المغرب: العثماني يضع التحكم في النفقات على رأس أولويات موازنة 2019

TT

المغرب: العثماني يضع التحكم في النفقات على رأس أولويات موازنة 2019

حث سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، أعضاء الحكومة ووكلاء الوزارات والوزراء في رسالة توجيهية حول إعداد قانون المالية (موازنة) لسنة 2019 على ضرورة مواصلة التحكم في نفقات الموظفين، وترشيد نفقات الإدارة، والرفع من نجاعة وفعالية نفقات الاستثمار العمومي.
ودعا العثماني وزراء حكومته إلى الحرص على تقديم اقتراحاتهم بشأن مشروع الموازنة قبل نهاية الشهر الجاري، وذلك في حدود السقف الأعلى من الاعتمادات، الذي حدده في رسالته لكل وزارة. في غضون ذلك، حدد العثماني أولويات العمل الحكومي خلال المرحلة المقبلة في إنجاز إعادة الهيكلة الشاملة للسياسات الاجتماعية، ومواصلة الحوار الاجتماعي مع النقابات، ودعم المقاولة والاستثمار. كما دعا رئيس الحكومة المغربية بهذا الخصوص وزراء حكومته إلى استحضار المبادرات والاقتراحات، التي أعلن عنها الملك محمد السادس في خطابه نهاية يوليو (تموز) الماضي بمناسبة عيد الجلوس، وعلى رأسها دعوته إلى القيام بإعادة هيكلة شاملة وعميقة للبرامج والسياسات الوطنية في مجال الدعم والحماية الاجتماعية. كما أشار العثماني في رسالته إلى استحضار وقفات العاهل المغربي في خطبه الأخيرة على معيقات النموذج التنموي، ودعوته إلى مراجعة جماعية لهذا النموذج، تعيد النظر في ترتيب أولوياته الاقتصادية والاجتماعية، وأيضا في منظومة الحكامة المركزية والترابية وأبعادها، وقال في هذا السياق: «من هذا المنطلق نحن مدعوون في الحكومة للانكباب على القيام بهذا الإصلاح الهيكلي في أقرب الآجال»، مشددا في هذا الصدد على ضرورة التركيز على المبادرات المستعجلة، التي أكد عليها العاهل المغربي في خطابه. وأضاف العثماني: «نحن مدعوون كذلك للمبادرة إلى اتخاذ التدابير العاجلة والفعالة للتجاوب مع مطالب المواطنين، من شغل يضمن لهم الكرامة، وتعليم جيد لأبنائهم، وحماية اجتماعية تمكنهم من العيش الكريم، والولوج إلى التطبيب الجيد والسكن اللائق. ولا يمكن أن يتحقق ذلك إلا من خلال تحقيق شروط التنمية المتوازنة، التي تضمن العدالة الاجتماعية والمجالية في نطاق التلازم بين الحقوق وواجبات المواطنة».
وفي هذا السياق شدد العثماني على: «لا بد أن نستحضر كذلك الإكراهات المرتبطة بتدبير المالية العمومية، والمجهود الكبير الذي بذل من أجل استعادة التوازنات المالية والاقتصادية بشكل عام خلال السنوات الأخيرة، باعتبارها مرتكزا لأي مجهود تنموي، خاصة في ظل ارتفاع أسعار النفط، وتزايد المطالب الاجتماعية، وضرورة توطيد الالتزامات المرتبطة بالاتفاقيات الموقعة أمام الملك، ومع المؤسسات الدولية المانحة، وكذا تلك المتعلقة بالمشاريع، التي توجد في طور الإنجاز والتي ينبغي تسريع تنفيذها».
وتابع رئيس الحكومة المغربية موضحا: «إذا كان من الضروري استحضار هذه الرهانات والتحديات عند إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2019 فإنه من اللازم كذلك استغلال كل الهوامش المتاحة من أجل تحفيز النمو، وضخ موارد مالية من أجل دعم القدرة الشرائية للمواطنين».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم