إنجي جمال: تعلمت من تجربتي مع إليسا عنفوان المرأة

تؤكد أنها أصبحت جاهزة للانتقال إلى «الشاشة الذهبية»

المخرجة إنجي جمال تفكر في تنفيذ فيلم سينمائي قريباً
المخرجة إنجي جمال تفكر في تنفيذ فيلم سينمائي قريباً
TT

إنجي جمال: تعلمت من تجربتي مع إليسا عنفوان المرأة

المخرجة إنجي جمال تفكر في تنفيذ فيلم سينمائي قريباً
المخرجة إنجي جمال تفكر في تنفيذ فيلم سينمائي قريباً

قالت إنجي جمال، مخرجة أغنية إليسا الأخيرة «إلى كل اللي بيحبوني» إنها لم تكن تتوقع يوما أن تكتسب أي جديد من فنان تتعامل معه. وتوضح: «لطالما يتخذ تعاوني مع أي فنان في كليب مصور طابع العمل ليس أكثر، ولكن مع إليسا اختلف الأمر تماما».
وتتابع في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لقد اكتسبت من تجربتي معها دروسا كثيرة، وأهمها عنفوان المرأة الذي بقيت متمسكة به، رغم كل المصاعب التي واجهتها في مرحلة المرض. فكان أحيانا كثيرة يتسبب بالإزعاج لأشخاص كثيرين. فهذا العنفوان أنقذها من كبوة المرض بشكل أو بآخر، إذ كانت وبسببه تتصرف وكأنها إنسانة طبيعية وسعيدة. فهي لم تذهب نحو الكآبة والاستسلام؛ بل اختارت الكفاح ومقاومة المرض بالعلاج، وبنفسية قوية، وبقي العنفوان يلازمها».
وتروي إنجي التي سبق وتعاونت مع إليسا في أغنية «عكس اللي شايفينها»، فلاقى يومها الكليب نجاحا كبيرا، أن إليسا عاشت الأمرين في هذه المرحلة، وأنها تستغرب رد الفعل السلبي الذي واجهها به البعض إثر عرض الكليب. وتضيف: «لا أعتقد أن أي امرأة في العالم تستسهل فكرة تعرضها لهذا المرض، ولا سيما سرطان الثدي الذي يصيب أنوثتها بشكل مباشر. فكيف إذا كانت هذه المرأة نجمة معروفة ورمزا للأنوثة، يتمثل به الملايين؟ فبرأيي لا أحد يخترع موضوعا كهذا ليروج لنفسه، وما قامت به إليسا من خلال إعلانها عن معاناتها مع المرض وشفائها منه في هذا الكليب، لم يكن بالقرار السهل. وطيلة فترة التصوير لم أحاول ولو للحظة الضغط عليها وإقناعها بتنفيذ الفكرة التي تعود إليها بامتياز. فبقيت أردد على مسامعها أن هذا الأمر هو بمثابة قرار شخصي يرتبط بها مباشرة».
وتشير جمال إلى أن ضغوطات كثيرة تعرضت لها إليسا لإلغاء الفكرة والتنازل عنها؛ إلا أنها تشبثت بها، فكثفتا عملهما سويا؛ بحيث كانتا تمددان ساعات التصوير حتى ساعات الفجر. «كانت تقول لي: لا أريد أن أغير رأيي. ولذلك علينا العمل على إنهاء الكليب بأقصر مدة ممكنة. وبالفعل نجحت إليسا في أن تكون شخصية مؤثرة من خلاله، بعدما توجهت فيه برسالة إنسانية إلى كل من يعاني من هذا المرض، كي يكافح فلا يستسلم».
وعما يعني لها هذا الإنجاز المهني، تقول: «يمكنني وصفه بمهمة إنسانية، أخذتها على عاتقي وقمت بها على أكمل وجه، فحملت قيمة معنوية عالية. فالنجاح الذي أحرزه الكليب لا أشعر بأنه يخصني؛ بل يطال كل مريض تزود بالأمل وبحب الحياة عبره».
لم تكن إنجي جمال تعلم بمرض إليسا، وبقيت تجهل الأمر إلى حين سلمتها الأغنية، وقالت لها: أنا من سيعطيك فكرة الكليب هذه المرة. «الفكرة تعود لها كاملة، وهو يتناول موضوعا حساسا جدا بالنسبة لنا جميعا، ألا وهو الصحة. احترمت قرارها، ورحت أفكر كيف أترجمه على الشاشة كي أبرز الرسالة التي يحملها. ولذلك استخدمت رسائل إلكترونية صوتية، كانت قد أرسلتها لي تباعا تروي لي فيها مراحل مرضها منذ بداياته حتى نهايته».
