«متفجرات مسمومة»... حيلة إرهابية جديدة لمضاعفة الضحايا

جانب من العبوات الناسفة التي ضبطتها أجهزة الأمن المصريةفي عمليات المداهمة للخلايا الإرهابية (الشرق الأوسط)
جانب من العبوات الناسفة التي ضبطتها أجهزة الأمن المصريةفي عمليات المداهمة للخلايا الإرهابية (الشرق الأوسط)
TT

«متفجرات مسمومة»... حيلة إرهابية جديدة لمضاعفة الضحايا

جانب من العبوات الناسفة التي ضبطتها أجهزة الأمن المصريةفي عمليات المداهمة للخلايا الإرهابية (الشرق الأوسط)
جانب من العبوات الناسفة التي ضبطتها أجهزة الأمن المصريةفي عمليات المداهمة للخلايا الإرهابية (الشرق الأوسط)

بإعلان وزارة الداخلية المصرية، أول من أمس، ضبط الخلية المخططة للتفجير الانتحاري المحبَط قرب كنيسة مسطرد (شمال القاهرة)، التي ضمت 6 أشخاص، بينهم سيدتان، فوجئ المراقبون لنشاط جماعات العنف و«الإرهاب» في مصر باعتراف لافت، أوضحت أجهزة الأمن أنه جاء على لسان اثنين من المتهمين، قالا إنهما «وضعا مادة سامة على المسامير المستخدمة في تصنيع العبوة لإحداث إصابات قاتلة بمحيط الموجة الانفجارية».
وكان عشرات الأقباط المصريين قد نجوا، قبل يومين، من هجوم نفّذه انتحاري يرتدي حزاماً ناسفاً، كان يستهدف احتفالات «مولد السيدة العذراء». وبعد نحو أربع وعشرين ساعة، أعلنت «الداخلية المصرية» ضبط ستة عناصر «إرهابية» خططوا لـ«تنفيذ سلسلة من العمليات العدائية التي تستهدف الإخلال بالأمن والاستقرار بالبلاد، ومن بينها كنيسة السيدة العذراء»، بحسب بيان رسمي.
وبدأت نيابة أمن الدولة العليا، المعنية بالتحقيق في الجرائم المرتبطة بالعمليات الإرهابية، التحقيق مع جميع المتهمين المنسوبة إليهم تهم تشكيل الخلية، وما صاحبه من جرائم.
وأفادت التحقيقات الأولية، التي أجراها ضباط قطاع الأمن الوطني والتي أحيلت إلى النيابة، بأن «عمليات الفحص أثبتت لقاء الإرهابي القتيل (منفذ العملية) مع اثنين من العناصر المضبوطة بالقرب من الكنيسة، حيث تولى أحدهما استكشاف ومراقبة المكان مستخدماً دراجة نارية، بينما أعطى متهم آخر إشارة البدء للانتحاري الذي كان يضع العبوة داخل حقيبة أسفل ملابسه».
وبحسب ما يقوله العقيد بإدارة المفرقعات إبراهيم حسين لـ«الشرق الأوسط»، فإن «ظاهرة وضع مواد سامة على المسامير المستخدمة في العبوات الناسفة أسلوب جديد في ما يتعلق بتكنيكات تصنيع المتفجرات».
وشرح الضابط المصري، الذي شارك في عمليات تفكيك مئات العبوات الناسفة في السنوات القليلة الماضية خلال عمليات المداهمة لبؤر إرهابية، أن «تقارير المعمل الجنائي التي تصدر بشأن محتوى العبوات الناسفة والشراك التفجيرية التي تمكن هو أو من يعرفهم من زملائه لم تتضمن الإشارة بأي حال لمواد سامة»، الأمر الذي يعني أن تلك الطريقة لم يسبق تنفيذها من قبل خلايا أخرى تم ضبطها في غضون السنوات الخمس الماضية.
وأشار حسين إلى أنه، بحكم عمله، أدلى بأقواله وشهاداته في كثير من القضايا التي يحاكم فيها عناصر إرهابية، وأن أسلوب عمل تلك المجموعات «كان يرتكز في تصنيع المفرقعات على مسامير معقوفة أو عادية، وكُرات (بلي) حديدية، أو زلط صغير داخل العبوات، وذلك بسبب طبيعتها القاتلة، إذا تمكنت من اختراق أجساد الضحايا».
وكانت وزارة الداخلية قد قالت، أول من أمس، إنها حددت البؤرة الإرهابية المرتبطة بالانتحاري منفذ الهجوم، ونشرت أسماء وصور عناصر المجموعة التي وجهت إليها الاتهام، وهم: «محمد.أ»، 43 عاماً، يعمل في منطقة الزاوية الحمراء، موظف بشركة للخدمات البترولية؛ و«يحيى.ك»، 39 عاماً، يعمل ميكانيكي سيارات؛ و«صبري.س»، 42 عاماً، يقيم في محافظة القليوبية (حيث يقع النطاق الجغرافي للكنيسة)، ويعمل موظفاً بشركة للخدمات البترولية؛ و«هيثم.أ»، 44 عاماً.
وأفادت الشرطة المصرية بأنه من بين المتهمين سيدتان، هما «رضوى.ع»، 42 عاماً، تقيم في حي الزمالك الراقي، وأشارت الداخلية إلى أنها «من العناصر الرئيسية التي لها دور بارز في مجال الترويج للأفكار المتطرفة، وتقوم بتوفير الدعم المالي للعناصر الإرهابية، بتكليف من بعض الإرهابيين الهاربين بالخارج».
وفي ما يتعلق بالسيدة الثانية، أشارت الداخلية إلى أنها تدعى «نهى.أ»، 37 عاماً، وهي زوجة لأحد المتهمين وشقيقة متهم آخر. وبحسب الأمن المصري، فقد عثر بحوزة المتهمين على «4 أسلحة متنوعة، وكمية كبيرة من الطلقات النارية، ونصف كيلو بارود، و5 كيلوغرامات من مادة النترات التي تستخدم في تصنيع المتفجرات، ومبلغ مالي قدره نصف مليون جنيه (28 ألف دولار)، و3 سيارات».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم