يترقب السعوديون الإعلان عن مشروع جديد لتطوير التحكيم السعودي، وذلك قبل أيام معدودة من انطلاق كأس السوبر السعودية التي ستقام في لندن السبت المقبل حيث يلتقي الهلال والاتحاد، ويعقب ذلك انطلاق الدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم في 30 أغسطس (آب) المقبل. ومع بدء العد التنازلي للموسم الجديد لم يعلن اتحاد الكرة السعودي عن مشروعه الذي سبق أن كشف عنه رئيس الهيئة العامة للرياضة تركي آل الشيخ إذ أعلن عن تعيين حكم دولي شهير لرئاسة لجنة الحكام السعودية علما بأن هذا الحكم له باع طويل في رئاسة لجان دولية وأوروبية فضلا عن مسيرته الواسعة في عالم التحكيم.
ووسط هذا الترقب يواصل الحكام السعوديون معسكرهم الحالي في إسبانيا بحضور 17 حكما رئيسيا، ما أثار علامات الاستغراب لدى المراقبين والمهتمين بمجال التحكيم، وهو إشارة إلى تواصل عدم الاهتمام بالحكم السعودي في أهم مسابقات الكرة السعودية حيث دوري المحترفين، إذ سيستمر بحسب المتوقع تجاهله في قيادة أهم المباريات وسيكلف بإدارة المباريات الهامشية التي لا تختص بالمباريات التنافسية ذات القيمة العالية لكونه بحسب ما يتردد غير جدير بها.
وتراجعت قيمة الحكم السعودي في السنوات الأخيرة كثيرا وتحديدا منذ عام 2005، لكن العدد بدأ في الارتفاع تجاه استقطاب الحكم الأوروبي الذي أخذ اسمه يتزايد ويحضر بقوة لإدارة المباريات التنافسية ذات الوتيرة العالية بين الأندية فضلا عن حضوره حكما في المباريات النهائية بسبب إصرار رؤساء الأندية على عدم تكليف طاقم تحكيمي سعودي لأسباب كثيرة، منها ضعف مستواه، فضلا عن عدم الثقة بقراراته داخل الملعب.
وألقت قضية الرشوة التي راح على إثرها الحكم الدولي فهد المرداسي من الساحة الرياضية السعودية بظلالها على الشارع الرياضي السعودي، إذ تعالت الأصوات بضرورة الاعتماد الكلي على الحكام الأجانب وسط أصوات ضعيفة بعدم جعل المرداسي سببا في عدم الثقة بالحكم السعودي الذي لا يزال يحاول تقديم نفسه كحكم قادر على المنافسة مع الحكم الأجنبي.
وتسبب المرداسي على نفسه في تلك الحادثة الشهيرة بالإبعاد من إدارة نهائي كأس الملك في مايو (أيار) الماضي، الذي جمع الاتحاد بالفيصلي قبل أن يطلب اتحاد الكرة السعودي من «الفيفا» استبعاده من قائمة الحكام الذين سيديرون منافسات كأس العالم، وهو ما تحقق بالفعل بقرار «الفيفا» اللاحق، والذي سبق انطلاق المونديال بأيام قليلة، واستعان بطاقم تحكيمي إماراتي بديلا للطاقم التحكيمي السعودي المستبعد.
ويبدو عدم الرضا على مستوى رئيس لجنة الحكام الحالية، البريطاني كلاتينبيرغ، إذ وجد معارضة كبيرة من أغلب الحكام والمراقبين السعوديين بسبب سوء إدارته، فضلا عن إخفاقه في الاستعانة بحكام أجانب، إذ سعى في الفترة الأخيرة من الموسم الكروي السعودي الماضي للاستعانة بحكام متواضعي المستوى، وأكثرهم يتواجدون في دبي بعد اعتزالهم التحكيم، ما تسبب في خيبة أمل كبيرة لدى مسؤولي الأندية، فضلا عن الإحراج الذي واجه اتحاد الكرة السعودي من تصرفات كلاتينبيرغ.
إلى ذلك، طالب الحكم الدولي عضو لجنة الحكام الرئيسة السابق بالاتحاد السعودي لكرة القدم محمد سعد بخيت، اتحاد الكرة بالبحث عن لجنة متكاملة تتمثل بالجانب التطويري والإداري إذا أراد بالفعل تطوير الحكام السعوديين، موضحا أن الرئيس الحالي كلاتينبيرغ يعمل وحده.
وقال محمد سعد لـ«الشرق الأوسط» ليس لائقا أن يقوم شخص واحد بإدارة 14 لجنة، كما أن استشارته في الغالب تذهب إلى شخصيات لا علاقة لها بالتحكيم.
وأضاف: «قرار استقطاب حكام أجانب لقيادة دوري المحترفين السعودي لا بد من احترامه لكونه صادرا من رئيس الهيئة العامة للرياضة المستشار تركي آل الشيخ ولم يتم اتخاذ هذا القرار إلا بعد دراسة كافية وما يهمنا في هذا الصدد هو الحكم السعودي الذي يجب أن يعطى الفرصة ولا يكون بهذا الإجحاف ويتم استبعاده من مباريات الدوري السعودي، بل لا بد من حضوره ومشاركته في بعض المباريات على أقل تقدير، وهي فرصة مناسبة ليكون قريبا من الحكم الأجنبي ويستفيد من خبراته، خاصة أن هذا الموسم سيشهد تواجد حكام أجانب مميزين من كأس العالم أو نخبة آسيا، لذلك أتمنى من أصحاب القرار أن يمنحوا الفرصة للحكم السعودي لأن هناك ضررا كبيرا بالحكام الدوليين إذ ستقل فرصتهم في المشاركة بالبطولات الآسيوية وتصفيات كأس العالم».
واستطرد بخيت: «من خلال قربي ومتابعتي للجنة الحكام أرى أن رئيس لجنة الحكام البريطاني مارك كلاتينبيرغ لا يبحث للأسف عن تواجد الحكام السعوديين في دوري المحترفين السعودي وسيقصر حضورهم أكثر في دوريات أخرى».
وشدد على أنه يجب الحديث بشفافية لمصلحة الحكم السعودي، فنحن لا نرى أي اهتمام من قبل الرئيس الحالي بالحكم المحلي، مثل اهتمامه بحضور الحكم الأجنبي، ويجب عليه إن أراد تطوير الحكم السعودي أن يبدأ بحكام الفئات السنية وأن يضع أعضاء اللجنة ويمنحهم الصلاحيات فهم من سيكملون مسيرة الحكم السعودي في دوري الدرجة الأولى أو دوري المحترفين، ويبدأون بحكام الفئات السنية، فالتطوير يبدأ من هؤلاء وليس من الحكام الكبار وأكبر دليل على عدم الاهتمام ما شاهدناه في معسكر الحكام بإسبانيا، إذ لم يتواجد سوى 17 حكم ساحة فقط حتى إنه لم يستدعِ الحكام المساعدين، وهذا أيضا دليل على عدم اهتمامه، وللمعلومية فإن الـ17 حكماً الذين تواجدوا في إسبانيا هم مكملون للفيديو فقط، وأصبحت المسألة للأسف كأنها تصفية حسابات مع بعض الحكام من قبل اللجنة بعد أن قدموا شكوى ضده، إذ تم استبعاد بعض الحكام وبعض المقيمين، وهذا العمل تسبب باعتزال عدد كبير من الحكام، من ضمنهم الدولي عبد الله الشلوي ومجموعة من حكام منطقة جيزان حتى إن بعضهم لم تظهر أسماؤهم للمشاركة في الموسم الجديد فقدموا اعتزالهم.
وأضاف: «كما هو معروف أن تطوير الحكام يأتي من القاعدة ويتدرج الحكم حتى يكون جاهزا بعد أن يكتسب الخبرات، ولكن الحاصل مع رئيس اللجنة كلاتينبيرغ العكس، فحكام الدرجة الأولى سيشاركون في مباريات دوري الدرجة الأولى، وحكام الدرجة الثانية سيشاركون في دوري الناشئين والشباب، وهذا للأسف لأول مرة يحصل في التحكيم السعودي أن يتدرج الحكام من الأعلى للأسفل». واستطرد: «لدي إيمان أن الأخطاء موجودة ولا بد أن يتطور الحكم المحلي ولا بد من وجود عقاب وحساب مهما كان، ويتم استبعاد أي حكم مخطئ، لكن الحكم لا يمنع من أن يشارك بل يمنح الفرصة، ولا بد من وجود قاعدة للحكام؛ لأن الحكم السعودي ينتظره كثير من المشاركات في البطولات الآسيوية وكأس العالم، فإذا حرمته من المشاركة في الدوري السعودي فلن يستطيع المشاركة خارجياً».
وللأسف كلاتينبيرغ لا يخطط لمستقبل الحكم السعودي بعد إهماله الفئات السنية، وللأمانة هو يحتاج من يطوره، ولو عدنا للرئيس الأسبق البريطاني هاورد ويب عندما عرض عليه استقطاب حكام أجانب للدوري السعودي قال لا أستطيع أن أطور من الحكم السعودي إذا لم يمنح الفرصة، في حين كلاتينبيرغ لم يعط أي اهتمام للحكام السعوديين حتى إنه لا يريد أن يعمل مع أحد، وبدا واضحا أن هناك تهميشا لأعضاء اللجنة، فهو يدير اللجنة وحده... لمصلحة من؟!
الملاعب السعودية تنتظر قاضيها الجديد
17 حكماً محلياً يثيرون التساؤلات في معسكر إسبانيا
الملاعب السعودية تنتظر قاضيها الجديد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة