إدارة ترمب ترجح محاولة الصين التدخل في انتخاباتها
اتهمت إدارة دونالد ترمب، أمس، الصين بالتدخل في الانتخابات الأميركية، في وقت يصعّد الرئيس انتقاداته للتحقيق المستمر حول احتمال تواطؤ فريق حملته الانتخابية في 2016 مع روسيا.
وكتب ترمب، السبت، على «تويتر»، «جميع هؤلاء الأغبياء الذي يركزون على روسيا ينبغي عليهم أن يبدأوا بالنظر في اتجاه آخر، الصين». لكن لم تحظَ هذه التغريدة باهتمام إعلامي كبير، قبل أن يكرر مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض، جون بولتون، هذا الاتهام. وسُئل بولتون على شبكة «إيه بي سي» عن الموضوع أمس، فأجاب «يمكنني بالتأكيد أن أقول لكم إنه تهديد كافٍ لأمن الولايات المتحدة القومي، تدخّل الصين وتدخل إيران وتدخل كوريا الشمالية، يحضّنا على اتخاذ تدابير في محاولة لاحتوائه». وأضاف «إنها في الواقع أربع دول». لكن بولتون لم يدلِ برد واضح حين طلب منه الخوض في تفاصيل محاولة تدخل الدول الأربع، وخصوصاً الصين في الانتخابات الأميركية. وقال «لا أستطيع الخوض في (تفاصيل) ما رأيته. لكن يمكنني القول إنه بالنسبة إلى الانتخابات التشريعية في 2018، فإن هذه الدول الأربع تثير قلقنا أكثر من سواها».
ومنذ بداية الشهر، كثّف ترمب هجماته على التحقيق الذي يترأسه المحقق الخاص روبرت مولر حول احتمال تدخل موسكو في الحملة التي أوصلته إلى البيت الأبيض، حتى أنه طلب من وزير العدل جيف سيشنز إنهاء التحقيق، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. ووصف هذا الأمر أمس بأنه «أسوأ أنواع المكارثية»، وهو مصطلح سياسي نسب إلى السيناتور جوزيف مكارثي إبّان خمسينات القرن الماضي حين كان يتّم اتهام أشخاص بالشيوعية من دون أدلة كافية.
وفي ثماني تغريدات أمس، ندد الرئيس الأميركي بالتحقيق الفيدرالي حول احتمال تدخل روسيا في الانتخابات الأميركية في 2016. وجاء هجوم ترمب عبر «تويتر» بعد أن نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريراً على صفحتها الأولى يشير إلى أن محامي البيت الأبيض دون مكغان زوّد المحقّقين بـ«محاضر مفصّلة» حول كيفية تعاطي ترمب مع التحقيق في مراحله الحساسة.
وكان ترمب تطرق إلى المسألة ليل السبت، قبل أن يصعّد هجومه على الصحيفة والتحقيق في سلسلة تغريدات صباحية عبّر فيها عن غضبه إزاء إيحاء صحيفة «نيويورك تايمز» بأن مكغان قد انقلب عليه. وكتب ترمب «ليس لدي ما أخفيه... لقد طالبت بالشفافية من أجل وضع حد لحملة الاضطهاد الملفّقة والمثيرة للاشمئزاز». وتابع ترمب «دُمّرت حياة الكثير من الناس من دون سبب، إن هذا أسوأ أشكال المكارثية».
وينظر المحقق الخاص روبرت مولر في احتمال أن يكون الرئيس الأميركي تعمّد عرقلة سير العدالة، وفي احتمال حصول تواطؤ بين حملته وروسيا لترجيح فوزه في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 2016. وأورد تقرير «نيويورك تايمز» أن مكغان وفي ثلاثين ساعة متراكمة من الإدلاء بإفادته على مدى تسعة أشهر أبلغ المحققين بمدى غضب الرئيس من التحقيق، والأسلوب الذي طلب منه ترمب اعتماده في التعامل معه.
وبحسب الصحيفة، فإن إفادة مكغان تطرّقت إلى حيثيات إقالة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) جيمس كومي، وهوس الرئيس بتعيين محقق ممن يدينون له بالولاء. وأشارت الصحيفة إلى أن مكغان لعب دوراً أساسياً في عدم إقالة ترمب لمولر الذي تولى التحقيق بعد إقالة كومي.
