«ويلز فارغو» يدفع ملياري دولار غرامة لتورطه في أزمة الرهن العقاري

البنك رفض الاعتراف بمسؤوليته... ويواجه تحقيقات في قضايا أخرى

ويلز فارغو
ويلز فارغو
TT

«ويلز فارغو» يدفع ملياري دولار غرامة لتورطه في أزمة الرهن العقاري

ويلز فارغو
ويلز فارغو

على الرغم من مرور 10 سنوات على الأزمة المالية العالمية، التي خرجت من رحم الولايات المتحدة الأميركية في خريف عام 2008، فإن توابع هذه الأزمة ما زالت تلقي بظلالها على كثير من المؤسسات المالية الأميركية.
ولأن أزمة الرهن العقاري كانت الشرارة التي أدت إلى اندلاع الأزمة المالية، كانت البنوك الأميركية هي المسؤول الأول عن تلك الأزمة، بسبب تساهلها في تقديم قروض عقارية لعشرات الآلاف من المواطنين دون التأكد من قدرتهم على السداد.
وخلال السنوات الخمس الماضية، قامت وزارة العدل الأميركية بإجراء كثير من التحقيقات الموسعة مع عشرات البنوك المتورطة في أزمة الرهن العقاري، وأوقعت عليهم غرامات بعشرات المليارات من الدولارات.
وتأتي التسوية التي أعلنت عنها وزارة العدل، الأسبوع الماضي، مع بنك «ويلز فارغو»، وهو ثالث أكبر البنوك الأميركية، أحدث حالات التحقيقات مع المؤسسات المالية الأميركية المسؤولة عن الأزمة.
وقد وافق «ويلز فارغو» على دفع غرامة 2.09 مليار دولار مقابل إنهاء التحقيق في هذه القضية التي يتهم فيها بالتساهل في تقديم قروض بمليارات الدولارات إلى عشرات الآلاف من المواطنين قبيل خريف 2008، رغم علمه بعدم قدرتهم على السداد.
وعلى الرغم من موافقة البنك على دفع مبلغ الغرامة، فإنه لم يعترف بمسؤوليته عن أزمة الرهن العقاري، وتفاوض خلال الشهور الماضية مع وزارة العدل حول مبلغ الغرامة، الذي كان يتراوح بين 2.5 مليار و3 مليارات دولار، قبل أن يتم الاتفاق على المبلغ الحالي، وهو 2.09 مليار دولار.
وقال تيموثي سلوان، الرئيس التنفيذي لـ«ويلز فارغو»، في بيان عقب التوصل إلى التسوية: «يسر البنك أن يضع خلفنا هذه القضايا الموروثة المتعلقة بالادعاءات المتعلقة بأنشطة الأوراق المالية المربوطة بالرهن العقاري، التي حدثت منذ أكثر من عقد من الزمان».
وقال البنك، في بيان، إنه ما زال يركز على دوره المهم، كواحد من أكبر المقرضين العقاريين في الولايات المتحدة، مشيراً إلى أن وزارة العدل توصلت إلى تسويات مشابهة مع بنوك أخري، وهو ما يؤكد أن هذه الادعاءات لا تتعلق بأفراد بعينهم.
في حين قال أليكس تسي، القائم بأعمال المدعي العام لمقاطعة شمال كاليفورنيا، إن التسوية المدنية التي تم التوصل إليها مع «ويلز فارغو» تعد دليلاً على تحمل البنك مسؤولية بيع عشرات الآلاف من القروض، التي تم تحويلها إلى أوراق مالية وبيعها للمستثمرين، وهو ما تسبب في خسارة كثير من المؤسسات المالية المؤمنة فيدرالياً مليارات الدولارات، بعد تعثر المقترضين عن دفع القروض.
وقالت وزارة العدل إن هذه التسوية تنهي التحقيق الذي طال أمده في هذه المسألة، مشيرة إلى أن «ويلز فارغو» لم يقدم معلومات حقيقية عن القروض العقارية التي جمعها وباعها للمستثمرين في صورة أوراق مالية، وأوضحت أن الاختبارات الداخلية التي أجراها البنك أظهرت فروقاً كبيرة بين بيانات الدخل التي قدمها المقترضين عند ملء استمارات القروض، ودخولهم الحقيقية بناء على بيانات العوائد الضريبية التي تبين حجم الدخل لكل مواطن.
وأضافت أن «ويلز فارغو» أخفق في الإفصاح عن المشكلات المتعلقة بالقروض التي قدمها اعتماداً على بيانات دخل خاطئة، بسبب عدم تحققه من الوثائق المقدمة من المقترضين، مشيرة إلى أن البنك قدم معلومات كاذبة للمستثمرين عن نسبة الديون إلى الدخل، في ما يتعلق بالقروض التي باعها.
وعلى الرغم من أن هذه التسوية ستقضي على صداع التحقيق الذي ظل يؤرق مسؤولي البنك لسنوات، فإن هناك كثيراً من العقبات التي تنتظر «ويلز فارغو» خلال الشهور، وربما السنوات، المقبلة، حيث يواجه البنك سلسلة من التحقيقات الفيدرالية والحكومية في فضيحة تتعلق بفتح كثير من الحسابات البنكية الوهمية دون علم أصحابها، فضلاً عن سلوك عمل البنك في إدارة الثروات، من بين أمور أخرى.
وكانت إدارة البنك قد وافقت في أواخر أبريل (نيسان) الماضي على دفع غرامة مليار دولار، في ظل تسوية توصل إليها مع كل من مكتب الحماية المالية للمستهلك ومكتب مراقبة العملة، بسبب فشل البنك في إدارة المخاطر. وقام البنك المركزي الأميركي (الاحتياطي الفيدرالي)، في فبراير (شباط) الماضي، بوضع حد أقصى لأصول «ويلز فارغو»، في إجراء جبري غير مسبوق في قضايا مشابهة. وعلى عكس البنوك الأخرى، لم تشتمل تسوية بنك «ويلز فارغو» على مليارات الدولارات في صورة إعانة للمستهلكين، كما اضطرت البنوك المقرضة الأخرى إلى دفعها. وكان المدعي العام الأميركي جيف سيشنز قد أوقف العام الماضي التسويات الحكومية التي تطلب من الشركات المساهمة بأموال لمجموعات أطراف ثالثة.
ويعتبر «ويلز فارغو» أحدث بنك يقوم بتسوية قضايا الرهن العقاري في ظل إدارة ترمب. وكان بنك «باركليز بي إل سي» البريطاني قد وافق، في وقت سابق من هذا العام، على دفع مبلغ ملياري دولار لتسوية مشابهة مع وزارة العدل. كما وافقت مجموعة «رويال بنك أوف سكوتلاند بي إل سي» على دفع مبلغ 4.9 مليار دولار في تسوية مماثلة أيضاً.
وتعد هذه الغرامات ضئيلة للغاية مقارنة بالتسويات التي تمت في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. فعلى سبيل المثال، وافق «بنك أوف أميركا» على دفع 16.65 مليار دولار لتسوية قضايا الرهن العقاري في عام 2014.
في حين توصلت مجموعة «سيتي بنك» إلى تسوية بقيمة 7 مليارات دولار مع وزراه العدل في القضية نفسها، فيما وافق بنك «جي بي مورغان تشيس» على دفع غرامة بمبلغ 13 مليار دولار في عام 2013، مقابل التوصل إلى تسوية مماثلة.
ويرجع جوهر أزمة الرهن إلى إفراط البنوك الأميركية في الموافقة على قروض عقارية لآلاف الأفراد، دون التأكد من قدرتهم على السداد، وهو ما تسبب في فقاعة في سوق العقارات. وكانت المشكلة الحقيقية أن هذه البنوك قامت بتحويل القروض التي باعتها إلى أوراق مالية تم طرحها للمستثمرين في البورصة. وعندما بدأ المقترضون في التعثر، وتم سحب العقارات التي اشتروها، أدى ذلك إلى تجميد أصول البنوك في صورة عقارات بدلاً من أقساط وفوائد، وهو ما تسبب في إرباك سوق المال الأميركية، وانهيار بورصة وول ستريت.
وكانت الأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية هي المحرك الرئيسي للأزمة المالية. وقد اتهمت الحكومة المقرضين بالتوسع في تقديم قروض، رغم علمهم بعدم قدرة المقترضين على سدادها، وكان ذلك في بعض الأحيان على أساس وثائق واهية قدمها المقترضون. وعانى المستثمرون في البورصات العالمية خسائر فادحة نتيجة هذه الأزمة.


مقالات ذات صلة

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)
عالم الاعمال «جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

مجموعة «جي إف إتش» المالية تعلن إطلاق «أوت لايف» (OUTLIVE)، وهي شركة عقارية مبتكرة تهدف إلى وضع معايير جديدة  للصحة والرفاهية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.


هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»