«داعش» يستغل «الأطفال اللاجئين»

انتحاريون في أوروبا... جواسيس في المخيمات

أطفال «داعش» في سوريا والعراق نواة لمقاتلين في أوروبا («الشرق الأوسط»)
أطفال «داعش» في سوريا والعراق نواة لمقاتلين في أوروبا («الشرق الأوسط»)
TT

«داعش» يستغل «الأطفال اللاجئين»

أطفال «داعش» في سوريا والعراق نواة لمقاتلين في أوروبا («الشرق الأوسط»)
أطفال «داعش» في سوريا والعراق نواة لمقاتلين في أوروبا («الشرق الأوسط»)

أعاد تنظيم داعش الإرهابي اللعب بورقة تجنيد الأطفال أو ما يطلق عليهم «الأشبال»؛ لكن هذه المرة ليست في «أرض الخلافة المزعومة»؛ إنما في المخيمات، عبر الاعتماد على «الأطفال اللاجئين» تحت سن الرشد لتنفيذ مهام محددة، تمكنه من عمل تفجير هنا، أو عملية انتحارية هناك، يصورها ويعود بها لإفزاع العالم، بعد هزائم طالته في سوريا والعراق طوال الأشهر الماضية عصفت بحلم تمدده... مساعيه هذه المرة لتجنيد «الأطفال اللاجئين» للمساعدة في تنفيذ عمليات في أوروبا، ونقل المعلومات من داخل المخيمات.
وتضم مخيمات «اللاجئين» في الدول المجاورة لسوريا، الكثير من «اللاجئين الصغار» دون صحبة ذويهم، وهؤلاء باتوا هدفاً سهلاً لـ«داعش» لتجنيدهم وتسفيرهم إلى أوروبا.
خبراء من متابعي الحركات الأصولية أكدوا أن «داعش» يستغل الوجه البريء للأطفال للنفاذ إلى الأهداف بسهولة. قائلين لـ«الشرق الأوسط»: «إن عودة ظاهرة تجنيد الأطفال تشير إلى إفلاس يعاني منه التنظيم، وإنه لجأ إليها ليس فقط لتعويض نقص المقاتلين؛ بل لإظهار أن رسالته تجد تأييداً واسعاً بين الأطفال. لافتين إلى أن إقدام التنظيم على تجنيد الأطفال لتنفيذ مثل هذه المهام، نابع من كونهم أسهل في الإقناع من الكبار، الذين بدا لأغلبهم تضليل وكذب «فكرة الخلافة المزعومة».

خداع مادي
كلام الخبراء، اتفق مع دراسات كثيرة لمرصد دار الإفتاء في مصر، أشارت إلى أن «داعش» استغل أزمة «اللاجئين» لتهريب خلايا إرهابية من سوريا إلى الدول الأوروبية، لتدريب من ينضم إليه من اللاجئين للقيام بعمليات إرهابية.
وأوضحت الدراسات أيضاً أن «داعش» عمل على استغلال مخيمات اللجوء التي تقيمها بعض الدول للاجئين على أراضيها في تجنيد عناصر تابعة له، سواء كانت من خلال المخيمات الإنسانية، أو طرق الهجرة إلى الدول الأوروبية أو الدول التي يكثر فيها اللاجئون، كما أنه يستغل سوء الأوضاع في بعض مخيمات اللجوء ويحاول إغواء الأهالي بضم أطفالهم إلى التنظيم مقابل حوافز مادية لخداعهم، وغالباً ما يستخدم الأطفال كجواسيس بين «اللاجئين».
ويستخدم «داعش» أساليب مختلفة في تجنيد الصغار، حيث يستغل إهمال الغرب لـ«اللاجئين» ليقدم نفسه كمدافع عنهم، ويزرع الكراهية نحو الغرب في عقول الأطفال.
ويشار إلى أن إغراءات التنظيم للصغار بدأت في سوريا والعراق، حيث منح الصغار السطوة والسلاح... أما في المخيمات فقدم لهم الطعام لاستمالتهم في البداية، ثم وفر لهم الدعم المالي لتأمين سفرهم لأوروبا عبر شبكات التهريب.

تخوف الغرب
وما زال الغرب متخوفاً من أبناء المقاتلين الأوروبيين الذين كانوا في صفوف «داعش» بسوريا والعراق... فـ«اللاجئون» الذين يصلون إلى أوروبا هرباً من جحيم أنظمتهم أو من الأوضاع السيئة، يجدون أمامهم جحيم التنظيمات الإرهابية، التي تراهن عليهم، للانضمام إليها وتنفيذ مخططاتها.
وتحولت مخيمات «اللاجئين» في الآونة الأخيرة إلى «قنابل على وشك الانفجار»، بعدما نجحت الجماعات والتنظيمات الإرهابية في اختراقها واستقطاب الكثير من الموجودين بداخلها وإقناعهم بالانضمام إلى صفوفها؛ ولعل تنامي أعداد اللاجئين؛ خاصة الفارين من بؤر الصراع، جعلهم عرضة للوقوع تحت تأثير الأفكار المتطرفة التي يعتنقها «الإرهابيون»، وبالتالي إقناعهم بتنفيذ هجمات انتحارية.
وسبق أن حذر تقرير لمنظمة «كويليام» للأبحاث في بريطانيا العام الماضي، من أن «داعش» يسعى لتجنيد أطفال في صفوفه عن طريق تمويل وصولهم إلى أوروبا من دون مرافقين. مشيرة إلى اختفاء مئات من طالبي اللجوء تحت عمر 18 سنة بعد دخولهم لدول أوروبية مهاجرين... وتشير الإحصاءات الدولية إلى أن هناك ما يقرب من 20 مليون لاجئ، أكثر من نصفهم تحت سن الـ18، أي في سن الطفولة.

إفلاس داعشي
وقال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي مصر، مدير مرصد دار الإفتاء، إن عودة ظاهرة تجنيد الأطفال من قبل «داعش» تشير لإفلاس يعاني منه التنظيم، لافتاً إلى أن التنظيم لجأ إلى هذه «الحيل» ليس فقط لتعويض نقص المقاتلين؛ بل لإظهار أن رسالة التنظيم تجد تأييداً بين الأطفال على غير الحقيقة.
وأضاف: «إن التنظيم يسعى من خلال هذا المخطط إلى ربط أجيال جديدة به، والحفاظ على أفكاره المتطرفة باقية حتى وإن رحل كبار قادته، إذ يراهن على هؤلاء الأطفال أن يصبحوا مقاتلين مدربين على مستوى رفيع في المستقبل، لا سيما أن حداثة سنهم تعطي التنظيم فرصة قوية لتنشئتهم على أفكاره ومعتقداته الدينية والقتالية».
الدراسات المصرية أكدت أن «التنظيم الإرهابي عرض على (المهربين) مبالغ مالية ضخمة مقابل عمليات تجنيد الأطفال للعبور إلى أوروبا وتنفيذ عمليات انتحارية محتملة». وصنفت الدراسات «الأطفال اللاجئين» حسب خطورتهم لعدة فئات، الفئة الأولى هم، الأطفال دون 6 سنوات (الذين ولدوا في أرض الخلافة المزعومة)، وهؤلاء لا يشكلون أي خطر حقيقي على المجتمع؛ لكن يتعين احتواؤهم والتعاطي معهم بطرق خاصة، نظراً لما عانوه من مخاطر وتهديدات في سنوات عمرهم الأولى.

مشاهد مفزعة
أما الفئة الثانية وفق الدراسات فهم، الأطفال فوق 6 سنوات إلى 12 سنة، الذين ذهبوا إلى سوريا والعراق مع ذويهم وتشربوا الفكر الإرهابي الداعشي، فهؤلاء قد يكونون جيلاً جديداً من المجندين لصالح «داعش»، ويمكن تحييد هذه الفئة من خلال برامج تأهيلية نفسية واجتماعية وثقافية.
في حين أن الفئة الثالثة، وتضم الأطفال من 12 سنة إلى 18 سنة، هي الأخطر، التي ربما انخرطت في معارك «داعش» بسوريا والعراق، وأخضعت فعلاً لعملية «غسيل أدمغة»، وهؤلاء ينبغي أن توليهم الأجهزة الأمنية نوعاً من الرعاية التأهيلية المتخصصة، وأن تأخذ بعين الاعتبار ظروفهم النفسية والاجتماعية.
وسبق لـ«داعش» أن أفزع العالم بمشهد درامي في فبراير (شباط) عام 2016 بطله طفل (11 عاماً) في ريف حلب شمال سوريا، بعدما احتضن أباه وتسلق سيارة محملة بالمتفجرات بعد أن علمه والده كيف يقودها؟، ومضى بعيداً وفجر نفسه في مهمة انتحارية... فضلاً عن مشاهد إعدام الأطفال لأشخاص اتهمهم التنظيم بالجاسوسية، على حد زعمه.
ويشار إلى أن «داعش» كان يُجبر الأطفال على مشاهدة تسجيلات فيديو وهم يشاركون في قتل سجناء، وفي إحدى التسجيلات المصورة شارك 5 أطفال أعطى التنظيم 4 منهم مسدسات لقتل السجناء، فيما أعطى الخامس سكيناً لنحر سجين آخر. ويقول المراقبون إن «داعش» دأب على إرسال الأطفال في مهام صادمة للعالم الخارجي، ليؤكد سيطرته على المشهد «الجهادي».

كُتب الدواعش
وأكد نجم، أن التنظيم استغل في وقت سابق النزعة الدينية لدى الصبية ورغبتهم في الشهادة والفوز بالجنة، وحولهم لأشخاص سطحيين متسرعين متهورين لا يستطيعون التمييز بين الصواب والخطأ... وهذا ما ظهر جلياً في العمليات التفخيخية والتفجيرية التي قام بها الأطفال من قبل. لافتاً إلى أن إقدام التنظيم على تجنيد الأطفال لتنفيذ المهام نابع من كونهم أسهل في الإقناع من الكبار، الذين بدا لأغلبهم تضليل وكذب التنظيم.
من جانبه، قال الدكتور خالد الزعفراني، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن عودة استخدام «داعش» للأطفال في تنفيذ مخططاته وهجماته، سواء تلك التي تصنف بالانتحارية أو التي توظفهم داخل المخيمات، هو مؤشر خطير جداً، مضيفاً: «إن الطفل وجه برئ يُمكنه النفاذ إلى الأهداف بسهولة، ولا يحتاج إلى تدريب، مجرد تلقين فقط لتنفيذ أي عملية لا يعرف خطورتها».
ويؤكد المراقبون، أن «كُتب التعليم المدرسية الخاصة بـ(داعش) التي كانت تُدرس في سوريا والعراق، استخدمت أمثلة الحرب في المسائل الحسابية، وسلطت الضوء في كُتب التاريخ على الغزوات، أما كُتب اللغة الإنجليزية تضمنت كلمات مثل «جيش وقنبلة».

جيل الأشبال
واستعان «داعش» في مايو (أيار) الماضي، بالأطفال لتنفيذ عمليات ضربت إندونيسيا، وبالتحديد في منطقة سورابايا، حيث شارك الأطفال أسرهم في خوض هذه العمليات التي استهدفت ثلاث كنائس.
ويشار إلى أن جيل «أشبال الخلافة» الذي أعده «داعش» في سوريا والعراق، لم يعرف سوى الإجابة على سؤالين فقط، كيف تقتل عدوك؟، وكيف تقدم الولاء المطلق للقائد؟. وتشير تقارير دولية إلى أن تنظيم داعش في سوريا والعراق ضم معسكرات لـ«أشبال الخلافة» جرى فيها إعداد نفسي وعقائدي مدروس قام على مبدأ التكرار وزرع الفكرة في عقل الطفل، فعندما كان يرى كل طفل ما يجري في مسارح العمليات، كان يردد «أريد أن أصبح انتحارياً»... والهدف الاستراتيجي والبصري الأول في الدروس التي قدمت للأطفال عملت على «غسل الأدمغة».

غسل الأدمغة
وقال الزعفراني، إنه في سبيل تجنيد الصغار عمل التنظيم على «غسل الأدمغة» ونزع معالم الرحمة من قلوبهم في معسكرات مغلقة تلقوا فيها مبادئ التنظيم، وكان يلهب حماسهم بالأناشيد «الجهادية»، والتدريب على حمل السلاح واستخدامه باحتراف، ولبس الأحزمة الناسفة والقيام بالأعمال التفجيرية المنفردة.
وجدير بالذكر أن «داعش» كان يُجند الأطفال في سوريا والعراق بالقوة، وحتى الآن لم يعرف العدد الحقيقي للأطفال المجندين لديه... وفي الوقت الذي يسجل «داعش» تراجعاً في العراق وسوريا، تتخوف الدول الغربية من الأجيال الداعشية القادمة، التي تربت وغسلت أدمغتها بعقائد التنظيم لتأمين استمراريته مستقبلاً، الأمر الذي دعا الدول إلى تحديد العدد المسموح به في إطار لا يشكل خطورة على كيانها.
ويقول مراقبون إن «داعش» يستفيد من كون «اللاجئين» أشخاصاً غير معروفين لدى أجهزة الأمن، ليدس عناصره الصغيرة بينهم، دون أن يكون لأي منهم معلومات مسبقة أو سجل إرهابي، حول طبيعة نشاط هذه الخلايا متناهية الصغر المندسة بين «اللاجئين» في المخيمات.
في ذات الصدد، حذر الدكتور محمود عز الدين، أستاذ القانون الدولي، من أن هؤلاء الأطفال قد يكونون بعيدين عن مراقبة أجهزة الأمن والاستخبارات في الدول، وعدم وجود سجل جنائي لهم، قد يساعدهم في تنفيذ أي عملية إرهابية، لافتاً إلى أنه يتم استغلال الصغار أيضاً في أعمال التجسس من خلال عمليات الاستطلاع وجمع المعلومات بعدما تدربوا عليها من قبل.



