لبنان يترقّب عودة المتطرفين من سوريا والعراق

التحقيق مع «دواعش» تسلمتهم مديرية المخابرات بالتعاون مع الأميركيين كشف «خلايا نائمة»

منطقة باب التبانة في مدينة طرابلس شمال لبنان بعد معارك دامية استمرت 3 أيام مع مسلحين متشددين في أكتوبر 2014 (إ.ب.أ)د
منطقة باب التبانة في مدينة طرابلس شمال لبنان بعد معارك دامية استمرت 3 أيام مع مسلحين متشددين في أكتوبر 2014 (إ.ب.أ)د
TT

لبنان يترقّب عودة المتطرفين من سوريا والعراق

منطقة باب التبانة في مدينة طرابلس شمال لبنان بعد معارك دامية استمرت 3 أيام مع مسلحين متشددين في أكتوبر 2014 (إ.ب.أ)د
منطقة باب التبانة في مدينة طرابلس شمال لبنان بعد معارك دامية استمرت 3 أيام مع مسلحين متشددين في أكتوبر 2014 (إ.ب.أ)د

تخوض الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية، سباقاً بين استعادة مطلوبين منضوين في صفوف تنظيمي «داعش» و«جبهة النصرة» إلى الداخل، بالتعاون مع أجهزة عربية ودولية، مع ما يرتّب من جهد أمني وقضائي للتحقيق مع هؤلاء ومحاكمتهم على أعمال جرمية ارتكبوها أو منسوبة إليهم، وبين عودة آخرين عبر التسلل وبطريقة خفيَّة، بعد تضييق نطاق الحرب السورية في معظم المناطق، وتحجيم دور ووجود «داعش» بشكل كبير، والخوف من عودتهم لممارسة أنشطة أمنية مع خلايا نائمة.
وكانت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني تسلّمت، الشهر الماضي، ثمانية لبنانيين، بالتعاون مع الاستخبارات الأميركية كانوا يقاتلون في صفوف «داعش» في سوريا والعراق، وباشرت التحقيق معهم بإشراف القضاء العسكري.
وكشف مصدر عسكري لبناني لـ«الشرق الأوسط»، أن التحقيق مع هؤلاء «أدى إلى توقيف عناصر تابعين للتنظيم في لبنان، كانوا ضمن خلايا نائمة». وأوضحت أن «القيادات العسكرية والأمنية كثفت تعاونها مع أجهزة أمنية عربية ودولية، للحدّ من خطورة عودة عشرات العناصر المتطرفة إلى لبنان، مع اقتراب الحرب السورية من نهايتها وتحسباً لعودة هؤلاء لتنفيذ عمليات أمنية في لبنان»، مشيراً إلى أن «التأخر في إعلان تسلّم مطلوبين يأتي ضمن الإجراءات الاحترازية، وتجنباً لفرار أو اختفاء مطلوبين في الداخل على علاقة بهم».
وشهد لبنان ما بين عامي 2013 و2015 عدداً كبيراً من التفجيرات الإرهابية، أغلبها نفّذت بواسطة انتحاريين، دخلوا بسيارات مفخخة من سوريا إلى لبنان، والبعض الآخر عبر دراجات نارية مفخخة وأحزمة ناسفة أوقعت عشرات الضحايا، والآن يُخشى من عودة هذا الكابوس، وفق التقييم الأمني رغم أن خطره تقلّص إلى حدّ كبير.
وأوضح مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن الأجهزة الأمنية «تعطي أهمية لهؤلاء العناصر بوصفهم إرهابيين تجب محاكمتهم، والاستفادة بما لديهم من معلومات». وأشار إلى أن «الخطورة ليست بمن يجري تسلّمهم، لأنهم يخضعون للتحقيق، ومعرفة طبيعة أنشطتهم والمناطق التي قاتلوا فيها، والمجموعات المسلحة التي تنقلوها بينها، لكن الخطورة تكمن بأشخاص يعودون إلى البلاد بطريقة التهريب، وثمة خوف من لقائهم بأشخاص تابعين أو متعاطفين مع التنظيمات الإرهابية، أو خلايا نائمة في الداخل، وهؤلاء قد يشكلون خطراً كبيراً على الأمن والاستقرار».
وتتحفّظ السلطات اللبنانية عن ذكر أسماء وأعداد عناصر جرى تسليمهم إلى الأجهزة الأمنية في الأيام والأشهر الماضية، ويؤكد المصدر العسكري أن «قوة العمل الاستخباري لا تكون بإفشاء معلومات عمّن يجري استردادهم، بل في استثمار ما لدى هؤلاء من معلومات، ومدى ارتباطهم بمجموعات ناشطة أو متخفّية في لبنان»، مشدداً على أن «لا نيّة إطلاقاً للكشف عن أعداد العائدين عبر الاسترداد، لكنه ليس كبيراً مقارنة مع توقعات بوجود مئات اللبنانيين من أمثالهم في العراق وسوريا الذين ليسوا بالضرورة لا يزالون أحياء، وربما كثير منهم قضوا في المعارك».
وفي غياب الإحصاءات الدقيقة للعائدين، يترقب القضاء العسكري خضوع هؤلاء لمحاكمات علنية تتكشف معها معلومات عن الأدوار التي لعبوها سواء في سوريا أو العراق، ومدى انعكاسها على لبنان. وأكدت مصادر قضائية لـ«الشرق الأوسط»، أن «القضاء على اطلاع دائم على استعادة أشخاص مطلوبين، لكن لا إحصاءات دقيقة لعدد عناصر (داعش) و(النصرة) الذين يجري استردادهم»، لكنها أشارت إلى أن «الذين جرت محاكمتهم في فترات سابقة أو الذين هم قيد المحاكمة والتحقيق حالياً، تم القبض على معظمهم عند حدود لبنان الشرقية، وبشكل أكبر في جرود عرسال وجرود رأس بعلبك، أو في الشمال خلال معارك مع الجيش اللبناني»، مشيرة إلى أن هناك «ما لا يقل عن 600 شخص صدرت بحقهم أحكام وهم لبنانيون وسوريون وفلسطينيون»، لافتة إلى أن «المئات من أمثالهم لا يزالون قيد التحقيق والمحاكمة، وبالتالي لا يمكن الحديث عن أرقام دقيقة قبل إقفال هذه الملفات بكل مراحل المحاكمات».
وتميّز الأجهزة اللبنانية بين الذين خاضوا معارك ضدّ الجيش في الداخل لأسباب بعيدة عن الارتباط بـ«داعش» و«النصرة»، كما هو حال الشيخ أحمد الأسير وجماعته، الذين أوقفوا وجرت محاكمتهم على خلفية معركة عبرا، شرق مدينة صيدا (جنوب لبنان)، وبين المنضوين من التنظيمات الإرهابية مثل الذين شاركوا في معركة عرسال في الأول من أغسطس (آب) 2014، وتدخلوا بقتل ضباط وعسكريين وخطف عدد منهم وتصفيتهم، وهؤلاء لا يزالون قيد المحاكمات، وشددت المصادر القضائية على أن «العائدين حديثاً إلى لبنان سيمنحهم القضاء كامل حقوقهم القانونية أهمها حقّ الدفاع عنهم عبر محامين يوكلونهم بصفة شخصية، أو عبر الطلب إلى نقابة المحامين تكليف محامين للدفاع عنهم، من خلال ما يسمّى المعونة القضائية».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.