السايح لـ {الشرق الأوسط}: الانتخابات الليبية مرهونة بالاستفتاء

رئيس مفوضية الانتخابات أكد أن خلاف فرنسا وإيطاليا {صراع مصالح ونفوذ}

عماد السايح
عماد السايح
TT

السايح لـ {الشرق الأوسط}: الانتخابات الليبية مرهونة بالاستفتاء

عماد السايح
عماد السايح

نفى عماد السايح، رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في ليبيا، وجود أي مخططات لتأمين العملية الانتخابية المرتقبة من قبل جهات أجنبية، بما فيها الأمم المتحدة، واعتبر أن الخلافات الإيطالية - الفرنسية حول الانتخابات مجرد «صراع مصالح ونفوذ».
وربط السايح في حوار مع «الشرق الأوسط» «إمكانية إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل نهاية العام الحالي بقانون الاستفتاء على مشروع الدستور، الذي يعده البرلمان»، لافتاً إلى أنه يفضل عدم حدوث تزامن بين الانتخابات الرئاسية أو البرلمانية.
وبعدما رأى السايح، أن مسؤولية تأمين العملية الانتخابية تقع على عاتق حكومة الوفاق الوطني، التي يترأسها فائز السراج في العاصمة طرابلس، نفى تدخل المجموعات المسلحة المتواجدة فيما تقوم به مفوضية الانتخابات من أعمال. معتبراً أن الحديث عن وجود تزوير في سجلات الناخبين «قضية مفتعلة، تستهدف تضليل الرأي العام، والتشكيك فيما تقوم به المفوضية من مسؤوليات»، مؤكداً في المقابل أن المفوضية اتخذت من الإجراءات «ما يكفل نزاهة العملية الانتخابية، ويقيها من أي تلاعب قد تقوم به بعض الأطراف»... وفيما يلي نص الحوار:
-هل تعتقد أن ليبيا مؤهلة في الوقت الراهن لإجراء انتخابات عامة؟
- تصاعد وتيرة الأزمة السياسية ومطالب الرأي العام تضغط بقوة نحو إجراء انتخابات تفصل في النزاع على الشرعية، وتوحد مؤسسات الدولة، ومن ثم فإنه لا مخرج للمسار السياسي الليبي إلا بعملية انتخابية، تفضي إلى واقع سياسي جديد، يطرح حلولاً وبدائل عدة من شأنها أن تعمل على حلحلة الأزمة.
-وهل تعتقد أن الانتخابات ستتم هذا العام فعلاً؟
- إجراء انتخابات عامة خلال ما تبقى من هذا العام يتوقف على ما سوف يُقدم عليه البرلمان من تشريعات انتخابية، فإذا أقر قانون الاستفتاء على مشروع الدستور، فإن هذا التوجه يعني عدم إمكانية إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية خلال هذا العام؛ لأن تنفيذ عملية الاستفتاء ستأخذ ما تبقى من هذا العام. فإذا تسلمت المفوضية قانون الاستفتاء خلال هذا الشهر، فإن عملية الاستفتاء تحتاج إلى فترة زمنية لا تقل عن ثلاثة أشهر، وهذا يعني أن نتيجة التصويت على قانون الاستفتاء سوف تعلن في أواخر شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من هذا العام.
كما أن العمل بالدستور في حالة إقراره من قبل الشعب الليبي يُعطي السلطة التشريعية القائمة مدة ثلاثة أشهر لإصدار التشريعات اللازمة لإجراء الانتخابات العامة، ومدة ثمانية أشهر للمفوضية لاستكمال الانتخابات المقررة بموجب الدستور الجديد للبلاد، أي أنه بحلول شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2019 تكون الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قد أنجزت بالكامل، وفق دستور البلاد الجديد، والذي يفترض أن يلغي جميع الاتفاقيات السياسية التي أبرمت من قبل اعتماده.
-هل تؤيد تزامن الانتخابات الرئاسية مع الانتخابات البرلمانية؟
