أوروبا والشرق الأوسط يواجهان مخاطر الديون المتفاقمة

وصلت إلى 3.7 تريليون دولار

أوروبا والشرق الأوسط يواجهان مخاطر الديون المتفاقمة
TT

أوروبا والشرق الأوسط يواجهان مخاطر الديون المتفاقمة

أوروبا والشرق الأوسط يواجهان مخاطر الديون المتفاقمة

تجلس الشركات المنتمية إلى منطقة «ايميا» أي أوروبا وشمال أفريقيا والشرق الأوسط على جبال من الديون يقدرها الخبراء الألمان في برلين بنحو 3.7 تريليون دولار أميركي. وخلال الأعوام الأربعة القادمة ينبغي على هذه الشركات تسديد 1.4 تريليون دولار من هذه الديون إضافة إلى الفوائد المستحقة عليها. وفي هذا الصدد يقول ميخائيل كلوم، الخبير المالي في مصرف «دويتش بنك»، إن حجم ديون شركات منطقة «ايميا» زاد منذ العام الفائت نحو 800 مليار دولار، حيث كانت هذه الديون تبلغ 2.8 تريليون دولار قبل عام.
ويرى الخبير أن المستوى الذي ترتفع به هذه الديون يثير القلق، ويعود ارتفاعها إلى إقبال الشركات وخصوصا الأوروبية منها على طلبات التمويل قبل الخطوة المرتقبة من قبل المصارف المركزية الأوروبية بزيادة أسعار الفائدة. ويذكّر الخبير بأن تمويل هذه الشركات لا يأتي من طرح الأسهم والسندات الخاصة للبيع في الأسواق المالية فحسب، وإنما يتم تمويلها أيضا عبر القنوات المصرفية التي ترى الشركات أن أسعار فوائدها مغرية للاقتراض في الوقت الراهن.
ويستطرد الخبير كلوم «في عام 2010 كانت درجة انكشاف المصارف على شركات منطقة «ايميا» 21 في المائة، أما اليوم فهي تصل إلى 23 في المائة، أي بزيادة نقطتين مئويتين وهذا أمر غير مستغرب. فعادة ما تستفيد شركات منطقة «ايميا» من القروض المصرفية لتنفيذ مشاريع محلية أو خارجية».
ولقد تمكنت الشركات الأوروبية في العام الماضي من تسديد 12 في المائة من ديونها المصرفية. ولغاية عام 2022 ينبغي عليها تسديد 14 في المائة منها مع الفوائد المستحقة عليها التي يرسو معدلها على 3.4 في المائة، ويعتبرها الجميع من جملة الفوائد الميسرة التي يمكن أن تزول فور عودة نسب الفوائد إلى الارتفاع في المستقبل القريب، وفقا للخبير.
ويختم الخبير بقوله «علينا أن نحتسب السندات الخاصة التي طرحتها شركات منطقة «ايميا» في الأسواق المالية الدولية التي تُستحق خلال الأعوام الأربعة القادمة، أي لغاية عام 2022. فمشتري هذه السندات مؤسسات استثمارية أو أفراد مستثمرون وكلاهما ينتظر استعادة أمواله مع الفوائد المتفق عليها، وهذا يمثل وحده نحو 71 في المائة من إجمالي ديون هذه الشركات لغاية عام 2022».
من جانبه يوضح الخبير المالي غيرالد هوسب، من مصرف «كوميرسبنك» في مدينة فرانكفورت، أن الأزمة المالية ونسب الفوائد المتدنية التي تبناها المصرفان المركزيان الأوروبي والبريطاني كانا عاملين ساعدا هذه الشركات في الإقبال على موضة القروض بسائر أنواعها، على رأسها الاقتراض من الأسواق المالية عن طريق طرح أسهم وسندات خاصة للبيع بفوائد مغرية. وبما أن السياسات المالية للمصارف المركزية تلعب دورا كبيرا في تحديد السلوكيات الاقتراضية للشركات فمن المحتمل جدا أن تعود شركات منطقة ايميا إلى زيادة قروضها المصرفية (بدلا من الأسهم والسندات) شرط أن تكون جميع الشروط القانونية مستوفاة.
ويضيف الخبير أن خبراء منطقة اليورو يتوقعون توقف المصرف المركزي الأوروبي عن إغراق الأسواق المالية بالسيولة النقدية اعتبارا من شهر ديسمبر (كانون الأول) القادم. وخلال النصف الأول من العام القادم سيبدأ هذا المصرف في رفع معدل الفائدة تدريجيا على الودائع المعروف باسم «ديبوزيت فاسيليتي رايت» والذي يرسو للآن على ناقص 0.4 في المائة
ويشير إلى أنه «على الصعيد الأوروبي كان المصرف المركزي البريطاني أول من أقدم على رفع الفوائد في الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الفائت في أول خطوة تصعيدية له منذ أكثر من عشرة أعوام».



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.