رفع رأسمال الشركة السعودية ـ المصرية للتعمير إلى 318 مليون دولار لتمويل بناء مساكن جديدة

المهندس درويش حسنين في حوار مع {الشرق الأوسط} : زيارة خادم الحرمين حققت دفعة معنوية لكل المصريين

المهندس درويش حسنين الرئيس التنفيذي للشركة السعودية - لمصرية للتعمير (سيكون) («الشرق الأوسط»)
المهندس درويش حسنين الرئيس التنفيذي للشركة السعودية - لمصرية للتعمير (سيكون) («الشرق الأوسط»)
TT

رفع رأسمال الشركة السعودية ـ المصرية للتعمير إلى 318 مليون دولار لتمويل بناء مساكن جديدة

المهندس درويش حسنين الرئيس التنفيذي للشركة السعودية - لمصرية للتعمير (سيكون) («الشرق الأوسط»)
المهندس درويش حسنين الرئيس التنفيذي للشركة السعودية - لمصرية للتعمير (سيكون) («الشرق الأوسط»)

أكد المهندس درويش حسنين الرئيس التنفيذي للشركة السعودية - المصرية للإسكان والتعمير (سيكون) واستشاري تنفيذ أعمال الطرق وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، في حوار مع «الشرق الأوسط»، عزم الجانب السعودي زيادة رأسمال الشركة خلال الفترة المقبلة وعدم إرجاء أي من مشاريعها خلال الثلاث سنوات ونصف السنة الماضية، مشددا على قوة ومتانة العلاقات المشتركة بين السعودية ومصر، ورغبة السعودية في ضخ مزيد من الاستثمارات في مصر لدعم حركة التنمية الاقتصادية في مصر.
وقال المهندس حسنين إن هذا الدعم السعودي والخليجي للاقتصاد المصري في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ مصر، يعد أكبر ضمانة للنهوض بالاقتصاد من جانب، وجذب مزيد من رؤوس الأموال سواء المحلية أو الأجنبية للمشاركة في هذه المشاريع.
وكشف حسنين عن أن الشركة السعودية للإسكان والتعمير اعتمدت زيادة عاجلة في رأسمالها قدرها 243 مليون دولار مناصفة بين الجانبين المصري والسعودي، وذلك في أعقاب زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لمصر أخيرا، في تأكيد عملي للدعم الاقتصادي الذي تقدمه المملكة لمصر، مشيرا إلى أن هذه الزيادة كان لها أثر كبير لدى جميع المصريين ومردود معنوي كبير على الشركة والعاملين بها، وبالأخص للسوق المصرية، وتحديدا السوق العقارية، ليصبح رأس المال المدفوع في الشركة 318 مليون دولار، وهو ما طالبت به الجمعية غير العادية للشركة.
وقال الرئيس التنفيذي للشركة السعودية - المصرية للإسكان والتعمير (سيكون)، إن الزيادة في رأسمال الشركة ستجري بالمناصفة بين الطرفين، حيث سيعمد الجانب السعودي لدفع حصته نقدا ومقدارها 121.5 مليون دولار، فيما يدفع الجانب المصري حصته من خلال أصول عينية عبارة عن أراض.
الحوار تناول تأريخ تأسيس الشركة وأهم الأنشطة والأعمال التي نفذتها خلال السنوات الماضية، إلى جانب خططها المستقبلية.. وهنا التفاصيل:
*في البداية، هل يمكن أن نعطي القارئ لمحة عن بدايات تأسيس الشركة بين الجانبين المصري والسعودي وتطور رأس المال؟
- أنشئت الشركة عام 1975 باتفاقية خاصة بين الحكومتين السعودية والمصرية باستثمار عقاري سياحي داخل مصر فقط ورأس المال بالمناصفة بين الطرفين، بحيث يكون لكل منهما 50%، وبرأس مال مدفوع 50 مليون دولار لكل طرف، وجرى سداد الجزء الخاص بكليهما، وزاد رأس المال عام 2008 ليصل 75 مليون دولار. وأخيرا في 25 يونيو (حزيران) الماضي، وافقت الجمعية العامة غير العادية على زيادة قدرها 243 مليون دولار ليصبح رأس المال 318 مليون دولار.
وقد تقرر أن يدفع الجانب السعودي حصته نقدا وقدرها 121.5 مليون دولار والجانب المصري أصول عينية، عبارة عن أراض.
ولخص الهدف الأساسي عند التأسيس بأن تقوم الشركة بالاستثمار العقاري والسياحي في جمهورية مصر العربية بما يستلزم شراء وبيع الأراضي بعد تهيئتها للبناء ومن ثم إنشاء مبان واستغلالها أو بيعها، كما تتولى الشركة إنشاء أحياء سكنية طبقا للخطط التي يعتمدها مجلس الإدارة.
