فريق ميلادينوف يلتقي «حماس» على وقع غارات إسرائيلية جديدة

مناقشة تثبيت وقف النار في غزة والخوض في تفاصيل الهدنة

تظاهرة المراكب أمام شاطئ غزة (أ.ف.ب)
تظاهرة المراكب أمام شاطئ غزة (أ.ف.ب)
TT

فريق ميلادينوف يلتقي «حماس» على وقع غارات إسرائيلية جديدة

تظاهرة المراكب أمام شاطئ غزة (أ.ف.ب)
تظاهرة المراكب أمام شاطئ غزة (أ.ف.ب)

أنهى فريق من مساعدي نيكولاي ميلادينوف المبعوث الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط، زيارة قصيرة إلى قطاع غزة استمرت ثلاث ساعات التقى خلالها قيادة حركة حماس للبحث في تثبيت وقف إطلاق النار والخوض من جديد في تفاصيل المقترح الأممي - المصري بشأن الهدنة.
ووصل الفريق الذي يضم نائب ميلادينوف وثلاثة من مساعديه عبر حاجز بيت حانون - إيرز، شمال القطاع، وذلك بعد نحو 72 ساعة من التوصل إلى تهدئة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل برعاية المسؤول الأممي ومصر.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن الوفد بحث مع قيادة «حماس» تثبيت الاتفاق الذي تم التوصل إليه مساء الخميس، لإتاحة الفرصة أمام استئناف الاتصالات بشأن المقترح المعروض سابقاً ورؤية الحركة للهدنة المتوقع الوصول إليها.
وأشارت المصادر إلى أن ميلادينوف وفريقه يحاولون الحفاظ على الهدوء ويخشون من انهياره مجدداً، ما قد يتسبب في فشل مهمته. وأشارت إلى أن ميلادينوف يمتلك خطة كاملة لإنعاش الاقتصاد والوضع الحياتي لسكان قطاع غزة بدعم دولي وعربي في حال التوصل إلى اتفاق هدنة ثابت يتضمن في ما بعد عدة مراحل منها فتح المعابر والدخول في مفاوضات صفقة تبادل وإنشاء ميناء لغزة.

غارات جديدة
وتزامنت الزيارة مع شن طائرات استطلاع حربية إسرائيلية سلسلة هجمات تجاه مجموعات من مطلقي الطائرات الورقية الحارقة في غزة، ما أدى إلى إصابة ثلاثة شبان بجروح مختلفة.
وقالت مصادر فلسطينية محلية، إن الطائرات هاجمت مجموعة شرق بيت حانون، وأخرى شرق جباليا، وثالثة شرق مدينة غزة، ورابعة شرق مخيم البريج إلى الشرق من وسط قطاع غزة.
وأكد الجيش الإسرائيلي أنه شن غارات على مطلقي تلك الطائرات الحارقة التي تحمل زجاجات حارقة، مشيراً إلى أن تلك المجموعات أُطلقت الطائرات بشكل روتيني تجاه البلدات الإسرائيلية المحاذية لحدود القطاع.
وأوردت وسائل إعلام إسرائيلية أن عدة حرائق شبّت في البلدات المحاذية لغزة وتمت السيطرة عليها من قبل طواقم الإطفاء.
وتشترط إسرائيل أن يشمل وقف إطلاق النار توقف إطلاق الطائرات الورقية الحارقة من غزة، بينما ترفض «حماس» وتعتبرها وسيلة شعبية من وسائل «النضال» التي يتم استخدامها ضمن عدة وسائل أخرى منها المسيرات على الحدود للمطالبة بكسر الحصار.
وترى الفصائل الفلسطينية في غزة أن اتفاق التهدئة سيبقى هشاً من دون التزام إسرائيلي بوقف الهجمات في غزة. وتطالب الفصائل الجهات الراعية للاتفاق بالضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف تلك الهجمات والتي كان آخرها قتل عدد من المتظاهرين على الحدود برصاص القناصة خلال مشاركتهم بشكل سلمي في المسيرات الأسبوعية.
وشيّع الفلسطينيون في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، جثامين ثلاثة متظاهرين قتلهم الجيش الإسرائيلي خلال المسيرات التي شهدتها حدود القطاع يوم الجمعة الماضي. وأعلنت وزارة الصحة في غزة صباح أمس (السبت)، عن وفاة المتظاهر أحمد أبو لولي، متأثراً بجروح خطيرة أُصيب بها الجمعة، ليرتفع عدد الضحايا إلى 3 من بينهم المسعف عبد الله القططي.
وارتفع بذلك عدد ضحايا المسيرات التي انطلقت في الثلاثين من مارس (آذار) الماضي إلى 157، إضافةً إلى أكثر من 18 ألفاً من الجرحى.

احتجاجات بحرية
وشهد قطاع غزة، أمس، مظاهرة بحرية بمشاركة العشرات من المراكب التي غادرت ميناء غزة تجاه الحدود البحرية الشمالية للقطاع. وأعلنت هيئة الحراك الوطني لكسر الحصار عن غزة، أن المسيرة البحرية التي تنطلق اليوم هي رسالة موجهة إلى الفصائل والجهات العاملة على التهدئة بأنه لن يتم القبول بأي حل لا يؤدي إلى رفع الحصار عن القطاع.
وأشارت إلى أن المسيرة البحرية جاءت رفضاً للحصار البحري المفروض على القطاع منذ عام 2007.



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.