أُسَر كورية تجتمع بعد 6 عقود من الفراق

شهدت كوريا الشمالية، أمس، لقاءً مؤثراً جمع 89 أسرة فرقتها الحرب قبل أكثر من ستين عاماً.
والتقى نحو 330 كورياً جنوبياً من 89 أسرة، أغلبهم يجلس على مقاعد متحركة، مع نحو 185 من أقاربهم من الشمال. وتعانقوا وبكوا فرحاً غير مصدقين فرصة اللقاء. ووجد بعضهم صعوبة في التعرف على أفراد أسرته، الذين لم يروهم منذ اندلاع الحرب بين الكوريتين (1950 – 1953).
وتعكس معاناة هذه الأسر حالة التوتر السياسي بين الكوريتين، الذي تصاعد في السنوات الأخيرة بسبب تسريع بيونغ يانغ لبرنامجيها النووي والباليستي. وسجل نحو 57 ألف كوري جنوبي من الناجين من الحرب أسماءهم في برنامج لم الشمل، الذي عادة ما ينتهي بوداع مؤلم.
ومنذ عام 2000، نظّمت الكوريّتان عشرين سلسلة من هذه الاجتماعات. لكن بعد 65 عاماً على الهدنة، بات الوقت ضيقاً للذين ما زالوا على قيد الحياة. نقلت قافلة مؤلفة من 14 حافلة 98 كورياً جنوبياً غالبيتهم من كبار السنّ، للقاء أهاليهم في الشمال.
ورافقت القافلة الشرطة وطاقم طبي من مدينة سوكشو الساحلية الواقعة في شمال شرقي كوريا الشمالية، واجتازت المنطقة المنزوعة السلاح الفاصلة بين الكوريتين. وقد بدا بعض الركاب متحمسين، بينما لا يكاد آخرون يصدقون ما يجري.
ومن أمس ولغاية الأربعاء، سيمضي هؤلاء الكوريون الجنوبيون ما مجموعه 11 ساعة مع أقاربهم المقيمين في الشمال، في لقاءات تجري في منتجع كومغانغ تحت إشراف عناصر أمن كوريين شماليين. وسيفترق الأقارب من جديد الأربعاء، وهذه المرة قد يكون فراقهم أبدياً.
وبين هؤلاء لي كيوم سيوم (92 عاماً)، وهي من الأمهات القليلات اللواتي سيلتقين ابناً؛ فعلى مر الزمن، باتت اللقاءات بين آباء وأبنائهم قليلة. وخلال هربها فقدت زوجها وابنها الذي كان في الرابعة من العمر حينذاك، ووصلت مع ابنتها فقط بعبَّارة إلى الجنوب. وقد توجهت أمس برفقة ابنتها إلى الشمال للقاء ابنها الذي يبلغ من العمر اليوم 71 عاماً.
وقالت لي لوكالة الصحافة الفرنسية: «لم أتصور يوماً أن هذا اليوم سيأتي». وأضافت: «لم أكن أعرف ما إذا كان حيّاً أو ميتاً». وقدم 130 ألف كوري جنوبي في عام 2000 للمشاركة في هذه الاجتماعات. ومعظم الذين ما زالوا على قيد الحياة منهم تجاوزوا الثمانين من العمر. وأكبرهم سنّاً هذه المرة هو بايك سونغ - كيو (101 عام).
ويفترض أن يلتقي زوجة ابنه وحفيدته. وقد جلب هدايا تتمثل بملابس وثلاثين زوجاً من الأحذية وفراشي ومعجون أسنان. وقال: «جلبت أيضاً عشرين ملعقة من الفولاذ المصقول»، موضحاً: «اشتريتُ كل هذا لأنها المرة الأخيرة». وبعض الذين تم اختيارهم بالقرعة، تخلوا عن الزيارة بعدما علموا أن قريبهم، وقد يكون أباً أو أماً أو أخاً أو أختاً على الجانب الآخر من الحدود، توفي وأنهم لن يلتقوا سوى شخص تربطهم به صلة قرابة بعيدة لم يعرفوه أساساً.
لكن جانغ هاي - وون (89 عاماً) الذي فرَّ من مسقط رأسه في مدينة بإقليم هوانغهاي، رغب في لقاء ابنة وابن شقيقه ليروي لهما حياة والدهما. وقال: «إنهما لا يعرفان شكل والدهما. لذلك سأحدثهما عنه، وأقول لهما متى توفي». وأضاف: «لكن هذا هو كل ما سأقوله لأنه بقدر ما نتكلم يزداد حزننا».
والذين شاركوا في مثل هذه اللقاءات في الماضي عبروا في أغلب الأحيان عن قلقهم لأنها قصيرة جداً. وأشار معظمهم إلى أن الفراق في نهاية الأيام الثلاثة يمكن أن يكون مؤثراً جدّاً. وعبّر آخرون عن استيائهم من الهوة العقائدية التي تفصلهم عن أقاربهم. من جهة أخرى، واجه كثيرون منهم صعوبات جمة في تذكر وقائع بعد عقود من الافتراق وتقدمهم في السن. وقال مسؤول في حكومة كوريا الجنوبية إن هذه السلسلة الجديدة من اللقاءات المخصصة للعائلات التي فرّقت بينها الحرب، هي الأولى منذ ثلاث سنوات. ويشكل استئناف هذه اللقاءات مؤشراً جديداً على الانفراج الذي تشهده شبه الجزيرة الكورية منذ بداية السنة بعد سنوات من التوتر بسبب البرنامجين النووي والباليستي لكوريا الشمالية.
وقد اتفق كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية، ومون جيه إن رئيس كوريا الجنوبية على أحدث جولة لم الشمل، خلال قمة جمعتهما في أبريل (نيسان) الماضي في المنطقة منزوعة السلاح.