روسيا تواجه العقوبات بإقامة مناطق حرة «أوفشور»

لجذب الرساميل وحماية أموال الأثرياء

البرلمان الروسي يقر مشروع قانون يسمح بإقامة مناطق حرّة «أوفشور» بدءا من أكتوبر المقبل
البرلمان الروسي يقر مشروع قانون يسمح بإقامة مناطق حرّة «أوفشور» بدءا من أكتوبر المقبل
TT

روسيا تواجه العقوبات بإقامة مناطق حرة «أوفشور»

البرلمان الروسي يقر مشروع قانون يسمح بإقامة مناطق حرّة «أوفشور» بدءا من أكتوبر المقبل
البرلمان الروسي يقر مشروع قانون يسمح بإقامة مناطق حرّة «أوفشور» بدءا من أكتوبر المقبل

تحاول السلطات الروسية مواجهة العقوبات الأميركية بعدد من الإجراءات التي تعتقد أنها مناسبة، أو تحول دون تأثير تلك العقوبات على نمو الاقتصاد وتدفق الاستثمارات.
وعلى هذا الصعيد، أقر البرلمان الروسي مشروع قانون يسمح بإقامة مناطق حرّة «أوفشور» بدءا من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل؛ الأولى ستقام في جزيرة روسكي مقابل مدينة فلاديفوستوك في أقصى شرق البلاد، والثانية على جزيرة أوكتيابرسكي في منطقة كالينينغراد. وستتمتع هذه المناطق بنظام ضريبي بسيط لا يشمل إلا النتائج المتولدة عن أعمال جرت على الأرض الروسية، مع ضمان سرية الأعمال والشكل القانوني للشركات التي ستقام في هذه المناطق وضمان سرية المستفيدين الحقيقيين منها، ولا يمكن الكشف عن كل ذلك إلا بطلب من الشرطة والسلطات القضائية المختصة.
إلى ذلك، ستحظى شركات تلك المناطق بمرونة خاصة بأسعار الصرف؛ إذ سيكون متاحاً أمامها إجراء عمليات بالعملات الأجنبية من دون قيود. في المقابل، على من يمنح تلك الامتيازات أن يستثمر في روسيا 100 مليون روبل (1.5 مليون دولار) على الأقل سنوياً.
وأكدت مصادر معنية أن الهدف الأساسي هو تشجيع الأغنياء الروس (الأوليغارشية) على إعادة أموالهم كلياً أو جزئياً إلى البلاد، لا سيما أولئك الذين طالتهم العقوبات الأميركية التي أقرت في أبريل (نيسان) الماضي، علما بأن سيف تلك العقوبات مسلط دائماً ويمكن التوسع في استخدامه في ضوء زيادة التوتر بين البلدين جراء ملفات عدة عالقة. وكانت الحكومة الروسية شرعت في اتخاذ جملة إجراءات لمساعدة من طالتهم تلك العقوبات، لا سيما أوليغ ديريباسكا وفيكتور فكسلبرغ، وهما مقربان من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأشارت المصادر عينها إلى بنود في القانون الجديد تسمح للأغنياء الروس بنقل شركاتهم المقامة في الخارج إلى الداخل، مع الاحتفاظ بالامتيازات والتسهيلات التي يحظون بها في البلدان التي استقرت أعمالهم فيها أو انطلقت منها، والمقصود بتلك التسهيلات تحديداً الأشكال القانونية لتلك الشركات والحوافز الضريبية التي جذبتهم لإقامة أعمال حيث هي تلك الشركات الآن.
وأضافت المصادر: «وحدها الشركات الأجنبية مدعوة للاستفادة من مناطق الأوفشور الجديدة، كما الروس الذين خرجوا بأموالهم واستثماراتهم بعيداً عن بلدهم لسبب أو لآخر، وهم الآن عرضة لعقوبات أميركية قد تطالهم، أما الشركات الروسية المؤسسة داخل البلاد - وهي تحت القانون الداخلي الخاص بالاستثمار المحلي - فلن يكون باستطاعتها نقل أعمالها أو مقارها إلى المناطق الحرة الجديدة، لأن ذلك يعد تهرباً ضريبياً».
وتتوقع الولايات التي ستقام فيها هذه المناطق الحرة انتعاشاً اقتصادياً، خصوصاً في قطاعات الفنادق والضيافة والبناء، وهذا ما أكده حاكم كالينينغراد. لكن مصادر متشككة توقعت ألا تحصل تلك الطفرة لأن المسألة قد تقتصر على عناوين ضريبية فقط، وقد لا يأتي المستثمرون للإقامة في تلك المناطق أو حتى زيارتها لأن المسموح به سيشبه إلى حد بعيد الجنات الضريبية المنتشرة حول العالم؛ خصوصاً في جزر نائية باتت تستخدم للتهرب الضريبي فقط.
