ضغوط على الحريري لـ«التطبيع مع نظام دمشق»

بحجج المساهمة في إعادة الإعمار في سوريا واستغلال معبر نصيب

قائد الجيش العماد جوزيف عون يتحدث في حفل تكريمي للضباط المتقاعدين السبت بمناسبة عيد الجيش اللبناني (الوكالة الوطنية)
قائد الجيش العماد جوزيف عون يتحدث في حفل تكريمي للضباط المتقاعدين السبت بمناسبة عيد الجيش اللبناني (الوكالة الوطنية)
TT

ضغوط على الحريري لـ«التطبيع مع نظام دمشق»

قائد الجيش العماد جوزيف عون يتحدث في حفل تكريمي للضباط المتقاعدين السبت بمناسبة عيد الجيش اللبناني (الوكالة الوطنية)
قائد الجيش العماد جوزيف عون يتحدث في حفل تكريمي للضباط المتقاعدين السبت بمناسبة عيد الجيش اللبناني (الوكالة الوطنية)

كشف مصدر سياسي لبناني مواكب لمباحثات تشكيل الحكومة اللبنانية، أن «تنسيق الحكومة العتيدة مع دمشق يمثل واحدة من العقد التي تحول دون تشكيلها»، في ظلِّ رفض الرئيس المكلف بتشكيلها سعد الحريري، المبدئي «التطبيع مع النظام السوري»، وسط ضغوط تُمارَس عليه، في ملفات يمثل هذا الملف واحداً منها، إلى جانب حصص الأطراف السياسية في الحكومة المزمع تأليفها، تلك التي توصف بأنها عقد داخلية.
ولا يتحدث تيار «المستقبل» صراحةً عن العقدة المرتبطة بالتنسيق مع سوريا، إذ يجزم مسؤولون فيه بأن مسألة التطبيع مع النظام السوري، مرفوضة، وهي تندرج ضمن إطار الموقف المبدئي للتيار، وهو أمر محسوم، قائلة: «لا نقبل بتاتاً بالتطبيع مع النظام، وهو موقفنا الثابت».
وتحمل التطورات السياسية مؤشرات على ضغوط تُمارَس على الحريري في هذا الجانب، وهو ما عبَّرَت عنه مصادر سياسية مواكبة لمباحثات تشكيل الحكومة، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «قد يكون دفع البعض لتنسيق الحكومة المقبلة مع النظام السوري، جزءاً من الضغوط، وتمثل إحدى العقد التي تؤدي إلى عرقلة ولادة الحكومة، إلى جانب العراقيل الداخلية».
ومع أن «التيار الوطني الحر» لا يعد رفض الحريري للتنسيق مع دمشق أحد أسباب العراقيل التي تواجه تشكيل الحكومة، وهو ما عبَّر عنه وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية في حكومة تصريف الأعمال بيار رفول في تصريح إذاعي، أول من أمس (السبت)، غير أن الدفع باتجاه التنسيق مع دمشق يتنامى تحت عناوين مرتبطة بجهود إعادة النازحين السوريين، وبالوضع الاقتصادي على ضوء توقع دور مفترض للبنان بإعادة الإعمار في سوريا، وتصدير البضائع اللبنانية عبر معبر نصيب الحدودي بين سوريا والأردن.
وفي ظل انغلاق الأفق أمام فرص تشكيل الحكومة قريباً، برز تطور لافت على «الوطني الوطني الحر» الذي أعاد كرة التأليف إلى ملعب الحريري، حيث قال وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي في تغريدة على حسابه في «تويتر» لمناسبة ذكرى انتصار الجيش في معارك فجر الجرود: «(آب) يحمل كل الانتصارات، على فارق أيام معدودات، من 2006 إلى فجر الجرود، وسوف يحمل بحلول نهايته حلا للأسر الحكومي إن حسم الحريري خياراته وأقدم».
ولا ينفي «المستقبل» الضغوط الداخلية المرتبطة بالحصص، حيث أقرّ عضو كتلة «المستقبل» النائب نزيه نجم لـ«الشرق الأوسط» بأن هناك «ضغوطاً تُمارَس على الحريري»، لافتاً إلى أن رئيس الحكومة المكلف «تقدَّم بعدة اقتراحات ومسودات لتشكيل الحكومة، ومع ذلك بقيت العراقيل قائمة»، مشدداً على أن مصلحة البلد والشعب «أهم من كل المكاسب».
وأوضح نجم أن الحريري «يكرر تأكيده أنه يريد تشكيل حكومة»، مضيفاً: «العقد ليست عنده، بل عند الأقطاب. الجميع يحاول انتزاع مكاسب، رغم أن معاناة الناس تفاقمت والوضع الاقتصادي صار ضاغطاً على البلد»، داعياً جميع الأطراف إلى «اتخاذ القرار بأن البلد للجميع، وكل طرف له حصته، لكن أهم حصة هي للشعب اللبناني الذي انتخب ممثلي الجميع في البرلمان». وشدد على ضرورة تشكيل حكومة جامعة «لننتهي من هذا الملف».
وفي سياق التحذير نفسه، توجه عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب بلال عبد الله، إلى «مَن اخترع العقد في تشكيل الحكومة» بالقول: «إن لم نتواضع فكلّ العهد قد يكون في خبر كان، وكل الإنجازات التي تعدون الناس بها ستصبح في خبر كان، وإن لم تتداركوا هذا الأمر واستمررتم في تحديد أدوار وأحجام الآخرين، فستكون هناك تداعيات خطيرة على البلد»، مضيفاً: «لقد حاولتم ليَّ ذراع وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي في الانتخابات وفشلتم، وأكيد لن نسمح لكم اليوم بليِّ هذه الذراع، ذراعنا كانت قوية وستبقى قوية».
في هذا الوقت، أكد عضو كتلة «الجمهورية القوية» النائب جورج عقيص، أن «القوات لا تتردد باتخاذ الخطوات التي تحافظ على المصلحة العامة وذلك من خلال الانفتاح على كل الأفرقاء السياسيين»، ذاكراً أن «قرار تشكيل الحكومة لم يتخذ بعد، لأنه ما زالت هناك عقد، ولا أشارت إلى حلحلة هذه العقد التي تعيق التشكيل».
وشدد عقيص، في حديث تلفزيوني، على أن «موقف (القوات) واضح في هذا الخصوص، فنحن قدمنا كل ما عندنا تسهيلاً لتشكيل الحكومة، والكرة لم تعد أبداً بملعب القوات».
بدوره، شدد وزير المالية في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل على «السعي إلى أن ينهض الوطن من أزماته وآخرها الأزمة السياسية والتأخر في تشكيل الحكومة، وذلك رغم كل الصعوبات، هذا الأمر وإن كان تفصيلياً في حياتنا العامة يتحول مع الوقت إلى أزمة حقيقية تعيق الحلول التي تخرجنا من الأزمات الاقتصادية والمالية التي نعانيها».



السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
TT

السعودية ومصر لوضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى» بين البلدين

ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)
ولي العهد السعودي والرئيس المصري خلال لقاء سابق بينهما (واس)

تعكف الرياض والقاهرة على وضع هيكل «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري»، وفق ما أعلنه وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي. وهو ما عدَّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بمثابة «خطوة على طريق تعميق التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية».

وقال عبد العاطي، في تصريحات متلفزة، مساء الخميس: «نعمل حالياً على وضع الهيكل التنسيقي للمجلس المصري - السعودي»، مؤكداً على «العلاقة الاستراتيجية الوطيدة، والتنسيق المستمر بين البلدين».

وكان الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قد شهدا في ختام مباحثاتهما بالقاهرة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التوقيع على تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي» برئاسة الرئيس السيسي، وولى العهد السعودي.

ومنتصف الشهر الماضي، وافقت الحكومة المصرية على قرار تشكيل «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي». وأوضحت الحكومة في إفادة لها، أن «المجلس يهدف إلى تكثيف التواصل وتعزيز التعاون بين مصر والمملكة العربية السعودية في مختلف المجالات التي تهم الجانبين».

وعدَّ الإعلامي السعودي، خالد المجرشي، «مجلس التنسيق الأعلى السعودي - المصري» بمثابة «خطوة تؤكد إمكانية توسيع تكامل العلاقات بين الرياض والقاهرة، في إطار سلسلة من الخطوات التي بدأت قبل نحو عقد من الزمان».

وقال إن «المجلس يأتي في إطار بناء الآلية المستقبلية لتعزيز التعاون بين البلدين في مختلف المجالات، لا سيما مع توجيهات رسمية من قادة البلدين لتشجيع الاستثمار والتبادل التجاري». واستشهد المجرشي بما سبق أن قاله وزير التجارة السعودي، ماجد القصبي، عن تكليفه بتشجيع الاستثمار في مصر.

ونهاية عام 2018، قال القصبي، خلال الجلسة الافتتاحية لاجتماعات «مجلس الأعمال المصري - السعودي»، إنه «تلقى تكليفاً واضحاً من ولي العهد السعودي بأن يعد نفسه وزيراً بالحكومة المصرية سعياً لتعزيز التعاون الاستراتيجي بين البلدين».

وقال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، إن «وجود مجلس أعلى للتنسيق بين القاهرة والرياض من شأنه تذليل أي عقبات أمام التعاون الثنائي لا سيما أنه برئاسة الرئيس السيسي وولي العهد»، موضحاً أن «المجلس خطوة لتعميق العلاقات بين السعودية ومصر في مختلف المجالات».

بدر عبد العاطي خلال استقبال الأمير فيصل بن فرحان بالقاهرة في سبتمبر الماضي (الخارجية المصرية)

وأوضح عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية بالبرلمان)، الدكتور عبد المنعم سعيد، أن «السعودية ومصر هما قبة الميزان في المنطقة، وتعزيز التعاون بينهما ضروري لمواجهة التحديات الإقليمية»، وَعَدَّ سعيد «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «نقطة بداية لمواجهة التحديات، وتحقيق الاستقرار الإقليمي».

وأضاف: «لا تستطيع دولة عربية واحدة مواجهة عدم الاستقرار الإقليمي»، مشيراً إلى أن «تعميق العلاقات السعودية - المصرية من خلال (مجلس التنسيق الأعلى) من شأنه حماية القاهرة والرياض من الأخطار، وأيضاً التنسيق لمواجهة ما يحيط بالمنطقة من تحديات».

وكان وزير الخارجية المصري أكد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره السعودي، الأمير فيصل بن فرحان، في القاهرة، سبتمبر (أيلول) الماضي، أن «مجلس التنسيق الأعلى المصري - السعودي»، «سيكون مظلة شاملة لمزيد من تعميق العلاقات الثنائية بين البلدين، والدفع لآفاق التعاون بينهما في المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والتنموية والاستثمارية، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووفق بيان الحكومة المصرية، الشهر الماضي، «يتألف المجلس من عدد من الوزراء والمسؤولين من البلدين في المجالات ذات الصلة»، كما «يعقد اجتماعات دورية بالتناوب في البلدين، ويحق له عقد اجتماعات استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك». والمجلس «سيحل محل الاتفاق الخاص بإنشاء اللجنة العليا المصرية - السعودية المشتركة».