انتخاب عمران خان رئيساً للحكومة في باكستان

تمكن عمران خان من الفوز في الاقتراع على رئاسة الوزراء في باكستان متغلبا على منافسه شهباز شريف زعيم حزب الرابطة الإسلامية الذي تخلى عن التصويت له حليفه حزب الشعب الباكستاني بزعامة الرئيس السابق آصف علي زرداري. وجاء انتخاب عمران خان بعد اثنين وعشرين عاما من تشكيله حزب حركة الإنصاف الباكستانية للقضاء على هيمنة الحزبين الرئيسيين في باكستان (الرابطة الإسلامية وحزب الشعب الباكستاني). وحصل خان على أصوات 176 من أعضاء الجمعية الوطنية المنتخبين (330 تم انتخابهم، وأجل التصويت على اثني عشر مقعدا لأمور مختلفة)، بينما حصل غريمه السياسي شهباز شريف على ستة وتسعين مقعدا فقط، وهي أصوات حزبه وتحالف الجماعات الدينية الباكستانية الداعمة له.
وفور إعلان نتائج التصويت السري بدأ برلمانيو المعارضة في الجمعية الوطنية بالهتاف «غير مقبول» و«نواز شريف رئيس الوزراء»، ولم تنقطع أصوات المعارضة عن الهتاف طيلة الجلسة، فيما بقي عمران خان مبتسما في مكانه، يتلقى التهاني من أعضاء حزبه بعد عملية الاقتراع.
وفي أول كلمة له بعد انتخابه من قبل البرلمان قال خان: «لم يناضل أحد أكثر مني إلا مؤسس باكستان محمد علي جناح»، واعدا بإجراء محاسبة شاملة في البلاد وإدانة كل الذين سرقوا الأموال العامة. وأنه سيكون حاضرا في الجمعية الوطنية للإجابة عن كل تساؤلات المواطنين.
وفي بادرة تحدث لأول مرة من رئيس وزراء منتخب في باكستان قال عمران خان في كلمته إنه سيتعاون مع المعارضة في شكاواها حول الانتخابات الأخيرة حتى لو أرادت إيصالها إلى المحكمة الدستورية العليا، وسيسمح للمعارضة بإقامة المسيرات والاعتصامات حتى أمام البرلمان الباكستاني، وسيوفر لهم المكان والمأكل والمشرب أثناء اعتصامهم وتظاهرهم.
واتهم زعيم المعارضة في البرلمان، شهباز شريف، عمران خان بالفوز بالتزوير. وقال إنه حصلت تجاوزات وتزوير كبير في الانتخابات الأخيرة، مطالبا السلطات الرسمية في الدولة بالتحقيق في عملية التصويت وفرز الأصوات، وقول لجنة الانتخابات إن نظام بث وفرز الأصوات بعد الاقتراع تعطل وتم تأجيل الإعلان عن النتائج عدة أيام، إضافة إلى طرد لجنة الانتخابات مدعومة برجال الجيش مندوبي الأحزاب من قاعات فرز الأصوات، إضافة إلى قول لجنة الانتخابات إن 1.6 مليون صوت لم يتم احتسابها، ما أثر على نسبة المعارضة في الفوز في العديد من المقاعد البرلمانية.
وهدد شهباز شريف في الجلسة الأولى للبرلمان باللجوء إلى الشارع وتسيير مظاهرات في المدن الباكستانية إن لم تستجب لجنة الانتخابات لمطالب المعارضة بالتحقيق في عملية الاقتراع وفرز الأصوات.
وفي أول مشاركة له في البرلمان الباكستاني قال بيلاول زرداري نجل الرئيس السابق آصف زرداري ورئيسة الوزراء الراحلة بينظير بوتو إنه لولا حزبه لما انتخب عمران خان لرئاسة الوزراء أو انتخب أسد قصير رئيس البرلمان لمنصبه الحالي.
وكان حزب الشعب الباكستاني بزعامة بيلاول ووالده رفضوا التصويت لصالح شهباز شريف مرشح المعارضة لتولي منصب رئاسة الوزراء، مشترطين على حزب الرابطة تغيير المرشح للتصويت لصالحهم، وهو ما ينبئ عن خلافات حادة بين الطرفين رغم إعلانهما عن تحالف ضد عمران خان مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الأخيرة.
ويسعى زرداري إلى إعطاء رسالة للجهات المعنية في باكستان خاصة المؤسسة الأمنية والعسكرية أنه قابل للتفاوض والتعاون مع حكومة عمران خان المدعومة من الجيش والمحكمة العليا، مقابل عدم ملاحقة زرداري وشقيقته وعدد من المقربين منه في قضية غسل أموال بعشرات المليارات من الروبيات الباكستانية، حيث أصدرت محكمة خاصة بجرائم الفساد المالي أمرا باعتقال زرداري بعد أن تم اعتقال عدد من المقربين منه.
ومن المقرر أن يؤدي عمران خان اليوم السبت اليمين الدستورية أمام الرئيس الباكستاني ممنون حسين كرئيس للوزراء لباكستان، وسيتم الإعلان عن أعضاء مجلس الوزراء في وقت لاحق.
لكن مصادر في حزب حركة الإنصاف بزعامة عمران خان أشارت إلى ترجيح تولي شاه محمود قرشي نائب عمران خان في الحزب منصب وزير الخارجية وهو منصب تولاه أيام الرئيس زرادري وحكومة حزب الشعب قبل أن يستقيل من الحكومة والحزب بداية عام 2011 وينضم إلى حزب عمران خان، كما من المتوقع تولي الدكتورة شيرين مزاري مديرة معهد الدراسات الاستراتيجية الباكستاني السابقة المقربة من المؤسسة العسكرية منصب وزيرة الدفاع، وهي أول امرأة تتولى هذا المنصب في باكستان، كما سيتولى أسد عمر وزارة المالية، وهو من أكثر الأشخاص قربا من عمران خان.
وتواجه الحكومة التي سيشكلها عمران خان مصاعب اقتصادية كبيرة، حيث يعاني الاقتصاد من تدهور شديد، أثر على الروبية الباكستانية مقابل العملات الأجنبية. وتحتاج باكستان إلى قرض مالي كبير يصل إلى 12 مليار دولار لتمكينها من دفع مستحقات قروض لصندوق النقد الدولي والحكومة الصينية وتمويل واردات باكستان خلال الشهرين القادمين. وكان الكونغرس الأميركي وإدارة الرئيس ترمب أعلنوا أنهم سيعترضون على منح باكستان قرضا جديدا من صندوق النقد الدولي بعد إعلان أسد عمر وزير المالية المرشح في حكومة عمران خان بأن الحل الوحيد أمام باكستان هو اللجوء إلى صندوق النقد الدولي. لكن البنك الإسلامي للتنمية في جدة بالمملكة العربية السعودية أعلن في وقت سابق إمكانية منح باكستان قرضا بقيمة أربعة مليارات دولار بعد تشكيل الحكومة الجديدة في باكستان، وهو ما اعتبر بادرة حسنة لمساعدة باكستان، كما أعلنت الحكومة الصينية تقديم قرض لباكستان بقيمة ملياري دولار تم ضخها للبنك المركزي الباكستاني بعد الانتخابات مباشرة.