يعول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على إصلاح منظومة التعليم في البلاد لانتشال القطاع المتخم بالمشكلات الدراسية والاقتصادية من كبوة طالما التصقت به خلال العقود الثلاثة الماضية، ولا تكاد تمر مناسبة عامة إلا وتحدث الرئيس عن الملف ذاته الذي قال في خطاباته الأولى بعد انتخابه رئيساً للمرة الثانية، قبل شهور، إن إصلاح التعليم سيكون بين أولوياته.
وألزم السيسي الحكومة بعدم الموافقة على إنشاء جامعات جديدة «إلا إذا كان لديها اتفاق توأمة مع جامعة من أفضل 50 جامعة في العالم»، بحسب ما قال قبل شهر واحد أثناء مشاركته في أعمال المؤتمر الوطني للشباب في يوليو (تموز) الماضي بجامعة القاهرة، وأضاف: «سأدخلكم التصنيف الدولي (للجامعات الأفضل بالعالم) بالأمر».
ومؤخراً، وقعت جامعة الإسكندرية اتفاقا مع جامعة أوشن كاونتي بولاية نيوجيرسي بروتوكول تعاون مشترك لبدء تفعيل نظام الكليات المجتمعية داخل مصر، كما تم توقيع اتفاقية شراكة للتوأمة بين كلية الهندسة في جامعة عين شمس، وكلية الهندسة بجامعة إيست لندن في إنجلترا، لمنح شهادة مزدوجة من كلتا الجامعتين في برامج العمارة والعمران البيئي، وهندسة البناء، وهندسة الحاسبات ونظم البرمجيات.
وهذه ليست الاتفاقيات الأولى من نوعها التي توقعها جامعات حكومية في مصر، فهناك كثير من اتفاقيات الشراكة والتبادل الطلابي وتبادل الأساتذة بين الجامعات الحكومية المصرية والجامعات الأجنبية، وإن لم تصل حد التوأمة، بينما تنتشر في مصر أنواعا مختلفة من الجامعات الخاصة والدولية بريطانية وألمانية وكندية، ليس بها مثل هذه الاتفاقيات.
وقال الدكتور خالد عبد الغفار، وزير التعليم العالي المصري، في تصريحات صحافية، إن «التواصل مع المؤسسات التعليمية العالمية الرائدة يعمل على تحسين التصنيف الدولي للجامعة، وتحسين جودة التعليم العالي في مصر، وتأهيل خريجي الجامعات المصرية لسوق العمل، فضلا عن جذب الطلاب الوافدين للدراسة بالجامعات المصرية». ويقول الدكتور عصام الكردي، رئيس جامعة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الاتفاق مع جامعة أوشن كاونتي يتيح للدارسين الحصول على شهادة بعد سنتين، واستكمال الدراسة بجامعة الإسكندرية أو إحدى الجامعات الأميركية لمدة سنتين أخريين، حيث يحصل الطالب المتخرج في هذا النظام على ثلاث شهادات، إحداها بعد سنتين من جامعة أوشن، وأخرى بعد 4 سنوات من جامعة الإسكندرية، والثالثة من إحدى الجامعات الأميركية التي تربطها اتفاقيات تعاون مع جامعة أوشن مثل جامعة نيوجيرسي للتكنولوجيا». وأضاف الكردي أن «الجامعة وقعت اتفاقا آخر بين كلية التجارة وجامعة بيرسون، لمعادلة الشهادة مع الجامعات البريطانية، وهو يتيح للطالب الاختيار بين استكمال دراسته في مصر أو في بريطانيا، سواء للحصول على درجة البكالوريوس أو درجتي الماجيستير والدكتوراه».
من جهته، يقول الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي والباحث بالمركز القومي للبحوث التربوية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «برامج التوأمة قديمة وهناك أشكال متعددة منها، من بينها تبادل المقررات والأساتذة والإشراف المشترك على الرسائل العلمية، وهو أمر معروف ومقبول دوليا، ولكن لا بد من التأكد أنها توأمة فعلية وليست مجرد أوراق، وألا ننسى مكون المواطنة في هذه الجامعات، حتى لا تتحول لجامعات أجنبية على أرض مصرية، ولا تكون أداة للقفز على مفهوم العدالة الاجتماعية، ليصبح التعليم لمن يملك مالا أكثر».
وارتفع تصنيف جامعة الإسكندرية وفقا لتصنيف شنغهاي للجامعات حول العالم 100 درجة هذا العام ليصبح 601 - 700 بدلا من 701 - 800 العام الماضي، وتعد جامعة القاهرة هي الجامعة المصرية الوحيدة بين أفضل 500 جامعة، وفقا للتصنيف نفسه حيث وصلت إلى مرتبة 401 - 500 خلال تصنيف شنغهاي لعام 2018.
ويرجع الكردي انخفاض ترتيب الجامعات الحكومية في التصنيفات الدولية إلى زيادة عدد الطلاب في الجامعات الحكومية، ويقول: «جامعة الإسكندرية بها 180 ألف طالب، وجامعة القاهرة بها ربع مليون طالب». وأضاف الكردي: «هناك أبحاث كثيرة في العلوم الإنسانية باللغة العربية، لا يتم وضعها ضمن عدد الأبحاث للجامعة، لأن التصنيفات تعتمد الأبحاث المنشورة بالإنجليزية، وبالتالي تقل نسبة الأبحاث العلمية في مصر».
وفي المقابل، قال مغيث إن «هذه البرامج قد ترفع من تصنيف الجامعات الحكومية لو طبقت عليها»، لكنه في الوقت نفسه أكد أن «الجامعات الكبرى لن تغامر بمثل هذه الاتفاقيات مع جامعات دون المستوى، وبالتالي ما لم تملك الجامعة المصرية مقومات في مجالات النشر والبحث والعلمي والحرية الأكاديمية والتمويل والبنية الأساسية، تجعلها فعلا في تصنيفات متقدمة، فلن تستطيع عقد مثل هذه الاتفاقيات»، مشيرا إلى أن نصيب الطالب الجامعي من موازنة التعليم العالي 10 آلاف جنيه (561 دولاراً)، ودوليا النسبة يجب ألا تقل عن 2000 دولار.
تطوير التعليم في مصر... أولوية رئاسية لانتشال الجامعات من كبوتها
السيسي يضع المشروع في صدارة اهتماماته
تطوير التعليم في مصر... أولوية رئاسية لانتشال الجامعات من كبوتها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة