لقاءات مكثفة لقيادات «المؤتمر» في القاهرة ترمي إلى توحيد الحزب

TT

لقاءات مكثفة لقيادات «المؤتمر» في القاهرة ترمي إلى توحيد الحزب

بدأ قيادات حزب «المؤتمر الشعبي العام» الموجودون في القاهرة عَقْد لقاءات مكثفة على صعيد الجهود الرامية لتوحيد الحزب وللملة شتاته تحت قيادة جماعية، وذلك في أعقاب الاجتماع الذي كان ترأسه الرئيس عبد ربه منصور هادي لقيادات الحزب، أثناء زيارته للعاصمة المصرية قبل أيام.
وأفادت مصادر قيادية في الحزب لـ«الشرق الأوسط» بأن الاجتماعات بدأت قبل يومين، برئاسة القيادي البارز في الحزب سلطان البركاني، ومعه عدد من القيادات المحسوبة على الجناح الموالي للرئيس الراحل علي عبد الله صالح، والقيادات الأخرى المحسوبة على الجناح المؤيد للرئيس عبد ربه منصور هادي.
وذكرت المصادر أن الهدف من الاجتماعات التي يحضرها نواب في البرلمان من كتلة الحزب وزعماء قبليين، هو في سياق محاولة التوصل إلى نقاط اتفاق من أجل توحيد قادة الجناحين المتنافسين تحت قيادة واحدة خلال المرحلة المقبلة، وسحب البساط من تحت أقدام الجماعة الحوثية التي تحاول هي الأخرى فرض نسخة موالية لها من الحزب في العاصمة صنعاء الخاضعة لسلطتها.
واستبعدت المصادر أن يتم حسم مسألة رئاسة الحزب في الوقت الراهن، لما يحيط ذلك من تعقيدات خاصة بانعقاد النصاب القانوني من قيادات الحزب، حيث سيتم تأجيل ذلك حتى انعقاد المؤتمر العام للحزب المخول بانتخاب قيادة جديدة، بما في ذلك اختيار رئيس للحزب وأمين عام.
وأشارت المصادر إلى انعقاد لقاءات قيادات الحزب في ظل وجود رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر في العاصمة المصرية، وهو من القيادات المحسوبة على هادي، الساعية من أجل إيجاد نقاط توافق بين أجنحة الحزب لما لذلك من أهمية تتعلق بمستقبل الحزب والأدوار التي يعول عليه للقيام بها في ظل المساعي الدولية والإقليمية الداعمة إلى إعادة الحزب إلى واجهة المشهد السياسي في اليمن.
وذكر القيادي في الحزب وعضو لجنته العامة الدكتور عادل الشجاع لـ«الشرق الأوسط» أن اللقاءات الحالية بين القيادات تتسم بالجدية ومن المؤمل أن تتواصل المشاورات خلال الأيام المقبلة لجهة التوافق على حلول وسط تضمن استمرار الحزب في أداء دوره تحت قيادة موحدة حتى انعقاد المؤتمر العام للحزب.
وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي خلال لقائه بقيادات الحزب في القاهرة دعا إلى ضرورة طي صفحة الماضي وتوحيد أجنحة الحزب، في مسعى منه لتزعمه خلفاً للرئيس السابق علي عبد الله صالح، غير أن قيادات كبيرة منضوية تحت الجناح الموالي للأخير ما زالت لا تتفق مع فكرة تولي هادي زعامة الحزب، وتطمح في أن تدفع بأحمد علي صالح نجل الرئيس السابق لتولي قيادة الحزب خلفاً لوالده، وهي مسألة تعترضها جملة من العوائق التنظيمية في الوقت الراهن.
وقاطع عدد من أبرز قيادات الحزب المحسوبين على جناح صالح حضور اللقاء الذي كان ترأسه هادي في القاهرة، باستثناء القيادي البارز سلطان البركاني، الذي يسعى هو الآخر مع فريق من القيادات إلى تضييق هوة الخلاف بين قيادات الحزب في الخارج، أملاً في توحيد مساره بما يخدم تطلعات قواعد الحزب ويقطع الطريق أمام محاولات الجماعة الحوثية للسيطرة على قرار الحزب.
وأدى مقتل صالح على أيدي الميليشيات الحوثية في ديسمبر الماضي إلى تشظٍّ جديد في صفوف الحزب؛ إذ فضل بعض القيادات الانخراط في صف الجناح الموالي للشرعية بقيادة هادي، في حين فضل البعض الهرب من صنعاء من قبضة الحوثيين دون أن يلتحق بالشرعية، في الوقت الذي بقي عدد من كبار قيادات الحزب في صنعاء تحت إمرة الحوثيين.
ويعتبر قياديون في الحزب تحدثت معهم «الشرق الأوسط» قيادات صنعاء في حكم المختطفين من قبل الميليشيات، ويقولون إن أي قرار يصدر عنهم لن يعتد به على المستوى التنظيمي أو على المستوى السياسي بما في ذلك البيانات الصادرة تحت الإكراه، المنسجمة مع سلوك الجماعة الانقلابي.
وكان صالح، دعا قبيل مقتله أتباعه إلى فض الشراكة مع الحوثيين والانتفاض ضد حكمهم الانقلابي وفتح صفحة جديدة مع التحالف الداعم للشرعية، لإنهاء الحرب وإعادة الاستقرار إلى اليمن، غير أن الجماعة الحوثية استطاعت أن تجبر بقية القيادات الخاضعين لها على مخالفة قرار صالح، والاستمرار في الشراكة الصورية مع الجماعة.
ويرى عدد من قيادات الحزب، أن الفرصة باتت مواتية من أجل الاتفاق على إعادة ترتيب أوضاع الحزب، للعب دور بارز خلال أي مفاوضات ترعاها الأمم المتحدة بين المكونات، ولجهة تشكيل تيار وطني يحاول أن يتجاوز برؤيته حواجز الصراع المجتمعي القائم على الآيديولوجيات المتنوعة والتنافس الطائفي والمناطقي.
وفي الأشهر الماضية، استطاع العشرات من قيادات الحزب ونوابه في البرلمان الهروب من صنعاء إلى خارج اليمن، في الوقت الذي لا يزال الكثير منهم في انتظار اللحظة المناسبة من أجل اللحاق بأقرانهم إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية أو مغادرة البلاد بحثاً عن مكان آمن.
وكانت مصادر في الحزب أفادت بأن الرئيس هادي خلال زيارته للقاهرة حاول أن يستميل قيادات الحزب الموالين للجناح المناهض له.


مقالات ذات صلة

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

خاص رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك خلال لقاء سابق مع السفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

قال رئيس الوزراء اليمني إن الالتزامات الدولية تجاه اليمن لن تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل ستشمل أيضاً المجالات الأمنية والدفاعية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج نزع فريق «مسام» في محافظة عدن 154 ذخيرة غير منفجرة (واس)

مشروع «مسام» ينتزع 732 لغماً في اليمن خلال أسبوع

تمكّن مشروع «مسام» لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، خلال الأسبوع الثالث من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، من انتزاع 732 لغماً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي لقاء سابق بين رئيس الوزراء اليمني والسفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

«اجتماع نيويورك»... نحو شراكة استراتيجية بين اليمن والمجتمع الدولي

تأمل الحكومة اليمنية تأسيس شراكة حقيقية مع المجتمع الدولي، وحشد الدعم السياسي والاقتصادي لخططها الإصلاحية، وجوانب الدعم الدولية المطلوبة لإسناد الحكومة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».