«الفيدرالي» يحذر من أثر الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأميركي

مكتب الميزانية بالكونغرس يقلص توقعاته للنمو

مقر «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي (رويترز)
مقر «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي (رويترز)
TT

«الفيدرالي» يحذر من أثر الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأميركي

مقر «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي (رويترز)
مقر «الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي (رويترز)

خفض مكتب الميزانية في الكونغرس الأميركي بشكل طفيف توقعاته للنمو الاقتصادي في الولايات المتحدة للسنة الحالية، على ضوء الغموض المحيط بمستقبل المبادلات التجارية... وبالتزامن، قال بنك الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) الأميركي في «نيويورك» إن الحرب التجارية عبر المحيط الأطلسي من الممكن أن تؤدي إلى انخفاض الواردات والصادرات الأميركية.
وبات مكتب الميزانية، وهو هيئة فيدرالية مؤلفة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، يتوقع نموا في إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 3.1 في المائة عام 2018. وهذه النسبة تتخطى بنحو 0.5 في المائة نسبة النمو المسجلة عام 2017 وقدرها 2.6 في المائة، غير أنها أدنى بقليل من مستوى توقعات مكتب الميزانية في أبريل (نيسان) الماضي حيث كان يراهن على 3.3 في المائة لعام 2018. وبعدما بقي النمو قويا في النصف الأول من السنة مع تسجيل مستوى 4.1 في المائة في الفصل الثاني، يتوقع مكتب الميزانية أن تتباطأ وتيرته.
وأوضح المكتب أن هذا التباطؤ «مرده عدة عوامل حفزت النمو في الفصل الثاني، ومنها تسارع استهلاك الأسر بعد فصل أول ضعيف وارتفاع كبير في الصادرات الزراعية»، مشيرا إلى أن هذه العوامل «إما ستضعف أو ستنعكس».
وكان النمو القوي الذي حققه الاقتصاد الأول في العالم بين أبريل ويونيو (حزيران) الماضيين، الأقوى خلال 4 سنوات. وما ساهم في تعزيز هذه الحيوية ارتفاع الصادرات، لا سيما من الصويا، قبل دخول الرسوم الجمركية الصينية المشددة حيز التنفيذ.
ويؤكد الرئيس دونالد ترمب من جهته أن بالإمكان تحقيق نمو في إجمالي الناتج الداخلي يفوق 5 في المائة خلال الفصل المقبل.
لكن مكتب الميزانية يرى أن النمو في النصف الأول من السنة المدعوم من «ازدياد نفقات الحكومة والتخفيضات الضريبية وزيادة الاستثمارات الخاصة» لا يمكن أن يستمر بالوتيرة ذاتها. وأكد أن «التعديلات الأخيرة في الرسوم الجمركية التي أقرتها الولايات المتحدة وشركاؤها التجاريون ستحد من المبادلات في ما بينها».
وتابع المكتب أن «هذه التدابير، بجعلها المنتجات المستوردة أغلى ثمنا في السوق الداخلية والصادرات الأميركية أعلى تكلفة في الخارج... هذه التعديلات في الرسوم الجمركية ستحد من حجم الواردات والصادرات على السواء».
وعمدت إدارة ترمب منذ مطلع العام سعيا منها لخفض العجز التجاري الأميركي، إلى فرض رسوم جمركية مشددة على بضائع مثل الألواح الشمسية والغسالات والألمنيوم والصلب، المستوردة من عدة بلدان من بينها الصين. كما فرضت رسوما جمركية إضافية منذ يوليو (تموز) الماضي على منتجات صينية بقيمة نحو 34 مليار دولار، على أن تشمل 16 مليارا من البضائع الإضافية بدءا من 23 أغسطس (آب) الحالي. وردت كندا والصين والاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية انتقامية مشددة على بضائع أميركية.
وبرر الرئيس الأميركي فرض التعريفات الجمركية بأنه من أجل الحد من العجز التجاري للولايات المتحدة، الذي بلغ 568.4 مليار دولار في عام 2017، والذي وصفه مراراً بأنه «غير عادل».
في غضون ذلك، أفاد «الاحتياطي الفيدرالي» في بحث صادر مساء أول من أمس، بأن الحرب التجارية التي تقودها الولايات المتحدة لا تفعل سوى القليل لمعالجة زيادة عجز الميزان التجاري الأميركي.
وتوقع باحثون في «مجلس الاحتياطي الفيدرالي» أن تؤدي الرسوم الجديدة التي قرر ترمب فرضها على مجموعة السلع التي تستوردها الولايات المتحدة، إلى تقليل صادرات وواردات الولايات المتحدة. وقال الباحثون في البنك المركزي الأميركي إنه «في حين لا يمكننا التنبؤ بحجم العجز التجاري (للولايات المتحدة)، فإن الواضح من تحليلنا أن رسوم الواردات ستقلل كلاً من الواردات والصادرات».
وحذر الباحثون في رسالة تم نشرها عبر الإنترنت من أن هذه الرسوم «لن تؤدي إلى أي تحسن أو إلى تحسن طفيف في العجز التجاري». ويقول الخبراء إنهم توصلوا إلى هذه النتائج ليس فقط بسبب الرسوم المضادة التي ستفرضها الدول الأخرى على السلع الأميركية، ولكن بسبب ارتفاع تكاليف إنتاج السلع الأميركية التي سيتم تصديرها، وهو ما يعني تقليص تنافسية الصادرات الأميركية في الأسواق العالمية.
وذكر البحث «التجربة الصينية» دليلاً، حيث خفضت بكين التعريفات الجمركية على الواردات عندما انضمت إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001، وأدى ذلك إلى زيادة هائلة في الصادرات والواردات الصينية.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه يوم الأربعاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة في تقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار شركة ديلويت المسؤولة عن البوابة الإلكترونية للولاية (وسائل إعلام محلية)

