حذارِ من كارهي الكلمات

حذارِ من كارهي الكلمات
TT

حذارِ من كارهي الكلمات

حذارِ من كارهي الكلمات

حذارِ عندما يستهدفون الكتب. حين يحصل ذلك، يعني أن الفاشية وصلت إلى مرحلة خطيرة. والمعروف عبر التاريخ أن لا عدو أكبر لهذه الظاهرة الأخطر في تاريخ الإنسانية سوى الكلمة. إنها تخافها أكثر من الطاعون. وهو أمر مفهوم في الأنظمة الشمولية من هتلر إلى صدام حسين. ولكن أن نشهد في بلد ديمقراطي هجوماً ممنهجاً غير مسبوق على أصحاب الكلمة، ومن أعلى المستويات، فهذا قد يدل على أن هناك شيئاً يغلي تحت السطح، ما يستدعي قرع أجراس الخطر. صحيح، أن هذا الهجوم لا يزال يدور لحد الآن ضمن اللعبة الديمقراطية، ولكن من يضمن ألا يتخذ شكلاً آخر، ويخرج من إطاره المرسوم ديمقراطياً وقانونياً، بل أن ينحدر من الأعلى إلى الأسفل، حيث الشارع، كما حصل في الأيام الأخيرة في لندن المدينة المتسامحة، المتعايشة، أم التقاليد الديمقراطية. قبل أيام، هجم العشرات من منظمة يمينية متطرفة على مكتبة «بوكسمارك»، وسط العاصمة البريطانية. وجهوا الإهانات للعاملين في المكتبة، وكانوا يهتفون: «فلنجعل بريطانيا عظمى مرة أخرى»، على غرار: «أميركا أولاً».
لم يكونوا غوغاء، ولم يكن هجوماً أعمى (كان أحدهم يرتدي قناع ترمب). اختاروا الكتب والمجلات التي يستهدفونها من الرفوف، وبعثروها على الأرض... مجلات وكتب تبحث في ظاهرة العداء للإسلام، وصعود الشعبوية، والعنصرية، والظواهر الفاشية.
لم تكن الحادثة الأولى. ففي مارس (آذار) الماضي، هجمت مجموعة من اليمين المتطرف أيضاً، ومن غيرهم، على مكتبة أخرى في منطقة بلومزبري، التي تشكل قلب الثقافة البريطانية، حيث كليات جامعة لندن، ومكتبة «سنيت هاوس» ومقر «لندن بوكس ريفيو»، وحيث نشأت حركة الحداثة الأدبية الأولى في بريطانيا، المعروفة باسم «جماعة بلومزبري»، على اسم المنطقة، ومن رموزها فرجينيا وولف.
يتوهم من يعتقد أن مثل هذه الظواهر تبقى محصورة ضمن بلد واحد، أو بقعة جغرافية واحدة، فالعدوى تنتقل بسرعة في عالمنا المعاصر، كما رسائل «تويتر» و«واتساب»، وهذا ما نشهده الآن مع صعود الشعبوية في فترة قياسية في أكثر من مكان من العالم، وخصوصاً في أوروبا التي أنتجت لنا أبهى ما عرفنا؛ حركة التنوير. لقد علمنا التاريخ أن هذه الظاهرة لا يمكن أن تبقى حبيسة حدودها، وإلا ستموت. إن ميكانيكيتها لا تتوقف إلا إذا انتفت الشروط التي ولدتها، غير أن الشروط على العكس تتراكم وتكبر في أكثر من بلد.
وعلمنا التاريخ أيضاً، كما يفعل دائماً، وللأسف لا نستفيد من دروسه غالباً، أن الفاشية هي الابنة الشرعية، للشعبوية ولا تحتاج بالضرورة إلى «رأس المال المالي»، كما ذهب جورجي ديمتروف عام 1935، كي تولد وتبلغ مرحلة النضج كما حصل في ألمانيا وإيطاليا في الثلاثينات. فقد نمت في أكثر من مكان في البلدان النامية، ومنها منطقتنا العربية كالعراق وليبيا وسوريا. لكن خطى هذا الشبح الرهيب تقترب أكثر وأكثر من أبواب أوروبا، وسط أزمات النظام الرأسمالي المتلاحقة، وفشل أحزاب يسار الوسط، واليمين المعتدل في تحقيق برامج إصلاحية عميقة.
تحذيرات المفكرين والمثقفين تتصاعد في أكثر من بلد في الغرب من انتكاسة كبرى قد تهدد كل المكتسبات الإنسانية التي حققتها البشرية بعد تاريخ مظلم من حروب وقمع ودم، وفي مقدمة هذه المكتسبات حرية القول والفكر، المهددين الآن أكثر من أي وقت آخر منذ هزيمة النازية والفاشية في ثلاثينات القرن الماضي، اللتين بدأ صعودهما الرهيب بحرق الكتب أولاً.



الببغاوات لا تمتلك الخبرة الكافية للعيش في البرية

التدريب على الطيران الحر يُعيد الببغاوات إلى البرية (جامعة تكساس إيه آند إم)
التدريب على الطيران الحر يُعيد الببغاوات إلى البرية (جامعة تكساس إيه آند إم)
TT

الببغاوات لا تمتلك الخبرة الكافية للعيش في البرية

التدريب على الطيران الحر يُعيد الببغاوات إلى البرية (جامعة تكساس إيه آند إم)
التدريب على الطيران الحر يُعيد الببغاوات إلى البرية (جامعة تكساس إيه آند إم)

يعمل الباحثون في كلية الطب البيطري والعلوم الطبية الحيوية في جامعة تكساس إيه آند إم بالولايات المتحدة مع خبراء الطيران الحر للببغاوات والشركاء في البرازيل، في محاولة لزيادة معدّل نجاح إطلاق الببغاوات الأسيرة في البرية.