ويضيف المتشككون: «معظم الشركات الروسية المهاجرة اختارت تلك الهجرة لأسباب ضريبية، وهرباً من تقلبات التشريعات المحلية وتطبيقات تلك التشريعات بطرق وأساليب مختلفة أحيانا لأسباب سياسية ربما. لهذا السبب رأينا كيف تحولت قبرص إلى قبلة لتلك الأموال. والأغرب أن قبرص هي أول بلد أجنبي مستثمر في روسيا، لأن الأموال الروسية التي تهاجر إلى تلك الجزيرة تستخدم لتأسيس شركات قبرصية (أوفشور) تقوم بدورها بالاستثمار مجددا في روسيا، وهي بذلك تضمن عدم مصادرة تلك الاستثمارات أو التعرض لها. ودرجت هذه الممارسات كثيراً في السنوات الماضية بعدما تعرض أصحاب رساميل روس لمضايقات في بلدهم، وصلت في بعض الأحيان إلى سجن بعضهم بعد وضع اليد على أصولهم».
يذكر أن العقوبات الأميركية الجديدة ضد روسيا متصلة بالاتهامات الموجهة إلى موسكو بشأن تسميم العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال وابنته في بريطانيا قبل عدة أشهر.
وتشمل العقوبات حظر تصدير معدات تكنولوجية مثل الأجهزة الإلكترونية. وأمام موسكو الآن 3 أشهر للرد على طلب التعهد بعدم استخدام أسلحة كيماوية أو بيولوجية، وقبول قدوم جهات دولية للتفتيش، والتحقق من عدم لجوء روسيا مجدداً إلى عمليات كالتي تعرض لها العميل المزدوج. أما في حال عدم الالتزام، وهذا ما هو متوقع على نطاق واسع، فإن عقوبات أخرى ستوقع وستأتي أكثر قسوة، وقد يصل الأمر إلى منع الطائرات الروسية من الهبوط في المطارات الأميركية أو حتى قطع أو خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية وفقاً لمصادر أميركية رسمية.
وأثرت تلك العقوبات سلباً على الأسواق المالية الروسية؛ إذ هبط سعر صرف الروبل الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوى في عامين، كما هبطت مؤشرات البورصة. لكن السلطات المالية أكدت أن لديها الإمكانات والأدوات اللازمة لطمأنة الأسواق وتجاوز ذلك الهبوط. وقال مصدر مالي في موسكو: «تكررت العقوبات خلال السنوات الماضية؛ فإذا بالاقتصاد الروسي يكسب مناعة التأقلم في كل مرة».
وكانت روسيا تعرضت لعقوبات في عام 2014 بعد ضم جزيرة القرم، وتزامن ذلك مع بداية هبوط أسعار النفط، مما أدى إلى سنتين من الركود الاقتصادي.
ولجأت روسيا خلال الأشهر الماضية إلى تسييل قسم كبير مما كان بحوزتها من السندات الأميركية، وخرجت من قائمة كبار حملة تلك السندات. ففي غضون 3 أشهر باعت موسكو 85 في المائة من تلك الأصول، وانخفض إجمالي ما كانت تملكه من 96 مليار دولار كما في مارس (آذار) إلى أقل من 15 ملياراً في مايو (أيار) الماضيين، ثم إلى مستوى أدنى حالياً. وحدث ذلك في موازاة عقوبات فرضتها واشنطن على رجال أعمال مقربين من الرئيس بوتين، وخلال مرحلة انخفض فيها صرف الروبل بنحو 10 في المائة مقابل الدولار.
يذكر أن ارتفاع أسعار النفط أنعش الاقتصاد الروسي نسبيا في عام 2017 والنصف الأول من عام 2018. وبلغ إجمالي الناتج نحو 1.58 تريليون دولار ليحتل المرتبة 11 عالمياً، متجاوزاً بذلك ناتج كوريا الجنوبية. ويبقى الاقتصاد الروسي وراء 3 من اقتصادات مجموعة «بريكس»، وهي: الصين التي ناتجها الثاني عالمياً بحجم 12.2 تريليون دولار، والهند 2.6 تريليون دولار، والبرازيل بحجم تريليوني دولار.



«بنك اليابان» يشير إلى احتمال قريب لرفع الفائدة

صورة جوية من العاصمة اليابانية طوكيو ويظهر في الخلفية جبل فوجي الشهير (أ.ف.ب)
صورة جوية من العاصمة اليابانية طوكيو ويظهر في الخلفية جبل فوجي الشهير (أ.ف.ب)
TT

«بنك اليابان» يشير إلى احتمال قريب لرفع الفائدة

صورة جوية من العاصمة اليابانية طوكيو ويظهر في الخلفية جبل فوجي الشهير (أ.ف.ب)
صورة جوية من العاصمة اليابانية طوكيو ويظهر في الخلفية جبل فوجي الشهير (أ.ف.ب)

قال بنك اليابان المركزي إن زيادات الأجور تتسع في اليابان؛ حيث جعل النقص في العمالة الشركات أكثر وعياً بالحاجة إلى الاستمرار في رفع الأجور، ما يشير إلى أن الظروف المواتية لرفع أسعار الفائدة في الأمد القريب مستمرة في الظهور.

وقال بنك اليابان، يوم الخميس، إن بعض الشركات تدرس بالفعل مدى قدرتها على زيادة الأجور هذا العام، مما يشير إلى ثقة متزايدة باستمرار زيادات الأجور الضخمة التي شهدناها العام الماضي.

وأكد البنك مراراً أن زيادات الأجور المستدامة والواسعة النطاق شرط أساسي لرفع أسعار الفائدة قصيرة الأجل من 0.25 في المائة الحالية، وهي الخطوة التي راهن بعض المحللين على أنها قد تأتي في وقت مبكر من اجتماع وضع السياسات في وقت لاحق من هذا الشهر.

وقال كازوشيجي كامياما، مدير فرع بنك اليابان في أوساكا، في إفادة صحافية: «بدلاً من اتباع نهج الانتظار والترقّب، تعلن المزيد من الشركات عن نيتها زيادة الأجور في وقت مبكر أكثر من الماضي... الحاجة إلى زيادة الأجور مشتركة على نطاق أوسع بين الشركات الصغيرة. ويمكننا أن نتوقع مكاسب قوية في الأجور هذا العام».

وفي بيان حول صحة الاقتصادات الإقليمية، أضاف البنك المركزي أن العديد من مناطق اليابان شهدت زيادات واسعة النطاق في الأسعار من قبل الشركات التي تسعى إلى دفع أجور أعلى.

وقال بنك اليابان إن بعض الشركات لم تحسم أمرها بعد بشأن حجم الزيادة في الأجور أو كانت حذرة من رفع الأجور، بينما كانت شركات أخرى تناقش بالفعل تفاصيل وتيرة رفع أسعار الفائدة.

وأضاف البنك المركزي، في البيان الذي صدر بعد اجتماعه ربع السنوي لمديري الفروع، يوم الخميس: «في المجمل، كانت هناك العديد من التقارير التي تقول إن مجموعة واسعة من الشركات ترى الحاجة إلى الاستمرار في رفع الأجور».

وتعد هذه النتائج من بين العوامل التي سيفحصها بنك اليابان في اجتماعه المقبل لوضع السياسات في 23 و24 يناير (كانون الثاني) الحالي، عندما يناقش المجلس ما إذا كان الاقتصاد يتعزز بما يكفي لتبرير رفع أسعار الفائدة بشكل أكبر.

وقال أكيرا أوتاني، كبير خبراء الاقتصاد السابق في البنك المركزي، الذي يشغل حالياً منصب المدير الإداري في «غولدمان ساكس اليابان»: «أظهرت نتائج اجتماع مديري الفروع أن التطورات الاقتصادية والأسعار تسير بما يتماشى مع توقعات بنك اليابان. وتدعم المناقشات وجهة نظرنا بأن بنك اليابان سيرفع أسعار الفائدة في يناير».

كما أوضح بنك اليابان، يوم الخميس، أنه رفع تقييمه الاقتصادي لاثنتين من المناطق التسع في اليابان وأبقى على وجهة نظره بشأن المناطق المتبقية، قائلاً إنها تنتعش أو تتعافى بشكل معتدل. لكن المخاوف بشأن تباطؤ الطلب العالمي وعدم اليقين بشأن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ألقت بظلالها على آفاق الاقتصاد الياباني المعتمد على التصدير. ونقلت «رويترز» عن أحد المسؤولين قوله: «نراقب التطورات بعناية، حيث قد نواجه مخاطر سلبية اعتماداً على السياسة التجارية الأميركية الجديدة».

وأنهى بنك اليابان أسعار الفائدة السلبية في مارس (آذار)، ورفع هدفه لسعر الفائدة في الأمد القريب إلى 0.25 في المائة في يوليو (تموز) على أساس أن اليابان تسير على الطريق الصحيح لتلبية هدف التضخم البالغ 2 في المائة بشكل دائم. وتوقع جميع المشاركين في استطلاع أجرته «رويترز» الشهر الماضي أن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة إلى 0.50 في المائة بحلول نهاية مارس المقبل.

وفي مؤتمر صحافي عُقد بعد قرار بنك اليابان الإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة الشهر الماضي، قال المحافظ كازو أويدا إنه يريد انتظار المزيد من البيانات حول ما إذا كانت زيادات الأجور ستشمل المزيد من الشركات في مفاوضات الأجور هذا العام بين الشركات والنقابات. كما استشهد بعدم اليقين بشأن السياسة الاقتصادية لترمب كسبب لتأجيل رفع الأسعار في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وقال رئيس مجموعة أعمال كبيرة، يوم الثلاثاء، إن الشركات اليابانية الكبيرة من المرجح أن تزيد الأجور بنحو 5 في المائة في المتوسط ​​في عام 2025، وهو نفس العام الماضي. والمفتاح هو ما إذا كانت زيادات الأجور ستصل إلى الشركات الأصغر في المناطق الإقليمية.

وفي إشارة إيجابية، أظهرت بيانات الأجور التي صدرت في وقت سابق من يوم الخميس أن الراتب الأساسي، أو الأجر العادي، ارتفع بنسبة 2.7 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) لتسجل أسرع زيادة منذ عام 1992.