البلاغات الإلكترونية... أفضل الطرق لتلقي الأنباء أم دعاية غير مرغوبة؟

من الضروري حتى في مجال الأخبار أن يكون ما تنشره التطبيقات من بلاغات سريعة من النوع الحيوي المهم للمتلقي
من الضروري حتى في مجال الأخبار أن يكون ما تنشره التطبيقات من بلاغات سريعة من النوع الحيوي المهم للمتلقي
TT

البلاغات الإلكترونية... أفضل الطرق لتلقي الأنباء أم دعاية غير مرغوبة؟

من الضروري حتى في مجال الأخبار أن يكون ما تنشره التطبيقات من بلاغات سريعة من النوع الحيوي المهم للمتلقي
من الضروري حتى في مجال الأخبار أن يكون ما تنشره التطبيقات من بلاغات سريعة من النوع الحيوي المهم للمتلقي

هذه الظاهرة يعرفها كل مستخدم للأدوات الإلكترونية، هي ظهور بلاغات سريعة على الشاشة تخبر المستخدم بأحدث الأخبار أو بفرص تجارية أو آخر أخبار ونتائج المباريات الرياضية أو حتى التحذير من حالات الطقس الرديء. هذه البلاغات الإلكترونية (Push Notifications) يعتبرها البعض مفيدة للمتلقي بينما ينظر إليها بعض المستخدمين على أنها نوع من الدعاية الرخيصة خصوصا إذا لم يطلبها المتلقي ولم يتعامل أصلا مع تطبيقاتها. ولكنها من الظواهر الحديثة التي سوف تبقى على المدى البعيد ويعتبرها البعض مستقبل تلقي المعلومات مباشرة من مصدرها إلى المتلقي ومن دون وسطاء.
وبدأت هذه الظاهرة في عام 2009 عندما دشنت شركة آبل خدمة البلاغات الإلكترونية كأول خدمة من نوعها في السوق. ثم تبع ذلك تقديم غوغل لخدمة مماثلة في عام 2010. ثم أضافت غوغل إلى الخدمة تطبيقات تستخدم الصور والفيديو بالإضافة إلى النصوص في البلاغات الإلكترونية. وكان آخر تطور في هذه الخدمة إمكانية الرد الفوري من المستخدم إلى مصدر البلاغات الإلكترونية، وقدمتها آبل في شهر سبتمبر (أيلول) عام 2014.
هذه البلاغات الإلكترونية تعمل الآن على كافة أنظمة التشغيل مثل آبل وآندرويد ووندوز وبلاكبيري. وهي جميعا مهيأة لتلقي البلاغات الإلكترونية وعرضها على شاشة المستخدم.
وأحيانا يحصل مصدر التطبيقات على ترخيص من شركات أنظمة التشغيل من أجل تنشيط تلقى البلاغات الإلكترونية وبعدها يعرض المصدر تطبيقات البلاغات الإلكترونية في موقع تنزيل التطبيقات الإلكترونية تحت شعارات تسويق مختلفة مثل «تعرف على أحدث الأخبار فورا على شاشتك» أو «تخفيضات هائلة على مشترياتك» وهكذا. وعندما يقوم المستهلك بتنزيل هذه التطبيقات تبدأ البلاغات الإلكترونية في الظهور على شاشته ومعها أحيانا بعض الإعلانات.
من الأساليب المعتادة أن تطلب مصادر الأخبار التي يتصفحها المشاهد توصيل خدمة المعلومات مباشرة إلى جهازه، وفي حالات الموافقة تبدأ البلاغات في الظهور دوريا. ويقرر مصدر هذه البلاغات إرسالها لفئات معينة أو للجميع أو إرسالها فورا أو في توقيت لاحق.
وفي بعض الأحيان لا يكون المستخدم واعيا لموافقته على إرسال بلاغات إلى شاشته ولا يكتشف ذلك إلا بعد تكرار وصول البلاغات. وهناك بلاغات قد لا يريدها المستخدم مثل الإعلانات والتسويق لسلع لا يريدها. بينما يزداد الإقبال على ما يراه البعض خدمات حقيقية مثل التخفيضات على رحلات السفر والسياحة وأحيانا الخدمات الخيرية.
وتتيح نظم تشغيل الأدوات للمتلقي كيفية التحكم في البلاغات مثل تشغيل أو إسكات الصوت أو تغيير حجم عرض البلاغ على الشاشة واستخدام ألوان مختلفة. وتتعرف برامج التشغيل في العادة على الموقع الجغرافي للمستخدم، وبالتالي فإن البلاغات الإلكترونية تكون مصممة لكي تناسب وضع وتفضيلات المتلقي.
من أمثلة ذلك أن تعرض بعض البلاغات توفر أجهزة التكييف أثناء الموجات الحارة أو أدوات تدفئة في حالات البرد الشديد في موقع المتلقي. كذلك يمكن للبلاغات أن تخبر المتلقي عن وجود فرص تسوق خاصة بتخفيضات كبيرة في منافذ بيع قريبة من موقع إقامته أو بوجود شخصيات مشهورة في مناسبات خاصة يتم دعوة بعض المستخدمين إليها.
ويجب أن يكون استخدام هذه البلاغات بحساب حتى لا ينفر المتلقي منها إذا ما نظر إليها كنوع من إضاعة وقته الثمين. وهي وسائل مؤثرة من حيث بث الأخبار العاجلة يقبل عليها المتلقي كخدمة نافعة. ومن ناحية مصدر هذه البلاغات يجب أن يتعامل مع التواصل المباشر مع المتلقي كامتياز وليس كحق مكتسب. والاستراتيجية الناجحة هي التي تنظر إلى هذه البلاغات من وجهة نظر المتلقي لها. فلو لم يجد المتلقي فيها فائدة له فسوف يغفل النظر إليها أو حتى يلغيها من على جهازه عبر إلغاء التطبيق الخاص بها.
من الضروري، حتى في مجال الأخبار، أن يكون ما تنشره التطبيقات من بلاغات سريعة من النوع الحيوي المهم لمتلقي الخدمة.
ويتطلب ذلك إجراء بعض الأبحاث على المتلقين لهذه الخدمات وتقديم البلاغات التي تخدم مجالات اهتمامهم. ولا بد من تسهيل مشاركة المتلقي للأخبار أو المعلومات على شبكات التواصل الاجتماعي التي يشارك فيها. وأخيرا يمكن تشجيع المتلقي بتقديم الحوافز له في شكل جوائز أو تخفيضات خاصة.
إن انتشار البلاغات الإلكترونية أصبح واقعا ويمكن أن ينتشر ويكون مفيدا لكل الأطراف في المستقبل لو تم اتباع الاستراتيجية الناجحة في التعامل مع المتلقي.



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».