- من الناحية الفنية لا نؤيد ذلك لعوامل عدة يصعب نقاشها؛ إذ إن اختلاف الإجراءات والعناصر الفنية لكل منهما لا تخدم هذا التزامن بأي حال، وسوف تكون له تأثيرات سلبية على مخرجات العمليتين، وبخاصة في دولة حديثة العهد بالديمقراطية والانتخابات.
-من سيتولى تأمين العملية الانتخابية في ظل الميليشيات المسلحة الموجودة في بعض المدن، وبخاصة طرابلس؟
- تأمين العملية الانتخابية هي مسؤولية الحكومة وليس المفوضية، وبالتالي فإن شرط تأمين الانتخابات هو أحد الشروط الأربعة الواجب توفرها لكي تستطيع المفوضية إنجاز مهامها ومسؤولياتها. والمفوضية اتخذت إجراءات عدة تأخذ في الاعتبار احتمال حدوث أعمال عنف وخرق، وإجراءات تحمي موظفينا ومكاتبنا الانتخابية من تأثيرات مثل تلك الأعمال، وبالمناسبة وللتذكير؛ فإن العمليات الانتخابية السابقة التي نفذتها المفوضية كانت من مقرها في طرابلس، وفي ظل تواجد المجموعات المسلحة التي لم تتدخل نهائياً فيما نقوم به من أعمال، ولم نشعر بأي تهديد من طرفها، وقراراتها في أغلب الأحوال تتسم بقبول ما يتوافق عليه السياسيون، وبخاصة فيما يتعلق بالانتخابات.
-هل ستشارك الأمم المتحدة بقوات في ذلك؟ وهل صحيح أن هناك احتمالاً لمشاركة قوات «أفريكوم» في عملية التأمين؟
- لا توجد أي مخططات لتأمين العملية الانتخابية من قبل جهات أجنبية، بما فيها الأمم المتحدة لأن الانتخابات شأن سيادي، وقرار يخص الليبيين فقط، ولا يمكن أن يتولى الأجنبي التدخل في هذا الشأن تحت أي مظلة، دولية كانت أو محلية.
-كيف تنظر إلى الخلافات الفرنسية - الإيطالية الواضحة حول الانتخابات؟
- هي في ظاهرها خلاف على الانتخابات، لكنه في واقع الأمر هو صراع مصالح ونفوذ، وما يمكن أن تجنيه كل دولة في حالة ما استقرت أو لم تستقر الأوضاع السياسية في ليبيا.
-ماذا يتعين على الأطراف الفاعلة سياسياً في الداخل أن تفعل لضمان إجراء الانتخابات؟
- يجب عليها إعلاء مصلحة الوطن، ونبذ الخلافات، والاتفاق على رؤية جديدة لدولة جديدة، قواعدها وأسسها ديمقراطية، وتحتكم لصناديق الاقتراع في تداولها للسلطة.
-كيف ترد على مطلب المشير خليفة حفتر بخصوص نقل مقر مفوضية الانتخابات من طرابلس؟
- لم تستلم المفوضية أي طلب بشأن ذلك، ولم تصدر لها أي تعليمات في هذا الشأن، والمشير حفتر لم يطلب نهائياً نقل المفوضية إلى خارج طرابلس، ونحن في المفوضية منفتحون على جميع الأطراف الفاعلة والمؤثرة على الساحة السياسية، ونتواصل بشكل مباشر وغير مباشر معها. ومن أجل مصلحة ليبيا ومستقبل أجيالها نحن على استعداد للتضحية بكل ما نملك لكي تنعم ليبيا وأبناؤها بمستقبل مشرق، وما يدعم موقفنا هذا هو أننا لسنا طرفاً سياسياً لديه أطماع ومصالح نغذيها من شريان الأزمة السياسية في ليبيا.
-هل صحيح أن ثمة تزويراً جرى كما قال البعض في سجلات الناخبين، أو منظومة الرقم القومي؟
- إنها قضية مفتعلة، كان الهدف منها تضليل الرأي العام، والتشكيك فيما تقوم به المفوضية من مسؤوليات، خدمة لأجنداتهم ومواقفهم السياسية من الانتخابات، وفي محاولة مفلسة منهم لضرب المسار الديمقراطي في ليبيا، والمفوضية اتخذت من الإجراءات ما سوف يكفل نزاهة العملية الانتخابية، ويقيها من أي تلاعب قد تقوم به بعض الأطراف التي سوف تعمل جاهدة للنيل من استقرار ليبيا ومستقبل أبنائها.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم