حرج أوروبي من خطة واشنطن لفتح حوار مع «الجبهة الإسلامية» في سوريا

حرج أوروبي من خطة واشنطن لفتح حوار مع «الجبهة الإسلامية» في سوريا
TT

حرج أوروبي من خطة واشنطن لفتح حوار مع «الجبهة الإسلامية» في سوريا

حرج أوروبي من خطة واشنطن لفتح حوار مع «الجبهة الإسلامية» في سوريا

مرة جديدة تفاجئ الولايات المتحدة الأميركية شركاءها الأوروبيين المهتمين بشؤون الشرق الأوسط: المرة الأولى عندما تفاوضت سرا في مسقط مع رسميين إيرانيين بشأن ملف طهران النووي من وراء الخمسة الآخرين في مجموعة الست (الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى ألمانيا). والمرة الثانية عندما أعلنت استعدادها لفتح حوار مع ممثلين عن «الجبهة الإسلامية» بعد أن استبقت ذلك بالإعلان «مع بريطانيا» عن وقف تقديم المعدات العسكرية غير المميتة لقيادة أركان الجيش السوري الحر بحجة وقوع هذه المعدات تحت سيطرة «الجبهة الإسلامية».
وتبدو باريس الأكثر إحراجا اليوم، كما كانت الأكثر إحراجا عندما تراجع الرئيس الأميركي في الساعات الأخيرة عن توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري عقابا له على تخطيه «الخطوط الحمراء» واستخدامه السلاح الكيماوي على نطاق واسع في 21 أغسطس (آب) في ضاحيتين من ضواحي دمشق. ففي موضوع تقديم المساعدات غير القاتلة، قالت الخارجية الفرنسية إن باريس «مستمرة» في إيصال هذا النوع من المعدات ولن تحذو حذو واشنطن. أما في موضوع الحوار مع «الجبهة الإسلامية»، فقد أكد رومان نادال، الناطق باسم الخارجية أمس، أن بلاده تعد الائتلاف الوطني السوري المحاور الشرعي وتريد أن يكون لولب الوفد الذي سيمثل المعارضة في مؤتمر «جنيف 2» وفي مواجهة ممثلي النظام.
تقول المصادر الفرنسية إن الخطوة الأميركية «أملتها الواقعية السياسية»، وإن واشنطن «لا تجد حرجا في فتح حوار مع (الجبهة الإسلامية)، كما أنها لم تجد حرجا في التفاوض مع طالبان في أفغانستان» حتى على حساب الرئيس الأفغاني حميد كرزاي.
بيد أن باريس تنظر بكثير من التحفظ إلى المبادرة الأميركية، لأنها تعد نتيجتها الأولى إضعاف المعارضة المعتدلة التي تسعى مجموعة «أصدقاء الشعب السوري» لشد عضدها وتوفير الدعم لها. وتذهب باريس لحد القول إنه «لو توافرت لهذه المعارضة الدعم الكافي ولو حصلت قيادة أركان الجيش السوري الحر على السلاح الذي تحتاجه - لما كانت وصلت إلى هذا الوضع». وتضيف مصادر فرنسية أخرى، تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، أن واشنطن «لم تنخرط أبدا وكفاية في الملف السوري» إلا عندما استعر الجدل بشأن استخدام السلاح الكيماوي. وقد تلقفت واشنطن المبادرة الدبلوماسية الروسية للهروب من الضربة العسكرية. لكن تخليها عن إبراز عضلاتها وتفضيلها الخيار الدبلوماسي شكلا، برأي باريس، «تحولا استراتيجيا» في مسار الحرب في سوريا، وهو ما نرى آثاره الميدانية اليوم. وينظر فرنسيا إلى هذه الخطوات على أنها تعبير عن «تخبط» وغياب رؤية واضحة للأزمة السورية ولما يمكن أن ينتج عنها. وبحسب مصدر أوروبي في باريس، فإن الجانبين الروسي والأميركي «يبحثان عن شخصية علوية مقبولة يمكن أن تكون الواجهة للمرحلة الانتقالية».
رغم ما تقدم، ترى جهات غير رسمية في باريس أن فرنسا «لن تستطيع البقاء جانبا وبعيدة عن الاتصالات في حال سارت فيها واشنطن حتى النهاية وتحولت جزءا من المعطى السياسي الجديد». وتعتقد هذه الجهات أنه سيكون مطلوبا من الجبهة «توفير ضمانات» لجهة برنامجها السياسي وقبول السير في «جنيف 2» ولجهة تصورها لسوريا المستقبل واحترام القيم الأساسية التي تؤمن بها القوى الغربية والتي تبناها الائتلاف في وثائق رسمية.
وحتى الآن، تبدو باريس متشائمة للغاية مما قد يخرج به المؤتمر المذكور بسبب ضعف المعارضة سياسيا وانقساماتها عسكريا وعدم قدرتها حتى الآن على لملمة الصفوف وافتقارها إلى الدعم المالي والعسكري الكافي وعدم حصولها على ما تطالب به منذ أشهر وهو الحصول على أسلحة نوعية تمكنها من مجابهة طيران النظام الحربي ودباباته. وبحسب باريس، فإن ميزان القوى في الوقت الحاضر لا يلزم الرئيس السوري قبول التخلي عن صلاحياته الرئاسية لمصلحة سلطة انتقالية تتولى الصلاحيات الحكومية والرئاسية والإشراف على الأجهزة طالما يتمتع بالدعم الروسي والإيراني غير المشروطين.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.