بين الخطأ والصواب

- وسائل منع الحمل والخصوبة
> نظرا لتعدد أنواع وسائل منع الحمل وتنظيمه إلى جانب زيادة الإقبال على استخدامها من قبل النساء وخاصة المتزوجات منهن، كان لزاما على الباحثين التأكد من آثار استخدام وسائل منع الحمل على استئناف وضعية الخصوبة بعد التوقف عن استخدامها والرغبة في الإنجاب.
إن الأدلة الحالية على استئناف الخصوبة بعد استخدام وسائل منع الحمل غير حاسمة. وتظل مسألة الخصوبة عملياً بعد انتهاء دواعي استخدام وسائل منع الحمل وإيقافها مصدر قلق كبير للنساء اللاتي استخدمنها واللاتي ينوين استخدامها. ويولد هذا الخوف أثراً سلبياً على استخدام وسائل منع الحمل واستمرارها. ولذلك، فإن تقدير معدل استئناف الحمل بعد استخدام وسائل منع الحمل وتحديد العوامل المرتبطة أمر مهم لتصميم استراتيجية للتغلب على هذه المشكلة.
ووفقاً لتحليل تلوي meta - analysis حديث نُشِر في 23 يوليو (تموز) 2018 في دورية منع الحمل والطب التناسلي (the journal Contraception and Reproductive Medicine)، فإن استخدام وسائل منع الحمل، بصرف النظر عن مدتها أو نوعها، لا يؤثر سلبياً على قدرة المرأة على الحمل بعد توقفها عن استخدامها، ولا يؤخر الخصوبة بشكل كبير.
وقد قام باحثون برئاسة الدكتور جيروم تي وزميله الدكتور واسي إيه A من قسم الصحة العامة بكلية الطب والعلوم الصحية بجامعة والكيت Wolkite University بإثيوبيا - بإجراء تحليل تلوي حديث لمجموعة من الدراسات عددها 22 دراسة تم تحديدها من خلال بحث في الأدبيات الطبية، وقاعدة بيانات الصحة العالمية، وقاعدة البيانات الطبية الأفريقية. وقد تم تصميم نموذج للتأثير العشوائي. وهذا رابط الدراسة على موقع المعاهد الوطنية الأميركية للصحة (www.ncbi.nlm.nih.gov-pubmed-30062044).
ووفقاً للتحليل، فقد وجد أن استخدام وسائل منع الحمل، بصرف النظر عن مدتها أو نوعها، لا يؤثر سلبياً على قدرة المرأة على الحمل بعد توقفها عن استخدامها ولا يؤخر الخصوبة بشكل كبير.
ووجد أن معدل الحمل التقديري المجمّع في غضون 12 شهراً من توقف استخدام موانع الحمل كان 83.1 في المائة، ولم يكن هناك اختلاف كبير في عودة الخصوبة في السنة الأولى بعد استخدام الموانع من الطرق الهرمونية وأجهزة اللولب داخل الرحم. وأن عودة الخصوبة لم تتأثر بنوع البروجسترون المستخدم في منع الحمل أو مدة استخدام وسائل منع الحمل عن طريق الفم. ولم تكن هناك أدلة قاطعة بشأن تأثير التكافؤ في استئناف الحمل بعد التوقف عن استخدام وسائل منع الحمل.
وعلق على نتيجة الدراسة الدكتور جيروم بأن لها أهمية في تقديم المشورة للنساء بأن استخدام موانع الحمل السابقة بغض النظر عن مدتها ونوعها لا يؤثر سلبا على الخصوبة اللاحقة حتى يتمكنَّ من اختيار النوع المناسب واستخدام المدة التي يريدونها.
- تطعيم فيروس الورم الحليمي البشري للمراهقين الذكور
> تم اعتماد إدخال التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري humanpapilloma virus (HPV) ضمن التطعيمات الخاصة بالفتيات منذ عام 2008 في كافة دول العالم، وقد كانت له نتائج جيدة حيث نجح في وقاية الفتيات وحمايتهن من السرطانات المرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري والإصابة بأخطر أنواع السرطانات التي تصيب المرأة وهي سرطان عنق الرحم.
وبعد أن حقق هذا التطعيم نتائج إيجابية في القضاء على انتشار سرطان عنق الرحم، بدأت بعض الدول تناقش إدخال نفس التطعيم في برامج التطعيم الخاصة بالأولاد الذكور أيضا. وكان السبق للسلطات الصحية في بريطانيا، حيث قررت في أعقاب توصية إيجابية من اللجنة المشتركة للتطعيم والتحصين إدخال تطعيم فيروس الورم الحليمي البشري ضمن برنامج التطعيمات إلى الفتيان المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و13 سنة كجانب وقائي مثلهم مثل الفتيات، حيث تنتشر بينهم ممارسة الجنس بين الرجال أيضا. وبهذا سوف تصبح بريطانيا الآن واحدة من مجموعة الدول القلائل التي بدأت في تقديم هذا البرنامج امتدادا للتطعيمات ضد فيروس الورم الحليمي البشري للمراهقين من البنات والأولاد على حد سواء، كما ستحقق أفضل نتائج في برامج مقاومة السرطان في العالم.
وقد نشر هذا القرار في 24 يوليو الماضي 2018 في موقع الحكومة البريطانية www.gov.uk. وعبرت الدكتورة ماري رامزي رئيسة قسم التحصين في الصحة العامة في إنجلترا عن سرورها بتقديم اللقاح المضاد لفيروس الورم الحليمي البشري للأولاد المراهقين بعد نجاحه مع جميع النساء دون سن الخامسة والعشرين تقريبا اللاتي تلقين هذا اللقاح. وأشارت إلى أنها على ثقة من أن الإقبال على أخذ هذا اللقاح سوف يشهد ارتفاعاً كبيراً لدى فئة الذكور حيث يتوقع تطعيم الآلاف من المراهقين سنويا، مؤكدة على أن هذا البرنامج الموسّع سوف يوفر الفرصة لجعل الأمراض المرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري شيئا من الماضي بعد نجاح نفس البرنامج مع الفتيات، حيث قلل بالفعل من انتشار فيروس الورم الحليمي البشري 16 و18 (وهما النوعان الرئيسيان المسببان للسرطان) بنسبة وصلت لأكثر من 80 في المائة.
وبهذا سوف تقل نسبة الإصابة بسرطان عنق الرحم وسرطانات أخرى من تلك التي تنتشر عادة بين كل من الرجال والنساء وتكون مرتبطة بفيروس الورم الحليمي البشري - مثل سرطان الفم والحنجرة وسرطان الشرج - وهذه العملية تعرف باسم «مناعة القطيع herd immunity».

- استشاري في طب المجتمع
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة
a.khojah@asharqalawsat.com