*ما أبرز المشاريع التي نفذته الشركة في مصر منذ تأسيسها؟
- بلغ إجمالي عدد الوحدات التي أتمتها الشركة، منذ إنشائها وحتى عام 2009 نحو 10243 وحدة سكنية، تجارية، إدارية، فيما بلغ إجمالي الاستثمارات منذ إنشاء الشركة وحتى 2009 نحو 2.5 مليار جنيه، وتتوقع الشركة خلال السنوات المقبلة أن يصل حجم الاستثمار بها إلى خمسة مليارات جنيه قابلة للزيادة، حيث هيأت الشركة المناخ المناسب للمستثمرين العرب بتمليك الوحدات ووصلت القيمة الإجمالية لحجم المبالغ المستثمرة 750 مليون جنيه، وهذا دليل قاطع على الثقة التي تحظى بها الشركة من قبل المستثمرين المحليين والإقليميين.
لقد نفذت الشركة عشرات المشاريع الكبرى التي تتضمن أحياء سكنية متكاملة المرافق والخدمات، ونظرا لأنه لا يمكن الحديث عنها جميعا فإنني سأسعى لإعطاء نبذة عن أهمها، فمثلا مشروع إسكان المعادي الجديدة، وهو باكورة مشروعات الشركة للتجمعات السكنية ويعد حيا متكامل المرافق بضاحية المعادي الراقية، إذ يحتوي المشروع على عدد 68 عمارة تشتمل على 4731 وحدة سكنية بمساحات مختلفة بالإضافة إلى فيللات سكنية بالمشروع، وبالإضافة إلى 560 مترا مربعا تجاريا، والمشروع من الأحياء السكنية متكاملة المرافق، ويبلغ إجمالي قيمة المشروع نحو 88 مليون جنيه مصري، وجرى الانتهاء منه في عام 1981.
كما نفذت الشركة مشروع إسكان النزهة، حيث وتماشيا مع سياسة الشركة في تنوع مصادر الاستثمار العقاري وبعد نجاح تجمع إسكان القبة السكني، فقد أعدت الشركة مشروعها الثاني وهو تجمع إسكان النزهة بشارع النزهة في أرض الغولف بمصر الجديدة، ويتكون المشروع من 32 عمارة سكنية وعدد الوحدات 787 وحدة سكنية، بالإضافة إلى سوق تجارية مفتوحة بمسطح 17501 متر مربع وبدروم بكامل مسطح الأرض كجراج للسيارات.
وبلغت القيمة الإجمالية لثمن بيع المشروع 160 مليون جنيه مصري، وجرى الانتهاء من المشروع في عام 1994.
ومن المشاريع التي نفذتها الشركة مشروع برج الرياض بالجيزة، حيث يقع المشروع بشارع ويصا واصف أكبر وأفخم شوارع الجيزة، حيث إنه يطل على النيل بواجهة منفردة ومتميزة عن باقي الأبراج ويحتوي البرج على 29 وحدة سكنية بمساحات مختلفة، بالإضافة إلى مسطحات تجارية ومكتب وكافيتريا، وبلغ إجمالي قيمة المشروع نحو 43 مليون جنيه مصري.
جرى الانتهاء منه في عام 1985.
بالنسبة للمدن الأخرى، فإن مشروع أبراج الطائف بسيدي بشر في الإسكندرية، يعد من أبرزها، ويحتوي المشروع على 144 وحدة سكنية، بالإضافة إلى مطعم وكافيتريا وجراجات وبتكلفة تجاوزت11 مليون جنيه مصري، جرى الانتهاء من المشروع في عام 1995. فيما يأتي مشروع قرية القصر في مدينة مرسى مطروح، الذي يضم 250 وحدة سكنية وشاليها وفيللا، بالإضافة إلى مسطحات تجارية وكافيتريا، وبتكلفة 56 مليون جنيه مصري كأبرز مشاريع الشركة في هذه المدينة الواقعة على حدود مصر مع ليبيا.
*ما أهم المشاريع التي تعمل عليها الشركة في السوق المصرية حاليا؟
- لدى الشركة استثمارات عقارية في الأصول العينية، وهي عبارة عن أراض بمسطح نحو 100 فدان في ثلاث مدن جديدة، في القاهرة الجديدة وأسيوط ودمياط الجديدة، وسيتوافر في أسيوط إسكان متوسط وفوق المتوسط، أما في دمياط الجديدة فسيكون هناك استثمار سياحي على شاطئ البحر المتوسط، والقطعة تحديدا قريبة من ميناء دمياط وهي منطقه بحاجة إلى تنمية سياحية.
