تلويح شيعي بإعادة التمحور أمام شروط الكرد والسنة

قيادي سني: مطالبنا طبيعية

عراقي أغلق فمه بشريط لاصق في مظاهرة احتجاجية في البصرة جنوب العراق (أ.ف.ب)
عراقي أغلق فمه بشريط لاصق في مظاهرة احتجاجية في البصرة جنوب العراق (أ.ف.ب)
TT

تلويح شيعي بإعادة التمحور أمام شروط الكرد والسنة

عراقي أغلق فمه بشريط لاصق في مظاهرة احتجاجية في البصرة جنوب العراق (أ.ف.ب)
عراقي أغلق فمه بشريط لاصق في مظاهرة احتجاجية في البصرة جنوب العراق (أ.ف.ب)

أكد الرئيس العراقي فؤاد معصوم التزامه بالسياقات الدستورية، بشأن الدعوة إلى عقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد. وقال بيان رئاسي، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، عقب لقاء جمع معصوم مع رئيس الوزراء حيدر العبادي، مساء أول من أمس، إن «الرئيس معصوم بحث مع العبادي التطورات الراهنة مع قادة القوى السياسية في البلاد، بما في ذلك التعجيل بتكوين الكتلة الأكبر، تمهيداً لدعوة مجلس النواب بدورته الرابعة إلى الانعقاد، في إطار التوقيت الدستوري الذي أكد رئيس الجمهورية التزام الجميع باحترامه».
وأضاف البيان: «كما تم التأكيد على ضرورة تعزيز الجهود الهادفة إلى حماية العملية الديمقراطية وتعميقها، على أساس التمسك بالدستور، واحترام إرادة الناخبين، والعمل الجاد والسريع للاستجابة للإرادة الوطنية الملحة بإجراء إصلاحات جذرية في كل المجالات».
وفي حين لم تعلن رئاسة الجمهورية عن موعد صدور المرسوم الجمهوري لدعوة البرلمان الجديد بعد، فإن أمير الكناني، المستشار في رئاسة الجمهورية، أبلغ «الشرق الأوسط» أن «الجلسة الأولى للبرلمان الجديد سوف تكون يوم 1 أو 2 من شهر سبتمبر (أيلول) المقبل»، مبيناً أنه غداً، الذي يصادف بداية الدوام الرسمي، سوف يصدر المرسوم الجمهوري الخاص بذلك، لأن كتاب المحكمة الاتحادية بالمصادقة وصل إلى الرئاسة بنهاية الدوام الرسمي ليوم الاثنين، بعد يوم من المصادقة، وبعدها كانت عطلة العيد. وكانت المحكمة الاتحادية قد صادقت في 19 أغسطس (آب) الحالي على نتائج الانتخابات.
في سياق ذلك، أجلت عطلة العيد التي تنتهي اليوم في العراق المباحثات المعلنة لتشكيل نواة الكتلة الأكبر، بينما استمرت التفاهمات واللقاءات الجانبية بين كل الأطراف، في وقت لا يزال فيه الكرد والسنة متمسكين بفرض شروطهم ومطالبهم على الكتل الشيعية، قبل الانضمام إلى المحور الذي يلبي تلك الشروط والمطالب.
المتحدث باسم تيار الحكمة، نوفل أبو رغيف، أعلن عن بدء لجان تفاوضية بعد عطلة العيد مع الشركاء السنة والكرد لحسم الكتلة البرلمانية الأكبر. وقال أبو رغيف في تصريح إنه «تم وضع أسماء مبدئية لهذه اللجان، وبعد عطلة عيد الأضحى مباشرة سوف تتحرك هذه اللجان الممثلة لأطراف هذا التحالف إلى الكرد، وسيكون حديثاً واضحاً، على أساس البرنامج والاتفاقيات والاستراتيجيات».
وبشأن المحور الوطني، ومدى مشاركته في تشكيل الكتلة الأكبر، يقول أبو رغيف: «هم الأقدر على الإجابة، في ما يتعلق بهم في هذا الجانب، ولكن نحن حتى اللحظات الأخيرة لم يحضر اتحاد القوى العراقية معنا في الاجتماع».
وفي هذا السياق، أكد الدكتور صلاح العرباوي، عضو المكتب السياسي لتيار الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «محور السنة كسنة والكرد ككرد سيدفع الشيعة للتكتل مرة ثانية، وسيكونون الكتلة الأكبر والأقوى والأكثر عدداً»، مبيناً أن «هناك تضييعاً للفرصة الوطنية، بدافع (دع الشيعة يتصارعون)».
وفي حين يرى العرباوي أن «الوقت لم يفت بعد أمام السنة والكرد للتفكير بواقعية، في حال عاد الشيعة للاندماج في البيت الشيعي مجدداً، فإنه حين ذاك يجب أن نقرأ الفاتحة على روح الاندماجات الوطنية».
ويضيف العرباوي أنه «بإمكان أغلبية السنة وأغلبية الكرد أن يختاروا أغلبية الشيعة ليمضوا في مشروع واحد، في مقابل أقلية سنية - شيعية - كردية تذهب بمشروع معارض»، موضحاً أن «توافقية المحاور لا تنتج دولة».
في مقابل ذلك، يرى أثيل النجيفي، القيادي في تحالف المحور الوطني السني، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «شرط السنة الوحيد هو بناء منظومة دولة، تضمن الحقوق لجميع أبناء الشعب العراقي»، مشيراً إلى أن «هناك فرقاً كبيراً. ففي 2010، شعرت الكتل الشيعية وقتها بأن سيطرتها على الدولة مهددة بعودة السيطرة (السنية)، بحصول القائمة العراقية آنذاك بزعامة إياد علاوي على 91 مقعداً، الأمر الذي جعلها تنتفض جميعاً ضد هذا الهاجس».
ويضيف النجيفي أن «السنة يختارون الآن بين طرفين شيعيين، وليس لديهم مطالب غير طبيعية ولا يمكن تلبيتها، بل نحن مع من يتجاوب مع مطالبنا الواقعية، وأبرزها بناء الدولة التي يشعر فيها جميع العراقيين بالمساواة».



الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.