اقتصاديون: طهران مقبلة على ضائقة اقتصادية واستثمارية خانقة

انسحاب أكثر من 10 شركات عالمية وتوقعات بخذلان أوروبي وكساد تجاري

توقعات سلبية بشأن مستقبل الاقتصاد الإيراني
توقعات سلبية بشأن مستقبل الاقتصاد الإيراني
TT

اقتصاديون: طهران مقبلة على ضائقة اقتصادية واستثمارية خانقة

توقعات سلبية بشأن مستقبل الاقتصاد الإيراني
توقعات سلبية بشأن مستقبل الاقتصاد الإيراني

رجّح اقتصاديون أن تشهد طهران أزمة اقتصادية خانقة على المدى القريب، مع سريان العقوبات الأميركية، التي ستمتد تأثيراتها على الدول الحليفة لطهران، في ظل استمرارية انسحاب كبرى الشركات العالمية من السوق الإيرانية، رغم التطمينات الخجولة الأوروبية، بإمكانية إنقاذ الاتفاق النووي، فضلا عن التراكمات المالية والاقتصادية، بسبب ممارسات إيران السياسية الداخلية.
من ناحيته، قال الباحث الاقتصادي، الدكتور عبد الحليم محيسن، لـ«الشرق الأوسط»، إن كل المؤشرات تبين أن دول الاتحاد الأوروبي التي تهرول لخلق حالة من التطمينات بإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني، ومحاولة مواجهة العقوبات الأميركية، ومعالجة الآثار السلبية الاقتصادية، الخيارات أمامها ضيقة جدا.
ولفت إلى أن هناك دولاً بدت في بداية الأمر أنها ستساند إيران وتدعم اقتصادها، ولكنها حتى الآن فشلت في طرح برنامجها للطرف الإيراني، بسبب عدم موثوقيتها من اتخاذ خطوة بهذا الشأن، في ظل التأثيرات السلبية التي ستواجهها حال أقدمت فعليا على طرح برنامج إنقاذي اقتصادي، يدعم وقوفها إلى جانب إبقاء اتفاقية البرنامج النووي.
من ناحيته، قال الاقتصادي الدكتور أحمد كمال، لـ«الشرق الأوسط»، إن الخيارات أمام الدول التي تحاول إنقاذ الاتفاق النووي الإيراني محدودة، في ظل العقوبات الأميركية التجارية الشاملة التي لا تستثني دولة، الأمر الذي يجعلها في حالة البحث عن مسار للتصالح مع أميركا، خشية تعرض اقتصادها وتجارتها للكساد.
وتوقع أن تواجه طهران انسحابا متواصلا لعدد من أهم كبريات الشركات العالمية، بما في ذلك شركات دول تحاول الوقوف إلى جانب إيران لإنقاذ اتفاق برنامجها النووي، مدللا على ذلك بشركات «توتال» و«سيمنس»، في ظل استعداد شركات أخرى حاليا للانسحاب، لتضمن سلامتها من أثر العقوبات الأميركية على نشاطها الصناعي والاستثماري والتجاري.
وتوقع الاقتصادي الدكتور عبد الرحمن باعشن رئيس مركز الشروق للدراسات الاقتصادية بجازان، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، حتمية انسحاب الشركات الأوروبية وغيرها من الشركات العالمية من السوق الإيرانية، لارتباط مصالحها الاقتصادية الكبرى بالسوق الأميركية، وموجات السياسة الأميركية على حدّ سواء، وبالتالي فهي مضطرة إلى أن تنسحب.
وذكر باعشن، أن مستقبل الاقتصاد الإيراني بات مهددا فعليا، وتزيد المهددات مع استمرار الزمن، ما يعني في نهاية المطاف انسحاب الشركات التي لم تتخذ خطوة بعد، ولكنها تراقب الوضع، متوقعا أن تواجه طهران أزمة في قطاعات الطاقة والصناعة والسكة الحديد، في ظل سريان العقوبات الأميركية التي ستخنق طهران، تجارتها وصادراتها النفطية إلى الخارج.
ولفت إلى أن هناك توقعات بانسحاب أكثر من 10 شركات عالمية أوروبية، منوها بأن الموقع الإلكتروني للغرفة التجارية الإيرانية أشار إلى أن هناك عددا كبيرا من الشركات الكبيرة قررت انسحابها من إيران، من بينها «سيمنز» و«توتال» و«آني» و«دنييلي» و«مايرسك» و«إيرباص» و«أليانتس» و«ساجا»، الأمر الذي يزعزع ثقة الشركات حتى من الدول الحليفة لها، ويحرمها من قدوم شركات عالمية إلى السوق الإيرانية.
إلى ذلك، أكد الاقتصادي صلاح برناوي، لـ«الشرق الأوسط»، أن طهران تواجه أزمة تجارية واستثمارية واقتصادية حقيقية، في ظل إفراغ السوق الإيرانية من الشركات التي تعمل في مجالات الخدمات اللوجستية وقطاع الصناعة وشحن النفط الخام، وأجهزة استخراج النفط والمناجم وتكنولوجيا التعدين.
وأوضح برناوي، أنه في ظل انسحاب عدد من الشركات العالمية العملاقة في مختلف المجالات من السوق الإيرانية، والتي تتشابك مصالحها مع قرار العقوبات الأميركية، فإن طهران في طريقها لخسارتين كبيرتين سياسية واقتصادية، تتمثل في التنصل من الاتفاق النووي، وحرمانها من التجارة وتصدير منتجاتها إلى كثير من البلدان، بما فيها التي تحسب في خانة حلفائها.



بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
TT

بكين تنتقد مساعي أميركية لإشعال «حرب الثوم»

مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)
مزارع يفرز الثوم في إحدى الأسواق الشعبية بمدينة جينشيانغ شرق الصين (رويترز)

حثت وزارة الخارجية الصينية يوم الجمعة الساسة الأميركيين على ممارسة المزيد من «الحس السليم» بعد أن دعا عضو في مجلس الشيوخ الأميركي إلى إجراء تحقيق في واردات الثوم الصيني، مستشهدا بمخاوف بشأن سلامة الغذاء وممارسات العمل في البلاد.

وكتب السيناتور الجمهوري ريك سكوت إلى العديد من الإدارات الحكومية الأميركية هذا الأسبوع، واصفا في إحدى رسائله الثوم الصيني بأنه «ثوم الصرف الصحي»، وقال إن استخدام البراز البشري سمادا في الصين أمر يثير القلق الشديد.

وفي رسائل أخرى، قال إن إنتاج الثوم في الصين قد ينطوي على ممارسات عمالية استغلالية وإن الأسعار الصينية المنخفضة تقوض جهود المزارعين المحليين، ما يهدد الأمن الاقتصادي الأميركي.

وتعتبر الولايات المتحدة الصين أكبر مورد أجنبي لها للثوم الطازج والمبرد، حيث يتم شحن ما قيمته ملايين الدولارات منه عبر المحيط الهادئ سنويا.

وقالت ماو نينغ، المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، عندما سُئلت في مؤتمر صحافي دوري عن رسائل سكوت: «لم يكن الثوم ليتخيل أبداً أنه سيشكل تهديداً للولايات المتحدة... ما أريد التأكيد عليه هو أن تعميم مفهوم الأمن القومي وتسييس القضايا الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية وتسليحها لن يؤدي إلا إلى زيادة المخاطر الأمنية على سلسلة التوريد العالمية، وفي النهاية إلحاق الضرر بالآخرين وبنفسنا». وأضافت: «أريد أيضاً أن أنصح بعض الساسة الأميركيين بممارسة المزيد من الحس السليم والعقلانية لتجنب السخرية».

ومن المتوقع أن تتصاعد التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم عندما يعود دونالد ترمب إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني)، بعد أن هدد بفرض تعريفات جمركية تتجاوز 60 في المائة على واردات الولايات المتحدة من السلع الصينية.