«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
TT

«حزب الله» العراق... صورة حول الفرات بأهداف تتجاوز الأصل اللبناني

أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)
أعلام صفر لـ«كتائب حزب الله» العراق خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (الشرق الأوسط)

ارتبط مسمى «حزب الله» بنوعين؛ أعلام صفراء في لبنان، وحسن نصر الله أمين عام حزب الله، لبنان، لكن النوع العقائدي الأكبر خطورة يسير في دماء العراق، حزب هو بذات الاسم، عقائديون أكبر أثراً في سفك الدماء، حيث يرعون الأمر أكبر من مجرد حزب أصفر له الضاحية الجنوبية في لبنان؛ مسكن ومقر ومشيعون.
بين دجلة والفرات، حزب يسمى كتائب «حزب الله العراق»، له أكثر من 13 عاماً وهو في تشكيله الحالي، ليس بالهين عوضاً عن ميليشيات «الحشد الشعبي» التي أخذت كل الوهج الإعلامي كونها مرتبطة بنظام إيران، لكن «حزب الله العراق» وكتائبه تمر في أزقة السواد وبأخطر من دور ميداني تمارسه «الحشد الشعبي»، لأن العقائدية ونشرها أشد خطورة من ميدان يتقهقر فيه الأضعف، نظراً للضربات الآمنة التي يقودها الحلفاء أولو القوة من غرب الأرض لوقف تمدد النزيف، دائماً ما يكون مصنع الوباء يمر بحزب الله العراق.

قبل أشهر، كان الحزب تعرض لواحدة من أعنف الغارات على مواقعه، بعد هجوم صاروخي استهدف قاعدة التاجي في العراق، وقتل فيها جنديين أميركيين وبريطانياً، وجاء الرد خلال ساعات قليلة بفعل غارات أميركية - بريطانية مشتركة، ضد منشآت لميليشيات حزب الله العراقي في محافظتي بابل وواسط ومنطقة سورية محاذية للحدود العراقية.
نظرة سريعة على حزب الله العراق، من التاريخ، كان عماد مغنية (قتل في 2008 بغارة إسرائيلية في دمشق) الإرهابي اللبناني التابع لإيران، وحزب الله لبنان، كان أحد صنّاع هيكل هذا الحزب في العراق، حيث بدأ في العمل وفقاً لتوجيهات وأوامر نظام الملالي في تكوين حزب يشبه حزب الله اللبناني، وهو ما يبدو أن الأوامر جاءته في تجويد هذا الحزب ليكون بذراعين: عسكرية وعقائدية، ويبدو أن مغنية تجاوز أخطاء عديدة في تشكيل ووهج حزبه اللبناني، فصنع بهدوء هيكلة مختلفة للحزب، جعلت كل المساجد والحسينيات وقوداً يضخ فيها البذور التي يرغبها أولو العمائم.
ظهر الحزب بحضوره الأول بقوام تجاوز 4 آلاف شخص، منتمين بعضويات عدة داخله، وتنامى العدد حتى قبل تصنيف الولايات المتحدة له كـ«تنظيم إرهابي»، لكنه جعل دوره التسويقي للحشد والتنظيم أكبر من مجرد عسكرة، بل فكرة أكثر ارتباطاً في نشر آيديولوجيا عبر مواقع عدة، ومنها تفريخ عناصر في قطاعات مهمة داخل العراق؛ منها وزارة التعليم ووضع لبنات التعاون مع أحزاب دينية؛ منها «الحزب الإسلامي» الذي يتغذى بمنهج الإخوان المسلمين.
ربما ما يدور أن الحزب هو جزء في تكوين «الحشد الشعبي» لكن ذلك يمر بتقاطعات، حيث يشير عبد القادر ماهين، المتخصص في شؤون التنظيمات الإرهابية، إلى أن الحزب يظهر كونها جزءاً من تكوين الحشد، لكنه جزء يصنع الكعكة الميليشياوية ويشارك في تسميمها ويعمل على توزيعها في المناطق المجاورة.
يشير ماهين في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إلى أنه لا أمين عاماً للحزب أسوة بحزب الله اللبناني، حيث يظهر فيه حسن نصر الله، مبرراً ذلك أن الفرق بين تكوين الحزبين هو الحاجة والدور، حيث يتمركز في جنوب العراق بعتاد عسكري، له هدف في وضع حضور طاغٍ يحاول تفخيخ الحدود، لأن الهدف يرتبط مع إمبراطورية إيران الكبرى الممتدة، ولا يظهر له الأثر السياسي كممثلين له كما هو الحزب اللبناني ليكون أثره في تشكيل الحكومات والبرلمانات.