في دراستهم المَنشورة في مجلة «بيردز» (Birds)، أطلق الفريق بنجاح قطيعاً صغيراً من ببغاوات المكاو الزرقاء والصفراء، بهدف التّعرض التدريجي للبيئة الطبيعية، من أجل إعداد هذه الببغاوات للبقاء على قيد الحياة في البرية.

وبعد عامين، لا تزال جميع الطيور الستة قيد الدراسة على قيد الحياة، كما أنها نجت حتى من حريق غابات كان قد حدث في المنطقة.

قال الدكتور دونالد برايتسميث، أستاذ في قسم علم الأمراض البيطرية في جامعة تكساس إيه آند إم: «الببغاوات هي واحدة من أكثر مجموعات الطيور المهددة بالانقراض في العالم».

وأضاف في بيان صادر الثلاثاء: «بالنسبة للعديد من الأنواع، فإن أفضل أمل لدينا لزيادة أعدادها هو تربيتها في الأسر ومن ثَمّ إطلاق سراحها. لكن بعض البرامج تنفق آلاف، بل وملايين الدولارات على تربية الببغاوات في الأسر، فقط لتكتشف أن هذه الطيور غير قادرة على البقاء على قيد الحياة في البرية لأنها لا تمتلك ما يكفي من «الخبرة في العالم الحقيقي».

وتستخدم الطريقة الجديدة استراتيجية «تدريب الطيران الحر» الواعدة لأنها تستفيد من التّطور الطبيعي للببغاوات مع السّماح للباحثين بالتحكم في متغيرات معينة مثل الموقع، على سبيل المثال.

«نحن نسهل على الببغاوات الصغيرة تعلّم الطيران والانضمام إلى القطعان والهرب من الحيوانات المفترسة من خلال تعريضها بعناية للمواقف التي قد تواجهها عادةً على أي حال، ويجري كل ذلك بما يتناسب مع كل مرحلة من مراحل النمو»، كما قال كريس بيرو من منظمة «أجنحة الحرية» (Liberty Wings).

وشدّد الدكتور كوني وودمان، مدير برنامج منح الابتكار في مجال الحفاظ على البيئة التابع لوزارة الزراعة الأميركية في جامعة تكساس إيه آند إم، على أن «هذه الطريقة فعالة بشكل لا يصدق لأنها لا تتطلّب أجيالاً من النوع نفسه تعلم كيفية البقاء في بيئة معينة عن طريق التجربة والخطأ».

وأوضح: «من خلال التحليق في بيئة الإطلاق ومشاهدة البالغين المدربين، يمكن لطيورنا التي أُطلق سراحها أن تتعلّم بسرعة مهارات البقاء الأساسية وزيادة فرص بقائها بشكل كبير».

يبدأ إعداد طيور الببغاوات الأسيرة للبقاء في البرية عندما تكون الطيور صغيرة، في الوقت الذي تبدأ فيه النظر بفضول حول العالم خارج العش.

«قبل أن يبدأ الببغاء الصغير في التحليق يبدأ بالتسلق والنظر إلى العالم الخارجي»، كما قال بيرو. «بالفعل، يقوم هذا الفرخ بإنشاء قاعدة بيانات ذهنية لما هو طبيعي في عالمه. إذا رأى حيواناً مفترساً، فسيكون ذلك خارجاً عن المألوف، لذا على الفرخ أن يتعلّم كيفية الرد على التهديدات».

في مرحلة لاحقة من النمو، تُشجّع الفراخ على المشي على عصي مصمّمة لهذا الغرض، ثم القفز إلى عصي أخرى قريبة. ومن هناك، تبدأ في تعلّم الطيران.

«لمساعدة الفراخ على تعلّم الطيران سرباً، نُدرّبها حتى مع الفراخ الأخرى والطيور البالغة المدربة، حتى تتعلّم الانتقال من (النقطة أ) إلى (النقطة ب) معاً وفي أسراب»، كما قال برايت سميث.

وفي الليل وبين جلسات التدريب، تستريح الببغاوات بأمان في القفص، حيث تتلقى الطعام والماء. ولكن مع مرور الوقت، تقضي الطيور الصغيرة وقتاً أقل فأقل في القفص ومع الطيور البالغة، كما تتعلم كيفية العثور على الطعام والماء بنفسها.

قال برايتسميث: إن «جزءاً رئيسياً من هذه العملية هو في الواقع كسر الرابط بين الببغاوات والبشر الذين كانوا يطعمونها».

وأوضح أنه في عمله مع الببغاوات، اكتشف كريس بيرو أنه عندما يبلغ عمر الكتاكيت الصغار نحو 8 أشهر، فإنها تبدأ بالابتعاد عن والديها وتصبح مستقلة. نتأكد من فطام الطيور عن التغذية اليدوية بحلول هذا الوقت حتى تنتقل إلى أن تكون طيوراً برّية مستقلة، تماماً كما تفعل مع والديها».