وبسؤالها: برأيك قصة واقعية، ماذا تتطلب كي تصل المشاهد نابضة بالحقيقة؟ قالت إنجي: «عندما أعمل أغوص في أعماق موضوع الكليب، فلا أحب السطحية بتاتا، ولعل كليب (عكس اللي شايفينها) كان توطئة غير مباشرة لأغنية ألبوم إليسا الجديد. فهناك نقلت قصة حياة نجمة الرقص الراحلة داني بسترس التي تعبت في حياتها، فلمس المشاهد معاناتها. في (إلى كل اللي بيحبوني) خفت أن يعتقد البعض بأن الأمر مجرد تمثيلية، فركنت إلى أحاديث شخصية جرت بيني وبين إليسا، وإلى مشاهد حية أعادت إليسا إلى لحظات تجربة مُرة. وعندما انتهيت من عملية المونتاج كانت تمضي جلسة مع أصدقائها، فناديتها وطلبت منها أن تشاهد العمل كما هو، وأخبرتها بأني جاهزة لمسحه في حال طلبت ذلك. وبعد مشاهدتها له بكت وقالت لي: (هذا هو المطلوب)، وهي العبارة التي رددتها لنفسي، عندما شاهدته لأول مرة».
وعن مكمن الصعوبة في العمل، قالت إنجي: «كان بمثابة تحد جديد لي في مهنتي، وكنت خائفة من رد فعلها حول أحاديث خاصة جرت بيني وبينها نقلت بعضها إلى العلن».
من شاهد الكليب شعر بأنه يتابع فيلما سينمائيا قصيرا (مدته نحو 8 دقائق) للتقنية ومجريات القصة وحركة الكاميرا. وتعلق إنجي جمال: «لقد صورت مشاهد كثيرة لم أستعملها في هذا العمل، مع أنني كنت أتمنى العكس، فتصوير فيديو كليب له قواعده، ولا يمكن تحويله إلى فيلم سينمائي كي لا يمل منه المشاهد. كما أن إيقاع الكليب الغنائي يتصل اتصالا مباشرا بلحن الأغنية وكلامها، فتتأثر بهما عملية المونتاج ونقلة الكاميرا من مشهد إلى آخر. ولأنني كنت أرغب في إيصال أحاسيس حقيقية خاضتها إليسا، اختصرت الموضوع كي يتفاعل معه المشاهد بشكل أفضل».
وترى المخرجة اللبنانية أن العمل على فيلم سينمائي هو أسهل من العمل على فيديو كليب على المستوى المطلوب، إذ يعطي مخرجه مساحات واسعة لترجمة فكرته.
وبسؤالها: هل تشعرين اليوم بأنك أعدت إلى مهنة إخراج الفيديو كليب حقها وأعدتها إلى أيام العز؟ قالت: «أعلم تماما أنني نجحت، وأن هذا العمل يشكل نقلة نوعية بحد ذاته على الساحة. فلطالما وجدت في حاستي البصر والسمع أساسا مطلوبا لنقل قصة غنائية. وما يؤلمني هو عدم وجود منافسة قوية، كما هو مطلوب في إطار صناعة الأغنية المصورة، ولذلك يجب أن نستمر بالمحاولة أكثر فأكثر. فحتى مشهدية لوحة راقصة يجب أن تنم عن أحاسيس تترجم رسالة الكليب بعيدا عن السطحية».
وتلفت إنجي جمال إلى رسالة أخرى يحملها كليب «إلى كل اللي بيحبوني»، وتقول: «كلام هذه الأغنية أخذ الناس إلى موضوع لم أتنبه له خلال العمل، وهو الكف عن التلفظ بعبارات جارحة تجاه الآخر. فهناك شريحة من الناس كانت توجه إليها ألفاظا جارحة حول تصرفات معينة لها، دون أن تعلم بأن إليسا كانت تعاني من المرض. فجاءت تعليقات الناس بعد عرض الكليب تعبر عن استيائهم: (لقد كنتم تجرحونها فيما هي تعاني من مرض خطير) فأحيا العلاقات الإنسانية بين الناس وهو أمر أعتز به».
ولكن ما هي الخطوة المستقبلية التي تنوي إنجي جمال إضافتها إلى مشوارها الإخراجي؟ ترد: «على بالي الانتقال إلى الشاشة الذهبية، لأكتشف طاقاتي في صناعة فيلم سينمائي. أدرس هذه الخطوة بجدية، إذ أشعر بأنني صرت جاهزة لها، وما ينقصني هو قصة قوية قد تكون رومانسية وليس بالضرورة شبيهة بموضوعات كليبي إليسا الأخيرين. لن أبتعد عن إخراج الأغاني المصورة، ولكني بالتأكيد سأنتقي ما يناسبني منها، لأبقى محافظة على المستوى المطلوب، كلاما ولحنا ومجريات قصة».
وتضيف: «لا أعرف ماذا ينتظرني في الغد، وأقوم بتجارب في هذا الخصوص حول سيناريو سينمائي محبوك جيدا، وليس من الضروري أن أكون صاحبته».
وعن العبارة التي يمكنها أن تصف بها إليسا، تقول: «هي (المرأة الفولاذية)، وتكمن قوتها في أنها تستطيع أن تخرج الإحساس حتى من الحديد. فهي مجبولة بكمية كبيرة من الإحساس والقوة والأنوثة».



ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
TT

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)
يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة. وجد نفسه محرجاً في الغناء على مسرح عالمي فيما لبنان كان يتألّم، ولكنه حزم أمره وقرر المضي بالأمر كونه سيمثّل وجه لبنان المضيء. كما أن جزءاً من ريع الحفل يعود إلى مساعدة النازحين. ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كانت الحفلة الأولى لي التي أقيمها خلال هذه الحرب. وترددي جاء على خلفية مشاعري بالحزن على وطني».

خلال الحرب أصدر ميشال رميح أغنيته الوطنية «عم يوجعني بلدي». وقدّمها بصورة بسيطة مع عزف على البيانو، فلامست قلوب سامعيها بدفء كلماتها ولحنها النابع من حبّ الوطن. فهو كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» كتبها ولحنها وسجّلها وصوّرها في ظرف يوم واحد. ويروي قصة ولادتها: «كنا نتناول طعام الغداء مع عائلتي وأهلي، ولم أتنبه لانفصالي التام عن الواقع. شردت في ألم لبنان ومعاناة شعبه. كنت أشعر بالتعب من الحرب كما كثيرين غيري في بلادي. والأسوأ هو أننا نتفرّج ولا قدرة لنا على فعل شيء».

ألّف رميح أغنيته "عم يوجعني بلدي" ولحّنها بلحظات قليلة (ميشال رميح)

وجعه هذا حضّه على الإمساك بقلمه، فكتب أحاسيسه في تلك اللحظة. «كل ما كتبته كان حقيقياً، وينبع من صميم قلبي. عشت هذا الوجع بحذافيره فخرجت الكلمات تحمل الحزن والأمل معاً».

يقول إنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل، ولذلك آثر تمرير ومضات رجاء تلونها. وجعه الحقيقي الذي كان يعيشه لم يمنعه من التحلي بالصبر والأمل. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «في النهاية سنقوم من جديد؛ كوننا شعباً صلباً لا تشّلنا الأزمات. والفنان صاحب الأحاسيس المرهفة لا يمكنه أن يفرّق بين وجهة سياسية وأخرى، ولا بين طائفة وأخرى ينتمي إليها هذا الشخص أو ذاك. فما أعرفه جيداً هو أننا جميعنا لبنانيون، ولذلك علينا التوحّد ومساعدة بعضنا البعض. رؤية أبناء بلدي يهجرون منازلهم وقراهم المدمّرة، لامستني عن قرب، فولدت أغنيتي (عم يوجعني بلدي)؛ لأني بالفعل عشت ألماً حقيقياً مع نفسي».

حفرت في ذاكرة ميشال رميح مشاهد عدة مؤثّرة عن لبنان المهجّر والمدمّر، كما يقول. «لن أنسى ذلك المسنّ الذي بكى خسارته لزوجته وبيته معاً. اليوم لا يجد مكاناً يؤويه، كما يفتقد شريكة حياته. وكذلك تعاطفت مع الأطفال والأولاد الذين لا ذنب لهم بحروب الكبار. فهؤلاء جميعاً أعتبرهم أهلي وإخوتي وأبنائي. كان لا بد أن تخرج مني كلمات أغنية، أصف فيها حالتي الحقيقية».