إذن ما الدور الذي يلعبه الحزب؟

الحزب كما يرى ماهين، أنه ذو دور عسكري في الأصل، لكن الترتيبات ما بعد 2009 جعلته أكثر قدرة في تكوين فريق احتياط عسكري ليس أكثر وفق الحاجة، يدعم التوجهات والسياسات الإيرانية، لكن ما أخل بتلك القاعدة مشاركته المباشرة في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وأصبح أكثر من 4 أو 5 آلاف جندي مشاركين في السيطرة على مدن سورية تحت إمرة إيران في سوريا التي تتشكل من 4 فصائل مسلحة.
الحزب ليس عسكرياً فقط؛ كان ولا يزال صاحب دور في الترويج العقائدي، وتصوير الحضور الإيراني بشكل إيجابي مزعوم، إضافة إلى عمله الاقتصادي، حيث يدخل عناصره الكبرى في مفاصل مهمة في الاقتصاد العراقي، من شركات اتصالات وشركات نفطية، وأخرى ذات علاقة بقطاع الطيران، وإدارة المطارات والمنافذ، وبعض الأشخاص أبرزهم هادي العامري الذي كان صاحب صولات وجولات حين حمل حقيبة وزارة النقل العراقية في وقت سابق، وكان أبرز مهددي الاستمرار الكويتي في بناء ميناء مبارك الكبير، حيث هددت كتائب الحزب الشركات من الاستمرار بالعمل، وحينها ظهر العامري بأن ذلك المشروع «يغلق القناة الملاحية لموانئ العراق».
مرحلة مختلفة ظهرت، حين عاودت الآلة العسكرية الحزبية لكتائب حزب الله العراق، بالعمل من خلف الصفوف، حيث كانت أبرز مهددي السفارات وأكثر ملغمي مسارات الحلول السياسية، بل ومن رمى بقادة العراق اليوم في تحدي أن يرضخوا أمام شعب بدأ في كراهية الحضور الإيراني، وكان الحزب أبرز علامات استهداف المتظاهرين في العراق في كل البلاد، بغية كسر حدة السيوف الشعبية لتصبح مجرد مقبض دون رأس حربة كي يحافظ الحزب على الوجود الإيراني، خصوصاً أنه أبرز متلقٍ للأموال من نظام إيران وأكثرها غناءً.
الدور الاقتصادي لكتائب حزب الله العراق أصبح أكثر وضوحاً، حيث كان أكبر المنتفعين في عام 2015، من «الفدية القطرية» التي وصلت إلى أكثر من مليار دولار، مقابل إطلاق سراح قطريين كانوا يقضون وقتهم في الصيد جنوب العراق، ورغم أن الأنباء قالت إن الخاطفين لعدد من أبناء الأسرة الحاكمة القطرية ومعاونيهم الذي بلغ 28 شخصاً، كانوا من تنظيم «داعش»، لكن التقارير المسربة لاحقاً في بدايات 2016 حيث جرى تخليصهم وعودتهم إلى قطر، كانوا يتبعون لكتائب حزب الله العراق، وهو ما ينافي الرواية الرسمية القطرية التي تقول إنها دفعت المبلغ للحكومة العراقية.
الدور المستقبلي لن ينفك عن منهجية تتقاطع مع حزب الله اللبناني، حيث لدى الحزب اليوم الرؤى ذاتها، خصوصاً في اعتماد سياسة «افتعال الأزمات»، كي لا ينكسر الحضور الإيراني ونفوذه في المؤسسات الدينية وبعض السياسية، التي يجد فيها بعضاً من رجاله الذين يقبعون في سياسة تخفيف الضغط على النظام السياسي ومحاصصته التي تستفيد منها ميليشيات إيران في العراق، وما بعد مقتل قاسم سليماني، غربلة يعيشها الحزب الذي يجرب يوماً بعد آخر أسلوب التقدم خطوة بخطوة، مستفيداً من تكتيك الفأر في نشر طاعون على أرض هي الأهم لإيران.