الانشقاق الشيعي يقوّي موقف سنة العراق وأكراده

طبقا لما يدور وراء كواليس المباحثات والمفاوضات الشاقة بين الكتل السياسية العراقية بهدف تشكيل الكتلة الكبرى القادرة على تشكيل الحكومة المقبلة، فإن ثمة تنافسا شيعيا شيعيا حادا من أجل استمالة الكرد والسنة لتحقيق الرقم المطلوب، وهو 165 نائبا، إلى حين عقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد بعد نحو 10 أيام.
ويرسم سياسي عراقي مطلع ما بات كأنه لعبة «جر حبل» بين القوى المتنافسة، فيقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»، طالبا عدم الكشف عن اسمه أو هويته، إن «الكتل الشيعية، وبخاصة محوري (النصر - سائرون) و(الفتح - دولة القانون)، تتنافس بقوة باتجاهين، الأول؛ هل يمضي كل طرف بتشكيل الكتلة الكبرى باستبعاد الطرف الآخر ودفعه إلى المعارضة؟ والثاني؛ إلى أي حد يمكن لأي منهما الاستجابة للشروط الكردية؟ خصوصا مع ربطها بضمانات مكتوبة مثلما يريدها الكرد، ما يجعل الموافقة على تلك الشروط بمثابة تفريط بوحدة العراق، خصوصا أن الكرد الآن يريدون تطبيقا جديا للمادة 140 من الدستور، وهو ما يعني ضم كركوك الغنية بالنفط إلى إقليم كردستان، فضلا عن شروط أخرى لا تقل خطورة عن هذه».
ويمضي السياسي العراقي قائلا إن «الشروط الكردية تقابلها مطالب سنية، وهي على الأكثر مقدور عليها؛ لأنها تتعلق بالنازحين وبتوزيع المناصب السيادية حيث إن للسنة 3 مرشحين لرئاسة البرلمان وهم أسامة النجيفي من (تحالف القرار) ومحمد الحلبوسي من (اتحاد القوى العراقية) ومحمد تميم من (المحور الوطني)، وبالتالي فإن أي كتلة شيعية تتعهد بدعم أحد هؤلاء المرشحين يمكن أن يندفع معها الطرف الذي ينتمي إليه المرشح مضافة إليها المناصب الوزارية وسواها من الاستحقاقات، بينما الكرد ليست لديهم مشكلة بالمناصب حيث إن رئاسة الجمهورية محسومة للاتحاد الوطني الكردستاني، والوزارات ليست مهمة للكرد بقدر ما يهمهم الملفات العالقة، وبعضها في غاية الأهمية مثل المادة 140 من الدستور وحصتهم من الموازنة وقانون النفط والغاز والبيشمركة ودخول القوات الاتحادية إلى المناطق المتنازع عليها بعد فشل الاستفتاء الكردي العام الماضي».
ويرى السياسي العراقي أن «التجربة الديمقراطية العراقية لم تنضج بطريقة يمكن معها الحديث عن موالاة ومعارضة. الأمر الذي يجعل من الجميع يرغب في الدخول إلى السلطة، وهو ما باتت تعانيه القوى السياسية العراقية التي كانت أعلنت أنها تريد أن تشكل أغلبية سياسية من وجهة نظر طرف، وأغلبية وطنية من وجهة نظر طرف آخر»، مبينا أن «الانشقاق الشيعي الشيعي بين محورين، يمثل أحدهما مقتدى الصدر وحيدر العبادي وعمار الحكيم، والآخر نوري المالكي وهادي العامري، بات كما لو كان فرصة ثمينة للسنة والأكراد لرفع سقف المطالب والشروط. الأمر الذي قد يجبر الشيعة على العودة إلى بيتهم السابق (التحالف الوطني) وطرح مرشحهم ككتلة كبرى، بالرغم من صعوبة ذلك حاليا بسبب الخلافات الشخصية بين عدد من القيادات الشيعية البارزة التي يدرك السنة والكرد عمقها». وفي هذا السياق، فإنه في الوقت الذي يقول فيه محور «الفتح - دولة القانون» إنهم حصلوا على تعهد شفوي سني بالانضمام إليهم من أجل تشكيل الكتلة الكبرى طبقا لما يقوله عضو دولة القانون خالد السراي، فإن فلاح الزيدان وزير الزراعة وعضو المحور الوطني السني ينفي من جانبه التوصل إلى أي صيغة تفاهم مع أحد لإعلان الكتلة الكبرى. ويضيف الزيدان أن «(المحور الوطني) يجري مباحثات مع الجميع لتشكيل الحكومة وفق التوقيتات الدستورية».
من جانبه، دعا حزب الفضيلة الإسلامي إلى عقد اجتماع بمائدة مستديرة للكتل الفائزة بالانتخابات لتلافي الخلافات التي بدأت تتنامى الآن بشأن الكتلة الكبرى. وقال الحزب في مؤتمر صحافي عقده في بغداد أمس: «ما زلنا نرى أن الحل في اجتماع مائدة مستديرة للكتل الفائزة لتضع شروط ومواصفات رئيس الوزراء ويجري التصويت على المرشحين في إطارها». وأضاف: «لا مانع من إعلان المحور الثاني (الفتح – دولة القانون) لنواة أخرى للكتلة الكبرى، ثم تجتمع النواتان على المائدة المستديرة، أما التشظي والانقسام فليس من مصلحة العراق ولا شعبه الذي أنهكته المشكلات والحروب».