العبادي يرفض «تسييس الحشد» ويلغي قراراً بسحبه من المدن السنية

أكد أن أي خطوة من هذا النوع تتطلب موافقته كقائد عام للقوات المسلحة

فقراء في غرب الموصل يتزاحمون للحصول على لحم متبرع به الأربعاء الماضي (رويترز)
فقراء في غرب الموصل يتزاحمون للحصول على لحم متبرع به الأربعاء الماضي (رويترز)
TT

العبادي يرفض «تسييس الحشد» ويلغي قراراً بسحبه من المدن السنية

فقراء في غرب الموصل يتزاحمون للحصول على لحم متبرع به الأربعاء الماضي (رويترز)
فقراء في غرب الموصل يتزاحمون للحصول على لحم متبرع به الأربعاء الماضي (رويترز)

ألغى رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، بصفته القائد العام للقوات المسلحة، قرارا اتخذته قيادة «الحشد الشعبي» بسحب قواته من المدن السنية في المحافظات الغربية، داعيا في الوقت نفسه إلى عدم تسييس «الحشد»، في إشارة إلى المفاوضات الجارية بين كتلة «الفتح» التي يتزعمها هادي العامري والتي تضم معظم فصائل «الحشد الشعبي»، وبين بعض القيادات السنية والكردية من أجل تشكيل الكتلة الأكبر.
وأصدر مكتب القائد العام كتابا موجها إلى هيئة «الحشد الشعبي»، جاء فيه: «تم إلغاء مضمون كتابي هيئة الحشد الشعبي: الأول يتعلق بإلغاء محاور عمليات غرب نينوى وشرق نينوى وبيجي، ونقل اللواء الموجود في سنجار، والآخر يتضمن إخراج مقرات الألوية من المدن». ونصت الوثيقة على «ضرورة الالتزام بالقانون والتعليمات، وعدم تسييس هيئة (الحشد الشعبي)، وعدم إلغاء أو استحداث تشكيلات إلا بعد استحصال موافقة القائد العام للقوات المسلحة، فضلا عن عدم تحريك التشكيلات إلا بعد استحصال موافقة القائد العام للقوات المسلحة».
ويأتي توجيه العبادي ردا على قرار اتخذه القائم بمهام قيادة «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، الذي وجه بتحريك قطعات من «الحشد» في مناطق سنية شغلتها عقب الانتهاء من معارك «داعش».
وبينما يشكل خروج الحشد من المناطق السنية أحد أبرز المطالب للكتل السنية طوال السنتين الماضيتين، بعد الإعلان عن هزيمة تنظيم داعش؛ لكن توقيته يثير التساؤلات في ظل إجراء حوارات تشكيل الكتلة الأكبر، لا سيما بين كتلة «الفتح» التي تنضوي تحتها معظم تشكيلات «الحشد الشعبي» وهو ما يرجح وزنها التفاوضي في حال استجابت لمطالب الأكراد؛ خصوصا لجهة انسحاب «الحشد» من مناطق سنجار وغيرها، ومطالب الكتل السنية بشأن الانسحاب من مدن نينوى وصلاح الدين وكركوك وديالى، على حساب المفاوضات التي يجريها ائتلاف «النصر» الذي يقوده العبادي ومعه تحالف «سائرون» المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مع الجهات نفسها.
القيادي في كتلة «الفتح»، نعيم العبودي، يقول لـ«الشرق الأوسط» بشأن خلفيات قرار هيئة «الحشد» بالانسحاب من المدن السنية، إن «هذا القرار قديم؛ حيث إنه تم الاتفاق بين قيادات (الحشد الشعبي) على ألا يتركوا أي مقر عسكري لـ(الحشد الشعبي) في داخل المدن، وهو ما تم اتخاذه؛ حيث ينبغي إخراج كل القطعات من داخل المدن إلى أطرافها». وأضاف أن «قيادة (الحشد) رأت في هذا القرار مصلحة للمدن، وكذلك لـ(الحشد) حتى لا تكون هناك اتهامات للحشد من هنا وهناك، وبالتالي تكون وظيفته الدفاع من خارج المدن».