ميشال ابن زحلة، يقيم اليوم في أميركا. يقول: «هاجرت إلى هناك منذ زمن طويل. وفي كل مرة أعود بها إلى لبنان أشعر بعدم قدرتي على مغادرته. ولكن بسبب أطفالي اضطررت للسفر. وعندما أغادر مطار بيروت تمتلكني مشاعر الأسى والحزن. لم أرغب في ترك بلدي وهو يمرّ في محنة صعبة جداً. ولكن الظروف مرات تدفعنا للقيام بعكس رغباتنا، وهو ما حصل معي أخيراً».

يقول بأنه لا يحب التخلّي عن مشاعر التفاؤل (ميشال رميح)

صوّر ميشال أغنيته، وسجلها في الاستوديو، في الوقت نفسه. لم يرغب في أن تكون مصطنعة بمشهديتها بل أن تمثّل واقعاً يعيشه. «الأغنية ليست تجارية، كتبت كلماتها على قصاصة ورق صغيرة. وأنا أتوجّه إلى استوديو التسجيل قمت بتلحينها».

سبق وتعاون رميح في عدة أغنيات مع مجموعة شعراء وملحنين، ومن بينهم هيثم زيات وسليم عساف. ولكن في أغنية «عم يوجعني بلدي» ترك العنان لأحاسيسه، فلحّن وكتب وغنّى من هذا المنطلق. صديقه ريكاردو عازار تسلّم مهمة عزف اللحن على آلة البيانو. «لم أشأ أن ترافقها آلات وإيقاعات كثيرة لأنها أغنية دافئة ووطنية».

يعدّ رميح الأغنية الوطنية وجهة يجب أن يتحوّل إليها كل فنان تتملّكه أحاسيس حقيقية تجاه وطنه. ويستطرد: «هكذا أنا مغنٍ أستطيع أن أقاوم عندما بلدي يشهد مرحلة صعبة. لا أستطيع أن ألتزم الصمت تجاه ما يجري من اعتداءات على أرضه. ولأن كلمات الأغنية تنبع من رحم الواقع والمشاعر، لاقت انتشاراً كبيراً».

حتى أثناء مرور لبنان بأزمات سابقة لم يوفّر ميشال رميح الفرصة ليغني له. «أثناء ثورة أكتوبر (تشرين الأول) وانفجار المرفأ غنيّت لبنان بأسلوبي وعلى طريقتي. وتركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي. غنيت (شعب لبنان) يومها من ألحان هيثم زيات».

تركت مساحة مضيئة بأمل في الغد تبرز في أعمالي (ميشال رميح)

ينقل ميشال رميح حقيقة أحاسيس كل لبناني اضطر إلى هجرة وطنه. «قد يعتقد البعض أن من يعيش خارج لبنان وهو في أزمة، يتمتع بالراحة. هذا أمر خاطئ تماماً. فقد عصرني الألم وأنا أغادر وطني، وكلما حلّقت الطائرة وصغرت صورة لبنان من الأعلى، شعرت بحزن أكبر. جميع أبناء لبنان ممن أعرفهم هنا في أميركا يحزّ في قلبهم ابتعادهم عن وطنهم المجروح. ولكنهم جميعهم يأملون مثلي بالعودة القريبة إليه. وهو ما يزيد من صبرهم، لا سيما وأن أعمالهم وعائلاتهم تعيش في أميركا».

أغانٍ وطنية عديدة لفتت ميشال رميح أخيراً: «أرفع القبعة لكل فنان يغني لبنان المتألم. استمعت إلى أغانٍ عدة بينها لجوزف عطية (صلّوا لبيروت)، ولماجد موصللي (بيروت ست الدنيا)، وأخرى لهشام الحاج بعنوان (بيروت ما بتموت)، وكذلك واحدة أداها الوليد الحلاني (بعين السما محروس يا لبنان)». ويعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «أعتبر هذه الأغاني بمثابة غذاء الروح لوطني لبنان. لا شك أن ما أعنيه يأتي مجازياً؛ لأن لا شيء يعوّض خسارات بلدي. ولكن من ناحيتي أجد صوتي وأغنيتي هما سلاحي الذي أدافع فيه عن بلدي».

عندما غادر رميح لبنان منذ نحو الشهر كان في زيارته الثانية له بعد غياب. فحب الوطن زرعه في قلبه، ونما بداخله لا شعورياً. «لن أستسلم أبداً، وسأثابر على زيارة لبنان باستمرار، على أمل الإقامة فيه نهائياً وقريباً. فوالداي علّماني حب الوطن، وكانا دائماً يرويان لي أجمل الذكريات عنه. وأتمنى أن أشهد مثل هذه الذكريات كي أرويها بدوري لأولادي».