مبنى مجلس النواب وسط بيروت (أ.ب)
نائب لبناني يدلي بصوته لانتخاب رئيس جديد للدولة في مبنى مجلس النواب وسط بيروت (أ.ب)

واصلت سندات لبنان الدولارية مكاسبها بعد انتخاب قائد الجيش، العماد جوزيف عون، رئيساً للجمهورية بعد أكثر من عامين من الفراغ الرئاسي، في خطوة يعدّها كثيرون بداية للانفراج السياسي بالبلاد.

يأتي هذا التحول بعد 12 محاولة فاشلة لاختيار رئيس، مما عزز الأمل في أن لبنان قد يبدأ معالجة أزماته الاقتصادية العميقة.

ومنذ الإعلان عن فوز عون، شهدت «سندات لبنان الدولارية (اليوروباوندز)» ارتفاعاً ملحوظاً، مما يعكس التفاؤل الحذر حيال استقرار البلاد.

ومع ذلك، تبقى أسعار السندات اللبنانية من بين الأدنى عالمياً، في ظل التحديات الاقتصادية المستمرة التي يواجهها لبنان نتيجة الانهيار المالي الذي بدأ في عام 2019. وفي التفاصيل، انتعش معظم سندات لبنان الدولية، التي كانت متعثرة منذ عام 2020، بعد الإعلان عن فوز عون، لترتفع أكثر من 7 في المائة وبنحو 16.1 سنتاً على الدولار. منذ أواخر ديسمبر (كانون الأول)، كانت سندات لبنان الدولارية تسجل ارتفاعات بشكل ملحوظ.

وتأتي هذه الزيادة في قيمة السندات خلال وقت حساس، فلا يزال الاقتصاد اللبناني يترنح تحت وطأة تداعيات الانهيار المالي المدمر الذي بدأ في عام 2019. فقد أثرت هذه الأزمة بشكل عميق على القطاعات المختلفة، مما جعل من لبنان أحد أكثر البلدان عرضة للأزمات المالية في المنطقة.