قرية فرنسية متميزة لعلاج مرضى الخرف

تضم مركز أبحاث وتتسع لـ 120 مريضاً وتفتتح العام المقبل

TT

قرية فرنسية متميزة لعلاج مرضى الخرف

في قرية فرنسية يمكن أن يطلق عليها اسم «قرية الخرف» يبدو كل شيء حقيقياً وكأن المكان موقع مصمم بدقة لتصوير أحد الأفلام، شبيه بساحة بلدة من الخمسينات، أو قرية محصنة من العصور الوسطى مثلاً... ولكنه أيضاً يضم بعض المظاهر الحقيقية، مثل صالة السينما التي تعرض أفلاماً، والمقهى الذي يقدم مشروبات ساخنة.

قرية علاجية
ولكن هذا المكان مصمم في الواقع للأشخاص الذين لا يستطيعون تمييز الاختلاف (كالشخصية التي جسدها جيم كاري في فيلم «ذا ترومان شو» الشهير عام 1988)، وهذا لأن سكان هذا المكان يعانون من مرض ألزهايمر وغيره من أنواع الخرف. والبلدة أو البلدات المزيفة التي يعيشون فيها هي في الحقيقة مراكز للعلاج مصممة بديلا للمنشآت المؤسساتية التي تشبه المستشفيات والتي تستخدم عادة لعلاج هؤلاء المرضى.
لا يزال عدد ما تُعرف بـ«قرى الخرف»، قليلا، وتقع في أماكن بعيدة بعضها عن بعض، إلا أن هذا النموذج العلاجي ينتشر تدريجياً مع افتتاح مشروعات جديدة أو وجود مشروعات أخرى في مرحلة التخطيط في دول مختلفة من العالم.
ومن المقرر أن تشهد منطقة داكس الفرنسية افتتاح قرية مماثلة أواخر عام 2019، لإيواء 120 مريضا، وفقا لما أوردته صحيفة «لوموند» المحلية اليومية. ومن المتوقع أن تصل تكلفة بناء هذه القرية إلى 28 مليون يورو، بالإضافة إلى 7 ملايين يورو سنوية لتشغيلها. وهذا هو المشروع الأول من نوعه في فرنسا، وسيضم سوبر ماركت، وصالونا لتصفيف الشعر، ومتجرا للمشروبات، ومطعما ومكتبات، مستوحاة جميعها من قرى العصور الوسطى.
يوضح البروفسور جان فرنسوا دارتيج، الطبيب المتخصص بالأعصاب والأوبئة في المركز الاستشفائي الجامعي في بوردو الفرنسية، أن الغرض من هذا المشروع هو أن يصبح سكانه قادرين على أداء نشاطاتهم اليومية بصورة طبيعية قدر الإمكان، عادّاً أن المرضى يستطيعون فيه الاستمرار بالمشاركة في حياتهم الاجتماعية.
تستوحي قرية «داكس» فكرتها من مركز علاجي آخر في منطقة «فيسب» في هولندا، خارج العاصمة أمستردام. افتتحت دار «دي هوجيويك»، كما يعرف، في أواخر عام 2009 ويعيش فيها نحو 152 مقيما. في حديث مع صحيفة «لوموند» الفرنسية عام 2013، قالت جانيت سبايرينج، مديرة دار «دي هوجيويك»: «يعيش الأشخاص المصابون بالخرف بشكل طبيعي جداً عندما يوجدون في محيط طبيعي».
إقامة وأبحاث
ولكن على عكس المركز الهولندي، تتضمن المنشأة الفرنسية مركزاً للأبحاث، حيث يعتزم الباحثون العيش مع المقيمين في هذا المركز، لإجراء مقارنة هدفها قياس تأثير هذا النوع من العلاج على مرضى الخرف.
شكل نموذج «دي هوجيويك» عماداً لـ«قرية خرف» أخرى في منطقة ويدليسباش، في مقاطعة بيرن السويسرية، ولمنشأة أخرى شبيهة أيضاً فتحت أبوابها في منطقة كاونتي ليميريك في آيرلندا، حسب ما أوردته صحيفة «ذا آيريش إكزامينر».
وتحدثت صحيفة «ناشيونال بوست» الكندية عن دراسة خطط لبناء قرية مشابهة في كولومبيا البريطانية. وفي سان دييغو، بولاية كاليفورنيا الأميركية، افتتح مركز للعلاج يعرف باسم «غلينير تاون سكوير» بتصميم مستوحى من الخمسينات، في أبريل (نيسان) الماضي. تم بناء هذا المشروع في مستودع قديم، ولكنه على عكس أمثاله الأوروبيين، لا يفتح أبوابه إلا نهاراً.
وقالت ليزا تيبورسكي، مديرة تطوير الأعمال في المركز، في مقابلة مع صحيفة «ديلي ميل» البريطانية: «هذا المركز مفيد جداً لمرضى الخرف على الصعيد العلاجي. إن مهمة هذا المركز الرئيسية هي الاعتماد على تحفيزات دقيقة من ماضي هؤلاء الأشخاص لحثهم على استعادة بعض الذكريات التي لا تزال محفورة لديهم».