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

اخترقت مجموعة دولية من المجرمين المعلومات الشخصية والمصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية رود آيلاند الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
TT

بورصة لندن تواجه أزمة تنافسية مع أكبر موجة هجرة منذ الأزمة المالية

رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)
رجل يتجول في بهو بورصة لندن (رويترز)

حذَّر الرئيس السابق لمجموعة بورصة لندن، من أنَّ بورصة لندن الرئيسية أصبحت «غير تنافسية للغاية»، وسط أكبر هجرة شهدتها منذ الأزمة المالية.

وقال كزافييه روليه، الذي ترأس مجموعة بورصة لندن بين عامَي 2009 و2017، إن التداول الضعيف في لندن يمثل «تهديداً حقيقياً» يدفع عدداً من الشركات البريطانية إلى التخلي عن إدراجها في العاصمة؛ بحثاً عن عوائد أفضل في أسواق أخرى.

وجاءت تعليقاته بعد أن أعلنت شركة تأجير المعدات «أشتيد» المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» خططها لنقل إدراجها الرئيسي إلى الولايات المتحدة، استمراراً لاتجاه مماثل اتبعته مجموعة من الشركات الكبرى في السنوات الأخيرة.

ووفقاً لبيانات بورصة لندن، فقد ألغت أو نقلت 88 شركة إدراجها بعيداً عن السوق الرئيسية في لندن هذا العام، بينما انضمت 18 شركة فقط. وتشير هذه الأرقام، التي نشرتها صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إلى أكبر تدفق صافي من الشركات خارج السوق منذ الأزمة المالية في 2009.

كما أن عدد الإدراجات الجديدة في لندن يتجه لأن يكون الأدنى في 15 عاماً، حيث تتجنب الشركات التي تفكر في الطرح العام الأولي (IPO) التقييمات المنخفضة نسبياً مقارنة بالأسواق المالية الأخرى.

وقد تجاوزت قيمة الشركات المدرجة التي تستعد لمغادرة سوق الأسهم في لندن هذا العام، 100 مليار جنيه إسترليني (126.24 مليار دولار) سواء من خلال صفقات استحواذ غالباً ما تتضمن علاوات مرتفعة، أو من خلال شطب إدراجها.

وأضاف روليه أن انخفاض أحجام التداول في لندن في السنوات الأخيرة، مقارنة مع الارتفاع الحاد في الولايات المتحدة، دفع الشركات إلى تسعير أسهمها بأسعار أقل في المملكة المتحدة لجذب المستثمرين.

وقال في تصريح لصحيفة «التليغراف»: «الحسابات البسيطة تشير إلى أن السوق ذات السيولة المنخفضة ستتطلب خصماً كبيراً في سعر الإصدار حتى بالنسبة للطروحات العامة الأولية العادية. كما أن السيولة المنخفضة نفسها ستؤثر في تقييم الأسهم بعد الاكتتاب. بمعنى آخر، فإن تكلفة رأس المال السهمي تجعل هذه السوق غير تنافسية بشكل كامل».

ووفقاً لتقديرات «غولدمان ساكس»، يتم تداول الأسهم في لندن الآن بخصم متوسط يبلغ 52 في المائة مقارنة بنظيراتها في الولايات المتحدة.

وتستمر معاناة سوق العاصمة البريطانية في توجيه ضربة لحكومة المملكة المتحدة، التي تسعى جاهدة لتبسيط القوانين التنظيمية، وإصلاح نظام المعاشات المحلي لتشجيع مزيد من الاستثمارات.

وأشار روليه إلى أن المملكة المتحدة بحاجة إلى التخلص من الإجراءات البيروقراطية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي التي تمنع صناديق التقاعد من امتلاك الأسهم، بالإضافة إلى ضرورة خفض الضرائب على تداول الأسهم وتوزيعات الأرباح.

وأضاف: «قلقي اليوم لا يتعلق كثيراً بالطروحات العامة لشركات التكنولوجيا، فقد فات الأوان على ذلك. التهديد الحقيقي في رأيي انتقل إلى مكان آخر. إذا استمعنا بعناية لتصريحات كبار المديرين التنفيذيين في الشركات الأوروبية الكبرى، فسنجد أنهم أثاروا احتمال الانتقال إلى الولايات المتحدة للاستفادة من انخفاض تكلفة رأس المال والطاقة، والعوائد المرتفعة، والتعريفات التفضيلية».