وخلال فترة ولاية ترمب الأولى، تعرض الثوم الصيني لزيادة التعريفات الجمركية الأميركية إلى 10 في المائة في عام 2018، ثم إلى 25 في المائة في عام 2019. وكان الثوم من بين آلاف السلع الصينية التي فرضت عليها تعريفات جمركية أعلى خلال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتي كانت السمة المميزة لرئاسته.

ومن غير المرجح أن تهز أي إجراءات عقابية على الثوم الصيني وحده التجارة الثنائية الإجمالية، حيث تمثل شحناته جزءاً ضئيلاً فقط من صادرات الصين البالغة 500 مليار دولار إلى الولايات المتحدة العام الماضي.

وفي سياق منفصل، قال المكتب الوطني الصيني للإحصاء يوم الجمعة إن إجمالي إنتاج الحبوب في الصين بلغ مستوى قياسيا يتجاوز 700 مليون طن متري في عام 2024، مع تحرك بكين لتعزيز الإنتاج في سعيها لتحقيق الأمن الغذائي.

وقال وي فنغ هوا، نائب مدير إدارة المناطق الريفية، في بيان، إن إنتاج العام في أكبر مستورد للحبوب في العالم بلغ 706.5 مليون طن، بعد حصاد أكبر من الأرز الأساسي والقمح والذرة. وأظهرت بيانات المكتب أن هذا أعلى بنسبة 1.6 في المائة من حصاد عام 2023 البالغ 695.41 مليون طن.

وقال وي: «كان حصاد الحبوب هذا العام وفيراً مرة أخرى، بعد أن تبنت المناطق والسلطات الصينية بشكل صارم مهام حماية الأراضي الزراعية والأمن الغذائي، مع التغلب على الآثار السلبية للكوارث الطبيعية».

وتعتمد الصين بشكل كبير على الواردات من البرازيل والولايات المتحدة لإطعام سكانها البالغ عددهم 1.4 مليار نسمة. وفي السنوات الأخيرة، كثفت الصين استثماراتها في الآلات الزراعية وتكنولوجيا البذور في إطار الجهود الرامية إلى ضمان الأمن الغذائي. وأظهرت البيانات أن إنتاج الأرز في عام 2024 ارتفع إلى 207.5 مليون طن، بزيادة 0.5 في المائة على أساس سنوي، في حين نما إنتاج القمح بنسبة 2.6 في المائة إلى 140.1 مليون طن. وشهد الذرة قفزة أكبر عند مستوى قياسي بلغ 294.92 مليون طن، بزيادة 2.1 في المائة عن العام السابق. وانخفضت فول الصويا بنسبة 0.9 في المائة إلى 20.65 مليون طن.

ويعزى الحصاد الوفير إلى زيادة زراعة الأرز والذرة، بالإضافة إلى غلة أفضل من الأرز والقمح والذرة.

وقال وي إن المساحة المزروعة بالحبوب على المستوى الوطني بلغت حوالي 294.9 مليون فدان (119.34 مليون هكتار)، بزيادة 0.3 في المائة عن العام السابق في السنة الخامسة على التوالي من التوسع.

وارتفعت مساحة زراعة الأرز للمرة الأولى منذ أربع سنوات، بنسبة 0.2 في المائة على أساس سنوي إلى 71.66 مليون فدان (29 مليون هكتار). كما ارتفعت مساحة زراعة الذرة بنسبة 1.2 في المائة إلى 110.54 مليون فدان (44.74 مليون هكتار). وانكمش حجم زراعة فول الصويا بنسبة 1.4 في المائة إلى 25.53 مليون فدان (10.33 مليون هكتار). كما انخفض حجم زراعة القمح بنسبة 0.2 في المائة إلى 58.32 مليون فدان (23.6 مليون هكتار).

وقالت وزارة الزراعة الصينية إنه على الرغم من زيادة الإنتاج، تظل الصين معتمدة على الإمدادات المستوردة من فول الصويا والذرة.