الآشوريون عرفوا علاج جذور الأسنان قبل أكثر من 3000 عام

الآشوريون عرفوا علاج جذور الأسنان قبل أكثر من 3000 عام
TT

الآشوريون عرفوا علاج جذور الأسنان قبل أكثر من 3000 عام

الآشوريون عرفوا علاج جذور الأسنان قبل أكثر من 3000 عام

عندما ننظر إلى تاريخ الطب القديم، نجد أن الحضارات القديمة كانت متقدمة في مجالات عدة بفضل براعة وابتكار أطبائها.

ومن بين هذه الحضارات، تبرز حضارة وادي الرافدين، بإنجازاتها العظيمة في الطب والعلاج. ومن أكثر الاكتشافات إثارة للإعجاب هي الرسائل الطبية الآشورية التي تكشف عن ممارسات طبية متقدمة تُستخدم لمعالجة التحديات الصحية المعقدة.

رسالة تشخيص قبل نحو 3000 عام

من بين هذه الرسائل المذهلة تأتي رسالة تعود إلى القرن السابع قبل الميلاد، أرسلها طبيب إلى الملك الآشوري نابو ناصر. تحتوي هذه الرسالة على تفاصيل مذهلة حول كيفية تعامل الأطباء مع مشكلات صحية تتعلق بالأسنان التي كانت تسبب آلاماً شديدة للملك، لا في السن فحسب، بل وفي باقي الجسم إذ كان يعاني من الصداع وآلام الأطراف.

وفي الرسالة، يشخّص الطبيب السبب وراء الأوجاع التي يعاني منها الملك على أنها نتيجة لمشكلة في الأسنان، ويوضح أن التسوس، الذي كان يُعتقد آنذاك أنه بسبب الديدان، هو السبب وراء هذه الأعراض.

علاج جذور الأسنان

قدم الطبيب توصيات للعلاج، مشيراً إلى خيارين رئيسيين: الأول هو علاج السن عبر «قنوات داخلية»، حيث يتم تنظيف التسوس، وهو أقرب ما يكون لما نعرفه اليوم بعلاج الجذور. أما الخيار الثاني فهو قلع السن المصابة بالكامل إذا كانت الحالة متقدمة.

تقدم الفكر الطبي في حضارة آشور

وتكشف الرسالة عن وعي الأطباء الآشوريين بأثر صحة الفم على باقي أعضاء الجسم، وهي فكرة لم تكتشفها الأبحاث الطبية الحديثة إلا في القرن التاسع عشر. وهذا الوعي يعكس تفوق الأطباء الآشوريين في فهم العلاقة المتبادلة بين صحة الفم والصحة العامة للجسم.

كما تُظهر النصوص المسمارية التي وثقت هذه الرسائل تنوع الممارسات الطبية في ذلك الوقت، حيث لم تقتصر على استخدام الأعشاب والزيوت، بل شملت أيضاً الطقوس الروحية والتقنيات الجراحية البسيطة.

تاريخية الوثيقة واكتشافها

هذه الوثيقة الثمينة، التي نشرها وترجمها العلامة البروفسور طه باقر في القرن العشرين (وتم نشرها حصرياً في المجلات العلمية لكنها لم تنشر في أي وسيلة إعلامية للعامة وهذه أول مرة يتم نشرها على أي صحيفة أو مجلة تستهدف العامة)، تؤكد مكانة الطب الآشوري بين حضارات العالم القديم. وعثر على هذه الرسالة في تل قوينجق شمال مدينة الموصل في العراق، وتعتبر من أهم الوثائق التي تبرز التقدم الطبي لدى الآشوريين.

إن هذا التراث الطبي الثري يُعد مصدر فخر للإنسانية، ويذكرنا بأهمية الاستمرار في البحث والتعلم من الحضارات السابقة لتطوير مستقبل أكثر صحة ورخاء.