تركيا تلمّح إلى إقامة مناطق آمنة جديدة في الشمال السوري

تكثيف الجهود الدبلوماسية والعسكرية لمنع وقوع «كارثة» في إدلب

صورة أرشيفية لإقامة قاعدة للقوات الأميركية في منبج مايو الماضي (رويترز)
صورة أرشيفية لإقامة قاعدة للقوات الأميركية في منبج مايو الماضي (رويترز)
TT

تركيا تلمّح إلى إقامة مناطق آمنة جديدة في الشمال السوري

صورة أرشيفية لإقامة قاعدة للقوات الأميركية في منبج مايو الماضي (رويترز)
صورة أرشيفية لإقامة قاعدة للقوات الأميركية في منبج مايو الماضي (رويترز)

لمّح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى احتمال تنفيذ مزيد من العمليات العسكرية في الشمال السوري لإقامة مناطق آمنة لاستيعاب اللاجئين السوريين ومنع موجات نزوح جديدة إلى بلاده في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر مع الولايات المتحدة، حليف تركيا في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
وقال إردوغان، في كلمة أمام تجمع لأنصار حزبه «العدالة والتنمية» الحاكم في مدينة طرابزون (شمال شرقي تركيا)، أمس (الأحد)، إن بلاده استكملت الترتيبات اللازمة لإقامة المزيد من المناطق الآمنة داخل الأراضي السورية، مثلما فعلت خلال عمليتي «درع الفرات» و«غصن الزيتون» من قبل.
ولفت إردوغان إلى أن نحو ربع مليون سوري عادوا بالفعل إلى مناطق تم تحريرها من سيطرة «التنظيمات الإرهابية» في شمال سوريا. وأضاف أنه جرى تكثيف الجهود الدبلوماسية والعسكرية في محافظة إدلب السورية لتجنب حدوث «كارثة» كتلك التي وقعت في مناطق أخرى من سوريا.
وبحث الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تطورات الوضع في سوريا، لا سيما ما يتعلق بالتطورات في إدلب، في اتصال هاتفي أجراه، يوم الجمعة الماضي، مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، تناول أيضاً العلاقات بين البلدين.
وقالت مصادر في رئاسة الجمهورية التركية، إن إردوغان وبوتين «تبادلا وجهات النظر بخصوص عدد من القضايا الإقليمية، وناقشا آخر المستجدات المتعلقة بالقضية السورية ومحادثات آستانة».
وجاء الاتصال بين إردوغان وبوتين في ظل أنباء عن استعدادات مكثفة لجيش النظام السوري للهجوم على إدلب.
وتكثف تركيا اتصالاتها مع روسيا وإيران، وهما الدولتان الضامنتان لمباحثات آستانة. وبحث وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، مع مدير مكتب الرئاسة الإيرانية محمود واعظي، يوم الخميس الماضي، عدداً من الموضوعات المهمة، بينها التطورات في سوريا.
وقالت مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»، إن المباحثات تناولت في جانب كبير منها التطورات في سوريا، وبشكل خاص الهجوم المحتمل لقوات النظام على إدلب، الذي تسعى تركيا لمنعه بسبب مخاوفها المتعلقة بموجة نزوح مليونية جديدة إلى حدودها، والمطالبات الروسية الأخيرة لتركيا بالانسحاب من شمال سوريا.
وأشارت المصادر إلى أن واعظي، نقل رسالة من الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى نظيره التركي رجب طيب إردوغان، حول العلاقات بين البلدين والعقوبات الأميركية والتطورات في سوريا.
وجاءت زيارة واعظي لتركيا قبل زيارة مرتقبة يقوم بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم (الاثنين)، سيتم خلالها تناول التطورات في سوريا، مع التركيز بشكل خاص على وضع مدينة إدلب. وأعلنت أنقرة، مؤخراً، على لسان المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين، أنها ستواصل العمل مع روسيا وإيران بشأن الوضع في سوريا.
ونشرت تركيا 12 نقطة مراقبة داخل إدلب، بموجب اتفاق مناطق خفض التصعيد الذي تم التوصل إليه خلال مباحثات آستانة، بضمانة من روسيا وتركيا وإيران. وحول التوتر مع الولايات المتحدة الذي يعد الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا سبباً فيه، قال إردوغان: «إننا لن نُبقي على من يفرط بشراكته الاستراتيجية مع تركيا من أجل علاقاته مع (تنظيمات إرهابية)، ولن نتوقف عن سحق رؤوس المنظمات الإرهابية، ولن نتراجع خطوة عن سياساتنا المتعلقة بسوريا والعراق».
وكان إردوغان قد قال أول من أمس، في تجمع مماثل في ولاية ريزه شمال شرقي تركيا: «ما نفهمه مما يحدث أن تركيا وهي تنمو وتتطور وتزداد قوة وتأثيراً، تضغط على أقدام البعض (في إشارة إلى أميركا)، ولو أننا التزمنا الصمت إزاء الممر الإرهابي الذي كان يُسعى لإنشائه في سوريا على حدودنا، وقبلنا بمطامع بعض الأطراف بجزء من أراضينا، لما مررنا بالأزمات التي نعيشها الآن».
وأضاف: «نحن نتعرض لهذا الهجوم لأنه سبق لنا أن حطمنا تلك الأيادي في العديد من الأماكن».
بالتوازي، واصلت القوات التركية والأميركية تسيير الدوريات المستقلة على طول الخط الفاصل بين منطقة عملية «درع الفرات» ومدينة منبج، شمال سوريا.
وقال بيان لرئاسة الأركان التركية، أمس، إن عناصر من القوات التركية ونظيرتها الأميركية سيّرت الدورية المنسّقة المستقلة رقم 28، في المنطقة المذكورة.
وبدأ الجانبان تسيير هذه الدوريات في 18 يونيو (حزيران) الماضي، في إطار خريطة الطريق التي توصلت إليها أنقرة مع واشنطن في الرابع من الشهر نفسه بشأن انسحاب الوحدات الكردية من منبج والإشراف على استقرار المدينة حتى تشكيل مجلس محلي لإدارتها.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».