من جانبه، فإن الشيخ مروان الجبارة، الناطق الرسمي باسم مجلس شيوخ عشائر صلاح الدين، يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «مدينة تكريت من بين أكثر المدن السنية التي باتت تشهد استقرارا نسبيا، وبالتالي لا تحتاج أكثر من الشرطة المحلية التي يمكنها تأمين الحماية لها، بينما المناطق التي لا تزال تعاني مشكلات أمنية هي مناطق الساحل الأيسر للشرقاط، والتي تمتد إلى مناطق بعيدة، مثل الحويجة وامتداداتها وصولا للحدود العراقية - السورية».
ويضيف الجبارة أن «الأمر بالنسبة لنا هو أن يتم تدعيم الحشد العشائري المحلي؛ سواء من خلال التدريب والتسليح، فضلا عن الشرطة المحلية، وعبر التنسيق مع الجيش النظامي؛ لأن أهل مكة أدرى بشعابها مثلما يقال، وأبناء هذه المناطق حان الوقت لكي يتسلموا أمن مناطقهم»، مضيفا أن «(الحشد الشعبي) أدى ما عليه على صعيد قتال (داعش)، وبالتالي فإن وجوده داخل المدن لم يعد مناسبا، وكذلك الحال بالنسبة لقطعات الجيش النظامي؛ لأن مهام الجيش هي مسك الحدود، بينما يجب تفعيل دور الشرطة المحلية».
وردا على سؤال حول توقيت الانسحاب الآن، وما إذا كان يحمل بعدا سياسيا؛ خصوصا بعد قرار العبادي تعطيل عملية الانسحاب، يقول الجبارة إن «الأمر من وجهة نظرنا يجب أن يبقى خارج سياق التسييس، وبالتالي فإن ما يهمنا هو أن يكون الانسحاب تدريجيا، حتى لا نترك فرصة للتأويلات».
على الصعيد نفسه، فإن صلاح الجبوري، عضو البرلمان العراقي السابق عن محافظة ديالى، يرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار الانسحاب في مثل هذا الوقت سياسي، ويبدو أنه طلب كردي أكثر من كونه طلبا سنيا، رغم أننا في المحافظات الغربية كنا طالبنا منذ البداية بعدم بقاء (الحشد) أو أي تشكيل عسكري داخل المدن؛ لأننا ضد عسكرتها».
ويضيف الجبوري أن «القرار هو خطوة أولى من طلبات الكرد، في إطار المفاوضات التي يجرونها الآن، وهي الانسحاب من المدن السنية، ومن ثم الانسحاب من كركوك والمناطق المتنازع عليها، وبالتالي من الواضح أنه انسحاب سياسي في هذه المرحلة».
بدوره، يقول الخبير الاستراتيجي أحمد الشريفي لـ«الشرق الأوسط»، إنه «بصرف النظر عن دوافع الانسحاب فيما إذا كانت سياسية أم فنية، فإن هناك ثغرة لم يتم ردمها طوال الفترة الماضية، تتمثل في عدم قدرة الشرطة المحلية على ملء الفراغ الذي يمكن أن يسببه انسحاب أي قطعات عسكرية تمسك الأرض، بصرف النظر عن هويتها». ويضيف الشريفي: «إن هناك عاملا آخر لم تتم تسويته أيضا، هو الخلافات العشائرية في تلك المناطق؛ حيث إن انسحاب (الحشد) أو الجيش يمكن أن يتسبب بمشكلات كبيرة في ظل ضعف القدرة القتالية للشرطة المحلية التي تم إهمالها تماما لجهة التدريب والجاهزية».
وحول الجدل بين العبادي وهيئة «الحشد الشعبي» بشأن الانسحاب، يقول الشريفي: «إذا فسرنا قرار الانسحاب من المدن في تلك المحافظات من قبل هيئة (الحشد) منفردة بأنه قرار سياسي؛ فإن تعطيل القرار من قبل رئيس الوزراء العبادي ووفق الظروف الموضوعية، لا يمكن قراءته إلا من زاوية واحدة، وهي أنه قرار فني بسبب عدم وجود قوة تعويض حالية في تلك المناطق، يمكن أن تمسك الأرض وتحول دون إمكانية تدهور الأمن في ظل ازدياد هجمات (داعش)».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».