كما تنفذ الشركة مشروعا عملاقا على كورنيش المعادي باستثمارات تتجاوز 1.6 مليار جنيه مصري، وهو مشروع «نايل تاورز»، وهو عبارة عن مشروع سكني فندقي سياحي على مساحة عشرة آلاف متر مربع ويضم برجين؛ أحدهما سكني فندقي بمساحات مختلفة، والبرج الآخر عبارة عن فندق خمس نجوم ستقوم بإدارته شركة هيلتون العالمية، وهو مكون من دورين «بدروم» ودور أرضي منخفض لخدمات الفندق ودور أرضي لمدخل الفندق وبهو المدخل والاستقبال والمطاعم والكافيتريات وحمام السباحة بجانب 22 دور مكرر.
ولدينا مشروعات متميزة أخرى، فلدينا أول استثمار في البناء والإدارة وبدأ العمل به منذ عام وهو مشروع مصري - سعودي وينفذه تحالف إمارات «أرابتك» القابضة، وهي أكبر شركة بناء مدرجة في بورصة دبي وسبق أن اتفقت «أرابتك» مع الجيش المصري على بناء مليون وحدة سكنية لمحدودي الدخل، وسيقوم بالإشراف على المشروعات استشاري مصر «سيبي» للاستثمارات الهندسية، مما يضمن صناعة منتج عالي الجودة مع خبرات عالمية وإقليمية ومحلية.
وستحصل الشركة أيضا على أراض من الحكومة المصرية مقابل حصتها في عملية زيادة رأس المال، ولن تقتصر على محافظات القاهرة فقط بل ستمتد لتشمل الكثير من المحافظات، حيث ستسعي الشركة في المرحلة المقبلة للتركيز بشكل أكبر على الإسكان المتوسط وفوق المتوسط الذي يحتاج إليه المواطن المصري في هذه المرحلة بصورة كبيرة.
ومن أن أبرز المشروعات التي تنفذها الشركة حاليا، المرحلة الثانية من مشروع «ليك دريم» بالسادس من أكتوبر والبدء بتنفيذ المرحلة الثانية من مشروع زهرة أسيوط، إلى جانب استكمال مشروع «سيكون ريذيدنس» بالإسكندرية، حيث بدأ العمل على قطع الأراضي على أن يبدأ تنفيذ مشاريعها في غضون 18 شهرا بعد إتمام الشكل القانوني لبدء عمل التصميمات اللازمة لهذه المشروعات، وفي خلال سنة يبدأ العمل بحد أقصى، وذلك من ضمن شروط المشروع.
*ينتقد البعض الشركة بأنها تعطي القاهرة والمدن الكبرى الأولوية على غيرها من المحافظات المصرية؟
- هذا غير صحيح.. الشركة تعمل في أنحاء جمهورية مصر العربية بالكامل، فبالإضافة إلى القاهرة، لدينا مشاريع في الإسكندرية ومرسى مطروح والمنصورة، وجميعها مشاريع تتميز بالالتزام والانضباط بالمواعيد، كما جرى تنفيذ مشاريعنا بأشكال ونماذج مختلفة، حيث عمدنا إلى اعتماد الاستثمار العقاري في القاهرة والإسكندرية كاستثمار، فيما جرى مراعاة البعد الاجتماعي، وعملنا مشاريع إسكانية في جنوب مصر بالصعيد، لأنها من المناطق المهمشة، وكذلك دمياط لأنها تحتاج إلى استثمار جيد، وكذلك مشروع «غرين لاند» الذي يقع على مساحة 35 فدانا، ونقوم بعمل فيللات وشقق سكنية (كمبوند)، وهي باستثمارات 550 مليون جنيه جرى تنفيذ 60 في المائة من المشروع، وسيجري تسليم المرحلة الأولى بعد شهر رمضان مباشرة.
*كيف تقيم سوق العقارات في مصر اليوم بعد أحداث 30 يونيو (حزيران) وانتخاب رئيس جديد؟
- نأمل أن تشهد مصر مع مطلع 2015 بداية الاستقرار الاقتصادي والاستثماري، وهو ما سينعكس بدوره على القطاع العقاري، الذي عانـى كغيره من قطاعات الاقتصاد المصري موجة من عدم الاستقرار، وأتوقع أن تعود السوق العقارية المصرية للنهوض من جديد، على أن تكون الأحوال السياسية والسلطات التنفيذية والتشريعية أكثر استقرارا ويظل الاستثمار مفتوحا لمن يرغب، إلى جانب تطوير الأنظمة وتفعيل المعطل منها.
*ماذا بعد فترة رئاسية جديدة ومشارف الانتخابات البرلمانية؟
- نحتاج جميعا إلى دفع عجلة الاستثمار في البلاد لتحقيق نمو اقتصادي سريع للنهوض بالاقتصاد المصري. وأتوقع أن تجذب السوق المصرية مزيدا من الاستثمارات الأجنبية والعربية خلال الفترة المقبلة، خاصة بالقطاع العقاري مدعومة من «خارطة الطريق» والتوجه نحو الاستقرار السياسي، في ظل وجود رئيس منتخب يلتف حوله فئات الشعب كافة ويريد رؤية واضحة حول تحديات وفرص النمو.



جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»