جولة جديدة من مفاوضات «جس النبض» في العراق

في انتظار المصادقة على نتائج الانتخابات

TT

جولة جديدة من مفاوضات «جس النبض» في العراق

فيما طوى القضاة المنتدبون للانتخابات العراقية صفحة العد والفرز اليدوي، فقد بدأ العد التنازلي للمصادقة على النتائج النهائية للانتخابات. وطبقاً لمصدر في مفوضية الانتخابات، تم إرسال أسماء النواب الفائزين في الانتخابات النيابية التي جرت في 12 مايو (أيار) 2018 إلى المحكمة الاتحادية. وقال المصدر، في تصريح، إن «هذه العملية قد تستغرق 15 يوماً»، مرجحاً المصادقة على نتائج الانتخابات في بداية الشهر المقبل.
وفي الوقت الذي كانت فيه الكتل السياسية خاضت مفاوضات عديدة بشأن التحالفات التي تمهد لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر، فإن مطابقة النتائج لجهة عدم حصول تغييرات هامة في النتائج بين العد والفرز الإلكتروني، والعد والفرز اليدوي، وبقاء أحجام الكتل الكبيرة مثلما كانت، عزز من فرص الجميع في خوض مباحثات نهائية لتشكيل الحكومة المقبلة.
وبشأن ما إذا كان مبدأ التحالفات سيتغير بعد إعلان النتائج والمصادقة عليها، فقد أكد محمد الحلبوسي، محافظ الأنبار وأحد المرشحين السنة لرئاسة البرلمان المقبل، لـ«الشرق الأوسط»، إن «تحالفنا يخوض اليوم حوارات مع الجميع في انتظار المصادقة النهائية على نتائج الانتخابات».
وأضاف: «نأمل أن يتم طرح البرنامج الحكومي أولاً، ويعرض البرنامج في اجتماع القوى السياسية، وأن يتم تشكيل الكتلة الأكبر على ضوء انسجام هذه الكتل (مهما كان عددها)، وتبنيها للبرنامج، وأن تتحمل الكتل مسؤوليتها أمام الشعب الذي لن ينتظر طويلاً للوصول إلى حقوقه».
ودعا الحلبوسي «الخاسرين إلى احترام نتائج الانتخابات التي من الطبيعي أن يكون فيها رابح وخاسر، وألا يدخلوا البلد في دوامة من المشاكل».
أما أحمد الأسدي، القيادي في تحالف «الفتح» الذي يتزعمه هادي العامري، فيقول، من جهته، لـ«الشرق الأوسط»، إن «حواراتنا ما زالت متواصلة مع مختلف الكتل السياسية من أجل الوصول إلى قناعة كاملة بالجلوس لبحث برنامج حكومي ضمن الفضاء الوطني».
وأضاف الأسدي: «تحالفنا يدعو لتشكيل الكتلة الأكبر وطنياً، وعدم العودة إلى التخندقات المكوناتية مرة أخرى». وبشأن طبيعة الحوارات الجارية حتى الآن، يقول الأسدي إن جميع الحوارات ضمن مستوى التفاهمات، ولَم يوقع اتفاق بشأن أي تحالف بعد». ورداً على سؤال عما إذا كان قرار تشكيل الحكومة هذه المرة عراقياً بالكامل ودون تدخلات خارجية، يقول الأسدي إن «القرار عراقي، وهو الصوت الأعلى في حوارات الكتل، خصوصاً الشيعية منها، وهو علامة تطور للقوى السياسية نحو الاستقلال والعمل وفق المصلحة الوطنية فقط مع مراعاة المصالح المشتركة للجميع».
وبشأن ما إذا كان لدى تحالف الفتح مرشح معين لرئاسة الوزراء، يقول الأسدي إن «مرشحنا هو هادي العامري وهو يستند على أساس المقبولية الوطنية، وهذا هو أساس مشروعنا، أي أن أي مرشح لا بد أن يكون ضمن الفضاء الوطني».
إلى ذلك أعلن تحالف النصر برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي عن قيامه بتشكيل لجان تفاوضية لإجراء حوارات مع الكتل السياسية. وقال القيادي في التحالف رياض التميمي في تصريح أمس إن «تحالف النصر شكل لجاناً تفاوضية من المرشحين الفائزين للتفاوض مع الكتل السياسية بشأن تشكيل الكتلة الأكبر»، مبيناً أن «التحالف ليس لديه أي خطوط حمراء على كتلة وهناك حوارات معمقة مع الجميع»، مؤكداً أن «الأيام المقبلة ستشهد زيارة إلى إقليم كردستان لإجراء حوارات مع حزبي الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».