ووصف ترمب التقرير بأنه «مادة مضللة»، وكتب «صحيفة (نيويورك تايمز) الفاشلة كتبت تقريراً يوحي بأن محامي البيت الأبيض انقلب على الرئيس، في حين أن الحقيقة هي عكس ذلك، ومُعدّا التقرير المضللان يعلمان ذلك. لهذا السبب أصبحت وسائل الإعلام المضللة عدو الشعب. هذا سيئ جداً لأميركا!». وطالب الرئيس الأميركي بـ«دراسة الراحل جوزيف مكارثي؛ لأننا الآن في مرحلة يجعل فيها مولر وعصابته جوزيف مكارثي يبدو كأنه طفل. حملة اضطهاد ملفّقة».
وعلى صعيد قضية جدلية أخرى، دعا المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، جون برينان، أمس، الكونغرس إلى صد مساعي ترمب لسحب التصاريح الأمنية من مسؤولين آخرين في الاستخبارات، مكرراً وصفه أداء الرئيس الأميركي بـ«الخيانة».
كان ضباط سابقون كبار في أجهزة الاستخبارات قد أعربوا عن دعمهم لبرينان الذي لم يلقَ دعما يذكر من النواب الجمهوريين، بعد أن ألغى ترمب تصريحه الأمني الأسبوع الماضي، رداً على ما اعتبره الرئيس «مزاعم مشينة لا أساس لها»، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
يأتي ذلك بعد أن أعلن ترمب، الجمعة، أنه من المرجح إلغاء التصاريح الأمنية لمسؤولين ديمقراطيين آخرين، حاليين وسابقين، فيما ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن البيت الأبيض أعد وثائق لإلغاء التصاريح الأمنية. وأكد مدراء سابقون لـ«سي آي إيه»، في بيان مشترك صدر السبت، أن «ما فعله الرئيس في ما يتعلّق بجون برينان... لا علاقة له بمن يجب أو لا يجب أن يتمتع بتصريحات أمنية، وما هو إلا محاولة لخنق حرية التعبير».
وفي مقابلة مع شبكة «إن بي سي» التلفزيونية، أكد برينان مجدداً اتهامه لترمب بالخيانة، قائلاً: «وصفت أداءه بالخيانة. أنا متمسك جداً بهذا الادعاء»، وتابع: «إنها مرحلة غير طبيعية... ما فعله ويفعله ترمب أعتبره مخالفة يجب وقفها».
كان برينان، الذي ترأس وكالة الاستخبارات الأميركية من 2013 إلى 2017، قد انتقد بشدة الرئيس الأميركي بعد لقائه في هلسنكي نظيره الروسي فلاديمير بوتين، ورأى حينها أن «أداء» ترمب «لا يقل عن خيانة»، نافياً كل الشكوك التي طرحها ترمب حول استنتاجات التحقيق بتدخل روسيا في الانتخابات الأميركية في 2016 لترجيح فوزه.
وفي مقابلة أمس، قال برينان: «حان الوقت لكي يتدخل أعضاء الكونغرس»، في إشارة إلى مطالبة أعضاء ديمقراطيين في مجلس النواب بتقييد السلطة المعطاة للرئيس بسحب التراخيص الأمنية من دون اتباع الإجراءات الاعتيادية.
في المقابل، دافع رئيس لجنة الأمن القومي في مجلس الشيوخ السيناتور الجمهوري رون جونسون أمس عن سحب ترمب الترخيص الأمني لبرينان، وقال لشبكة «فوكس نيوز» الإخبارية الأميركية إن الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات المركزية «تخطى الحدود» في انتقاده للرئيس، لكنه أردف: «لا أريد أن يصبح هذا الأمر عملية اعتيادية. لا أريد أن يتم تسييسه».
ولم يكن رئيس الأركان السابق، الأدميرال المتقاعد مايكل مولن، مع هذا الرأي، وقال للشبكة ذاتها إن ترمب لديه سلطة سحب التراخيص الأمنية، لكن ذلك يعيدنا بالذاكرة إلى «قائمة الأعداء في عهد (الرئيس السابق ريتشارد) نيكسون، وقبله في الخمسينات حقبة مكارثي، حين كانت الإدارة تعد قوائم بأشخاص يخالفونها الرأي».
وتابع مولن أن «إعداد لائحة بأعداء سياسيين، خصوصاً ممن عملوا ضمن حكومة، وتحديداً من أمضوا حياتهم (بالعمل) ضمن حكومة... عمل خاطئ».